يواجه أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي وسط انقسامات شديدة هذا الأسبوع ضغوطا للتوصل إلى اتفاقات حول الهجرة والإنفاق الفدرالي وسقف الدين وسط تصاعد التجاذبات في صفوف الجمهوريين بينما يتهم الرئيس دونالد ترامب الديموقراطيين بعدم إبداء أي تعاون. تعهد ترامب في خطابه حول حال الاتحاد الأسبوع الماضي ب"مد اليد" إلى الحزبين سعيا للتوصل إلى اتفاق حول الهجرة يحمي 1,8 مليون مهاجر في أوضاع غير قانونية من الترحيل. غير ان اقتراحه اصطدم بالمعارضة الديموقراطية وسرعان ما تحولت يده الممدودة إلى اصبع اتهام لوح به باتجاه خصومه. وبعد أيام على الخطاب الذي ألقاه في الكونغرس في 30 يناير، لجأ ترامب كالعادة إلى تويتر فكتب "إنهم يقاومون ويلومون ويتشكون ويعرقلون، ولا يفعلون شيئا" للخروج من المأزق الحالي بشأن الهجرة. كما يشهد الكونجرس سجالا بشأن سقف النفقات المخصصة للبرامج الداخلية والإنفاق العسكري، وسط المساعي لإقرار ميزانية لما تبقى من العام 2018. غير أن القادة الجمهوريين أقروا بأنه لن يكون بوسعهم التوصل إلى اتفاق حول الإنفاق في المهلة المحددة والتي تنتهي الخميس، ما سيحتم عليهم إقرار إجراء مؤقت هذا الأسبوع بمساعدة الديموقراطيين لتفادي إغلاق الحكومة. وأعلن رئيس مجلس النواب بول راين أنه من الضروري إقرار قانون إنفاق مؤقت يتيح استمرار عمل الحكومة في وقت يواصل الطرفان "إحراز تقدم" على طريق الاتفاق على ميزانية. وقال "ما زلنا نتفاوض حول مضمون ومدة" هذا الإجراء. ما زال النواب يعانون من تبعات التعطيل الذي طاول الإدارة الفدرالية لثلاثة أيام الشهر الماضي حين رفض الديموقراطيون دعم قانون إنفاق لم يتضمن أي إجراء للخروج من المأزق بشأن الهجرة. وأعلن زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أنه لا يتوقع هذه المرة أي مخاطر بإغلاق الحكومة على غرار ما حصل في يناير حين ألقى ترامب باللوم على الجمهوريين فيما اتهم ماكونيل الديموقراطيين. وقال ماكونيل الذي يمثل كنتاكي "لا مكسب لأي كان من تكرار المأزق". وما ساهم في تعقيد جدول أعمال الكونغرس تحذير وزير الخزانة ستيفن منوتشين الكونجرس بأن وزارته لن تتمكن من الإيفاء باستحقاقاتها سوى حتى 28 فبراير، قبل أن تبلغ سقف الدين المسموح به وتبدأ باللجوء إلى تدابير استثنائية للاستمرار في مواجهة مدفوعاتها. وأوضح مكتب الميزانية في الكونجرس أن هذا الاستحقاق حل أبكر مما كان متوقعا لأن التخفيضات الضريبية التي أقرت العام الماضي وقدرها 1,5 تريليون دولار تسببت بخفض العائدات الفدرالية. وشهدت الولاياتالمتحدة في السنوات الأخيرة خلافات سياسية ذات انعكاسات خطيرة حول مسألة رفع سقف الدين. وفيما تخطت ديون الإدارة الأمريكية 20 تريليون دولار، أعلن بعض المحافظين المتمسكين بالصرامة المالية أنهم سيطالبون بتخفيض النفقات للتصويت لصالح رفع سقف الدين. وما يزيد الضغط على جدول أعمال الكونجرس الحافل الخلاف الحزبي الحاد الذي تشهده واشنطن بشأن مذكرة جمهورية رفع عنها ترامب السرية الجمعة ويهدد نشرها بإثارة أزمة غير مسبوقة. وتنتقد المذكرة التي اعدها الرئيس الجمهوري للجنة الاستخبارات في مجلس النواب ديفن نونيز مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) معتبرة أنه أساء استخدام صلاحياته في تنصته على أحد أعضاء فريق حملة ترامب عام 2016 في إطار التحقيقات بشأن التدخل الروسي في سير الانتخابات الأمريكية. وفي رسالة شديدة اللهجة حذر عشرة من كبار الديموقراطيين في الكونجرس من "أزمة دستورية" إذا ما استخدم الرئيس المذكرة كذريعة لإقالة المدعي الخاص الذي يترأس التحقيق بشأن وجود تواطؤ محتمل بين فرق ترامب وموسكو روبرت مولر. وفي ظل هذه الأوضاع المعقدة، يستعد أعضاء مجلس الشيوخ لمعركة محتدمة حول الهجرة، بعدما قرر ترامب في أواخر سبتمبر الماضي وضع حد لبرنامج أقره سلفه باراك أوباما لضمان وضع "الحالمين"، وهو الاسم الذي يطلق على المهاجرين الذين دخلوا البلاد بشكل غير شرعي عندما كانوا اطفالا، في 5 مارس، ما يهدد بترحيلهم في حال لم يتحرك الكونجرس. وكشف ترامب الأسبوع الماضي عن اقتراح يضع الديموقراطيين في موقف حرج، إذ يطرح وضع 1,8 مليون مهاجر بينهم حوالى 700 ألف من "الحالمين" على سكة التجنيس، وهو ما يشكل أولوية أولى بالنسبة للمعارضة. غير أن اقتراحه يقضي في المقابل بتشديد التدابير الأمنية على الحدود بما في ذلك تخصيص 25 مليار دولار لبناء الجدار الذي وعد به ترامب على الحدود مع المكسيك ووضع حد لبرنامج اليانصيب السنوي لتوزيع إقامات في الولاياتالمتحدة والحد من لم شمل العائلات بشكل يعطي الأولوية لأقرباء مواطنين أميركيين يهاجرون إلى الولاياتالمتحدة. واعتبر الديموقراطيون أن هذه الخطة تعود إلى احتجاز الحالمين "رهائن" لقاء سياسات معادية للهجرة. وإذ شددت السناتور كامالا هاريس على أن "هذه الخطة محكومة بالفشل التام"، حذر ترامب بان الديموقراطيين سيرتكبون خطأ في حال عرقلوا عرضه "السخي". وقال السناتور الديموقراطي الكبير ديك دوربن الاحد أنه لا يعتقد أن الأمر سيصل إلى حد تعطيل الحكومة، لكنه ذكر ماكونيل بأنه تعهد بطرح موضوع الهجرة للنقاش.