رغم التعديلات التى جرت على قانون الاستثمار أخيرا فإن هناك خمسة تشريعات مهمة فى حاجة الى تعديل وإعادة نظر هى: قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1981 وتعديلاته، وقانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة رقم 83 لسنة 2002، وقانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته، وقانون المنافسة ومنع الممارسات الاقتصادية رقم 3 لسنة 2005، وقانون مكافحة الفساد. أجمع الخبراء على أهمية تعديل تلك التشريعات مما يسهم فى تهيئة المناخ الاستثمارى لما بعد المؤتمر الاقتصادى الذى اختتم أعماله فى شرم الشيخ يوم 15 مارس الحالى، والتغلب على ما يعوق الاستثمار، والاستفادة من الزخم الاقتصادى الحالى، والرغبة القوية لدى مستثمرين محليين وأجانب لضخ استثمارات جديدة بالسوق المصرية. أكد هشام العدوى الخبير القانونى ان قانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 وتعديلاته بخصوص بيع وتأجير العقارات والمنقولات المملوكة للدولة «ملكية عامة» حيث أجاز التصرف فيها بالبيع او التأجير عن طريق الاتفاق المباشر فى حالة الضرورة، فى حين أغفل ما هى الضرورة ولم يحدد المصلحة العامة التى يجوز الخروج من أجلها وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام إهدار المال العام. وأوضح أن من شأن ذلك ان يوسع مفهوم حالة الضرورة والمصلحة العامة دون قواعد موضوعية الى جانب قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة رقم 83 لسنة 2002 الذى عرف هذه المناطق بأنها مناطق صناعية محددة بحدود معلومة قانونا تنشأ بقرار من رئيس الجمهورية مباشرة بغرض اقامة مشروعات صناعية أو زراعية أو خدمية تعامل معاملة ضريبية وجمركية خاصة. وأشار الى أن عيوب هذا القانون تتعلق بالتفويض المطلق لرئيس الجمهورية بعيدا عن أى دراسات مالية واقتصادية او رقابة تشريعية فى ذلك، بل توسيع سلطات رئيس الجمهورية فى إنشاء وبقرار منفرد تشكيل الوزارات والهيئات الرقابية فى أداء عملها داخل هذه المناطق مثل وزارة المالية بما يتبعها من تحصيل رسوم وضرائب وجمارك وتنمية موارد. وقال إن النظم الخاصة بالجمارك فى هذا القانون الخاص بالمناطق الاقتصادية تمثل إهدارا للمال العام فحجم الاعفاءات والمميزات داخل هذه المناطق يجعل مصلحة المستثمر تعلو فوق حق الدولة. وأشار إلى أن القانون يتضمن إعفاءات من القيد بسجلات المستوردين والمصدرين وهو بمثابة تقنين للتهريب الجمركى وبكميات كبيرة تدمر الصناعة المحلية ولا تخدم الهدف من انشاء هذه المناطق فى الأساس. وأكد أن قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 وتعاملاته الذى ينص على إخضاع مؤسسات مثل البنوك العاملة وفروعها بالخارج وفروع البنوك الأجنبية العاملة فى مصر وشركات الصرافة وشركات الأوراق المالية والجهات التى تتلقى أمولا من الخارج وبعد صدور القانون بعام واحد صدر تعديل ليضيف استثناء غير مبرر يسمح لرئيس الوزراء بإضافة أى جهات أخرى يراها تخضع للقانون بعيدا عن السلطة التشريعية ودون معايير موضوعية. وأوضح أن الإجراء الخاص بانشاء وحدة مستقلة بالبنك المركزى لمكافحة غسل الأموال أعطى فيها المشرع لرئيس الجمهورية صلاحية اختيار أعضاء الوحدة بعيدا عن اختصاصات السلطة التشريعية مما أدى إلى تغول السلطة التنفيذية على التشريعية. وأشار إلى أن قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية رقم 3 لسنة 2005 يحتاج هو الآخر لتعديل خاصة أنه لم يقم بحماية صغار المنتجين والمصنعين والمزارعين من الممارسات الاقتصادية ولكن حدث العكس مما أدى إلى رفع أسعار السلع والخدمات. وذكر أن تكوين مجلس إدارة الجهاز من رجال الأعمال وترك المعاملات المالية للوزير المختص بالإشراف على الجهاز وسلطة تعيين أعضاء الجهاز به عوار تشريعى إلى جانب عدم جواز تحريك الدعاوى الجنائية وإجراءاتها إلا بطلب كتابى من الوزير المختص ومن يختاره وكذلك الأمر بالنسبة للتصالح فيها. وأكد د. عادل عامر خبير القانون العام أن القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد هى الأخرى بحاجة إلى تعديل فهى على الرغم من كثرة التصريحات الصادرة من المسئولين بأنها أى التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد تقضى عليه وتحجم من انتشاره إلا أنها تقنن له وتشرعن له بالمعنى القانونى. وشددت د. غادة موسى أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة على أهمية استصدار تشريعات لحماية المبلغين عن الوقائع المتعلقة بالفساد والشهود عليه ضمانا لتحقيق أعلى معدلات للرقابة بالدولة. وفى نفس السياق أكد الدكتور صلاح الدسوقى مدير المركز العربى للدراسات التنموية والإدارية ضرورة إصلاح التشريعات القانونية المنوط بها تنظيم الاقتصاد والمتعلقة بمحاربة الفساد والعمل على تغليظ العقوبات على المتورطين فيه بما يضمن استكمال التحركات التى تقوم بها الدولة لتهيئة المناخ الاستثمارى بالبلاد . وأضاف: لابد من تشريعات حاسمة لمنع الاحتكار لجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار بعيدا عن تبعيته لوزارة التجارة والصناعة، حيث يشكل هذا الجهاز من رجال أعمال وليس له حق تحريك دعاوى قضائية دون الرجوع للوزير المختص إلى جانب صياغة تشريعات تسهم فى منع التهرب الضريبى ومكافحة الفساد. أكد شريف متولى الباحث فى الشئون القانونية أهمية تعديل قانون المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة الذى يتيح خفض الضريبة على ارباح الشركات العاملة فى هذه المناطق لتصبح 10٪ فقط بدلا من 32٪، إضافة إلى تقليص دور الوزارات والهيئات الرقابية فى أداء عملها داخل هذه المناطق. وأشار أيضا إلى قانون المشاركة بين القطاعين العام والخاص الذى يسمح بالتداخل بين الأجهزة الادارية التابعة للحكومة والمسئولين بها وبين رجال الأعمال، الأمر الذى يهدد الحفاظ على المال العام وحقوق الدولة.