سياسات وزارة الصحة لتنظيم التداول طاردة للاستثمار 800 مليون دولار قيمة واردات المستلزمات الطبية تغطي 80% من السوق ليس هناك اي عجز في توفير احتياجات المستشفيات.. وتوريدات القوات المسلحة وراء استقرار السوق حاليا قانون التأمين الصحي الجديد السبيل الوحيد للارتقاء بمنظومة الرعاية الصحية استراتيجية للنهوض بالقطاع ومواجهة التحديات بالتعاون مع "الصحة" و"القوات المسلحة" 250 مليون دولار قيمة الصادرات الطبية.. و10 % زيادة مستهدفة هذا العام 20 مليار جنيه قيمة استثمارات القطاع في 220 مصنع
قال الدكتور شريف عزت، رئيس شعبة صناعة المستلزمات الطبية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن هناك جملة من التحديثات تواجه الصناعة المحلية للمستلزمات الطبية، من أهمها سوء السياسات والقواعد المنظمة لأسواق المستلزمات الطبية في مصر، حيث لا تخضع هذه القواعد الى مرجعية دولية متبعة عالميا، بل لا تعبر عن سياسات ورئ وزارة الصحة بقدر ما تعبر عن سياسات ورؤي شخصية.
وأضاف، في حوار ل"الاهرام الاقتصادي"، أن من اهم ما يؤخذ على سياسات تنظيم قطاع الاجهزة والمستلزمات الطبية محليا، عدم وضوح القواعد المطبقة وتشوهها وعدم اتساقه مع بعضها البعض، كذلك عدم سلامة كثير من العلاقات بين الادارة المركزية لشئون الصيادلة وبين شركات المستلزمات الطبية قانونيا، ايضا تعدد القرارات الوزراية والادارية واختلافها لعدم وجود نظم وقواعد ثابته، الامر ينعكس على عدم ثقة المستثمرين في استقرار النظم الرقابية، مضيفا ان زيادة الاعباء الادارية والمالية على الشركات م ينعكس سلبا على تكلفة المنتج الصناعي.
وضرب مثالا على تلك القواعد الخاطئة، بأن تصنيف المنتجات الطبية في مختلف دول العالم يقوم على اساس خطورتها ويتم تصنيفها لثلاث درجات تعبر عن درجة الخطورة، إلا أنه في مصر يتم التصنيف بناءا على كونها معقمة او غير معقمة، بغض النظر عن مدى خطورتها وذلك امر ليس له مرجعية دولية فضلا عن انه غير صحيح فيما يخص الكشف عن خطورة المنتج المستخدم.
أهم العقبات
واضاف أن من القواعد والسياسات الخاطئة كذلك التي تتبعها وزارة الصحة في تنظيم اسواق المستلزمات الطبية، أنه يشترط لتسجيل المنتج بوزارة الصحة أن يكون حاصل على شهادة تداول اوروبية تسمى " سي إي"، وانه لا يتم قبول تسجيل المنتج بدون الحصول عليها، موضحا ان هناك العديد من العقبات اصبحت تعترض طريق الشركات في الحصول على هذه الشهادة الفترة الاخيرة، منها أن الاتحاد الاوروبي قرر رفع مستوى الرقابة لمنح شهادات التداول الى مستويات متشددة للغاية كعائق تجاري، فاشترط ان يتم اجراء ابحاث إكلينيكة على المنتج قبل حصوله على شهادة التداول، في حين انه بالنسبة لمصر فلا يوجد قانون يشرع اجراء الابحاب والدراسات الاكيلنيكية لمنتجات الأجهزه والمستلزمات الطبية، الامر الذي يستحيل على الشركات المصرية القيام به، ومن ثم يقف عقبة أمام حصولهم على شهادة التداول.
وتابع عزت: أن الاتحاد الاوروبي قام كذلك بتقليص عدد الجهات المانحة لشهادات تداول منتجات المستلزمات الطبية بنسبة تقارب 50 % ، حيث انخفض العدد من 85 الى 45 جهة فقط، الامر الذي سينعكس سلبا على ارتفاع اسعار وتكاليف الحصول على الشهادة نتيجة انخفاض المعروض منها امام ثبات الطلب من مختلف دول العالم للحصول عليها.
وقال ان عدم الحصول على شهادة التداول الدولية لمنتجات المستلزمات الطبية يعني عدم تسجيل اي منتج للمستلزمات الطبية في مصر، وهو ما يعني توقف الانتاج الصناعي في هذا المجال بسبب هذه السياسات.
