الأخبار المزيفة، إدمان التكنولوجيا، الاحتكار، والتهرب الضريبى.. تجليات اقتصادية للظاهرة الجديدة يتردد بقوة هذه الأيام مصطلح جديد يتعلق بصناعة التكنولوجيا وهو مصطلح « Techlas» الذى يصف حالة العداء تجاه هذا القطاع الحيوى فى ظل تنامى الوعى بالمخاطر التى تهدد الخصوصية وتزايد الشكوك حول الشركات العملاقة المهيمنة على مجالات البحث والمحتوى والتسوق الإلكترونى والتواصل الاجتماعى، الأمر الذى بدأ يظهر كذلك فى نتائج أعمالها وأسعار أسهمها، ويتوقع محللون أنه اتجاه سيستمر لفترة.
"أمازون – آبل – جوجل- فيسبوك – مايكروسوفت".. الخمسة الكبار المسئولون عن مسار الشبكة
محللون: انخفاض أسعار الأسهم نتيجة لموجة العداء للتكنولوجيا.. اتجاه عام سيستمر حتى تجرى الشركات الإصلاحات اللازمة
فى أعقاب سلسلة من الفضائح والأزمات، فقدت شركات التكنولوجيا الكبرى كثيرا من مصداقيتها لدى جمهور مستخدمى شبكة الإنترنت، فحتى وقت قريب كان الاعتقاد الشائع بأن ما فى صالح هذه الشركات يعود بالفائدة على المجتمع، لكن تبين وبشكل واضح أن التكنولوجيات الحديثة تخدم فى المقام الأول أهداف مبتكريها ومصالحهم. وتتزايد حالة العداء تجاه شركات التكنولوجيا نتيجة لانتشار الأخبار المزيفة، إدمان التكنولوجيا، الاحتكار وخسارة وظائف وتهربها من دفع الضرائب. الجدير بالذكر أن سرقة الهوية تكبد الأمريكيين أكثر من 16 مليار دولار سنويا. «أزمة فيسبوك» وتعد أزمة فيسبوك نموذجا حيا على ذلك، باعترافها مشاركة بيانات المستخدمين بشكل غير مناسب مع شركة الاستشارات «كامبريدج اناليتيكا» المشتبه بأنها استغلت بيانات نحو 87 مليون مستخدم بشكل غير قانونى، ويحيط الجدل بشركة «كامبريدج اناليتيكا» حول ما إذا كانت قد استغلت البيانات الشخصية لملايين الأشخاص للتأثير فى نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 واستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الذى أجرى فى العام نفسه. وفى شهادته أمام الكونجرس أكد مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك، أنه مسئول عما يحدث فى منصة الموقع مع التأكيد على القيام بما يلزم لحماية المجتمع. وفى مواجهة موجة العداء تجاه شركات التكنولوجيا العملاقة أعلنت شركة جوجل مبادرة بقيمة 300 مليون دولار لعلاج ظاهرة انتشار المعلومات المضللة على شبكة الإنترنت. وفى مسعى آخر لتحسين الشفافية بعد الفضيحة، بدأت فيسبوك فى إرسال إشعارات لجميع مستخدميها، وعددهم 2.2 مليار شخص، لتتيح لهم معرفة التطبيقات التى يستخدمونها والبيانات التى يشاركونها مع هذه التطبيقات. وقالت الشركة إن ذلك سوف يسمح للمستخدمين بغلق التطبيقات تماما أو منع وصول طرف ثالث لتطبيقاتهم. يرى محللون أن أفضل علاج هو تعزيز المنافسة والابتكار، لكن الواقع أن هيمنة اللاعبين الكبار تعوق ذلك. وتشكل الشركات الخمس الكبرى: أمازون، آبل، فيسبوك، جوجل ومايكروسوفت، صورة شبكة الإنترنت. فتعقب جوجل لمواقع المستخدمين ضد رغبتهم، وتدخل فيسبوك فى الانتخابات الأمريكية يوحى بفساد الشبكة تماما. ومن ثم يواجه اللاعبون الكبار فى صناعة التكنولوجيا انتقادات لاذعة بالتراخى فى مسألة الانتخابات، كما