مايكل نبيل، مدون مصري وناشط سياسي، ارتبط اسمه مؤخرًا بقضايا الدفاع عن حرية الرأي والتعبير إذ اعتبره البعض "أول سجين رأي" بعد ثورة 25 يناير، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر عسكرية أن مايكل الذي ينفذ حكماً بالحبس ثلاث سنوات في القضية رقم 18/2011 جنح عسكرية بتهمة سب وإهانة القوات المسلحة وليس بتهمة رأي. لكن، مايكل نبيل، والذي يبلغ عمره نحو 26 عامًا، ربما يعد هو المصري الأول الذي يعلن رفضه للتجنيد بالجيش المصري مؤسسًا حركة "لا للتجنيد الإجباري" في إبريل من عام 2009، للترويج عن أفكاره التي وصفها بال "سلامية" التي يرفض خلالها رفع سلاح ضد شاب إسرائيلي يدافع عن حق بلده في الوجود. "أنا مؤيد لإسرائيل" عبارة يرددها نبيل خلال لقاءاته الصحفية قائلا: "لا أريد المشاركة في عمليات معادية للسامية، أو تلك التي تناقض حق إسرائيل في الوجود في المنطقة، أرى أن إسرائيل دولة متطورة، ليبرالية ذات طابع ديني، لدي أصدقاء في إسرائيل وأعتقد أن الإسرائيليين لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم". يذكر نبيل في حواره مع صحيفه "يديعوت إحرونوت"، عقب تأسيسه حركة "لا للتجنيد الإجباري" أنه لا يمكنه وبأي حال من الأحوال القبول بالتطوع في الجيش المصري الذي سبق، وأن قتل من الإسرائيليين العشرات في أوقات الحروب، وهو يغفل هنا الشهداء المصريين الذين قتلوا علي يد الجيش الإسرائيلي. ويكشف خلال نفس الحوار عن قناعته بأن الفلسطينيين هم الملامون في صراعهم مع إسرائيل، فهم الذين يقومون بالإعتداء الصارخ علي إسرائيل، بحسب قوله، مؤكدا أن الجانب الإسرائيلي مكتفيا دائما بالرد للدفاع عن نفس. بُلغ نبيل يوم 18 أكتوبر عام 2010 بقرار المؤسسة العسكرية بترشيحه كضابط احتياط، بعدها بيومين، كتب خلال مدونته مقالة أخري ربط فيها بين السجن والجيش المصري "فى السجن مش هيبقى مطلوب منك تعمل حاجات لا أخلاقية من اللى هتضطر تعملها فى الجيش. مش هتضطر تضرب المتظاهرين السياسيين، ولا أنك تسرق حاجة مش بتاعتك تنفيذًا للأوامر". كان قرار نبيل هو رفض التجنيد متحملا العواقب التي يمكن أن تحدث له " الحرية ليها تمن ... و أنا حد حر، و معنديش مانع أنى أدفع تمن حريتى". في هذه الأحداث لم يكن الإعلام الإسرائيلي بعيدًا عن متابعة ما يحدث مع مايكل نبيل، وفي 14 نوفمبر 2010، كتب روعي نحمياس بجريدة يديعوت إحرونوت مقالة تحت عنوان "الناشط السلامى المؤيد لإسرائيل يقضى ليلة صعبة لدى السلطات المصرية بعد إعلانه أنه لن يخدم فى الجيش" ذكر فيه علي لسان سند أنه أبلغ بالإعفاء نهائي من الخدمة العسكرية لظروفه الصحية فهو "مريض بالقلب". كان مايكل نبيل، أحد هؤلاء الشباب الشجعان الذين شاركوا في ثورة 25 يناير منذ بدايتها، ومن قبلها كان من الناقدين بشدة لحكم مبارك، وخلال أيام الثورة في شهر فبراير، كان هو أول المبادرين من النشطاء بالاتصال بالقناة العاشرة من التليفزيون الإسرائيلي، وأعاد بث فيديو عبر مدونته طالب فيه بالتدخل الإسرائيلي العسكري لحماية الثورة المصرية. لم تكن تلك هي المرة الأولي التي يبادر فيها مايكل بالاتصال بالتليفزيون الإسرائيلي، فمنذ ما يقرب من العام وقبل سقوط نظام مبارك، أجري مايكل اتصالا مع التليفزيون الإسرائيلي طالب فيه بالتواصل بين البلدين لبناء أفق سلام بين الشعبين، وأكد وقتها أن نظام مبارك يضع عراقيل أمام التطبيع الشعبي وأنه يعمق التعاون الأمني لكن، لا يعمق التعاون الاستقراري. "الكتابة دي حاجة ظريفة جدا.. أكتب