رصد تقرير لقطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية مؤشرات عن حجم المعاناة المجتمعية للشعب الفلسطيني بالأراضي المحتلة في ظل استمرار إسرائيل في سياساتها وإجراءاتها التعسفية والعنصرية، مما انعكس بشكل مباشر على مستوى المعيشة والرفاهية. واستعرض التقرير الحديث للجامعه العربية أهم ما رصدته التقارير الدولية مؤخرا بشأن المؤشرات الاجتماعية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، حيث أظهرت تلك التقارير استمرار الترسيخ الإسرائيلي لسياساته وممارساته المختلفة التي تهدف في مجموعها إلى إعاقة مسار التنمية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وتعميق سياسة إلحاق الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي، اعتمادا على تدمير القدرات الإنتاجية الفلسطينية (الزراعية والصناعية) واستنزاف الموارد المتاحة. كما كشف التقرير عن مدي تأثير تصعيد سياسات العزل والإغلاق وتقطيع التواصل بين المدن والقرى والمناطق الفلسطينية، وتقييد حرية الحركة والتنقل في الضفة الغربية، عبر استمرار وجود أكثر من 550 حاجزًا إسرائيليا، واستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة للعام الخامس على التوالي على حياة الشعب الفلسطيني. ولفت التقرير الذي أعده الباحث في قسم التنمية والإعمار في قطاع فلسطين بالجامعة العربية د. نواف أبو شمالة الي أن مجمل السياسات العدوانية الإسرائيلية أدت إلى اشتداد أزمتي البطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني. وذكر أن تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أظهرت بلوغ نسبة السكان الذين يعانون من الفقر الشديد في المجتمع الفلسطيني (من يعجزون عن استيفاء حاجاتهم الأساسية من المأكل والملبس والمسكن) نحو 45 في المائة، (بمعدل 65 في المائة في قطاع غزة ، وبمعدل 37 في المائة في الضفة الغربية)، كما انعدم الأمن الغذائي لنحو 37.8 في المائة من السكان (بمعدل 61 في المائة في قطاع غزة، وبمعدل 25 في المائة في الضفة الغربية). وقال: كما أنه طبقا لمكتب الأممالمتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية (مارس 2011) فقد استمر نحو 80% من أهالي قطاع غزة يعتمدون في حياتهم على تلقي المساعدات الإنسانية، بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي، وهو ما أطلقت عليه الأممالمتحدة صراحة "أزمة الكرامة الإنسانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة"، والتي تشير لما سببته الممارسات الإسرائيلية من خفض فرص كسب العيش أمام المواطن الفلسطيني، بما أدى بشكل واضح إلى دخول فئات وشرائح واسعة من المجتمع الفلسطيني في دائرة متلقي المساعدات والمعونات الغذائية والدوائية ومختلف المساعدات الإغاثية الأخرى. وأضاف: وأدى استمرار الأزمة الإنسانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة خلال العام 2010، لبلوغ قيمة النداء الإنساني الموحد لمؤسسات الأممالمتحدة العاملة في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة نحو 664 مليون دولار، أخذا في الاعتبار القيمة غير الملباة من العام 2009 والبالغة نحو 603 مليون دولار ، لتصل القيمة الإجمالية لتلك الاحتياجات لنحو 1.27 مليار دولار، (سدد منهم فعليا نحو 255 مليون دولار فقط حتى نهاية العام 2010). وأوضح أنه رغم تلقي الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة مساعدات ذات صور وأشكال مختلفة من مختلف الدول والشعوب والمؤسسات العربية والأجنبية خلال هذا العام، والتي تقدر بأكثر من 1.5 مليار دولار، إلا أن استمرار الممارسات الإسرائيلية ضد كل عناصر ومقومات الاقتصاد الفلسطيني البشرية والمادية، قد حال دون توظيف هذه المساعدات لخدمة أي توجه تنموي في الأراضي الفلسطينية. وبين أن دور هذه المساعدات انحصر في توفير مواد الإغاثة لمعظم أفراد الشعب الفلسطيني أو لتوفير الإنفاق الجاري للموازنة الفلسطينية لاسيما بند الأجور والرواتب لموظفي السلطة الوطنية الذين يتولون إعالة نحو 25% من إجمالي عدد السكان الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وقال: لقد أظهرت البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (فبراير 2011)، بلوغ نسبة العاملين في الأراضي الفلسطينية في القطاع الحكومي نحو 24.6 في المائة في العام 2010 ( بواقع 48.0 في المائة في قطاع غزة، ونحو 16.5 في المائة في الضفة الغربية)، وهو ما أسهم في الحد من اضطراد مستويات الفقر في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وتوفير قوة ثابتة لدفع الطلب الكلي، بما يدفع بدوره ولو جزئياً بدورتي الدخل والناتج والتوظف في الاقتصاد الفلسطيني. وذكر التقرير باستمرار معاناة نحو 1.5 مواطن من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من آثار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ منتصف العام 2007. وأكد أن الحصار أعادت بعض أنماط حياة الشعب الفلسطيني إلى قرون سابقة وبخاصة في غزة، مبرزا اشتداد أزمة الأمن الغذائي في القطاع لنحو مليون مستفيد من الخدمات التي تقدمها وكالة الغوث (الأونروا) وبرنامج الأغذية العالمي، بسبب الزيادة الحادة في السعر السوقي لدقيق القمح (حوالي 50 بالمائة منذ أغسطس 2010)، وذلك وفقًا لمكتب تنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا).