انخفاض استثمارات القطاع تريليون دولار منذ عام 2014 دائما وابدا تشغل اسعار النفط واتجاهاتها المستقبلية اهتمامات الاسواق والمستثمرين. ومنذ انخفاض الاسعار من اكثر من مائة دولار للبرميل قبل سنوات حتي وقت قريب، سادت نظرية المؤامرة السعودية علي حديث اوساط المال والاعمال، مع التاكيد علي رغبة المملكة في انخفاض الاسعار للتخلص من منتجي النفط الصخري في الولاياتالمتحدة من السوق والاحتفاظ بحصتها السوقية. لكن الواقع انه مع انخفاض الاسعار الي ما دون الخمسين دولار وتاثر ميزانيات دول الخليج، تم اتفاق دول اوبك في نوفمبر الماضي علي خفض الانتاج بهدف رفع الاسعار. ومرة اخري لم تفلح الجهود السعودية ولم ترتفع الاسعار، بل ان الولاياتالمتحدة تواصل زيادة انتاجها من النفط الصخري – حتي ولو بخسارة علي كل برميل تنتجه – وهناك من يروج لكونها ستصبح من اكبر عشرة مصدرين في العالم في غضون سنوات قليلة. واليوم بعد تصريحات لاثنين من اكبر شركات الطاقة في العالم ، ارامكو وشل،بالتاكيد علي عدم انخفاض الطلب علي النفط والحديث عن مخاطر امن الطاقة في حالة خفض استثمارات الوقود الاحفوري املا في زيادة الاعتماد علي مصادر الطاقة المتجددة،من الذي سيلبي طلب الاسواق..اوبك التي تخفض انتاجها ام الولاياتالمتحدة التي تزيد انتاجها؟ولمن ستكون الهيمنة علي السوق العالمي للخام ؟ * بزيادة انتاجها 11% وصادراتها اربعة اضعاف * الولاياتالمتحدة ضمن اكبر عشرة مصدرين للخام في العالم بحلول 2020 اشار تقرير للفاينانشال تايمز الي توقعات بارتفاع حجم الصادرات الامريكية من النفط الصخري عن معظم اعضاء اوبك بحلول عام 2020. وتمثل الزيادة الكبيرة في انتاج النفط الصخري الامريكي تحديا خطيرا لجهود اوبك لرفع الاسعار عن طريق خفض الامدادات الي الاسواق. كانت منظمة الدول المصدر للنفط (اوبك) وبلدان منتجة اخرى قررت في نهاية 2016 الحد من انتاجها لدفع الاسعار الى الارتفاع. لكن تاثير هذه الجهود كان محدودا لاسيما بسبب انتعاش الانتاج الامريكي ولا سيما النفط الصخري. ويقول محللون ان زيادة الانتاج الامريكي يبقى عاملا يؤثر على الاسواق. فالانتاج الامريكي ارتفع بنسبة 11 % على مدى عام. وقال محللون ان الولاياتالمتحدة ستزيد صادراتها من الخام باربعة اضعاف في غضون ثلاث سنوات ،لتتجاوز بذلك معظم اعضاء مجموعة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، حيث يسعي منتجي ولاية تكساس-معقل تصدير الخام- لاستمرار تدفق انتاجهم الي الاسواق دون توقف. وبحلول عام 2020، ستصل صادرات الولاياتالمتحدة من الخام الي 2.25 مليون برميل يوميا، وفقا لتقديرات "بيرا اينرجي" "PIRA Energy"،التابعة لستاندرد اند بورز العالمية، والذي يهتم بمتابعة مؤشره مديرو شركات الطاقة وصناديق التحوط. وبالمقارنة ، بلغت صادرات الكويت في العام الماضي 2.1 برميل يوميا، ونيجيريا 1.7 م.ب/ي، والولاياتالمتحدة 520 الف ب/ي. وتشير التوقعات الي ان الولاياتالمتحدة ستصبح واحدة من اكبر عشرة مصدرين للخام في العالم.ونظرا لكونها ليست عضوا في الكارتل ، لن يكون بالامكان السيطرة علي حجم انتاجها ضمن جهود رفع الاسعار. يذكر ان الولاياتالمتحدة قد رفعت حظر تصدير الخام في عام 2015، عندما اصدر الرئيس السابق باراك اوباما مرسوم بالغاء الحظر المفروض منذ اربعون عاما. ومنذ ذلك الحين يتدفق الخام الامريكي الي اسواق جديدة مثل اوروبا والصين. وتنتهج ادارة ترامب نفس الاتجاه حيث تروج لرؤية "هيمنة الطاقة".ويقول المدير التنفيذي لميناء تكساس – الذي يتم تصدير معظم الخام الامريكي عن طريقه- ان هناك زيادة هائلة في صادرات الخام، وسوف يتم تجاوز حاجز المليون برميل في وقت قريب. من ناحية اخري، لدي محللين اخرين اهداف متواضعة ويتحدث سيناريو لادارة معلومات الطاقة الامريكي عن عدم تجاوز صادرات الخام مليوني برميل يوميا لمدة 25 عاما.