تزايد الحديث خلال الفترة الأخيرة عن أن السوق مقبل على «فقاعة عقارية»، ويستند أصحاب هذا الرأى إلى ارتفاع الأسعار بشكل سريع وكبير خلال العامين الماضيين بما يحمل فى طياته ارتفاعا مبالغا فيه يفوق التكلفة الحقيقة وهامش الربح المناسب، لا سيما إذا كانت هناك عمليات مضاربة مدعومة بتوقعات باستمرار الارتفاع فى الأسعار، ولكن هذه التوقعات تصطدم بالواقع وهو أن الأسعار بلغت الذروة بما يفوق القوة الشرائية ويؤثر فى الالتزام بسداد العملاء لأقساط الوحدات تحت التأسيس، وتأثير أكثر وضوحا فى ركود عملية إعادة البيع فى السوق الثانوى، حيث يلجأ بعض حائزى العقارات إلى بيعها لحاجتهم إلى سيولة، من هنا تحدث الصدمة بالسوق لتنهار الأسعار أو تتراجع وتسيطر حالة ركود على السوق العقارى يتراجع معها الطلب ويتوقف كثير من الحاجزين للوحدات تحت الإنشاء عن سداد الأقساط لصالح الشركات، لتتوقف هى بدورها عن سداد التزاماتها للبنوك أو المقاولين والموردين. هذه ببساطة ظاهرة الفقاعة العقارية، وهو ما حدث فى الولاياتالمتحدة عام 2007 وانتقلت آثارها إلى بعض الدول الأوروبية وكذلك دبى، ولكن ثمة تساؤلات كثيرة هى التى تحدد حقيقة الأمر، فى مقدمتها، هل لدينا أسباب وظروف تغذى التوقعات بحدوث فقاعة عقارية بالسوق المصرى؟ حقيقة الأمر أن تحذيرات البعض من مخاطر تعرض السوق المصرى إلى الفقاعة العقارية ليست جديدة بل تمتد إلى نحو عامين عقب تحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير وسريع، ولكن هذه الزيادة كانت لأسباب حقيقية فى أغلبها وهى ارتفاع التكلفة سواء لارتفاع أسعار مواد البناء أو تحرك أسعار الأراضى إلى جانب أجور العمالة، ولكن أسعار العقارات واصلت الارتفاع خلال الفترة الماضية، بشكل مبالغ فيه حسب رؤية كثير من المراقبين وخبراء السوق، كما أن زيادة الأسعار يقابلها تراجع القدرة الشرائية للمصريين، لا سيما مع التحرير التدريجى لأسعار الطاقة فى إطار استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى لمعالجة التشوهات! ثانيا: ما حجم الطلب الفعلى ونسبة المضاربة أو الطلب الوهمى؟ حسب التقديرات فإن الطلب الحقيقى يصل إلى 500 ألف وحدة سكنية سنويا، حيث عدد الزيجات بالمجتمع، ولكن النسبة الأغلب تتركز على الإسكان الاجتماعى والمتوسط، هذا من ناحية، كما أن ثمة طلبا إضافيا بدافع الاستثمار، حيث يلجأ أصحاب المدخرات إلى شراء العقارات بالتقسيط للحفاظ على أموالهم، خاصة أن المصريين بل العرب لديهم ثقة كبيرة بقدرة الأصول على الحفاظ على ثرواتهم من غول التضخم وهبوط العملة ومن ثم تآكل مدخراتهم، وهذه النسبة ليست بالقليلة لا سيما فى الإسكان الفاخر وفوق المتوسط فى الكومباوند، وهذه هى النوعية التى تسيطر على نشاط الغالبية العظمى من نشاط شركات الاستثمار العقارى فى مصر حاليا، وهو ما يحتوى على مخاطر إزاء استمرار ارتفاع الأسعار بما يفوق القوة الشرائية لهذه الشريحة التى تسيطر فى حقيقة الأمر على هذا الطلب فى الوقت الحالى فى غالبية المشروعات الجارى تنفيذها، وهو ما قد يهدد انتظام سداد الأقساط. يبقى السؤال المهم: هل تراجع معدل الطلب؟ أو هل هناك توقعات بتراجع هذا الطلب؟ وفقا لبيانات شركات الاستثمار العقارى، وتصريحات المطورين، فإن الطلب لا يزال يسير بمستويات جيدة، وهو ما تعززه الأرقام، حيث إن كثيرا من الشركات نجحت فى بيع المراحل الأولى فى المشروعات التى طرحتها مؤخرا، ويتجاوز إجمالى مبالغ مقدمات الحجز فى بعضها 3 مليارات جنيه وفى مدة لا تتجاوز أسابيع قليلة! كما أن نسبة البحث عن العقارات -وفقا لأوليكس- بالسوق تسير بالمستويات نفسها، مع استحواذ العاصمة الإدارية على النسبة الكبرى من الاهتمام، كما أن تقدم الشركات وتنافسها على طرح الأراضى بالعاصمة الإدارية يسير بشكل طبيعى وبالمعدلات نفسها، ومن المؤكد أن هذه الشركات تتخذ قراراتها بناء على دراسات جدوى وتوقعات بمستقبل السوق والطلب. تبقى الإشارة إلى أنه من واقع التجارب السابقة بالسوق العقارى فى مصر، فإن ارتفاع الأسعار والاتجاه الكبير خلال الفترة الماضية من جانب أصحاب المدخرات إلى القطاع العقارى لحماية أموالهم ومدخراتهم، مع زيادة تكاليف المعيشة بما يؤثر فى القوة الشرائية، قد يدعم توقع مواجهة السوق لحالة تباطؤ وركود لا سيما فى السوق الثانوى، كما يرشح احتمالات ظاهرة التعثر فى انتظام سداد أقساط الوحدات المحجوزة، بما يؤثر فى السوق.