تضمنت حيثيات الحكم ببطلان عقد بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج أن الشركة من الشركات المؤممة بالقانون رقم 72 لسنة 1963 ولا يجوز للجهة الإدارية المالكة للمال العام المؤمم ان تخرج عن الغرض المحدد للتأميم جريا وراء تحقيق مصلحتها المالية حتي ولو كانت سداد ديون الشركات التابعة الخاسرة وفق برنامج الخصخصة فلا يجوز لها السماح بتغيير النشاط الذي تقررت له نزع الملكية للمنفعة العامة أو الذي تقرر تأميمه لغايات محددة، كما لا يجوز لها بيع أراضي تلك الشركة لأي جهة فذلك مما يتسم بعدم المشروعية لما فيه من إهدار للضمانات التي حددها الدستور للتأمين وانحراف بهذه الوسيلة عن الغرض الذي شرعت من أجله ومن ثم فمتي قامت الجهة الإدارية بين جميع الأصول المادية والمعنوية شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج ضمن طرح الشركة في مزايدة بالمظاريف المغلقة بغاية تمليكها لآخرين -عدا الأرض- بحيث شمل البيع هذه الأصول المؤممة فإن قرارها المطعون فيه يكون قد تضمن بيعا محظورا لأصول مادية ومعنوية مؤممة ومملوكة للدولة ملكية عامة ومن ثم يكون قد خرج عن نطاق المشروعية خروجا جسيما يجعله والعدم سواء. أضافت الحيثيات ان شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج هي من الشركات المصنفة كشركة «رابحة» وأن لجنتي تقييم الشركة والتحقق من صحة التقييم أثبتت ذلك بقولها إن الشركة تحقق أرباحا متنامية من سنة إلي أخري وانه تبين ان الشركة لم تحقق أي خسائر منذ إنشائها حتي 2004-6-30 فضلا عن ذلك فإن المركز المالي للشركة يتسم بالقوة. وأوضحت ان ثمة شركات أخري في مجال صناعة الغزل والنسيج تم إدراجها ضمن الشركات المقترح بقاؤها مملوكة للدولة وعلي الرغم من ان شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج كانت أكثر منها إيرادا وربحية بما كان يرشحها للبقاء دون خصخصة إلا انها أدرجت ضمن قائمة الشركات قليلة الربحية المقترح بيعها ومنها: شركة مصر حلوان للغزل والنسيج بإيرادات نشاط 46.3 مليون جنيه وتحقق خسائر مقدارها 164 مليون جنيه بينما إيرادات نشاط شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج 240.9 مليون جنيه وتحقق أرباحا مقدارها 12.9 مليون جنيه. شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة بلغت إيرادات نشاطها 944.6 مليون جنيه وتحقق خسائر مقدارها 105.6 مليون جنيه. وشركة مصر للغزل والنسيج الرفيع بكفر الدوار: إيرادات نشاطها 159.6 مليون جنيه وتحقق خسائر مقدارها 291.4 مليون جنيه. ومفاد ذلك أن عملية اختيار الشركات لإخضاعها للخصخصة لم تكن قائمة علي الدراسة والتنظيم وإنما كانت اختيارا عشوائيا لا ضابط له فلم تكن ثمة ضرورة ملحة أوجبت التصرف في المال العام المملوك للدولة ببيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج إذ لم تكن تمثل عبئا علي خزانة الدولة يعوق أداءها لواجباتها المقررة قانونا، سيما وقد ثبت انها كانت شركة رابحة الأمر الذي الذي يضحي معه تخير اللجنة الوزارية للخصخصة لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لخصخصتها اختيارا لا يبرره أي سند من القانون. أكدت الحيثيات ان تقييم أصول شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وإعادة التقييم قد تم وفقا لأسس باطلة ومهدرة للمال العام وتتمثل أهم المخالفات: في مخالفة إعادة إعداد تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج علي أساس المركز المالي في 2004-6-30 دون المركز المالي للشركة في 2005-6-30 التاريخ المعاصر لطرح أصول الشركة للبيع في 2005-9-25 بما يجعل التقييم غير معبر عن القيمة الحقيقية للأصول محل التقييم ومن ثم يضحي اعتماد التقرير باطلا لقيامه علي أساس ميزانية سابقة للميزانية الأخيرة لعام 2005 الواجب اتخاذها أساسا لتحديث التقييم وهو ما يفقده المصداقية والتعبير عن المركز المالي الحقيقي للشركة. ومخالفة الفقرة الأخيرة من المادة 10 من قانون قطاع الأعمال الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 التي حظرت التصرف بالبيع في أي أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بعد موافقة الجمعية العامة وطبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التنفيذية حيث لم تدرج القواعد التي أقرتها اللجنة الزراعية الوزارية للخصخصة ضمن اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام المشار إليه علي الرغم من تنبيه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عضو اللجنة الوزارية الذي نبه في تعليقه علي تلك الضوابط والقواعد بأنه يتعين «عرض قرارات اللجنة الوزارية للخصخصة في هذا الشأن علي مجلس الوزراء لإقرارها واعتمادها» كما نبه إلي وجوب صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون رقم 203 لسنة 1991 إلا ان اللائحة التنفيذية استمرت متضمنة قواعد أخري مغايرة للقواعد والضوابط التي أقرها مجلس الوزراء بما يجعل تطبيق الضوابط والقواعد المعتمدة من مجلس الوزراء دون تضمينها اللائحة التنفيذية ذاتها أو دون تخويل مجلس الوزراء وضع تلك الضوابط بديلة عما تضمنته اللائحة التنفيذية والعدم سواء. وتضمنت المخالفات مخالفة تقييم الشركة لحكم المادة 26 من اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1590 لسنة 1991 التي نصت علي أنه «لا يجوز للشركة التصرف بالبيع في أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بموافقة الجمعية العامة غير العادية علي ان تكون الشركة عاجزة عن تشغيل هذه الخطوط تشغيلا اقتصاديا أو أن يؤدي الاستمرار في تشغيلها إلي تحميل الشركة خسائر مؤكدة. وألا يقل سعر البيع عن القيمة التي تقدرها اللجنة المنصوص عليها في المادة 19 من القانون «إذ الثابت ان شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لم تكن من الشركات العاجزة عن تشغيل خطوط الإنتاج الرئيسية تشغيلا اقتصاديا كما لم يثبت ان الاستمرار في تشغيلها من شأنه ان يؤدي إلي تحميل الشركة خسائر مؤكدة وإنما علي العكس فقد ثبت ان الشركة من الشركات التي تحقق أرباحا وهو ما قررته لجنة التقييم ولجنة التحقق من صحة تقييم شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج في تقريرها. وتتعلق المخالفة الرابعة بمخالفة الاعتداد بالتقييم الذي أجرته لجنة التحقق من صحة التقييم القائم علي أساس قواعد وضوابط التقييم الصادرة عن اللجنة الوزارية للخصخصة لتدني القيمة التقديرية لتلك الأصول في التقرير الذي قام البيع علي أساسه عن القيمة الحقيقية للأصول وفقا لقواعد التقييم الأخري. حيث إن التقييم وفقا لقواعد الخصخصة التي تم بها البيع هو 149.04 مليون جنيه، بينما التقييم وفقا للقيمة السوقية للأصول 305.01 مليون جنيه والتقييم وفقا لصافي التدفقات النقدية 287.4 مليون جنيه فيما بلغ التقييم وفقا لمضاعف الربحية 309.5 مليون جنيه. وتضمنت المخالفة الخامسة بطلان عملية التقييم لما شابها من بطلان وذلك من عدة أوجه أولها: أن تقييم الأراضي قد تم دون ان تبين اللجنة الأسس الفنية المعتمدة لتحديد سعر المتر من الأراضي المملوكة للشركة وأسباب تخير سعر المتر بمدينة السادات كأقرب مدينة صناعية جديدة وسند نسبة التميز المضافة لسعر المتر ومدي اختصاص وسلطة وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة بقراره الصادر في 2003-2-9 في تحديد تلك النسبة وأسس تحديدها كما اتسم التقييم بالانخفاض الشديد في تقييم أراضي الشركة حيث لم يستند التقييم إلي تقرير خبير عقاري فتراوحت الأسعار ما بين 120 جنيها و132 جنيها للمتر دون أسس منطقية أو واقعية علي الرغم مما رأته لجنة التحقق من التقييم بتقدير سعر الأرض بمبلغ 250 جنيها للمتر المربع وهو ما لم يؤخذ به. والوجه الثاني: أن التقييم الذي تم لبيع الأصول المادية والمعنوية لشركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج لم يعتد برأي لجنة التحقق من صحة التقويم التي قررت ان التقييم الذي تراقب صحته لا يتناسب