انعقاد مؤتمر الاستثمار فى إفريقيا بشرم الشيخ الجمعة القادم، يؤكد أن الاهتمام المصرى بالقارة الإفريقية أمر استراتيجى، لا يقتصر على الكلام أو الشعارات بل هو استراتيجية تنطلق من أمن مصر القومى والمصالح والأهداف المشتركة التى تربطها بدول القارة السمراء. للإنصاف منذ تولى الرئيس السيسى، شهدت السنوات الثلاث الماضية دفعة كبيرة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية.. سياسيا قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بجولات عديدة للدول الإفريقية، إلى جانب الزيارات المتبادلة للزعماء الأفارقة، الرئيس السيسى حريص على دعوة نظرائه الأفارقة فى جميع المناسبات، هذه الزيارات أسهمت فى إذابة الجليد المتراكم عبر سنوات طويلة ابتعدت فيها مصر عن قارتها، كما أن حرص مصر على تعزيز العلاقات بأشقائها فى القارة وتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية بات أمرا واقعا من واقع الفعاليات والمؤتمرات والمعارض والزيارات المتبادلة شبه المستمرة على مدى السنوات الثلاث الماضية. مصر تولى اهتماما كبيرا بتنمية علاقاتها الاقتصادية مع دول القارة الإفريقية سواء فى إطار عضويتها بمنظمة الكوميسا أو من خلال إقامة منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية بين أكبر 3 تكتلات إفريقية، وهى الكوميسا والسادك وجماعة شرق إفريقيا التى تم إطلاقها من مصر فى قمة شرم الشيخ عام 2015. لقد انعكس هذا الاهتمام على نمو حجم التبادل التجارى بين مصر والدول الإفريقية حيث بلغ فى عام 2016 نحو 4.8 مليار دولار مقابل 4.5 مليار دولار فى عام 2015، وفقا لبيانات وزارة التجارة والصناعة، وشهدت معدلات زيادة الصادرات المصرية لإفريقيا النصيب الأكبر فى زيادة حجم التبادل التجارى، حيث سجلت نحو 3.4 مليار دولار، مقابل 1.3 مليار دولار واردات فى 2016. على الرغم من نمو الصادرات المصرية لإفريقيا فإنها لاتزال دون المستوى المأمول، مقارنة بالفرص الواعدة بحكم التاريخ والموقع الاستراتيجى، إذ يكفى أن نشير إلى أن نسبة هذه الصادرات لا تتجاوز 2% فقط من إجمالى واردات القارة، كما أن واردات دول شرق إفريقيا - تعد المستورد الإفريقى الأول - من دول العالم تصل إلى نحو 86 مليار دولار سنويا، لا يتجاوز إجمالى الصادرات المصرية إليها 620 مليون دولار سنويا، وذلك وفقا لبيانات الدراسة التى أعدتها جمعية المصدرين المصريين، التى خلصت إلى نتائج مهمة من أهمها أن المعاملات التجارية بالسوق الإفريقى تفضل “البضاعة الحاضرة” بدلا من نظام الاعتمادات المالية، كما أن التصدير لإفريقيا يتطلب تصدير كميات كبيرة من المنتج، لأن تصدير كميات قليلة يرفع التكلفة، كما أن من أهم البضائع المصرية المطلوبة فى تلك الأسواق “الأدوية، الصناعات الغذائية الجافة، المجمدات، الأسمدة الكيماوية، الورق، منتجات العناية الشخصية ومستحضرات التجميل، جميع الصناعات الهندسية، المفروشات المنزلية، مواد البناء وعلى رأسها السيراميك. ثمة صعوبات تواجه تصدير المنتجات المصرية للدول الإفريقية، لعل أبرزها صعوبة التعامل لوجستيا مع عدد من دول القارة، نظرا لصعوبة شحن البضائع لطول المسافة وعدم وجود وسائل نقل مباشر، وهو ما أكده لى السفير محمد حيدر سفير مصر فى أكرا، إذ أشار إلى أن المدة التى تستغرقها الصادرات المصرية إلى غانا تصل إلى 47 يوما مقارنة ب 42 يوما من تلك القادمة من دبى، وهو ما يعوق تصدير كثير من السلع والمنتجات القابلة للتلف. لاشك أن التحرك السياسى فى استعادة اهتمام مصر بقارتها كان له الدور المهم فى فتح القنوات والمجال واستعادة الاهتمام على صعيد تعزيز التعاون الاقتصادى مع إفريقيا، على المستوى الرسمى وأيضا القطاع الخاص، حيث قامت وزارة التجارة والصناعة بافتتاح مكاتب تجارية جديدة بالقارة السمراء فى 5 دول هى تنزانياوغانا وأوغندا وجيبوتى وكوت ديفوار، ما انعكس إيجابيا فى زيادة حجم الصادرات، كما تم افتتاح أول مركز لوجستى بكينيا لتسهيل حركة التجارة بين مصر ودول شرق إفريقيا، وعلى سبيل المثال فقد تضاعفت الصادرات المصرية إلى غانا بعد فتح مكتب التمثيل التجارى فى أكرا، وفقا للسفير المصرى فى حواره المنشور بهذا العدد، كما يتوقع أن يكون لإنشاء مركز لوجيستى بغانا أو كوت ديفوار، دور بارز فى إعطاء دفعة كبيرة للتبادل التجارى مع دول غرب إفريقيا.