أعلنت الحكومة عن برنامج للإصلاح الاقتصادى أو جزء من هذا البرنامج، اشتمل على فرض ضرائب جديدة على الدخل والمبيعات على 50سلعة، بعضها يدخل فى نطاق السلع الضرورية وبعضها يعد من السلع الأقل أهمية فى حياة المواطن والأسرة المصرية. . أو هكذا ظنت. وجاءت تصريحات د. هشام قنديل لتبرير هذه الزيادة غير مقنعة لكثير من المصريين لأنه من الطبيعى أن أى ضريبة سيكون من نتيجتها ارتفاع الأسعار وزيادة الأعباء على كاهل المواطن المصرى الذى يعانى من إجهاد شديد إلى حد الإعياء. وبالرغم من أن حكومة د. قنديل أو أى حكومة أخرى ليس أمامها لمواجهة العجز الشديد فى الموازنة العامة الذى ربما يتجاوز 200مليار جنيه، إلا أن تبحث عن موارد جديدة لسد هذا العجز أو أن تخفض من مصروفاتها، وخفض النفقات يعتبر شبه مستحيل فى ظل أن معظم تلك النفقات تذهب للباب الأول وهو أجور الموظفين والعلاوات الجديدة، ثم إلى الدعم للوقود والسلع الغذائية وبعض الاستثمارات القليلة فى مجالات الصحة والتعليم والثقافة والرياضة. معنى ذلك أن الحكومة عليها أن تبحث عن موارد جديدة بعد أن استدانت بما يجاوز 70%من الناتج المحلى من خلال أذون الخزانة التى تطرحها على البنوك والتى تجاوزت تريليونًا و250مليار جنيه بخلاف الديون الخارجية، وبذلك لم يعد أمامها سوى أن تلجأ إلى الشعب ليشارك فى تحمل جزء من تلك الأعباء. والحقيقة أن الحكومة الحالية ليست مسئولة وحدها عن تلك الديون ولكنها تراكمات سنوات طويلة من الفساد وسوء التقدير. . ولكن على الحكومة أن تكون أكثر صراحة مع الشعب، وإن كانت التقاليد المصرية تقوم على فكرة المجاملة والتجمل وعدم المصارحة والشفافية، حتى إن الطبيب لا يقول للمريض صراحة إن حالته خطيرة أو أن أيامه فى الحياة معدودة كما شاهدنا فى فيلم عبدالحليم حافظ ومريم فخر الدين، حيث اكتشف أن أيامه فى الحياة معدودة، وكذلك الاقتصاد المصرى فإنه يعانى أيضا. . يعانى من نقص حاد فى النقد الأجنبى والاحتياطى لدى البنك المركزى، وتراجعت إيراداتنا من السياحة بشكل كبير، إضافة إلى هروب كثير من الاستثمارات الأجنبية بسبب توترات سياسية وحالة عدم الاستقرار التى تشهدها مصر. . كل ذلك جعل الحكومة مضطرة لرفع أسعار كثير من السلع، وربما يكون الحوار المجتمعى الذى طالب به رئيس الجمهورية د. محمد مرسى حتى يقتنع الشعب بضرورة اللجوء إلى هذه القرارات الصعبة هو الحل الوحيد لمواجهة أزمة الاقتصاد المصرى حاليا. ولكن على الحكومة أن تكون صريحة مع الشعب، حيث إن الزيادة فى الرسوم على الأسمدة سوف تعنى بالضرورة ارتفاع المنتجات الزراعية وربما الحد من قدرة مصر على زيادة صادراتها من الخضراوات والفواكه نتيجة لارتفاع أسعار تكلفة الإنتاج. كما أن زيادة الضرائب على الأسمنت والحديد سوف تؤدى بالضرورة إلى ارتفاع ولو قليل فى أسعار الوحدات السكنية، ونفس الشىء عند فرض ضرائب جديدة أو رفع أسعار باقى المنتجات مثل الكهرباء والغاز وباقى السلع. ويبقى السؤال الذى يجب أن يشارك فى الإجابة عنه كل فئات الشعب المصرى من خبراء اقتصاد، والغرف التجارية والصناعية ومنظمات المجتمع المدنى والنقابات والأحزاب، وهو كيف نواجه تلك الأزمة سريعا حتى نستطيع أن نستكمل باقى موازنة العام الحالى وليس فقط للحصول على شهادة صندوق النقد الدولى بأن الاقتصاد المصرى يستطيع أن يتجاوز الأزمة، وأن الحكومة المصرية لديها برنامج لخفض عجز الموازنة وهذه الشهادة هى الطريق الوحيد حتى يحصل الاقتصاد المصرى على ثقة المجتمع الدولى ويستطيع جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية والمحلية وهى ضرورة ملحة لتوفير فرص عمل لشباب مصر والحد من البطالة التى تهدد أمن واستقرار الوطن. [email protected]