مصيبة وأقعد اتفرج علي نتائجها".. هي إحدي العبارات المفضلة لدي مايكل نبيل خلال مدونته عبر شبكة الإنترنت.. وإلي حد كبير هي تبلور ما حدث معه. مايكل نبيل هو طبيب بيطري من مواليد 1985 وتخرج في الجامعة عام 2009 ويقوم حاليا بدراسات عليا في القانون، كما أنه عضو في الهيئة العليا لحزب الجبهة الديمقراطي. وفي يوم 4 فبراير، وقبل سقوط حسني مبارك بأسبوع، تم القبض على مايكل، بحسب ما ذكره عبر مدونته الخاصة، أثناء الثورة واقتيد إلى مقر المخابرات العسكرية ليتعرض للتعذيب لمدة 48 ساعة لأنه رفع لافتة تقول: لن نترك الجيش يسرق الثورة منا. تحت عنوان "الجيش والشعب عمرهم ما كانوا إيد واحدة" كتب مايكل مقالة مطولة ترصد، بحسب رأيه، سلوك الجيش تجاه الثورة، وهي المقالة التي كتبها بيديه لتكون بمثابة "المصيبة" التي يجلس الأن ليتفرج علي نتائجه طبقا لمقولته المفضلة. وبناء على هذه المقالة تم القبض عليه يوم 28 مارس وتحويله إلي محاكمة عسكرية بتهمة "إهانة مؤسسة الجيش"، وهي جريمة يعاقب عليها بموجب المادة 184 من قانون العقوبات، وبانتهاكه المادة 102 مكررة من خلال "نشره معلومات كاذبة. وبينما كان ينتظر أن تختتم جلسات محاكمته بإصدار الحكم في 6 أبريل 2011، تم تأجيل ذلك إلى 10 أبريل، مع منع محاميه من دخول قاعة المحكمة، الأمر الذي جعلهم يعتقدون أنه سوف يطلق سراحه، غير أنهم تفاجئوا في 11 أبريل 2001، بإدانة موكلهم من قبل المحكمة العسكرية العليا بعقوبة سجن لمدة 3 سنوات وغرامة، لقيامه بنشر آرائه السياسية على شبكة الإنترنت. أدانت المؤسسات الحقوقية الحكم علي مايكل نبيل، معتبرة أنه تعنت من السلطة العسكرية ضد حرية الرأي والتعبير وأنه أول سجين رأي عقب ثورة 25 يناير، وناشدت مؤسسات مصرية وعالمية منها الشبكة العربية لحقوق الإنسان وهيومان رايتس وتش ومجلس حماية الثورة وغيرها، المجلس العسكري بحماية وكفالة الحق المشروع في التعبير عن الرأي والعفو عن المدون مايكل نبيل. فيما اعترض نبيل علي حبسه لتعبيره عن رأيه علي شبكه الإنترنت وموقع "فيسبوك"، وطالب بمعاملته أسوة بالناشطة أسماء محفوظ، والإفراج عنه، كما تم إخلاء سبيلها أثناء التحقيق معها لنفس سبب الاتهام الموجه له. من جانبه، قال المحامي سعيد عبد المسيح، مدير المركز المصري للتنمية وحقوق الإنسان وأحد أعضاء فريق الدفاع، في تصريحات صحفية: إن نبيل تمت سرقة الرقم السري الخاص بمدونته الشخصة على الأنترنت، وأنه لا يوجد دليل مادي يوضح أنه كتب ذلك الكلام على مدونته. وأضاف أن مايكل نبيل أنكر كتابته لتلك المقالة أمام المحكمة، مؤكدا أنه أخذ شهادة تعفيه من التجنيد، لأنه غير لائق نفسيا مما يجعل المحكمة تبرئة من التهمة المنسوبة إليه على فرض أنه كتب المقالة الموجودة على المدونة لعدم مسؤوليته عن أفعاله بشهادة هيئة التجنيد بالقوات بالمسلحة. يعاني "المدون الشجاع" بحسب وصف روعي نحمياس، محرر الشئون العربية في جريدة يديعوت إحرونوت، من أثار جانبية بالغة الخطورة بسبب إضرابه عن الطعام منذ يوم 23أغسطس الماضي، وإضربه عن الدواء منذ يوم 30 أغسطس فيما يؤكد اقاربه ومنهم والديه رفضه زيارتهم وإعلانه الإضراب عن المياه منذ اليوم الأحد 4 سبتمبر. لتبقي دائرة الضوء التي رسمها من حوله مايكل نبيل سند، بسبب تصريحاته التي تعد غريبة علي الشعب المصري وخاصة تأييده التام لإسرائيل وتحميل الدولة الفلسطينية سبب الصراع، تبقي مشتعلة يراقبها الإعلام المحلي والإعلام الإسرائيلي بشكل خاص دون توقع لكيفية نهايتها.