فرضت المفوضية الأوروبية أكبر غرامة احتكار فى تاريخها على جوجل بقيمة 2.7 مليار دولار، بسبب التلاعب فى نتائج محرك البحث لصالح منصات تابعة لها. المؤكد أن المسئولين والسلطات المعنية فى أنحاء أوروبا والولاياتالمتحدة يشددون حاليا رقابتهم على شركات التكنولوجيا العملاقة أكثر من أى وقت مضى، ما يعنى أنه إذا أرادت تلك الشركات استعادة ثقة الجمهور ولعب دور إيجابى فى المجتمع، فإنه يجب أن تتخذ إجراءات فعالة على طريق الإصلاح. وأول خطوة وضع «ميثاق شرف» يؤكد خصوصية الأفراد وأمنهم الرقمى ويكفل كذلك تمكينهم. من ناحية أخرى، يقول البعض إن عالم الإنترنت أكبر وأكثر عمقا وشمولا من الشركات الخمس الكبرى التى يجب ألا تشكل وحدها الرأى العام، فالإنترنت على مدار السنوات العشرين الماضية ساعد مليارات البشر على التعلم والتمكين، بل إن التحركات الاجتماعية أحدثت تغييرات سياسية غير مسبوقة.
الأسهم تدفع الثمن
خلال الأسبوع الماضى عانى مؤشر التكنولوجيا من أسوأ هبوط فى أربع سنوات بحسب إحصاءات صحيفة وول ستريت جورنال. وتراجع المؤشر الذى يقيس أداء عشر شركات من الوزن الثقيل 5.6% يعكس قلق المستثمرين بخصوص تداعيات موجة العداء تجاه شركات التكنولوجيا العملاقة وتأثيرها فى مؤشرى ستاندرد آند بورز 500 وناسداك المجمع الذى تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، حيث يمثل قطاع التكنولوجيا 26.8% من مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ، وأزمة فيسبوك تعزز احتمالات فرض قواعد وقيود جديدة على الصناعة. وكبدت أزمة الثقة بفيسبوك أسهم الشركة أكثر من 9% من قيمتها فى الأيام الأولى من تفجر الفضيحة، ووفقا لمركز "بيو" البحثى فإن معظم الأمريكيين لا يثقون بشركات التواصل الاجتماعى. تقدر القيمة السوقية لشركة فيسبوك بنحو 493 مليار دولار، لكن تراجع أسهمها منذ نشوب أزمتها فى 17 مارس خفض ثروة مؤسسها مارك زوكيربرج 13 مليار دولار إلى 61.3 مليار ليتراجع ترتيبه إلى سابع أغنياء العالم من المركز الخامس فى قائمة فوربس هذا العام.
المشاهير يغلقون حساباتهم احتجاجا على سوء استخدام بياناتهم العداء لفيسبوك لا يقتصر على السياسيين فحسب، فمجموعة كبيرة من المشاهير أغلقوا حساباتهم على الموقع، كان آخرهم ستيف وزنياك أحد مؤسسى شركة آبل، احتجاجا على سوء استخدام فيسبوك لبيانات مستخدميه. ويقول المنتقدون إن فيسبوك وغيره من شركات التكنولوجيا العملاقة تحقق أرباحا ضخمة باستغلال بيانات المستخدمين دون أن يستفيد هؤلاء بشىء. تضم مجموعة المحتجين على تسريب بيانات المستخدمين –وأحيانا بيعها- ممثلين مثل الأمريكى ويل فيريل. وقالت فيسبوك إن معظم المستخدمين المتضررين (70.6 مليون مستخدم) يعيشون فى الولاياتالمتحدة، وإن الفضيحة طالت ما يصل إلى 2.7 مليون من مستخدمى فيسبوك فى الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى مليونى مستخدم آخرين فى الفلبين وإندونيسيا. ومن بين الدول الأخرى التى تضرر مستخدمون للفيسبوك فيهاالمكسيك وكندا والهند والبرازيل وفيتنام وأستراليا. وأعلن مسئولون عزمهم حجب فيسبوك حال ثبوت إدانته بخرق قوانين البيانات الخاصة بالدولة.