القصة تبدو قديمة.. ولكن تتبدل الادوار ويختلف الابطال فقط.. مع كل اخفاق للمنتخب الوطنى لكرة القدم.. تعلو فى الافق على الفور ضرورة الاستعانة بمدير فنى أجنبى بصرف النظر عن التكلفة المالية، وايضا العودة الى كتب التاريخ التى تشهد بان خزانة الدولة على مدار سنوات طويلة نزفت الكثير بسبب «الخواجات»، وفى معظم الاحوال النتيجة صفر كبير، التى وصفها البعض ب»الصفقة الحرام« الا فيما ندر لدرجة ان عدد الناجحين لا يتعدى اصابع اليد الواحدة. ------------- ومع جلوس اتحاد الجبلاية على مائدة البحث والتحرى حول اسم المدرب الاجنبى الجديد تتوالى التساؤلات حول كيفية التمويل لاسيما ان جمال علام رئيس الاتحاد قالها بصوت عال: ان سقف راتبه ليس له حدود فى محاولة مكشوفة لامتصاص غضب الرأى العام بعد اخفاق شوقى غريب فى مهمته عن جدارة واستحقاق وبالتالى فان الحديث عن توافر الجانب المالى لدعم هذا التعاقد أمر يبدو غريبا فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد الا لو كانت هناك مجموعة من رجال الاعمال تتولى هذا الامر او أن تتدخل وزارة الشباب والرياضة فى الدعم أملا فى أن تسير الصفقة فى هدوء. وقد جاء رد وزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبد العزيز قاطعا فى هذا الامر من خلال الاشارة الى ان الوزارة لن تساهم فى دعم المدرب الاجنبى القادم وانها لن تتحمل اى شيء من راتبه وان على اتحاد الكرة التعامل مع هذا الجانب لوحده وبما يتماشى مع امكانياته المتاحة. واضاف الوزير انه لن يتدخل فى اختيار الجبلاية للمدير الفنى الجديد سواء كان محليا او أجنبيا ولكن المهم ان يكون من الشخصيات القادرة على انتشال سفينة الفراعنة الغارقة فى مستنقع الفشل منذ سنوات سواء افريقيا او دوليا وان يعيد للكرة المصرية هيبتها المفقودة خاصة أنها بطلة القارة السمراء ثلاث مرات متتالية وسبع مرات على مدى تاريخ بطولة كاس الامم. وبعيدا عن ابتعاد الوزارة عن صرف اى مليم فى صفقة المدرب الاجنبى الجديد فى حالة الاستقرار على الاستعانة بالخواجات فان المستندات المالية لصفقات الاجانب البالغ عددهم 20 مدربا على مدار تاريخ اللعبة فى مصر تشهد بما لا يدع مجالا للشك انهم استنزفوا الكثير من الموارد المالية وكان للبريطانيين الباع الاكبر فى بداية معرفة الملاعب المصرية للمدربين اصحاب اللكنة الاجنبية نظرا لوجودها تحت الاحتلال فقد تولى الاسكتلندى ماك كراى المهمة عاما واحدا سنة 1935 ومن بعده الانجليزى كين ثم مواطنه جونز وذلك فى نهاية الاربعينيات واوائل الخمسينيات من القرن الماضى ويومها لم تكن ميزانية الاتحاد تزيد على 220 جنيها شاملة كل شيء . وفى الحقيقة فان المدربين الأجانب حققوا فى هذه الفترة أفضل إنجازاتهم من خلال فوز المنتخب الوطنى بكأس افريقيا فى القاهرة عام1959 تحت قيادة المجرى تيتكوش ثم التأهل لأولمبياد طوكيو عام1964 والحصول على المركز الرابع تحت قيادة اليوغسلافى فاندلر. بدأت الارقام تتصاعد خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى لتصل الى خمسة الاف دولار وهو نفس المبلغ الذى كان يحصل عليه هيدكوتى المدير الفنى المجرى للاهلى خلال توليه المسئولية وتعاقب على تدريب المنتخب