أكد وزير الخارجية سامح شكري أهمية تجنب المجتمع الدولي اعتماد معايير مزدوجة في مكافحة الإرهاب، وضرورة التعامل الحاسم مع من يوفر له التمويل أو الملاذ الأمن.جاء ذلك خلال مشاركة الوزير الخارجية كمتحدث خلال الجلسة الخاصة بمكافحة الإرهاب والتي عقدت في إطار مؤتمر ميونخ للأمن تحت عنوان "الجهاد فيما بعد الخلافة"، بمشاركة وزراء خارجية ومسئولون أمنيون من عدد من الدول.وقال المستشار أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن سامح شكري تناول خلال الجلسة الدور والجهود المصرية المبذولة وهي تقف على خط المواجهة ضد الإرهاب، حيث استعرض رؤى مصر إزاء سبل تفعيل العمل والتعاون الدولي للقضاء على هذه الظاهرة. وقد استهل شكري الجلسة بالإعراب عن رفضه لاختيار عنوان الجلسة "الجهاد فيما بعد الخلافة" مشيراً إلى أن فترة حكم تنظيم داعش الأسود أبعد ما تكون عن فكرة الجهاد السامية وما تحمله من معان إيجابية للارتقاء بالنفس، ومنوها إلى استحالة تشبيه التنظيم بعصر الخلافة الإسلامية التي أنارت طريق الحضارة أمام الإنسانية جمعاء، فلا يمكن وصف داعش إلا بالتنظيم الإرهابي.وذكر المتحدث باسم الخارجية، أن سامح شكري شدد على أن ما تحقق من نصر عسكري ضد داعش لا يجب أن يمثل نهاية المطاف، بل خطوة هامة نحو القضاء على تهديد كافة التنظيمات الإرهابية التي تستقي أفكارها المنحرفة من مصدر إيديولوجي واحد، الأمر الذي يستوجب تحركا وطنيا ودوليا فعالا وحاسما لتحقيق هذه الغاية. وقد استعرض وزير الخارجية في هذا السياق الجهود الوطنية المبذولة للقضاء على الإرهاب في مصر، مشيرا إلى الملحمة البطولية التي يخوضها أبناء مصر من القوات المسلحة والشرطة لتطهير شمال سيناء من عناصر الإرهاب في إطار العملية سيناء 2018، ومنوها إلى المقاربة الشاملة التي تنتهجها الدولة المصرية من أجل القضاء على هذه الظاهرة، والتي لا تقتصر على البعد الأمني والعسكري فحسب، بل تمتد لتشمل كافة الجوانب الإيديولوجية والاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى. كما أكد وزير الخارجية على الحاجة الماسة لبذل جهود مضاعفة لمواجهة الإرهاب على الصعيد الدولي، خاصة فيما يتعلق بتمويل الإرهاب وتوفير الملاذ الأمن للعناصر الإرهابية، مشدداً على أهمية محاسبة الدول التي توفر هذا التمويل تحت ستار العمل الخيري، أو التي تسهل من عودة وتنقل المقاتلين الأجانب دون أدني اعتبار لدواعي الأمن في المنطقة، وفي انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وأضاف أبوزيد، أن وزير الخارجية تحدث خلال الجلسة عن أحد أهم مواطن الضعف التي تحد من قدرة المجتمع الدولي على التصدي لظاهرة الإرهاب، والمتمثلة في إطلاق عبارات فضفاضة وملتبسة لتعريف الإرهاب دون سند علمي واضح، كمصطلح "التطرف العنيف"، أو محاولة تشبيه أعمال الإرهاب بأحداث التمرد، بل والمطالبة بالدفاع عمن يحرض على العنف تحت دعاوى حرية التعبير، الأمر الذي لن يؤدى في النهاية إلا إلى تبرير أعمال الإرهاب والتخفيف من وطأة الجرم الذي يرتكبه الإرهابي بحق الآمنين والضحايا الأبرياء. كما تطرق وزير الخارجية في ذات السياق إلى المعايير المزدوجة التي تتبناها بعض الدوائر الدولية في تحديد الأسباب الجذرية للإرهاب.