وأشار إلى أن الحل لمواجهة هذه المشكلة هو انشاء قواعد مصرية للرقابة على تداول الاجهزة والمستلزمات الطبية واصدر شهادة تداول مصرية، يتم بها الاستغناء عن الشهادة الاوروبية، مشيرا الى انه بالفعل جرى الانتهاء من اعداد جزء كبير من هذه القواعد، من خلال لجان وزارة الصحة، كاشفا عن انه بالفعل تقدمت الشعبة بمذكرة الى وزير الصحة تطرح عليه ذلك المقترح كحل لعلاج للمشكلة.
وكشف كذلك عن ان هناك جهات مانحة ألمانية قد ابدت استعدادها خلال مشاورات مع مجلس الأعمال المصري الألماني علي هامش زيارة الرئيس لالمانيا مؤخرا للمساهمة فى دعم انشاء الجهة لمصرية المانحة لشهادات التداول، وذلك بشكل ماديا وفنيا، غير أن دخول الشراكة الالمانية لمصر حيز التنفيذي لا يزال ينتظر تقديم وزاره الصحه للمشروع و متطلباتها.
وأضاف عزت أن من المشكلات ايضا اخضاع قطاع المستلزمات الطبية لادارة شئون الصيدلية بوزارة الصحة، مؤكدًا أنه من الضروري فصل مستلزمات الطبية عن الدواء، حيث لابد من تأسيس جهة مستقلة خاصة بالرقابة على الاجهزة والمستلزمات الطبية بعيدا عن الدواء وذلك من خلال تشريع قانون جديد خاص بالهيئة الجديدة.
وكشف أن من أهم الاسباب وراء فشل كل محاولات القطاع للانفصال عن ادارة الصيادلة والدواء يعود لتمسك نقابة الصيدله و غرفه الدواء بالقطاع ورغبتهم في مواصلة همينتهم عليه ، لافتا الى انه من جانب اخر قامت نقابة الصيادلة بمحاولات لتعديل تعريف المستحضر الدوائي بالقانون الصيدليات بما يتيح ضم منتجات المستلزمات والاجهزة الطبية الى عباءة الدواء، وذلك بالطبع غير صحيح ومرفوض تمامًا وليس له أي مرجعيه دولية أو علمية، بحسب قوله.
وتابع أن من العقبات ايضا تشتت القطاع فيما بين الغرف الصناعية باتحاد الصناعات حيث ينقسم القطاع بين شعبتين الأجهزة المستلزمات الطبية غير الدوائي بغرفة الصناعات الهندسية وشعبة المستلزمات الطبية الدوائية بغرفة صناعة الدواء، الامر الذي يعود سلبا على ادارة شئون القطاع ومشاكله، خاصة وان عدد اعضاء الشعبة بغرفة الدواء لا يتجاوز 40 شركة فضلا عن انها غير مفعلة، كاشفا عن انه تم التقدم بمذكرة للمهندس محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات للمطالبة بضم شعبة المستلزمات الطبية بغرفة الدواء الى مظلة شعبة المستلزمات الطبية بغرفة الصناعات الهندسية لتعبر عن القطاع بأكلمه وذلك بعد اجماع الاصوات بالجمعية العمومية غير العادية التي عقدتها الشعبة بالغرفة الهندسية مؤخرا لضم الشعبين معا تحت مظلة الشعبة بالغرفة الهندسية.
وشدد رئيس شعبة المستلزمات الطبية بالغرفة الهندسية على ان تلك المشكلات تؤثر سلبا مناخ الاستثمار المحلي في صناعة المستلزمات الطبية، حيث يجعل مصر غير جاذبة للاستثمار الاجنبي خاصة فيما يتعلق بخطأ السياسات والقواعد المنظمة للقطاع.
تداعيات التعويم
وبسؤاله عن تأثير القرارات الاقتصادية الاخيرة من تعويم الجنيه وقرارات تنظيم الاستيراد على قطاع المستلزمات الطبية، قال عزت أن قرار تعويم الجنيه كان من شأنه أن يجر خسائر فادحة على قطاع صناعة وتجارة المستلزمات الطبية، بما كان يهدد بتوقف واغلاق العديد من الشركات الصناعية والاستيرادية، وذلك لولا تدخل القوات المسلحة والقيام باستيراد كامل احتياجات المستشفيات المحلية من المستلزمات الطبية.
وأوضح أن القوات المسلحة تدخلت عقب قرار تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه" والذي كان مقررا وقتها التزام شركات المستلزمات الطبية بالتعاقدات مع المستشفيات وتوريد الكميات المتفق عليها، وقامت باستيراد كامل احتياجات وزارة الصحة والجامعات بدلا من الشركات، وذلك لعجز الشركات عن الوفاء بالتعاقدات بعد ارتفاع اسعار الدولار، وذلك باسعار تقل 50 % عن اسعار السوق، وبجودة انتاجية اعلى.