الوطنى وقتها اسماء محترمة مثل كرامر الالمانى ونينكوفيتش اليوجوسلافى وبونجاك المجرى ومايكل سميث الويلزى الذى قاد الفراعنة للقب كأس الامم عام 1986 فى القاهرة. بدأ منحنى الراوتب فى الارتفاع مع بداية التسعينيات من القرن الماضى مع تولى الالمانى ديتريش فايتسا المسئولية فقد بلغ راتبه الشهرى 12 الف مارك وتضمنت مسيرته القصيرة التى استمرت عاما واحدا التأهل لنهائيات كأس الامم فى السنغال عام1992 بعد أن تصدر المنتخب مجموعته على حساب تونس وتشاد، واعتمد فايتسا على مجموعة اللاعبين الذين شاركوا فى مونديال إيطاليا مثل أحمد شوبير وهشام يكن وربيع ياسين وحسام حسن وإبراهيم حسن ومجدى طلبة وأحمد رمزى وأحمد الكأس ومجدى عبد الغنى واسماعيل يوسف وطارق سليمان وضم إليهم محمد رمضان وياسر فاروق وأيمن منصور ناصر التليس ومحمد عبد العظيم (عظيمة) ولكن فشله فى قيادة المنتخب الأوليمبى فى الظهور بشكل لائق فى دورة الألعاب الإفريقية الخامسة التى استضافتها مصر فى سبتمبر عام1991 وخروج الفريق الوطنى بشكل مخز كان سببا فى الإطاحة بالمدرب الألمانى وخرجت الصحف بمانشيتات واحدة (طرد فايتسا). جاءت بعد ذلك صفقة المدربين الرومانيين التى لم تكن بعيدة عن الغمز واللمز للاتهامات التى تناثرت حولها بشأن حصول البعض على منفعة ما مقابل تسهيل التعاقد معهم. ولم يكن الاتهام بأى حال يمس المسئولين فى الاتحاد بقدر ما كان يمس أطرافا أخرى كان لها مصلحة فى أن يعمل الرومان فى مصر وتولى رادوليسكو المسئولية عاما وجورج ستايكو قيادة المنتخب الأوليمبى ودريديا مهمة المدير الفنى للأوليمبى السكندرى ووضح ضعف مستوى رادوليسكو رغم أنه لم يخض أى بطولة رسمية كذلك مواطنه جورجى ستايكو فأقال اتحاد الكرة رادوليسكو رغم أنه لم يؤد سوى مباراتين وديتين أمام مالطة وفاز 3/ صفر وتونس وخسر صفر/2 فى دورة تونس الودية، وعاد رادوليسكو لبلاده ومكث ستايكو بعض الوقت قبل أن يقال هو الآخر ويقود الترسانة. جاء الهولندى نول دى راوتر ليتولى سدة الحكم فى تدريب الفراعنة وحصل على 16 الف دولار شهريا وظل فى منصبه لمدة عام تقريبا وبالتحديد من سنة 94 الى 1995 ثم كانت صفقة مواطنه رود كرول التى هزت الوسط الرياضى كله ليس لارتفاع راتبه بحصوله على 25 الف دولار ولكن لما تردد حول حصول احد اعضاء مجلس ادارة الاتحاد على نسبة منه بدليل تعاقده مع الزمالك بعدها ب15 الف دولار فقط. على اى حال لم يقدم كرول أى جديد مع المنتخب الأول وخرج من دور الثمانية فى كأس افريقيا فى جنوب إفريقيا بالخسارة أمام زامبيا3/1 كما قدم المنتخب تحت قيادته عروضا سيئة فى دورة الامارات الودية عام1996 فخسر أمام المغرب صفر/2 وتعادل مع الامارات سلبيا ومع كوريا الجنوبية 1/1 .. جاء الدور بعد ذلك على الفرنسى جيرار جيلى ليتولى قيادة الفراعنة عام 1999 حتى 20001، وحصل على راتب شهرى بلغ 35 الف دولار ونال مقدم عقد وصل الى 210 آلاف دولار تمثل قيمة راتب ستة أشهر . لم يكن جيلى أفضل حالا ممن سبقوه من المدربين الأجانب السابقين، وخرج المنتخب على يديه من دور الثمانية لبطولة افريقيا فى غانا ونيجيريا عام2000 بالخسارة أمام تونس بهدف دون رد لتتم إقالته . استمر نزيف الاموال مع المدربين