محافظ الغربية يتابع أعمال توريد القمح بشونة محلة أبو علي    بدء التوقيت الصيفي فى مصر 2024 .. تغيير الساعة الليلة    «بحوث الصحراء» يكشف مشروعا عملاقا في سيناء لزراعة نصف مليون فدان    نائب محافظ البحيرة: تركيب إنترلوك بمنطقة السنوسي بحوش عيسى بتكلفة 2 مليون و 400 ألف جنيه    وزارة التخطيط تشارك في المنتدى الأفريقي للتنمية المستدامة بأديس أبابا    مسؤول أمريكي: بيان مرتقب من واشنطن و17 دولة أخرى لإطلاق سراح المحتجزين بغزة    الرئيس الفلسطيني يؤكد لنظيره الفنلندي ضرورة الإسراع في وقف إطلاق النار بغزة    ممثلة الرئيس الأوكراني في القرم: نكافح لاستعادة أراضينا    فائز ببطولة الفروسية للناشئين على هامش «البطولة العسكرية»: منبهر ب«نادي العاصمة»    فينيسيوس يقود قائمة ريال مدريد لمواجهة سوسيداد بالدوري الإسباني    رئيس اتحاد الجودو: الدولة المصرية لا تدخر جهدًا لدعم الرياضة    انتقاما من أسرتها.. مصرع فتاة حرقا بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    خطوات تحميل امتحانات دراسات الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني pdf.. «التعليم» توضح    ريهام عبد الغفور عن تكريم المسرح القومي لاسم والداها: سيرتك حلوة وأثرك طيب    أول تعليق من منى زكي بعد فوز فيلمها «رحلة 404» في مهرجان أسوان    لقاء عن التراث الشعبي واستمرار ورش ملتقى فتيات «أهل مصر» بمطروح    احتفالا بذكرى تحريرها.. المطرب مينا عطا يطرح كليب "سيناء"    دعاء يوم الجمعة.. ساعة استجابة تنال فيها رضا الله    تاريخ موعد عيد الأضحى في مصر فلكيًا مدفوعة الأجر للموظفين 2024    "حزب الله" يستهدف جنودا إسرائيليين في محيط موقع الضهيرة    مدرب الترجي: سنعمل على تعطيل القوة لدى صن داونز.. وهدفنا الوصول لنهائي إفريقيا    رئيس جامعة قناة السويس يُعلن انطلاق أكبر حملة تشجير بجميع الكليات    رئيس بيلاروس يحذر من كارثة نووية حال تواصل الضغوط الغربية على روسيا    تفاصيل الاجتماع المشترك بين "الصحفيين" و"المهن التمثيلية" ونواب بشأن أزمة تغطية جنازات المشاهير    بلغ من العمر عتياً.. مسن ينهى حياة زوجته بعصا خشبية بقرية البياضية بالمنيا    تفاصيل اجتماع المجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية برئاسة وزير التعليم العالي    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    حسام المندوه يعقد جلسة مع جوميز في مطار القاهرة | تفاصيل    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    مصر تنافس على ذهبيتين وبرونزيتين في أول أيام بطولة أفريقيا للجودو    بشرى للسيدات.. استحداث وثيقة تأمين على الطلاق يتحمل الزوج رسومها كاملة    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    الأردن يدين سماح الشرطة الإسرائيلية للمستوطنين باقتحام الأقصى    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    محافظ الأقصر يهنئ الرئيس السيسى بعيد تحرير سيناء    هشام الحلبي: إرادة المصريين لم تنكسر بعد حرب 67    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانقلاب على العولمة
نشر في الأهرام الاقتصادي يوم 19 - 03 - 2018

من بين أهم المبررات التى ساقها منظرو الحزب الشيوعى الصينى لتفسير إطلاق مدة شغل منصب الرئاسة، وهو الإجراء الذى تم بالفعل الأسبوع الماضى، أن هذه الخطوة مطلوبة ضمن خطوات أخرى لتصليب موقع الدولة والحزب فى مواجهة الصعود المتضخم والسريع لدور الشركات والمؤسسات الخاصة وجماعات الضغط من أصحاب الملايين الجدد الذين يتكاثرون وينتشرون بقوة فى أرجاء البلاد.
الإجراء الصينى يمثل انقلابا على الديمقراطية التى هى صنوان لمفاهيم العولمة التى سادت فى السنوات الأخيرة رغم ما حققته العولمة من طفرة اقتصادية هائلة نقلت الصين من مجتمع متخلف لتصبح ثانى أكبر اقتصاد فى العالم فى فترة لم تتجاوز أربعة عقود.
