هل يمكن ان تعود الحرف التراثية واليدوية المصرية الى سابق عهدها؟ وما الذى يمكن ان تقوم به الدولة حيال تشجيع هذه الحرف التى عانت من الاهمال ومن الاندثار فى كثير من الأحيان؟ والى اى مدى سيكون شكل الاستيراد خلال الفترة المقبلة بالنسبة للسلع ذات الطابع التراثي؟ هذه الأسئلة كانت نتاج القرار رقم 232 لسنة 5102 الذى اصدره منير فخرى عبد النور وزير الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى ابريل الماضى والذى نشر بالجريدة الرسمية تحت مسمى «فى شأن وقف استيراد السلع والمنتجات ذات طابع الفن الشعبى والنماذج الاثرية لجمهورية مصر العربية» حيث جاءت رؤى المعنيين بملف الصناعة المصرية على درجة عالية من التباين تجاه القرارحيث هناك من يرى ان القرار فى محله ومن يرى انه قرار خاطئ من البداية. نص القرار يقول: »انه تقرر وقف استيراد المنتجات ذات طابع الفن الشعبى التشكيلى «الفلكلور الوطني» لجمهورية مصر العربية وبوجه خاص الرسومات بالخطوط والألوان والحفر والنحت والخزف والطين والمنتجات المصنوعة من الخشب او ما يرد عليه من تطعيمات تشكيلية مختلفة او الموزاييك او المعدن او الجواهر والحقائب المنسوجة يدوياً واشغال الابرة والمنسوجات والسجاد والملبوسات والآلات الموسيقية والأشكال المعمارية ونماذج الاثار المصرية وصور القطع والمناطق الاثرية المصرية«. قرار غير مفهوم ومتسرع يقول أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية: ان صدور هذا القرار لم يكن صحيحا من البداية وانه قرار غير مفهوم ولم يضع معنى واضحا لكلمة «تراثي» كما ان وزير الصناعة والتجارة الداخلية أعلن ان القرار جاء حفاظا على الهوية المصرية دون ان يحدد معنى هذه الهوية او ابعادها واصفا القرار بانه جاء للشو الإعلامى ليس اكثر. ويضيف أن الوزير اعتاد إصدار قرارات كثيرة خلال الفترة الاخيرة للتغطية على فشله فى إدارة العديد من الملفات فى مجال الصناعة المصرية وخاصة ملف التجارة الداخلية وكان اكثر ما تتسم به هذه القرارات انها لم تكن مدروسة ومتسرعة تحت ادعاء حماية الصناعة المصرية وكلها قرارات ابعد ما تكون عن هذا الهدف وان اغلبها مخالف لاتفاقية التجارة العالمية التى تمنع إصدار أى دولة لقرارات استيراد أى سلعة الا فى حالة ان شابتها مشكلات فنية او تتعلق بحياة المستهلكين وخلال فترة معينة. ويوضح ان السوق المصرى يفتقد فى الأساس الى ما يطلق عليه الصناعة المتكاملة حيث ان الصناعة فى مصر هى صناعة تكميلية او تجميعية فى المقام الاول ولا يدخل فيها اى مكون مصرى ويضرب مثالا على ذلك بصناعة السيارات فهى صناعة تجميعية فقط وغيرها الكثير، مشيرا الى انه حتى صناعة الحديد فى مصر ليست صناعة بالشكل الكامل خاصة اننا نقوم باستيراد خام «البيليت» بنسبة 001٪ من الخارج. يؤكد شيحة ان قرار وزير الصناعة لن يحمى الصناعة المصرية بالشكل الذى تم تسويقه للرأى العام كما حدث خلال الفترة الماضية ويضرب مثالا بصناعة فانوس رمضان الذى كان اكثر الحرف التى تم الحديث عنها مع صدور القرار خاصة مع قرب شهر رمضان المبارك حيث يقول ان المستورد هو عبارة عن فانوس من خامات بلاستيكية آمن ولا يتم استيراده على اعتبار انه فانوس بل تحت مسمى ألعاب أطفال ويتميز بأنه آمن تماما بالنسبة للأطفال والكبار على السواء بعكس الفانوس المصرى التقليدى الذى يعد خطرا على حياة الأطفال نظرا لطبيعة تصنيعه من خامات معدنية مضرة وقد تسبب إصابات فضلا عن اعتماده على الانارة من خلال الشموع ما قد يسبب المزيد من الاخطار. ودعا شيحة وزير الصناعة وجميع أعضاء المجموعة الاقتصادية لتقديم استقالاتهم متهما اياهم بالفشل فى إدارة ملف الصناعة المصرية والاقتصاد المصرى بشكل عام وانهم يتخذون قرارات تعمل على انهيار التجارة الداخلية تحت غطاء حماية الصناعة وتسيء الى مصر خارجيا وكلها أمور تسير عكس الرؤية التى وضعها رئيس الجمهورية المشير عبد الفتاح السيسى للنهوض بالبلاد اقتصاديا متهما عددا من الوزراء بالعمل داخل الحكومة لصالح عدد من رجال الاعمال لتحقيق مصالحهم الشخصية. توفير فرص عمل ويختلف معه المهندس محمد السويدى رئيس الاتحاد العام للصناعات المصرية حيث يؤكد ان قرار وزير الصناعة بصدد الحرف التراثية سوف يؤدى بلا شك الى تشجيع وتدعيم