أبدى الدكتور طارق حماد عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس مخاوفه من تزايد عجز الموازنة عن ال10٪ التى توقعها وزير المالية فى ضوء الأرقام التى اعلنتها الوزارة مؤخرا، حيث ارتفع حجم عجز الموازنة الكلى خلال الفترة يوليو إلى نوفمبر 2014 بنحو 107.92 مليار جنيه، بنسبة 4.6٪ من الناتج المحلى الإجمالي، مقابل 65.95 مليار جنيه بنسبة 3.3٪، بزيادة بلغت 41.97 مليار جنيه، وذلك طبقا للتقرير المالى الشهرى الصادر عن وزارة المالية، موضحا ان الحكومة ربما تتخذ فى الشهور الست الباقية على العام المالى إجراءات جديدة تحجم العجز وتجعله ينحصر فى النسبة المتوقعة خاصة ان النصف الاخير يشهد اعلان حصيلة الضرائب والضرائب العقارية وهى حصيلة تمثل نسبة ضخمة من ايردات الموازنة، وأضاف د. طارق ان عجز الموزانة لم ينخفض بالشكل المتوقع لان الإجراءات الإصلاحية لم تكن كافية وعلى وزارة المالية ان تتخذ اجراءت اكثر جدية للتعامل مع الموقف حتى يمكن السيطرة عليه.. وكان هانى قدرى قد قال عندما تولى وزارة المالية ان موازنة العام المالى 2014 - 2015 ستشهد تخفضيا للعجز من 12.5 الى 10٪، وبنى هذا التعهد على اتباع إجراءات تقشفية وخفض الدعم وغيرها من الإجراءات التى اتخذتها الحكومة وهدفها خفض العجز ولكن ما حدث ان الأرقام كشفت خطورة الموقف الذى يتناقض مع تعهدات وطموحات وزير المالية وأشار تقرير المالية إلى ارتفاع إجمالى المصروفات خلال نفس الفترة، بنحو 231.840 مليار جنيه بنسبة 10٪ من الناتج المحلى الإجمالي، مقابل 190.8 مليار جنيه بنسبة 9.5٪ من نفس الناتج، فى نفس الفترة من العام المالى السابق عليه، بزيادة بلغت 41.04 مليار جنيه. وكان من اهم عوامل زيادة العجز انخفاض المساعدات الخارجية لمصر حيث لم يتعد إجمالى المساعدات العربية خلال عام 2014 حتى أكتوبر الماضى 151 مليون جنيه مقابل 16 مليار دولار خلال السنة المالية 2014 - 2013 . ويوضح الدكتور سعيد عبدالمنعم أستاذ المالية والضرائب بجامعة عين شمس أن كل المؤشرات تؤكد زيادة عجز الموازنة حتى بعد ما اتخذ من إجراءات من قبل الدولة خاصة أن كل الإيرادات التى يمكنها أن تساهم فى خفض العجز لن تتغير، وأضاف أن حتى القوانين التى صدرت لزيادة حصيلة الضرائب مثل القانون 53 لسنة 2014 والخاص بتوزيعات الأرباح لم يصدر لها لائحة تنفيذية حتى الآن وبالتالى فلن يستطيع الممول تقديم الإقرار وفقا للقانون الجديد فكيف ننتظر حصيلة من هذا القطاع، حتى قانون الضريبة العقارية لم تصدر به لائحة تنفيذية حتى الآن وهذا يعطل القوانين لان اللائحة التنفيذية تفسر تطبيق القانون وتجعل خطوات التطبيق سهلة، وتطرق دكتور سعيد إلى نقطة هامة وهى أن القوانين كلها لابد أن تكون جاهزة قبل المؤتمر الاقتصادي الذى يعتبر نقلة فى الأحداث الاقتصادية لأن نجاح هذا المؤتمر سوف يؤثر على جميع قطاعات الإنتاج وبالتالى تحسن أحوال الميزانية خلال السنوات القادمة، مشيرا إلى انه حتى فى حال إتمام المؤتمر بنجاح