شهد سوق السيارات المستعملة إقبالا كبيرا من قبل المشترين خلال عامي 2017 و2018، في ظل الارتفاع الخرافي في أسعار السيارات الجديدة موديل العام أو السابق له، ما أدى إلى حالة ركود ملحوظة، وبدأت معارض السيارات التركيز على هذا التسويق لشراء وبيع المستعمل، وتتنافس المواقع الإلكترونية لبيع السيارات على جذب المعلنين من أصحاب الموديلات المختلفة. وظهرت بعض المواقع التي تعلن عن بيع السيارات المستعملة ولكن بتقديم امتيازات يجذب الزائرين والمشترين، بإتاحة إمكانية شراء السيارات المستعملة بالتقسيط، وأبرزها موقع "درايف يلا"،الذي يتم من خلاله إختيار السيارة المستعملة المناسبة ومعرفة إمكانية تقسيطها من عدمه وفقا لسياسات البنوك المصرية ومعرفة المقدم المطلوب ثم تقديم الطلب لتقسيطها وبذلك يستطيع المشتري إنهاء إجراءات شراء سيارته المستعملة في أسرع وقت وبأقل إجراءات ما أدى إلى تحول الراغبين في شراء السيارات من الجديد إلى المستعمل، لاسيما مع ارتفاع سعر الفائدة على الإقراض من البنوك، وتتسم تلك المواقع بميزة توفر لراغبي الشراء العشرات من الموديلات بالصور بأسعار مختلفة، ما يزيل عبء النزول لأسواق أو معارض السيارات. وكانت أسعار السيارات قد سجلت ارتفاعات متزايدة حتى تضخمت إلى أرقام غير حقيقية بعد قرار تعويم الجنيه "تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية" أول نوفمبر 2016، وعلى رأسهم الدولار الأمريكي، حيث إنها لا تعادل إمكانيات معظم السيارات، لتصل أسعار السيارات الجديدة من الفئات المنخفضة المواصفات إلى ضعف سعرها، ما أدى إلى ركود هذا السوق وعدم قدرة الوكلاء التخلص من مخزون موديلات العام بل أثر بالسلب على ظهور بعض الطرازات الجديدة . السيارات المستعملة وقانون حماية المستهلك وبعد أن أثبت هذا السوق مكانته وانتشاره في تجارة السيارات ووسط الجمهور، خصص له قانون حماية المستهلك ومنع الممارسات الاحتكارية الجديد مواد تتعلق بتنظيم بيع السيارات المستعملة، والذي صدق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي في سبتمبر الماضي، على أن يبدأ العمل بالقانون الجديد الذي يحمل رقم 181 لسنة 2018، بعد مرور 3 أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية والمؤرخ في 13 سبتمبر 2018. ونص القانون في شأن السيارات المستعملة، في مادته رقم (35) على إلزام المورد "البائع" ببيان حالة السلعة وما بها من عيوب، كما يلتزم بتقديم تقرير فني بحالة المركبة وما بها من عيوب صادر عن مركز خدمة مرخص له بمزاولة هذا النشاط، ما لم يتفق على خلاف ذلك. وإذا تبين بعد الشراء أن السيارة بها عيوب تكون مسئولية المورد ومركز الخدمة مصدر التقرير مسئولية تضامنية، وبخاصة إذا ثبت تعمد أي منهما إخفاء بيانات جوهرية تؤثر على ثمن الشراء أو على إتمام عملية البيع، أو كان عدم تضمن تقرير الفحص تلك البيانات راجعا إلى إهمال جسيم من جانب أي منهما. وتنص المادة (64) من القانون في بابه الخامس المعني بالعقوبات، بمعاقبة البائع المخالف للمادة (35) من القانون بغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تجاوز 500 ألف جنيه، أو مثل قيمة المنتج محل المخالفة أيهما أكبر. ويعاقب بذات العقوبة كل من خالف القرارات الصادرة نفاذا لحكم المادة (33/ فقرة أولى) من هذا القانون، وللمحكمة أن تقضي بغلق