فى مجتمع محافظ كمجتمع قنا، أجبرت واحدة من المرشحات على عدم وضع صورة لوجهها فى الدعاية الانتخابية مراعاة للتقاليد، وفى مجتمع يعتبر الجنازة واجبًا وتتحول سرادقات العزاء إلى مراكز للدعاية الانتخابية، اقتحمت المرشحات لأول مرة هذا العالم الذكورى الذى يدل كل ما فيه على الخشونة بداية من العمامة والعصا ونهاية باتباع الجنازات، ليس هذا فقط، لكن بعضهن اقتحمن سرادقات صلح "القودة" وصرن فى مقدمة الصفوف بجانب الرجال. المرشحة آمال عبد الرحيم عويس (مستقلة) قالت ل "بوابة الأهرام" كنت أول سيدة تقتحم هذا العالم، فقد حضرت مصالحات ثأرية بجانب سرادقات عزاء واعترف ان بعض القرى متزمتة جداً، وكانت نظرتها لى مختلفة جدًا ونظرة استهجان وللأسف القرى المتزمتة كانت تقع فى الحيز الغربى من مدينة قنا رغم قربها من البندر بجانب الحيز الشمالى، التى تكثر بها العصبيات القبلية، إلا أن بعض القرى كانت ترحب. وأضافت آمال "كما هو معروف تكون هناك تقسيمات للسرادقات العزاء رجال ونساء، ولكني صممت على دخول سرادقات الرجال وليس النساء، وكانت الرجال تقف لى وتقول لى شكرالله سعيك وأسمع القرآن وأواسيهم وأرحل، وبعد أن فعلت ذلك تسابقت المرشحات على دخول هذا العالم الذكورى. وتضيف المرشحة المستقلة لا توجد "قودة" (تقديم الكفن من القاتل لأسرة القتيل) نسائية فالقودة يحملها رجل، وكذلك الثأر يقوم به الرجل، والمرأة إذا تم قتلها يقتل بدلا منها 4 أفراد ذكور فى القانون العرفى، ولكن دخولى هذا العالم وهذا اعتراف أيضاً لأن ضحايا الثأر من الرجال هم ضحايا النساء، فالمرأة عندنا هى المحركة وراء ستار لهذه العادة الذميمة، وأرى أن وعى النساء المرشحات بقضايا الرجال والوضعية الاجتماعية لمجتمعها مهم جداً، لأنها ستتحدث باسم الاثنين حين تفوز بالمقعد، لذا وجودها فى مثل هذه المناسبات مهم جداً. هالة نوفل أستاذة الإعلام بجامعة جنوب الوادى قالت ل "بوابة الاهرام" قمت بإعداد دراسة عن وضعية المرأة فى الانتخابات الماضية، حيث كان يقوم أخوها بعمل التربيطات السياسية لها وهذا خطأ، فالسيدة غير القادرة على تحطيم موروثات بالية فى عدم احتكاكها بالرجال لن تكون قادرة عن إدارة العمل السياسى، وإحدى النساء المشاركات فى الانتخابات كان يجبرها زوجها على الذهاب للمستشفيات والمدارس فقط دون الجلوس مع الرجال الذكور والتحدث عن دورها وما ستفعله للمواطنين، وهى قصص أغرب للخيال فى مجتمع قنا المتزمت. وأضافت الدكتورة هالة أن دخول النساء واقتحامهن للعالم الذكورى فى الانتخابات الحالية دليل على تقدم المجتمع وتبدل نظرته للنساء التى يراها عارًا وعبئًاعليه. سحر صدقى التى تنتمى لقبيلة الوشيشات في أبوتشت بمحافظة قنا، والتى دفعت بأوراقها للحزب الوطنى قالت ل "بوابة الأهرام: "إن التركيبة المعقدة لمحافظة قنا تجعل شأن المرأة فى مؤخرة اهتماماتها السياسية، واذا كانت الانتخابات فى قنا عدتها المال والسلاح، فإن سلاح المرأة المرشحة هو وعيها الحقيقى بقضايا محافظتها". وأضافت سحر إن كثيرات من المرشحات دخلن سرادقات العزاء الذى يعتبر سوق المرشحين الرجال قبل الإناث، لكننى أعترف أننى لم أدخل سرادق العزاء للرجال رغم فاعليته فى الصعيد سواء للرجال أو السيدات المرشحات، وأرى أن وجود المرأة الحقيقى هى محاربتها لعادات وتقاليد ذكورية، يقوم بها الرجال ضد النساء مثل حرمانهن من الميراث وعدم تعليمهن وإجبار بعض القرى لبناتها أن يرتدين زى الرجال؛ كى لايظهرن من أنفسهن، وأرى أن مناقشة مثل هذه القضايا تتم خارج سرادق عزاء وخارج صلح القودة.