الاجانب بتعاقد الاتحاد مع الايطالى ماركو تارديلى موسم 2004 مقابل 30 الف دولار شهريا ولكنه أخفق هو الاخر بل حصل على الشرط الجزائى مقابل فسخ عقده فى اعقاب فشل المنتخب فى تصفيات كأس العالم وبلغت قيمته 90 الف دولار اى ما يعادل راتب ثلاثة أشهر طبقا للعقد المبرم. ثم جاء التعاقد مع الامريكى بوب برادلى لقيادة الفريق فى 2012 مقابل 45 الف يورو شهريا بخلاف عشرة الاف يورو لمدرب حراس المرمى زكى عبد الفتاح وايضا مدرب الاحمال وفى حسبة بسيطة كلف هذا الجهاز البلاد ما يوازى مليون جنيه شهريا وكانت النتيجة فى النهاية اخفاقا كبيرا فقد فشل فى الصعود نهائيات افريقيا ثم المونديال.. وكانت الطامة الكبرى ان برادلى طلب من اتحاد الكرة بكل بجاحة الحصول على 45 ألف يورو، راتب شهر ديسمبر، وفقًا للعقد، بالإضافة إلى 10 آلاف يورو، الراتب الشهرى لزكى عبدالفتاح، مدرب حراس المرمى. والغريب والمريب أنه يحق ل»برادلي« الحصول على راتب شهر، رغم فشله فى التأهل لمونديال 2014، وهو ما دفع جمال علام رئيس الاتحاد الحالى الى إلقاء الكرة فى ملعب المجلس السابق، برئاسة سمير زاهر، بانه وراء وضع هذا الشرط بعقد »برادلي«، مشيرا الى انه اطلع على عقد »برادلي« بعد فضيحة »كوماسي«، للبحث عن مخرج لإقالته، لكنه فوجئ بوجود 6 أشهر فى عقده شرطًا جزائيًا فى حالة إقالة المدير الفني، بالإضافة إلى منحه راتب شهر، بعد الانتهاء من التصفيات سواء بالتأهل للمونديال أو الخروج منه. زاهر: التمويل الأهلى تحمل راتب »الخواجة« وحول رؤيته فى كيفية التزام الجبلاية فى السابق براتب المدرب الاجنبى يقول سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة السابق: ان التمويل الاهلى كان الاساس فى هذا الامر، لان المشروعات التى قام بها ساهمت بشكل كبير فى دفع جميع مستحقات الجهاز الفنى ولم يكن للوزارة دور تقريبا فى ذلك، بينما كان رجال الاعمال يتولون فى الكثير من الاحيان تقديم المكافات للاعبين لان الانتصارات دائما ما تنعش الساحة وتثير السعادة فى الشارع. واضاف زاهر فى تصريحات خاصة ل»الاهرام الاقتصادى«: ان الحديث عن المدرب الاجنبى فى هذه الفترة لا يتلاءم مع الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد سواء اقتصادية او غيرها، وانه فى حالة الاصرار عليه فانه لابد ان يكون على دراية بالكرة الافريقية وحقق شيئا ملموسا على المستوى القارى والدولى، ولا يكون من القادمين من على مقاهى اوروبا المنتظرين لاى عرض فى هذه الفترة. واشار زاهر الى انه يعتقد ان حسن شحاتة هو رجل المرحلة الحالية لانه قادر على القراءة الصحيحة للكرة المصرية خاصة بعد انجازاته المتتالية فى بطولة كأس الامم الثلاثة، بينما المدرب الاجنبى سيضطر للانتظار عدة شهور حتى يكون على دارية بها وبالتالى تهدر الاموال والوقت. واستعاد رئيس الجبلاية السابق شريط ذكرياته عندما كان المنتخب ينتقل من انتصار الى اخر خلال الفترة من 2006 الى 2010، ومن قبلها فى نهائيات بوركينافاسو 1998 عندما كان الجوهرى مديرا فنيا، وقال ان العمل الدءوب وحل جميع المشاكل كانت سببا رئيسيا فى الانجاز، وقال انه تقدم باقتراح لتشكيل لجنة تطوير تضم اللواء الدهشورى حرب واسامة خليل