قرأت ما نشره المتحدث الرسمى للقوات المسلحة العقيد تامر الرفاعى، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى بعنوان «رسالة من سيناء» تضمنت رسائل جنود مصر من أرض سيناء الغالية، هى رسائل كتبت من ذهب، من يقرأها لا بد أن يتأثر بها، وتثير بداخله مشاعر فياضة بحب الوطن وتعزيز الانتماء، عندما قرأتها اهتز لها قلبى وانسابت دموعى، إنهم يعطوننا دروسا فى التضحية بالغالى والنفيس، هؤلاء الجنود الذين يدافعون عن الوطن وترابه الغالى على استعداد بأن يضحوا بدمائهم الطاهرة، ليس هذا بجديد على أبناء القوات المسلحة المصرية الذين عاهدوا الله على التضحية والذود عن الوطن وحمايته، أبناء قواتنا المسلحة يخوضون حربا ضروسا للقضاء على الإرهاب ووأده فى سيناء منذ ثورة 30 يونيه التى أزاح فيها الشعب الجماعة الإرهابية، وهم الآن يخوضون حربا شاملة لاقتلاع الإرهاب من جذوره. ما هذا الإيثار وتلك التضحيات من أجل الوطن؟! جنودنا الأبرار –أبناؤنا وفلذات أكبادنا- أقسموا رغم انتهاء فترة خدمتهم وأصروا على مشاركة زملائهم فى الحرب المجيدة، وأكدوا عزمهم على تطهير سيناء الغالية من الإرهاب. فى رسائلهم يؤكدون ويعاهدون الشعب المصرى: «اطمئنوا ما دام أولادكم وجنودكم موجودين.. هنكمل لو سنة كمان».. إنها رسائل تهز القلوب التى فى الصدور، لسان كل وطنى شريف ينطق: أنتم خيرة أبناء الوطن، الله ناصركم وسنقبل رءوسكم بعد أن تنتهى تلك الحرب ويكتب لكم النصر بإذن الله. يقول أحد جنودنا: «المفروض إنى هخلص خدمتى 1/3، بس أنا أصريت أول ما عرفت إن فيه عملية شاملة لتطهير سيناء، إنى أكمل مع زملائى ونجيب حق الشهداء، الشعور بالفخر ده أقل حاجة ممكن نشعر بيها لأننا إحنا نفدى بروحنا وبدمنا، علشان خاطر بلدنا، ده أقل حاجة نقدر نقدمها للبلد ده، عمرنا ما هنسيب بلدنا أبدا ونقول لشعب مصر اطمن طول ما ولادك وجنودنا موجودين فى سيناء ماحدش هيقرب من البلد أبدا وأرواحنا ودمنا فداء للوطن». ويقول آخر «المفروض هخلص جيش 1/3/2018، بس لما جت العملية الشاملة 2018، أصريت أنا وزمايلى نجيب حق الشهداء، وأحب أطمن كل ست، وكل بنت اتيتمت وكل ست اترملت أن حقهم هيجى، مش هنطلع من هنا إلا لما نجيب حقهم، حتى لو قعدنا هناك سنة وتانية، لنعيش بكرامة أو نموت زيهم، واحنا مستحيل نتخلى على الأرض دى، دى أرضنا، ومستحيل نتخلى عن أى شبر من أرضنا ومش شرط اطلع 1/3 أو 1/4، ولا 1/12، أهم شىء أحس أنى طلعت وبجد راضى على اللى أنا عملته، بجد بنحب البلد دى ومتسلحين ومتجهزين وبنقول الله أكبر ولا إله إلا الله، وبنقول عليك يا الله، أحب أقول لكل إرهابى وكل ظالم إحنا صاحيين ومش هنسيب حقنا، ومش هنسيب دمهم، وشمال سيناء للمصريين وبالمصريين هتفضل شمال سيناء. عندما انتهيت من قراءة تلك الرسائل، تذكرت ما قاله الرئيس التنفيذى لمجموعة بنك الاتحاد الوطنى، وهو أحد أكبر البنوك الإماراتية والإقليمية، محمد نصر عابدين، فى حوار معى، عندما وصف ما تشهده مصر من تنفيذ مشروعات تنمية فى جميع المجالات بالمعجزة، واستطرد: «لا تستغرب الوصف، لأن مصر تخوض حربا ضروسا ضد الإرهاب، وفى الوقت نفسه تبنى وتعمر، تحارب بيد وتبنى بيد أخرى، لو أن إحدى الدول الأخرى فى وضع مصر وما مرت به من فوضى واضطرابات على مدى 4 سنوات كاملة لتوقفت فيها عملية الإنتاج ومشروعات التنمية، كما تعرضت لمؤامرات خارجية، وداخلية من جماعة إرهابية تستخدمها دول خارجية لتنفيذ مؤامراتها، لكان كافيا أن تعبئ مواردها وإمكاناتها لمواجهة الإرهاب». نحن ندفع ثمن إهمال تنمية وتعمير سيناء عبر عقود، منذ عودتها فى بداية ثمانينيات القرن الماضى، إذ تعانى سيناء من إهمال شبه تام طوال السنوات الماضية، فيما عدا مدينة شرم الشيخ التى كان يتخذها الرئيس الأسبق مبارك منتجعا له ويفضل الإقامة شبه الدائمة بها، كانت نتيجة ذلك الفراغ السكانى بها. فرغم الإعلان رسميا عام 1994 المشروع القومى لتنمية سيناء بتكلفة بلغت 110.6 مليار جنيه، من بينها 64 مليارا للشمال و46.6 أخرى للجنوب، بهدف التنمية الزراعية وإعادة التوزيع السكانى فى سيناء وربطها بشرق الدلتا والوادى، فإن هذا المشروع لم ير النور، وظل حبيس الأدراج. الرئيس السيسى منذ توليه المسئولية، أعلن فى مارس 2016 عن خطة لبناء مجتمع عمرانى متكامل فى سيناء، وتم تخصيص 10 مليارات جنيه لتطوير سيناء، كما اتخذ قرارات مهمة فى هذا المجال، فى مقدمتها نقل ملكية أصول ميناء الصيد بطور سيناء إلى الثروة السمكية وتخصيص 4733 فدانا لإنشاء مطار رأس سدر وتخصيص 3904 أفدنة لإقامة منطقة صناعية فى أبو زنيمة، كما تم تأسيس الشركة الوطنية لتنمية سيناء، ومنذ عدة أسابيع تم الانتهاء من 3 أنفاق تربط سيناء بمدن القناة والدلتا، كما تم افتتاح عدد من المشروعات الصناعية منها مشروع مصنع الاسمنت بالعريش، والإنتاج الغذائى كالمزارع السمكية، إلى مشروعات البنية التحتية والإسكان، وتنمية وتعمير الشيخ زويد، وإقامة جامعة الملك سلمان.