مركز الخدمة والصيانة المخالف لمدة لا تجاوز ستة أشهر. وتنص المادة (72) أنه في حال تعرض المستهلك لعاهة مستديمة أو مرض مزمن نتيجة مخالفة البائع أحد أحكام هذا القانون، يعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة محل الجريمة أيهما أكبر. أما إذا نشأت عن المخالفة وفاة شخص أو أكثر، تكون العقوبة السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تجاوز 2 مليون جنيه، أو ما يعادل قيمة السلعة محل الجريمة أيهما أكبر. كما تنص المادة (73) من القانون بوجوب رد البائع قيمة المنتج محل المخالفة للمستهلك، في كل حالة يكون للمستهلك الحق في استرداد القيمة، ما لم يكن قد استردها قبل صدور الحكم. وشدد القانون الجديد على أن تطبيق الفقرة الأولى من المادة (32) من قانون العقوبات لا يحول دون تطبيق عقوبة الرد المنصوص عليها بالفقرة السابقة. أسباب انتعاش سوق المستعمل وبدأ سوق السيارات المستعملة الخروج من حالة الركود لعدة أسباب، وهي وجود أخبار عن تخفيض أسعار السيارات في الفترة القادمة، ما دفع التجار إلى التخلي عن هامش الربح الكبير عند بيعهم للسيارة، إلى جانب الحديث عن السيارات الكهربائية وبدء ظهورها وهو ماسينعكس سلبا بدوره على شراء السيارات التي تعمل بالبنزين. كما أن هناك شائعة ساهمت في زيادة المعروض من المستعمل بأن هناك إعفاء كاملا من الجمارك على السيارات القادمة من الخارج، وخاصة أنه وفقا لاتفاقية الشراكة الأوروبية ستصل جمارك السيارات الواردة منها إلى صفر% في عام 2019، وهو ما يراه البعض اتجاها لتراجع أسعار السيارات إلا أنها لن تشهد أي تغير لأن هناك عوامل اقتصادية أخرى تؤثر على تلك المنظومة، كما أن هذه الاتفاقية مؤجلة منذ عامين والعام الجاري هو العام الثالث لها، وكانت تنص على إعفاء الجمارك كل عام بمعدل 10% من إجمالي المفروضة. كما أن زيادة أسعار الوقود كانت أحد الأسباب الرئيسية لانتعاش بيع وشراء السيارات المستعملة خلال الفترة الماضية العديد من التحديات، وأدى أيضا إلى تراجع شراء الجديدة، حيث سجلت مبيعات السيارات في 2017 نحو 130 ألف سيارة، مقابل 200 ألف سيارة خلال 2016، و270 ألف سيارة في 2015. ضوابط البنوك لتمويل السيارات وفي الوقت الذي يعاني فيه قطاع السيارات من تراجع كبير فى حجم المبيعات تراجعت بصورة كبيرة القروض المقدمة من البنوك لتمويل شراء السيارات خلال الفترة الماضية، وذلك بسبب إحجام شريحة كبيرة من الناس عن شراء السيارات الجديدة لارتفاع أسعارها وتفضيل السيارات المستعملة. ويحتل تمويل البنوك المركز الأول فى عمليات الإقراض وتمويل شراء السيارات للمواطنين، وغياب السيولة في السوق المحلية أدت إلى تراجع الطلب على السيارات الكاش بنسبة 50%، ما أدى إلى تراجع كبير في استيراد السيارات من الخارج لعدم وجود طلب. ويفضل الأفراد الحصول على قروض سيارات من الشركات بدلا من البنوك بسبب إمكانية دفع أكثر من 50% من قيمة الراتب لشركات بيع السيارات بالتقسيط، بخلاف البنوك التي تلتزم بتعليمات البنك المركزي بعدم تخطي قيمة القسط 35% من الراتب الشهري. وألزم "المركزي" البنوك في الضوابط الجديدة التي أصدرها في عام 2016، بضرورة التأكد من التزام شركات تمويل البيع بالتقسيط ومنها السيارات، بتطبيق نسبة 35% المقررة في تعاملاتها مع عملائها وذلك في حالة التعامل مع تلك الجهات.