يري المفكر السيد يسين أن الدولة الحديثة لابد أن تكون علمانية تفصل بوضوح بين الدين والدولة، ففي وجهة نظرة أن مرجعية الدولة الحديثة هي للتشريع وليس للفتوي بحيث لا تتيح الدولة أدني فرصة لرجال الدين للهيمنة علي مقدرات المجتمع وتطوره من خلال تأويلاتهم الصحيحة أوالمشهوة للنصوص الدينية. ويوضح يسين مستشار مركز الاهرام للدراسات السياسية وأستاذ علم الاجتماع السياسي في كتابه الجديد الصادر "ثورة 25 يناير بين التحول الديمقراطي والثورة الشاملة"، عن الدار المصرية اللبنانية، أن العلمانية تتيح الفرصة الكاملة لأتباع كل دين لكي يمارسوا طقوسهم في ظل الدستور والقانون، وفي نفس الوقت لا تعني فصل الدين عن المجتمع وإنما تفصل بين الدين والسلطة. ويضيف يسين أنه وبحسب التعريف فالدولةالحديثة علمانية تقوم علي فكرة المواطنة المتساوية لكل أعضاء المجتمع دون تفرقة، وهي دولة تمثل القانون التي تعتمد علي الدستور والتشريعات. وكتاب يسين الجديد الذي يقع في حوالي 450 صفحة يجمع بعض المقالات التي نشرها قبل وبعد ثورة 25 يناير علي صفحات جريدة "الأهرام" وغيرها من الصحف، إضافة إلى المقالات المعدة خصيصاً للكتاب، المقسم إلي ثلاثة اجزاء، يتناول الأول السياق والمتغيرات الدولية والإقليمية التي أحاطت بثورة 25 يناير، بينما يتناول القسم الثاني معالجة لنظرية التحول الديمقراطي أما الباب الثالث فيتناول أحداث 25 يناير نفسها وتطوراتها. ويري يسين في الكتاب أن التيارات الإسلامية جميعاً علي اختلافها تريد إقامة الدولة الدينية علي أنقاض الدولة العربية الراهنة التي يعتبرها يسين علمانية، ولا فرق في ذلك بين إخوان وسلفيين، فالمؤلف ينظر لخطاب الإخوان الذي ينص علي القبول بالدولة المدنية علي أن خطاب خادع لأن مشروعهم الإستراتيجي النهائي هو إقامة الدولة الدينية. ويعتبر يسين أن دعوة الإخوان لكافة الجماعات الإسلامية للتوحد للقيام بغزو إسلامي شامل للمجتمع يضع ثورة 25 يناير في خطر!ويشدد في كتابه علي أنه لا ديمقراطية دون عدالة إجتماعية فهدم القيم السلطوية القديمة يترافق بالضرورة مع إرساء قيم جديدة تحترم حقوق الأفراد في المقام الأول وفي الوقت الذي تعلو فيه الأصوات مطالبة بالديمقراطية يجب أن تعلو الأصوات المطالبة بالحد الأدني من العدالة الإجتماعية التي ليست مجرد شعار يرفع فالثورة هي عبور إلي ضفاف الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية والكرامة. ومن ناحية أخري يري يسين أن تحقيق انتقال ديمقراطي سليم يتطلب حواراً وطنياً واسعاً ومسئولاً بين كل الفصائل والتيارات السياسية للوصول إلي ميثاق يحكم قواعد اللعبة الديمقراطية، وشدد يسين علي ضرورة أن يحتوي الميثاق آليات تضمن عدم الخروج علي الشرعية الدستورية إذا ما حصل تيار سياسي علي الأغلبية في الانتخابات المقبلة. واقترح أن يتم إنشاء أجهزة رقابة دستورية تحمي الشرعية الدستورية وتراقب العملية الديمقراطية، ومن بين أطراف تلك العملية يكون الجيش نفسه بموجب دور يحدده له الدستور المقبل علي غرار النموذج التركي. وعن الملف التركي الذي يفرض نفسه علي الساحة الآن قال يسين: إن تركيا التي نجحت في تحييد قوة الجيش السياسية بدأت في التركيز علي بناء علاقات مع دول الجوار بعد فشلها في الانضمام للاتحاد الأوروبي، ولكن هذا التركيز في رأي يسين لا يعني تضحية تركيا بعلاقاتها مع الغرب، فتركيا لا تستبدل علاقاتها مع طرف بطرف آخر بل تعمل باستراتيجية خارجية متعددة الأبعاد ترتبط بموقعها الجغرافي ومصالحها الحيوية. وعن المرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، قال يسين غن غالبية من أعلنوا ترشحهم للرئاسة لا يعبرون عن أحزاب سياسية ولكن يعبرون عن أنفسهم، ووصف يسين هذا الوضع بالمضاد للتقاليد الإنتخابية في الديمقراطيات العريقة وصنف يسين المرشحين إلي ثلاث فئات هم شخصيات قومية كعمرو موسي والبرادعي وشخصيات عامة كالبسطاويسي، ونكرات سياسية لا يعرفها أحد.