والحاصل أن الصين منذ عهد دينج شياو بينج استفادت كثيرا جدا من قوانين وسياسات العولمة التجارية التى ظهرت فى وقت متزامن تقريبا مع توجه الصين نحو تحرير الأسواق، وكانت تلك التجربة الرائعة وغير المسبوقة فى الازدهار الاقتصادى والنمو المستدام الذى سيصل بالناتج المحلى الصينى ليحتل المرتبة الأولى فى العالم متجاوزا الناتج الأمريكى بحلول 2035، أى فى فترة زمنية لا تتجاوز 66 عاما من انتهاج الصين لسياسات الانفتاح الاقتصادى على العالم، وهذه سرعة تصل إلى حد الأسطورة فى التحول من دولة نامية تعانى من الفقر والتخلف إلى أضخم وأكبر اقتصاد فى العالم. ومع ذلك لاحظت الإدارة الصينية ومعها الحزب بعض الآثار المهمة التى صاحبت عمليات النمو السريع جراء العولمة وتبنى نظريات اقتصاد السوق حيث أصبح هناك دور يزداد اتساعا وتغولا يوما بعد يوم لمرافق السوق وجماعات الضغط والمليونيرات الجدد فى الحياة العامة بات يهدد الدور المركزى التقليدى للدولة وأصبحت هذه المؤسسات طامحة لدور أكبر فى توجيه الأمور بالبلاد أى أنها على وشك المطالبة بدور سياسى يعكس حجم مشاركتها فى النجاح الذى بلغته الصين على الصعيد الاقتصادى. ومن ثم فقد أبقت الصين على سياسات اقتصاد السوق ولكنها أوقفت الشكل الديمقراطى بعد ما تبين أنها تمثل حصان طروادة لهيمنة أطراف السوق على سياسات البلاد.
القضية هنا لا تخص الصين وحدها، فتآكل دور الدولة وتوغل "لوبيهات" الأعمال والشركات العالمية والضخمة فى الحياة السياسية عقب تبنى دول العالم مفاهيم اقتصاد السوق، كانت من أهم التوقعات التى حذر منها مناهضو العولمة ومدرسة شيكاغو فى الاقتصاد التى أنتجت لنا العولمة وآلياتها فى بداية الثمانينيات بعد أن أقنعت بها أهم اثنين فى العالم فى هذا الوقت.. الرئيس الأمريكى رونالد ريجان ورئيسة وزراء بريطانيا الحديدية مارجريت تاتشر.
تلك التنبؤات تحققت بأسرع مما يتوقع الجميع، فقد أسفر الإفراط فى الاستسلام لآليات السوق وفقا لمدرسة شيكاغو عن العديد من المشكلات أبرزها تفاوت معدلات التنمية ليس فقط بين الدول وبعضها البعض ولكن أيضا بين القطاعات والأنشطة الاقتصادية داخل الدولة الواحدة، كما أسفر عن اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء وانتشار الفساد على نحو غير مسبوق فى أنحاء العالم، كما كان لها انعكاساتها الثقافية والاجتماعية المريرة التى هى حديث كل يوم فى الإعلام الغربى وبين الأحزاب السياسية العريقة فى أوروبا "استمرت المفاوضات 5 أشهر لتشكيل حكومة الائتلاف فى ألمانيا بسبب إصرار الاشتراكيين على تهذيب قوانين السوق التى تتبناها ميركل وحزبها لصالح الألمان الأقل دخلا".
روسيا، كالعادة، انتبهت مبكرا لخطر آليات السوق الذى أصاب الاقتصاد الروسى بالعفن خلال عهد يلتسين وما لبث الرئيس"الجديد" وغير الديمقراطى أن شن حملة على الفاسدين من المسئولين ورجال الأعمال واسترد مؤسسات النفط التى خضعت للخصخصة الفاسدة وأعادها لصالح الدولة، كما وضع نجوم الأعمال فى السجن ربما خارج إطار القانون. وبتأثير الإفراط فى تبنى قوانين السوق انفجرت الأزمة المالية العالمية فى 2008 وهو ما أدى إلى تدخل الحكومات على عكس قوانين السوق لتكبل المالية العامة بديون هائلة فارتبكت أيضا ميزانيات الدول الكبيرة ما أدى إلى آثار اجتماعية نجم عنها الظهور السريع والواسع لأحزاب اليمين الفاشى الذى لم يبلغ مداه بعد!.
الانقلاب على العولمة لا يقتصر على الصين فقط بل إنه وصل إلى عقر دار مدرسة شيكاغو حيث تمثل سياسات الإدارة الأمريكية الحالية تراجعا، ولو غير مدروس، عن غالبية اتفاقات تحرير التجارة العالمية بالانسحاب المباشر تارة وبفرض تعريفات جمركية مؤذية للشركاء التجاريين، ومازلنا فى انتظار خطوات أخرى من أمريكا وردود أفعال مؤكدة من شركائها فى آسيا وأوروبا.
ميلتون فريدمان الاقتصادى النابه والحائز على نوبل يعد عراب مدرسة شيكاغو، وقد عمل هو نفسه مستشارا وناصحا لدينج شياو بينج عند بدايات الإصلاح، اليوم الصين مازالت تتمسك بنظريات فريدمان النقدية ولكنها رفضت تغول رأس المال وأصحابه فى الحياة السياسية.. وهذا ما بدأت تنتبه إليه دول كثيرة حتى فى عمق أوروبا مهد الحضارة الحديثة.. فهل لنا علاقة بما يحدث من تطورات؟ ربما يكون هذا مجال لحديث آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.