قال الأمين العام للجامعه العربية أحمد أبو الغيط أن القطاع السياحي في الكثير من الدول العربية تأثر سلبا وبشدة بسبب المناخ السياسي والأمني ، الذي تشهده المنطقة في السنوات الأخيرة.وأكد علي إن الرابطة بين قطاعي الثقافة والسياحة في أي دولة تُعد حيوية لنجاح القطاعين معاً ..ذلك أن تطوير القطاع السياحي يستلزم في الأساس وعياً ثقافياً، ويحتاج إلى خطة شاملة للتنمية الثقافية..جاء ذلك أمام الاجتماع المشترك لوزراء الثقافة والسياحة المنعقد بمقر مكتبة الاسكندرية اليوم.. وفيما يلي نصر كلمة الأمين العام للجامعة : صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمملكة العربية السعودية معالي الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة بجمهورية مصر العربية معالي الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة بجمهورية مصر العربية السيد الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية السيدات والسادة، يطيب لي في البداية أن أرحب بكم جميعاً وأن أتقدم بالشكر والتقدير إلى الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية على استضافة أعمال هذا الاجتماع الهام وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاحه. وأود أن أعرب عن أملي في أن يخرج هذا الاجتماع بنتائج ملموسة تساعد في إيجاد منظومة متكاملة تتسم بالفعالية والقدرة، وتعزز من أوجه تلاقي قطاعي السياحة والثقافة في الوطن العربي. السيدات والسادة، إن المنطقة العربية مخزنٌ نادر للحضارة الإنسانية في أطوارها المختلفة، وفي تنوعها وتعدد مصادرها، وهي تحتضن بين جنباتها ذاكرة البشرية من عهد طفولتها الأول،مروراً بمراحل تطورها جميعاً .. في المنطقة العربية ظهرت أول التجمعات البشرية الزراعية.. وأول المدن.. وأول الحواضر الكبرى.. وأول الامبراطوريات.. ظهرت العقائد الأولى في هيئتها البدائية، وانتهاء بالأديان السماوية.. إن هذا الإرث الفريد المتراكم يحملنا جميعاً مسئولية تجاه أنفسنا، وحيال الإنسانية ذاتها.. نحن أمناءٌ على هذا الميراث الحضاري ..أمناء على صيانته والحفاظ عليه، والتعريف به والترويج له. لقد تأثر القطاع السياحي في الكثير من الدول العربية بسبب المناخ السياسي والأمني الذي ساد في المنطقة خلال الأعوام الماضية.. وجميعنا يعرف مدى حساسية هذا القطاع للأوضاع الأمنية.. ولكننا نلمس مؤخراً مؤشراتٍ على استعادة هذا القطاع المهم لعافيته شيئاً فشيئاً.. بل ثمة جهود كثيرة تُبذل من أجل فتح مجالات جديدة للاستثمار السياحي في المنطقة العربية.. وهناك كنوز سياحية بالمعنى الحقيقي للكلمة كانت حتى عهد قريب غير مستغلة، يجري التفكير اليوم في كيفية الاستفادة منها وتطويرها. أصحاب السمو والمعالي السيدات والسادة، إن الرابطة بين قطاعي الثقافة والسياحة في أي دولة تُعد حيوية لنجاح القطاعين معاً .. ذلك أن تطوير القطاع السياحي يستلزم في الأساس وعياً ثقافياً، ويحتاج إلى خطة شاملة للتنمية الثقافية.. السياحة ليست استثماراً عادياً أو تجارة مثل غيرها.. هي استثمارٌ ثقافي له طبيعة خاصة.. استثمار يُسهم في ارتقاء الشعوب وإيصال صوتها وثقافتها وحضارتها إلى خارج حدودها.. كما يُسهم في تعميق الصلة بين الثقافات المحلية والثقافة العالمية السائدة. إن إقامة بنية سياحية حقيقية، قادرة على المنافسة، تحتاج إلى ما هو أبعد من مجرد تهيئة البنية الأساسية وتسهيل الوصول إلى المقاصد السياحية (على أهمية هذه الجوانب).. السياحة في الأساس ثقافة وحضارة .. ونحن أحوج ما نكون إلى تنمية الوعي بالسياحة وقيمتها في المجتمعات العربية من خلال خلق ثقافة وطنية مرحبة وحاضنة لهذا النوع من الاستثمار والنشاط الثقافي.. وليس خافياً أن هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها من دون وضع رؤية متكاملة لتفعيل التلاقي بين قطاعي السياحة والثقافة على المستوى العربي.. وبالتعاون مع المنظمات العربية المتخصصة العاملة في هذه المجالات. إن الخبرات العربية في مجالات السياحة والثقافة ليست قليلة بل العكس هو الصحيح.. لكنها ما زالت بعيدة عن تحقيق التكامل المطلوب... وما زال التضافر بين هذين القطاعين على الصعيد العربي أقل من المأمول .. ولعل اجتماعنا هذا، وما يتضمنه من طرح لمشروع رؤية لتفعيل وتعزيز العمل المشترك بين قطاعي السياحة والثقافة في الدول العربية .. أقول لعل اجتماعنا هذا يُعطي قوة الدفع المطلوبة لهذا التضافر الذي يحتاج إليه قطاع السياحة الثقافية العربية لتفجير إمكاناته وطاقاته التي لا نعرف لها مثيلاً أو نظيراً في أي مكان في الدنيا. السيدات والسادة الحضور، إننا نسعى جميعاً لإيجاد آلية تلاقٍ بين قطاعي السياحة والثقافة على الصعيد العربي .. وسيتم عرض الرؤية العربية لتفعيل العمل المشترك بين هذين القطاعين على المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الدورة الاستثنائية للإعداد للقمة العربية التنموية الرابعة التي ستعقد في بيروت في يناير 2019، وذلك للنظر في اعتمادها كرؤية استراتيجية لتعزيز العمل المشترك بين القطاعين الثقافي والسياحي في الدول العربية .. تمهيداً لرفعها إلى القمة العربية القادمة في مارس 2019. إنني أتطلع إلى اليوم الذي تمثل فيه السياحة البينية العربية ركناً معتبراً من التدفقات السياحية إلى المنطقة العربية.. اليوم الذي يزور فيه العربي المقاصد السياحية في بلاده وبلاد أشقائه وجيرانه قبل أن يمُد بصره إلى خارجها ... فيزداد معرفة بتراثه المتناثر في جنبات هذا الوطن العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، ويتعمق انتماؤه لهذا التراث وللحضارات المختلفة التي أنتجته، عمراناً تشييداً.. وابداعاً وفناً.. عبر القرون الطوال. إن تحقيق حلم النهوض بالسياحة البينية العربية.. يحتاج إلى خطة طويلة الأجل، ورؤية شاملة للأوضاع السياحية والثقافية في بلادنا.. وإنني على يقين من أن هذا الجمع الكريم من أصحاب القرار وأهل الرأي والخبرة هم الأجدر بمناقشة هذه الخطة وطرح تلك الرؤية..