واختتم المتحدث باسم الخارجية تصريحاته بالإشارة إلى أن وزير الخارجية أكد في ختام الجلسة على أنه لا سبيل لمواجهة الإرهاب إلا باعتماد نهج دولي واحد بعيدا عن المعايير المزدوجة، ولا مجال للقضاء من هذه الظاهرة دون التخلص من الوهم الزائف بالتفرقة بين إرهاب وأخر، منوها إلى أننا جميعا في خندق واحد نواجه نفس التهديد الذي يشكل خطرا على الإنسانية جمعاء، ويستقي أفكاره من ذات الإيديولوجية السامة والمنحرفة. وكان وزير الخارجية سامح شكري قد عقد لقاءً مع مانفريد فيبر رئيس مجموعة الاحزاب الشعبية في البرلمان الاوروبي في إطار مشاركتهما الحالية في مؤتمر ميونيخ للأمن خلال الفترة 15-18 فبراير 2018. وذكر المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أن مجموعة الاحزاب الشعبية هي أكبر المجموعات السياسية داخل البرلمان الاوروبي، وتتألف من الاحزاب المسيحية الديمقراطية التي تمثل يمين الوسط، وهي من المجموعات الصديقة لمصر، حيث تعطي أولوية لموضوعات مكافحة الارهاب والتطرف وقضايا الهجرة غير الشرعية والتطورات الاقليمية. وأضاف أبوزيد أن الوزير شكري أعرب خلال المقابلة عن رضاء مصر إزاء مجمل التطورات التي يشهدها التعاون المؤسسي بين مصر والاتحاد الأوروبي، منذ انعقاد مجلس المشاركة في يوليو 2017 وما أعقبه من توقيع وثيقة إطار الدعم الموحد أثناء زيارة المفوض الأوروبي "هان" في أكتوبر 2017، ثم الحوار حول الهجرة الذى عُقد بالقاهرة في ديسمبر 2017، وما تلاه من عقد اجتماع اللجنة الفرعية المعنية بالشئون السياسية وحقوق الإنسان بالقاهرة فى يناير 2018.كما أكد وزير الخارجية خلال اللقاء علي أن الشريك الأوروبي يمثل أهمية كبري لمصر خاصة في ظل التحديات الأمنية الكبيرة التي تواجهها مصر متمثلة في ظاهرة الإرهاب، وكذلك الحاجة الملحة للدعم الأوروبي لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبناه الحكومة المصرية واستراتيجية التنمية المستدامة 2030، حيث تقوم مصر بإعداد حزمة برامج ومشروعات تعاون مشتركة تتفق مع أولويات استراتيجية التنمية الشاملة المستدامة، تمهيدا لطرحها والتفاوض عليها مع المفوضية الأوروبية للتوصل إلى اتفاق على القائمة النهائية للمشروعات تنفيذا لمذكرة التفاهم الخاصة بإطار الدعم الموحد التي وُقعّت في أكتوبر 2017 بالقاهرة.من جانبه، ثمن رئيس مجموعة الاحزاب الشعبية التقدم المحرز في علاقة مصر بالاتحاد الاوروبي، مشيرا الي ان الاتحاد الاوروبي له مصلحة كبيرة في نمو واستقرار الدول التي يدخل في شراكة معها، مشيدا بالجهود المصرية في محاربة الارهاب علي المستويين الامني والفكري، وكذلك في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية. أكد شكري خلال المقابلة أيضا أن مصر تعول علي مجموعة الاحزاب الشعبية وما تحظي به من ثقل داخل البرلمان الاوروبي لتفهم ما تمر به مصر من تحديات في هذه المرحلة الدقيقة، ودعم جهود تحقيق الامن والاستقرار الاقليمي.