الصناعة الوطنية وعودة الحرف التراثية المصرية الى الضوء مرة اخرى وعودة الحياة اليها بعد سنوات من الاندثار وعدم الاهتمام. ويضيف ان هذا القرار من شأنه توفير فرص عمل للعديد من الفئات العمرية من الشباب والفتيات خاصة فى القرى وانه لابد ان يتواكب مع هذا القرار ان يكون هناك اتجاه من جانب الدولة لتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى ستكون عاملا مهما جدا لعودة الحرف التراثية الى ما كانت عليه. ويشيد السويدى بالقرارات التى تتخذها الحكومة فيما يتعلق بملف الاقتصاد والصناعة المصرية، مؤكدا ان فتح باب الاستيراد امام العديد من السلع خلال السنوات الماضية طمس العديد من الصناعات والحرف التى تتميز بها مصر عن غيرها ومنها صناعة فوانيس رمضان والحرف اليدوية والصناعات الخزفية وغيرها بما سيسهم فى نهوض وانتعاش السوق المحلى المصرى من جهة وجذب السائحين لشراء هذه المنتجات مما يوفر عملة صعبة ايضا. وجاء قرار وزير الصناعة ليعيد الى الاضواء من جديد الحرف التراثية واليدوية من جديد وهى حرف تحتاج بالطبع الى دعم الدولة خاصة فى ظل الوضع الاقتصادى الراهن ما يجعل من الصندوق الاجتماعى للتنمية شريكا فى ذلك ويجعله مضطلعا بدور كبير فى هذا المجال خلال الفترة المقبلة. إحياء الصناعات الوطنية وسألنا سها سليمان رئيس الصندوق الاجتماعى للتنمية عن مشاركة الصندوق فى تحقيق الهدف من صدور هذا القرار. فقالت: ان الصندوق يتفق تماما مع قرار وزارة الصناعة والتجارة حول وقف استيراد السلع والمنتجات ذات الطابع الفنى الشعبى والنماذج الأثرية والتراثية مؤكدة ان استيراد هذه المنتجات من الخارج لا يهدد الصناعة الوطنية فقط بل يهدد الهوية المصرية نفسها فى استيراد منتجات ارتبطت بالذاكرة الوطنية والهوية والتاريخ والحضارة مثل النماذج الأثرية بأنواعها: الاهرامات والتماثيل الفرعونية وفوانيس رمضان وغيرها، مما أثر بالسلب على المنتجين المصريين الذين توارثوا هذه المهنة وحفظوا أصولها لكل الأجيال، وبالتالى هذا القرار سيحيى هذه الصناعات الوطنية وما سيتبعه من توفير فرص عمل للعمالة المتخصصة مثل اعمال الخيامية والنحاسين ويساهم فى التخفيف من عبء البطالة. وتوضح انه فى اطار استراتيجية الصندوق المستمرة لدعم المشروعات الصغيرة وتقديم الخدمات التسويقية والترويجية للمشروعات المتميزة فقد اهتم الصندوق بصناعات التراث المصرى ودعم وتطوير قطاع الصناعات التقليدية ليس لكونها تراثاً ثقافياً أو حضارياً يجب الحفاظ عليه فحسب وانما ايضا الى أهميته باعتباره من القطاعات الصناعية المهمة والملائمة للتمويل كمشروعات صغيرة أو متناهية الصغر وايضا للمساهمة فى التغلب على قضايا التشغيل لاعتماده بشكل كبير على التصنيع اليدوى. كما قام الصندوق الاجتماعى للتنمية بعقد العديد من المؤتمرات والندوات وإقامة معارض على الهامش لإحياء التراث، وهذه المؤتمرات تمثل مناسبة لدعم منتجات الصناعات التقليدية وتقديم آخر الابتكارات والبحوث فى هذا القطاع الحيوى الذى يحظى برعاية كاملة من الدولة الصندوق وأيضا المشاركة فى معارض متخصصة فى منتجات الحرف اليدوية المصرية ومنها (السجاد، والكليم، والجوبلان اليدوى، والتحف، والشنط الحريمي، والرسم على الزجاج، والشموع، والتللي، والفضيات، والمشغولات اليدوية والمفروشات، والمصنوعات الخشبية والمنتجات حجازة، والمصنوعات الجلدية، والمجوهرات والاكسسوار، والخزف، والنحاسيات، والمنتجات أخميم، والتابلوهات، والصدف، والخيامية). وتهدف هذه المعارض إلى إتاحة العديد من المنتجات والمصنوعات التراثية المتميزة للزائرين بأسعار تنافسية بهدف زيادة الوعى بها وإتاحة فرص تسويقية متميزة للمشروعات العاملة فيه. كما يقوم الصنوق بالاهتمام بالتدريب وقام بتدريب فتيات فى محافظة الأقصر البيت النوبى على الحرف التراثية كما قام فى محافظة الجيزة بدهشور بتدريب السيدات على انتاج منتجات تراثية وسياحية من المخلفات الزراعية. وفى اطار حرص الصندوق الاجتماعى للتنمية على دعم المشروعات الحرفية والتراثية يقوم بتمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر بمجموعة من الحزم المالية التى تتيح لهم إما إقامة مشروعات جديدة وإما تطوير مشروعاتهم القائمة وفقاً للسياسات المعتمدة بالصندوق.