مع مقومات الشركة ومركزها المالي وطلبت ان يتم التقييم لأصول هذه الشركة بالقيمة السوقية حفاظا علي المال العام وهو ما تم الالتفات عنه وإهداره بما يجعل مهمة لجنة التحقق بغير جدوي ويصبح اعتماد تقييمها عشوائيا انتقائيا يؤخذ بما تراه الجهات القائمة علي الخصخصة ويترك ما تري تركه بما يغدو معه التصرف في المال العام قد تم وفقا لأهواء سلطة اعتماد التقرير. والوجه الثالث ان تقييم المباني جاء خلوا من أسس حساب سعر المتر المربع من المباني المملوكة وقيمته بل اكتفت لجنة التحقق من صحة التقييم بتقرير انها قدرت قيمة المبانى طبقاً لتكلفة المتر الحالى مضروبا فى نسبة الصلاحىة دون بىان لهذه التكلفة وتلك النسبة. والوجه الرابع ان تقييم الآلات والمعدات تم على أسس غير واقعية حيث تحددت قيمة تلك الاصول وفقا لصافى القيمة الدفترىة الظاهرة دون مراعاة نسب الصلاحية والحالة الفنية لها، بل ان لجنة التحقق من التقييم سطرت بتقرىرها فى شأن تقييم الآلات النشاط الانتاجى وآلات الخدمات والمرافق اعتراضها على التقييم بعد ان تبين لها بحسب ما سطرته حرفيا «أن نسبة %74 من آلات النشاط الإنتاجى تم تقييمه على ان قيمتها الدفترىة تبلغ «صفرا» وما زالت تعمل بخطوط الإنتاج، ولها طاقة إنتاجية مستقبلية، ومع ذلك لم تدرج لها قيمة فى التقييم، وكذا آلات الخدمات والمرافق»، الا ان التقييم الذى تم على اساسه بىع الاصول المادية والمعنوىة للشركة قام على أساس القيمة الدفترىة لتلك الآلات والمعدات ولم ىعتمد على القيمة السوقية لها عند التقييم فى ضوء نسب صلاحيتها وحالتها الفنية والعمر المتبقى لتلك الصلاحية محل الاستخدام الفعلى لتشغيل مصانع الشركة. اما الوجه الخامس فتم تقييم وسائل النقل والانتقال بالقىمة الدفترىة الظاهرة لها دون مراعاة لنسب صلاحىتها وحالتها الفنىة وقىمتها وفقا للأسعار، فضلاً عن عدم ادراج القيمة الدفترىة لكل اصل من الأصول الثابتة ومجمع وصافى القيمة الدفترىة بما ىتعارض مع قواعد الافصاح وضمانات الشفافية. والوجه السادس ان عملية تأجير أرض الشركة لمدة خمسة وعشرين عاما تجدد لمدة أخرى وتحدىد مقابل الانتفاع لها بنسبة %5 قد شابها مخالفة حسب تمثلت فى سابقة تقدىر مقابل الانتفاع السنوى بقيم مختلفة بمعرفة لجنة التقييم الاولى بمبلغ ثلاثة ملايين ومائتين وتسعة وخمسين ألف وتسعة وأربعين جنيها. وبمعرفة لجنة إعادة التقييم بمبلغ اربعة ملايين وواحد واربعين ألف وأربعمائة وثمانية وسبعين جنيها. وبمعرفة لجنة التحقق من صحة التقييم بمبلغ خمسة ملاىىن وثلاثمائة وثمانية وثمانين الف وخمسمائة وسبعة وثلاثين ونصف جنيه. ومع ذلك فقد اغفلت لجنة البت وسلطات الموافقة على خصخصة الشركة تقييم قيمة مقابل الانتفاع الذى قدرته لجنة التحقق من صحة التقييم بمبلغ خمسة ملايين وثلاثمائة وثمانية وثمانون الف وخمسمائة وسبعة وثلاثين ونصف جنيه، وأخذت بأقل التقييمات لمقابل الانتفاع وقدره ثلاثة ملايين ومائتان وتسعة وخمسون ألف وتسعة وأربعون جنيه بفارق اهدار للمال العام قدره مليونان ومائة وتسعة وعشرون ألف واربعمائة وثمانية وثمانون ونصف جنيه، وهو ما ىجعل تقىىم قىمة عقد اىجار الأرض لمدة خمسة وعشرين عاما تجدد لمدة أخرى باطلا بطلانا مطلقا لبطلان تقييم مقابل الانتفاع وإهدار تقييم اللجنة المختصة والمعتمد من وزىر الاستثمار. وأوضحت الحيثيات أن العقد المقضى ببطلانه تبعاً لبطلان وانعدام إجراءات بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج قد تضمن فى المادة الواحدة والعشرين منه شرطاً للتحكيم بين الطرفين فى أى نزاع ينشأ عن العقد أو يتعلق به، وكان هذا الشرط لم ينل موافقة الوزير المختص وهو وزير الاستثمار، بغير خلاف فى ذلك بين جميع أطراف العقد وأطراف الدعوى الماثلة، وإنما وقع العقد متضمناً الشرط رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس، ومن ثم يكون شرط التحكيم المشار إليه قد وقع باطلاً مطلقاً لا أثر له ويكون هو والعدم سواء وما يترتب على ذلك من آثار.