تمثل جثة معمر القذافي الملطخة بالدماء والمسجاة نصف عارية على خشبة قذرة في غرفة لتبريد اللحوم أحدث غنيمة حرب يعود بها إلى مصراتة مقاتلون تملؤهم الثقة بأنهم أشرس ثوار في ليبيا. وتحولت مصراتة إلى رمز للثورة ضد القذافي بعد أن سقطت في أيدي المعارضين في بدايات الحرب ثم ظلت تحت سيطرتهم منذ ذلك الوقت برغم القصف العنيف والحصار الطويل الذي تعرضت لهما من الجيش الليبي. والآن وبعد أن لعب مقاتلوها هذا الدور الرئيسي وبعد أن نقل إليها بعض أقوى رموز الزعيم المخلوع، تبرز مصراتة كلاعب مؤثر في ليبيا ما بعد القذافي. وقال مسئول بالحكومة الانتقالية الليبية مقره في طرابلس طلب عدم نشر اسمه خوفا من الإضرار بالمفاوضات الحساسة بشأن توزيع المناصب في الحكومة الجديدة لرويترز "هناك كتائب أخرى من كل أنحاء البلاد قاتلت لهزيمة القذافي. لكن للحق فإن مقاتلي الحرية من مصراتة كانوا مسئولين بشكل كبير عن السيطرة على طرابلس والقبض على القذافي." وقال "يجب أن تكافأ المدينة على ذلك وأعتقد أنها ستكافأ." وزار رئيس الوزراء الليبي المؤقت محمود جبريل مصراتة يوم الجمعة للحديث إلى قادتها بشأن ما ينبغي عمله بجثة القذافي. ولا تريد الحكومة الجديدة أن يصبح قبره مزارا لأنصاره أو أن يقوم أعداؤه بتدنيسه. وتقول مصادر بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي في طرابلس إن دفن القذافي سيتم في مكان غير معلوم، لكن سكان مصراتة لا يريدون أن يدفن القذافي في جوارهم. ويقول بعض المسئولين إن بعض التنازلات ومن بينها وظائف حكومية رفيعة قد تمنح مقابل تغيير المواقف. وأصاب الدمار كثيرا من أنحاء مصراتة بعد تعرضها لقذائف الدبابات والقصف المستمر من جانب قوات القذافي. كما قطعت عنها المياه عمدا وأوشك الطعام فيها على النفاد بفعل الحصار لكنها قاومت. وبعد كسرهم الحصار لعب مقاتلوا مصراتة دورا كبيرا في السيطرة على طرابلس وكانوا في النهاية من اقتنص القذافي. وأصبحت جثة القذافي مصدر جذب لسكان المدينة قبل دفنها. كما نقلت إلى مصراتة "جائزتان" أخريان من بين أشهر ممتلكات الزعيم المخلوع التي عاد بها مقاتلو المدينة من مجمع باب العزيزية مقر إقامة القذافي. وأبرز تلك الجوائز عبارة عن تمثال ضخم ليد ذهبية تسحق طائرة حربية أمريكية وهو رمز عداء القذافي للغرب. وينتصب هذا التمثال الذي تزينه الآن الشعارات الثورية وألوان العلم الجديد في شارع طرابلس وسط مصراتة الذي تهدمت بناياته خلال القصف. قال دبلوماسي غربي وهو ينظر للتمثال "اعتقد أن هناك بعض المواطنين في طرابلس قد يريدون استعادته." ويشير الدبلوماسي إلى حقيقة أن مقاتلي مصراتة لم يستشيروا قادة الحكومة الانتقالية قبل أخذ أي غنائم من باب العزيزية أو عندما نقلوا جثة القذافي من سرت إلى مصراتة. وخلف التمثال الشهير يوجد متحف لسكان مصراتة الذين قتلوا خلال الحرب ومجموعة من الأسلحة التي استخدموها في الدفاع عن مدينتهم. وعلى يمين تمثال اليد التي تسحق الطائرة توجد الجائزة الثانية، وهي تمثال ضخم لنسر كان موجودا على منزل القذافي داخل مجمع باب العزيزية الذي كان أيضا مركز قيادته. ويرى بعض المحللين السياسيين الليبيين أن مصراتة ثالث أكبر المدن الليبية بعد طرابلس وبنغازي اكتسبت المزيد من الثقة في نفوذها بعد الحرب. وكانت بنغازي ومصراتة تشعران بالتهميش تحت حكم القذافي، أما الآن فإنهما تتنافسان مع طرابلس على مركز متقدم في ليبيا الجديدة. وعلى خلاف جثة القذافي تنوي مصراتة الاحتفاظ بتمثالي القبضة الذهبية والنسر باعتبارهما رمزين لهذا النفوذ.