اكتشف فريق العمل بمشروع رقمنة محتويات دار المحفوظات العمومية، الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع وزارة المالية، ملف جاستون ماسبيرو ضمن ملفات خدمة الموظفين بالدولة، والتي تعد من أهم المجموعات المحفوظة بالدار. يتضمن ملف جاستون ماسبيرو معلومات حول تاريخ مولده، ومرسوما خديويا بتعيينه مديرا للأنتكخانة (المتحف المصري) براتب قدره 1000 جنيه سنويا، وقرار تعيينه مديرا لمصلحة الآثار المصرية، وقرار الخديوي عباس حلمي الثاني بتعيين ماسبيرو مديرا لعموم المتاحف المصرية ومدير عموم الآثار التاريخية، ورصيد إجازاته خلال عمله بالجهاز الإداري للدولة، وكشوفا بمدة خدمته في مصلحة الأنتكخانة منذ سنة 1909 حتى مايو 1914، وأخيرا قرار إحالته إلى المعاش. ولد جاستون كميل تشارلس ماسبيرو في 21 يونيو عام 1846 لأبوين إيطاليين هاجرا إلى فرنسا، وكان منذ صغره مهتما بدراسة التاريخ، وخاصة التاريخ المصري القديم، فتعلم الهيروغليفية. فاز في سن الثالثة عشرة بالمسابقة العامة للأدب، والتحق بمدرسة الأساتذة العليا، وهناك التقى بعالم المصريات الشهير أوجست مارييت عام 1867، فأعطاه نصين هيروغليفيين تميزا بصعوبة القراءة، فاستطاع قراءتهما في ثمانية أيام فقط. أصبح ماسبيرو في عام 1869 مدرسا للغة المصرية القديمة، وفي عام 1874 عين أستاذ كرسي شامبليون في كوليج دي فرانس. لاحت لماسبيرو- في نوفمبر عام 1880- فرصة المجيء إلى مصر التي عشقها وعشق تاريخها وآثارها، حيث رأس البعثة الأثرية الفرنسية، وذلك بعد مرض مارييت" فوصل اليها في يناير عام 1881، وتولى منصب مدير مصلحة الآثار وأمانة المتحف المصري ببولاق (دار الآثار القديمة -الانتكخانة) بعد وفاة مارييت، وكان عمره آنذاك أربعة وثلاثين عامًا. أنشأ ماسبيرو في القاهرة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية، وكان مديره الأول، كما استطاع اكتشاف أكثر من أربعة آلاف نص بالهيروغليفية، واستكمل حفائر مارييت في معبدي إدفو وأبيدوس، واستكمل إزالة الرمال حول تمثال أبي الهول عام 1886، وقام بإعادة ترتيب المتحف المصري ببولاق، ونقل محتوياته إلى موقعه الحالي، كما اكتشف خبيئة بالكرنك تحتوي على مجموعة هائلة لمومياوات الفراعنة. وأعاد ماسبيرو- بمساعدة عالم المصريات أحمد بك كمال- الكثير من الآثار المسروقة إلى مخازن المتحف المصري، وقام في عام 1912 بسن قانون (القسمة) الذي ينظم عملية التنقيب عن الآثار بموافقة السلطات المختصة، واستطاع في عام 1881- بعد القبض على أفراد من عائلة عبدالرسول الشهيرة بتهريب الآثار- اكتشاف أهم خبيئة أثرية، وهي خبيئة الدير البحري التي عثر فيها على مومياوات كل من سقنن رع، وأحمس الأول، وتحتمس الثالث، وسيتي الأول، ورمسيس الثاني. تعرض ماسبيرو لمضايقات سلطات الاحتلال البريطاني بصفته فرنسيا، فقدم استقالته عام 1892، غير أنه عاد مرة أخرى عام 1899، ثم رحل إلى باريس عام 1914 بعد أن رأس مصلحة الآثار المصرية لأكثر من 20 سنة، حيث عين في منصب المستشار الدائم لأكاديمية الفنون والآداب، فخلفه في رئاسة مصلحة الآثار المصرية الفرنسي بيار لاكاو. والجدير بالذكر أن ماسبيرو توفي في 30 يونيو عام 1916، ودفن في فرنسا.