أكد الباحث متولي إبراهيم متولي صالح (بالأزهر الشريف) أن الدولة المدنية والدولة الدينية مصطلحان، لا حقيقتان لغويتان. وقال إن التناقض بين المصطلحين يتمثل في عنصرين جوهريين يوجدان في إحدي هاتين الدولتين (الدولة المدنية) وينعدمان في الأخري (الدولة الدينية). أوضح الباحث فى دراسة مهمة أن هذين العنصرين هما: حرية المعتقد والمساواة التي تعني عدم التفرقة بين الناس في الحقوق الإنسانية بسبب الدين، ولو وجد هذان العنصران في الدولة الدينية لانعدم الفرق بين الدولتين، ولصار عبثا التنازع علي المصطلحين. أشار الشيخ متولي إلي أن حرية المعتقد والمساواة منعدمان في الدولة اليهودية لاحتفال العهد القديم بالعنصرية وبمناهضة من ليس يهوديًا وبدعوي أن اليهود شعب الله المختار وأنهم ليس عليهم فيمن سواهم سبيل، ومنعدمان أيضا في الدولة النصرانية لأن شريعة النصاري هي شريعة اليهود شريعة العهد القديم، وهذان العنصران منعدمان أيضا في الدولة الإسلامية الأموية وما تلاها..وما الفظائع اليهودية الموحية بقصة تاجر البندقية، ولا الفظائع اليهودية ضد الشعب الفلسطيني اليوم، ولا فظائع محاكم التفتيش النصرانية في أوروبا، ولا فظائع الحجاج بن يوسف الثقفي السني.. ما كل تلك الفظائع بخافية علي أحد. أما الدولة الإسلامية المحمدية فمتأصل فيها هذان العنصران (حرية المعتقد والمساواة) فقال سبحانه في سور ة البقرة " لا إكراه في الدين"، وقال في سورة الغاشية: "لست عليهم بمسيطر" ،وقال أيضا في سورة ق:"ماأنت عليهم بجبار"، وفي سورة يونس قال سبحانه"أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين"، وقال في سورة الكهف "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". لفت الشيخ متولي إلي أنه ليس في القرآن آية سيف نسخت نصوص القرآن الكريم في السماحة الربانية والحرية الدينية، ولا آية جزية مفروضة علي أهل الكتاب المسالمين بسبب رفضهم اعتناق الإسلام، وما يدعي من ذلك كذب علي القرآن أو فهم خاطئ من سلف زعموه وخلف قلدوهم فيه تقليدا أعمي بلا تبصر. فلو تدبر عارف بالعربية غير مقلد غيره، قول الله تعالي الذي سموه آية السيف في سورة التوبة" فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين "، ولحظ سياقه التكاملي السابق منه واللاحق، القريب منه والبعيد، الحالي منه والمقالي، لاكتشف أنها كذبة كبري دعوي أنه ناسخ لسائر النصوص القرآنية في حرية التدين، ولاكتشف أن المقصود بآية السيف هذه إنما هم الناقضون عهدهم المحاربون للمسلمين بسبب النقض والمحاربة، لا بسبب الشرك. ولو تدبر أيضا آية الجزية "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون"، ولحظ سياقها التكاملي السابق منه واللاحق، القريب منه والبعيد، الحالي منه والمقالي، لاكتشف أنها كذبة كبري دعوي أنها عقوبة لليهود والنصاري بسبب رفضهم اعتناق الإسلام، وأنها بالتالي ناسخة لسائر النصوص القرآنية في حرية التدين، ولاكتشف أن المقصود بآية الجزية إنما هم الناقضون عهدهم المحاربون للمسلمين بسبب النقض والمحاربة، لا بسبب رفض اعتناق دين الإسلام. ولو تدبر عارف بأصول علم الحديث النبوي الشريف رواية ودراية، سندا ومتنا ومصطلحا وجرحا وتعديلا وشروط صحة الحديث، لاكتشف أن نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام لم يقل( من بدل دينه فاقتلوه)، ولم يقل (أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله )، ولم يقل (لا تبدأوا اليهود والنصاري بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلي أضيقه)، ولم يقل ( كل مصر مصره المسلمون لا يبني فيه بيعة ولا كنيسة ولا يضرب فيه بناقوس ولا يباع فيه لحم خنزير)، ولم يقل (لا يقتل مسلم بغير مسلم)، ولم يقل ( إن النساء ناقصات عقل ودين)...إلي غير ذلك من النصوص التي تنتهك المساواة وحرية العقيدة وتفرق بين المواطنين بسبب الدين، وإنما هم بنو أمية والعباس صاغوا أباطيل تخدم أهواءهم العنصرية وجعلوها إسلاما، والإسلام منها براء، ثم شاعت بعدهم. اختتم الشيخ متولي قائلا: إن المساواة وحرية المعتقد لا يتناقض معهما أي نص قرآني، ولا أي قول أو فعل للنبي صلي الله عليه وسلم أو لأبي بكر أو لعمر أو لعثمان أو لعلي، ولقد حرم القرآن التعرض بسوء لأي كافر بالله مسالم بسبب كفره أو مرتد عن الإسلام مسالم بسبب ردته.