شهد ميدان التحرير في بداية اندلاع أحداث 19 نوفمبر الجاري، والاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين، ظهور أعداد كبيرة من الباعة الجائلين الذين يعرضون "كمامات" بلاستيكية لحماية المتظاهرين للغازات المسيلة للدموع، وقوبل المنتج الجديد الذي ظهر لأول مرة علي ساحة التحرير، منذ اندلاع الثورة في 25 يناير الماضي، بترحيب شديد من المتظاهرين. ونجح الباعة في تسويقه حيث وصل سعره ما بين 10 إلي 15 جنيها، حتى أصبحت الكمامات الماركة المسجلة لمتظاهري أحداث 19 سبتمبر، خاصة بعد ارتفاع نسبة المصابين والضحايا جراء استنشاق الغازات المسيلة للدموع بشارع محمد محمود ومنصور، وميدان الفلكي وهم قلب المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن. وأكد عدد من المتظاهرين الذين استخدموا تلك الكمامات، أن تأثيرها يكاد يكون معدوماً تماما وأن ارتداءها ليس مانعاً من استنشاق الغازات المسيلة، بينما شعر العديد من المتظاهرين بحالة اختناق بسبب تلك الكمامات في وجود غازات في الجو. وأضافوا أنه شعور لطيف ارتداء هذه الكمامات والتصوير بها، حيث يعطي شعورا بأهمية الحدث، والخطورة التي يتعرضون لها، إلا أنهم أكدوا أن تأثيرها في منع الغازات المسيلة لا يتعدي 5% عما إذا كانوا بدونها. وبدأت التعليقات الخفيفة من المصريين حولها مثل "أرزاق" "ناس بتأكل عيش علي ناس" "خلي الشعب يشم" "كمامة في بؤك تقسم لغيرك". أما المفاجأة فكانت داخل تلك الكمامات، حيث توجد علبة لتنقية الهواء، مدون عليها نوع هذه الخرطوشة وفيما تستخدم وتحذير بشأنها باللغة الإنجليزية، وكان نصها كالتالي: خرطوشة الغاز لطلاء الرش والأبخرة العضوية سمية منخفضة.. تحذير (لا تستخدم في أجواء شديدة السمية، حيث قد يكون هناك نقص في الأوكسجين). والبحث عن تفسير هذه التعليمات وجدنا أنها تستخدم للأشخاص المصابين بحساسية من رائحة الطلاء والدوكو، والأبخرة العضوية تتمثل في الغازات أو الأبخرة الناتجة عن حلقات التصنيع والتي تنفث في الهواء الجوى من خلال المداخن الخاصة بالمصانع (والكادميوم والسيلنيوم، الباريوم، الكلور، الفضة، المركبات العضوية، البنزين الإيثيلي)، بالإضافة إلي الأبخرة والأدخنة والغازات المعدنية الناتجة عن عملية اللحام المعدني. ويحظر استخدامها في مناطق بها أجواء شديدة السمية حيث يكون هناك نقص في الأوكسجين، والمعروف عن القنابل المسيلة للدموع أنها تقلل نسبة الأوكسجين في الجو، وينتج عنها ضيق في التنفس واختناق يسبب الإغماءة وفقدان الوعي، وفي بعض الأحيان قد يتسبب في الوفاة. أي أن تلك الكمامات ليست آمنة علي المتظاهرين، بل قد تسبب نتائج عكسية، لأنها لم يتم إنتاجها في الأساس ضد الغازات المسيلة، وفاز تجار التحرير كالعادة، لعدم تحقق مستخدميها من التعليمات الإرشادية. الجدير بالذكر أيضا أن الكمامات الأصلية التي تسخدم ضد هذه الغازات، وتباع كذلك داخل الميدان تبدأ أسعارها من 190 جنيها وحتى 300 جنيه، وهي تقوم بتغطية الوجه بالكامل، وداخلها خراطيش لتنقية الأوكسجين من الغازات المسيلة للدموع، ولكن الكثيرين يعزفون عن شرائها بسبب ارتفاع أسعارها ويلجأ إليها فقط الصحفيون والإعلاميون.