وأكد أن تدخل القوات المسلحة لم يسعف الشركات في تلك الفترة فقط، بل نجح في ضبط السوق وخفض الاسعار والارتقاء بمستوى الجودة، حيث حفزت باقي الشركات لحذو حذوها في الارتقاء بالجودة وخفض الاسعار.
وحول شعور المواطن بانخفاض اسعار الخدمات الطبية بالمستشفيات، في ضوء انخفاض اسعار المستلزمات الطبية التي توردها القوات المسلحة، قال عزت انه رغم انخفاض اسعار توريد الاجهزة والمستلزمات من جانب شركات القوات المسلحة بنسبة 50 %، الا ان شعور المواطن بالتحسن في الاسعار يتطلب ضرورة تحسين التكلفة في كافة عناصر المنظومة الصحية بالمستشفيات، مشيرا الى ان عنصر اسعار المستلزمات والاجهزة الطبية وحده ليس عنصرا مؤثرا في مجمل اسعار الخدمات الصحية المقدمة، مشيرا الى ان خفض اعتمادات الميزانية العامة المخصصة لبند المستلزمات يعد العائد الاول من وراء خفض اسعار توريد المستلزمات الطبية.
ولفت الى ان مشروع قانون التأمين الصحي الجديد سيكون السبيل الوحيد لشعور المواطن بالحصول على خدمات طبية افضل وباسعار اقل، مؤكدا ان القانون خطوة ايجابية نحو تطوير وتحسين المنظومة الصحية في مصر.
تنظيم الاستيراد
وحول تأثير قرارات تنظيم الاستيراد على السوق، قال عزت ان القرارات كانت لها تأثير عميقة على القطاع خاصة وأن 80 % من حجم احتياجات السوق يتم استيرادها من الخارج بقيمة تترواح ما بين 600 و 800 مليون دولار، فيما لا يغطي الانتاج المحلي سوى 20 % فقط من حجم الانتاج بواقع 250 مليون دولار سنويا، الامر الذي يعني اعتماد السوق المحلي في هذا القطاع على الاستيراد بصورة مؤثرة، لافتا الى ان قيمة استثمارات الصناعة المحلية للاجهزة والمستلزمات الطبية تقدر بحوالي 20 مليار جنيه من خلال 220 مصنع، تضم حوالي 50 ألف عامل.
وكشف عن ان قرارات تنظيم الاستيراد ادت لخروج ما يترواح بين 20 و 30 % من الشركات المستوردة من القطاع، وذلك لعجزهم عن المواصلة في ظل الاشتراطات الجديدة التي تفرضها القرارات، ذلك الى جانب ارتفاع سعر الدولار بعد قرار تعويم الجنيه، غير أنه أكد ان تدخل القوات المسلحة ومشاركتها في الاستيراد ساهم بشكل كبير في عدم حدوث اي نقص يذكر في المستلزمات والاجهزة الطبية بالمستشفيات الحكومية.
صادرات القطاع
وحول صادرات المستلزمات الطبية، كشف عزت عن استهداف زيادة الصادرات الطبية نهاية 2018 بنسبة 10 %، مشيرا الى انها تقدر حاليا بحوالي 250 مليون دولار، وأنه يجرى الاعداد لاستهداف الاسواق الافريقية لتعظيم عائد الصادرات الفترة المقبلة، والاستفادة من الجوانب الايجابية لتعويم الجنيه.
وأشار الى البحث عن اسواق بديلة للاسواق العربية والتي كانت تستحوذ على 70 % من صادرات القطاع، يعد من اهم التحديات التي تواجه قطاع تصدير المستلزمات الطبية هذه المرحلة، لافتا الى ان دخول السوق الافريقي ايضا محاط بالعديد من المشكلات، منها غياب مصر عن الاسواق الافريقية لسنوات عديدة ما ساهم في ظهور بدائل من الدول الاخرى عن مصر، كذلك حاجة العلاقات فيما بين الطرفين لمزيد من التوثيق والتقارب، وذلك لتيسير التعرف على احتياجات الجانبين وامكانية تحقيقها بما يسهم في اقامة علاقات ناجحة ومثمرة.
وكشف عزت عن اعداد الشعبة باتحاد الصناعات بالتعاون مع كل من القوات المسلحة ووزارة الصحة في تدشين استراتيجية لتطوير والارتقاء بمنظومة صناعة وتجارة المستلزمات الطبية محليا، وذلك بما يسهم في مواجهة مشكلات القطاع وتحفيز قدراته للارتقاء والمنافسة محليا وتصديريًا.