فى مارس القادم لن يؤثر هذا على الموزانة القادمة التى يتم إعدادها فى شهر يونيه ولكن تأثيره سوف يظهر فى الموزانة التى تليها، وقال د. سعيد إن توقعات وزير المالية بخفض العجز الى 10٪ من الناتج المحلى كانت مبنية على عودة المؤشرات الاقتصادية لطبيعتها وبالتالى تحسن الإيرادات وهذا لم يحدث بالشكل الكافى الذى يجعل الموزانة تواجه حجم الإنفاق الكبير المطلوب منها خاصة فى جوانب البعد الاجتماعى، موضحا أن مؤشرات الإنفاق المبدئية تؤكد ارتفاع أبواب الانفاق الخاصة بشراء السلع والخدمات لنحو 8.7 مليار جنيه، مقابل 7.33 مليار جنيه فى الفترة (يوليو - نوفمبر) للعام المالى 2013 - 2014، بزيادة بلغت 1.4 مليار جنيه، فيما بلغت مخصصات الباب الثالث الخاص بالفوائد، نحو 68.4 مليار جنيه مقابل 60.3 مليار جنيه، وتوقع زيادة هذه الإنفاقات حتى نهاية السنة المالية. وكشف الدكتور حسن عودة أستاذ المالية والموزانات الحكومية بالجامعة الألمانية أن العجز انخفض لأن ما اتخذ من إجراءات كان الهدف منه خفض عجز الموزانة الذى كان مرشحا لأن يصل الى 360 مليار جنيه ولكن بعد هذه الإجراءات الخاصة بالدعم سوف ينحصر العجز المتوقع بين 260 مليار و300 مليار فى أقصى تقدير، وهذا كان الهدف من إجراءات وزارة المالية التى اتخذتها سواء فيما يتعلق بالدعم ام تعديل قانون ضرائب الدخل، مشيرا إلى ان هناك حلولا سريعة للحد من عجز الموزانة تتمثل فى اصلاحات جمركية وزيادة نسبة الاستثمارات والإصلاحات الضريبية وغيرها من الأمور التى تأتى بنتائج سريعة لخفض العجز، وأضاف د. عودة أن حالة الاقتصاد لا تزال حرجة حتى بعد كل ما اتخذ من إجراءات لحسم الأمر لان الحلول الحقيقة لابد ان تتجه نحو زيادة الإيرادات لانه لا توجد دولة تعيش على المنح والمعونات ولابد ان يكون لنا سبل لتنمية الايرادات التى اشارت مؤشرات وزارة المالية الى ارتفاعها وهو ما يوضح الاعتماد على الضرائب بصفة اساسية حيث كشفت الأرقام عن ارتفاع قيمة الإيرادات العامة بالموازنة خلال النصف الاول، وتؤكد ان الايرادات الضريبية هى ما سوف تعتمد عليه الحكومة خلال الفترة القادمة، وهو لا يكفى لدعم العجز الكلى للموازنة اذ يتطلب الامر مزيدا من الإجراءات التى تزيد الاستثمارات وايرادات السياحة التى اصبحت تعتمد الآن على السياحة الداخلية وهذا لا يكفى. من جانبه اكد الدكتور على لطفى رئيس وزراء مصر الأسبق أن العجز متوقع لان إجراءات الاصلاح كانت محدودة وعلى الدولة ان تواجه العجز بأدوات كثير منها ما يندرج تحت بند الحلول السريعة وهناك حلول طويلة الأجل وعلينا ان نبدا بالحلول السريعة مثل خفض الانفاق الحكومى وانجاز مشروعات مشاركة مع القطاع الخاص ، واضاف ان هناك حلولا سريعة للسيطرة على عجز الموزانة منها تطبيق موازنة البرامج والأداء مما يؤدى الى رفع كفاءة الانفاق العام وخفض العجز ، بالاضافة الى الاستفادة من المخزون الراكد والذي يصل الى 90 مليار جنيه وهو ما يؤكد اهمية احكام الرقابة على المشتريات..