وتقول الادارة ان الولاياتالمتحدة لا تزال تعتمد علي واردات الخام حيث انها اشترت 7.9 مليون برميل يوميا العام الماضي. البنوك الامريكية تضخ 57 مليار دولار في شركات النفط الصخري بالرغم من خسائرها: علي الرغم من انخفاض اسعار النفط بحوالي 17% منذ شهر ابريل الماضي الا ان شركات الطاقة الامريكية تتسابق لكسر الرقم القياسي لانتاج الخام الضخري ،لتجاوز حاجز عشرة ملايين برميل يوميا بحلول مطلع العام المقبل ، هذا ان لم يكن في موعد اقرب ، وذلك بحسب تصريحات مسئولين وتوقعات محللين في الصناعة. وفقا لتحليل وول ستريت جورنال فان السبب في اتجاه شركات النفط الصخري الامريكية للتوسع رغم خسائرها المحققة علي كل برميل تنتجه، ما تقدمه لها بنوك وول ستريت من ائتمان رخيص. فالاقتراض بفائدة متدنية للغاية سمح لتلك الشركات باعادة تشغيل نحو مائة حفار الي العمل .وكانت البنوك الامريكية ضخت 57 مليار دولار في القطاع خلال ال18 شهرا الماضية، في شكل سندات مرتفعة العائد ومبيعات الاسهم. غير ان وفرة المعروض الجديدة من الخام دفعت الاسعار للهبوط الي حوالي 45 دولار للبرميل.وذلك يعني مزيد من الخسائر لشركات النفط الصخري ، ما دفع البعض للتساؤل حول ضرورة خفض الانتاج. وينتقد محللون ذلك الوضع الذي يتيح لشركات الطاقة الحصول علي كافة احتياجاتها التمويلية والاستثمار بحرية تامة.ويقول رئيس احدي الشركات ان بنوك وول ستريت تدفع الشركات للتوسع وزيادة انتاجها باي تكلفة. ويتساءل اخرون حول جدوي دعم خسائر شركات الطاقة، في حين ان شركات التكنولوجيا ، مثل امازون ، عانت الكثير حتي باتت تحقق ارباح. الجدير بالذكر انه بالرغم من تكبدهم خسائر، فان اسهم شركات النفط الصخري قفزت في النصف الثاني من 2016 بعدما اعلنت عن خططها للحفر مرة اخري.فتوقعات البنوك المتفائلة عززت اسهم الطاقة، وذلك يشمل ضخ سيولة قياسية بقيمة 34 مليار دولار من خلال طرح اسهم جديدة عادية بحسب احصاءات شركة ديالوجيك. ويري محللون ان معظم ادارات شركات الطاقة تتقاضي رواتبها ومكافآتها بناء علي معدلات النمو او احتياطيات النفط والغاز الجديدة الاضافية،وليس بحسب الارباح المحققة. ومن ثم اذا لم تتغير تلك السياسة فان زيادة الانتاج حتمية. شركات الطاقة الكبري تنفي توقعات انخفاض الطلب علي النفط: قلل مديري اثنين من اكبر شركات الطاقة في العالم – ارامكو وشل – من تاثير انتشار السيارات الكهربائية علي الطلب علي النفط.ونفي كلاهما توقعات البعض بان تمثل السيارات الكهربائية تهديدا لمصدري النفط بانهيار الطلب علي الوقود الاحفوري، وابدوا تفاؤلهم بنمو حجم الطلب علي الخام. وقال امين حسن الناصر المدير التنفيذي لشركة ارامكو السعودية ان الحديث عن قدرة العالم التخلي مبكرا عن الطاقة البديلة تصور خاطئ يستند الي افتراض غير واقعي بان تحل مصادر الطاقة البديلة محل النفط والغاز.واوضح ان حصة السيارات الكهربائية ستظل اقل من 10% من سوق السيارات العالمي بحلول عام 2030، وذلك استنادا لاحصاءات وكالة الطاقة الدولية. وتوقع الناصر تضاعف الاقتصاد العالمي خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة ما يعزز الطلب علي الخام، موضحا ان التقديرات تشير الي الحاجة الي 20 مليون برميل اضافي يوميا خلال السنوات الخمس المقبلة لمواجهة نمو الطلب وتقادم بعض الحقول. وعزز الناصر رايه هذا بالاشارة الي انخفاض اكتشافات النفط العالمية بواقع النصف خلال السنوات الاربع الماضية مقارنة بنفس الفترة السابقة ، وذلك نتيجة لخفض استثمارات القطاع بحوالي تريليون دولار منذ انخفاض اسعار الخام في عام 2014. من جانبه ايضا اكد فان بوردين المدير التنفيذي لشركة شل ان استثمارات قطاع النفط الصخري لن تؤدي الي انخفاض الطلب علي الخام.وقال ان التحول الي الطاقة النظيفة سيستغرق "اجيال " ولن يمثل "ثورة". تاتي تصريحات كبار مسئولي شركات الطاقة الكبري في وقت تواجه فيه شركات النفط المدرجة في البورصات العالمية انتقادات حادة من مساهميها بخصوص المخاطر التي تواجه القطاع بسبب صعود نجم الطاقة المتجددة. وهذا يعني ان شركة ارامكو سيتعين عليها اقناع المستثمرين المحتملين فيها بمستقبل مشرق لها علي المدي الطويل ، قبل الطرح المنتظر لاسهمها.