وفاروق عبد الوهااب وعصام عبد المنعم وعبد المنعم الحاج وشوبير بالاضافة اليه من اجل مناقشة كيفية اخراج الكرة المصرية من محنتها، والعودة بها الى مصاف الدول المتقدمة عندما احتلت المرتبة التاسعة على مستوى العالمى فى التصنيف الشهرى للاتحاد الدولى لكرة القدم (الفيفا) . واشار زاهر الى انه اختار المدرب الامريكى بوب برادلى من بين 35 مدربا تقدموا بالسيرة الذاتية لهم، وانه تعاقد معه لانه وصل ببلاده الى كأس العالم وقدم عروضا ونتائج طيبة خلالها، وبالتالى فان كل المعطيات كانت تؤكد امكانية نجاحه مع المنتخب. قائمة المدربين الأجانب ماك كراى (اسكتلندى) سنة 1935/1936 كين (إنجليزى) 1947 - 1948 جونز (إنجليزى) 1949 - 1952 ليوبيسا بروشتش 1955 - 1956 جوزيف تيتكوس (مجرى) 1959 فاندلر (يوغوسلافى) 1964 كوفاتشز (يوغوسلافى) 1965 كرامر (ألمانى) 1971 - 4197 بابى (ألمانى) 1975 - 1976 نينكوفيتش (يوغوسلافى) 1977 بونجاك (مجرى) 1978 هيدرجوت (ألمانى) 1981 مايكل سميث (إنجليزى) 1985 - 1987 فايتسا (ألمانى) 1990 - 1991 ريدولسكو (رومانى) 1993 - 1994 نول دى رويتر (هولندى) 1994 - 1995 رود كرول (هولندى) 1995 - 1996 جيرار جيلى (فرنسى) 1999 - 2000 ماركو تارديلى 2004-2005 بوب برادلي(الامريكي) 2011- حتى 2013 . ///////////////// »حرب« رئيس الجبلاية الأسبق: الوزارة طول عمرها بتدفع للأجانب وفى رده على من يتحمل فاتورة المدربين الاجانب يقول اللواء الدهشورى حرب رئيس اتحاد الكرة الاسبق إنه اولا من انصار المدرب الاجنبى فى هذه الفترة نظرا لحاجة الكرة المصرية الى عقلية و»كوتش» قادر على ادارة المنتخب بشكل فعال يعيد إليه توازنه بعد سلسلة الاخفاقات الاخيرة، مشيرا الى ان الجبلاية تمتلك حاليا من الموارد التى تمكنها من استقدام امثال هؤلاء المديرين الفنيين من الخارج. واضاف حرب ان الوزارة كانت المسئولة بنسبة كبيرة عن راتب المدرب الاجنبى عندما كان يتولى مسئولية اتحاد الكرة، وكان الطاقم الهولندى الموجود وقتها رود كرول مديرا فنيا للمنتخب الاوليمبى ومواطنه راوتر للمنتخب الاول، وانه كان هناك توجه فى هذه الفترة من وزارة الشباب والرياضة ممثلة فى د. عبد المنعم عمارة فى استقدام مدربين اجانب مما دفعه الى الاستغناء عن خدمات د. طه اسماعيل والاستعانة بكرول بعد رحيل راوتر. وقال ان مساهمات الوزارة فى راتب المدرب الاجنبى لم تقف عند حدود المنتخب بل انها كانت تساعد ايضا فى رواتب بعض مدربى الاندية مثل الزمالك، حيث انها لم تتأخر على الاطلاق فى المساعدة حتى يستمر بقاء الجهاز الفنى من الاجانب فى منصبه. واكد حرب ان هناك فترة فى الدورى شهدت وجود عشرين مدربا أجنبيا عندما كان يترأس اتحاد الكرة ولم يكن الامر مقصورا فقط على الاهلى والزمالك، بل انه لا ينسى عندما كان لاعبا أنه يوجد 17 مدربا يوجوسلافيا فى الملاعب المصرية خلال فترة الستينيات وكان منهم ماسيكالو الذى كان مدربه فى الترسانة، مشيرا الى انه تميز بادائه واسلوبه الفنى الرائع الذى انعكس على الفريق بشكل عام. وكشف رئيس الجبلاية الاسبق عن ان حديثه عن المدربين الاجانب وضرورة الاستعانة بهم خلال هذه الفترة الحرجة من عمر الكرة المصرية، لا ينفى ان هناك أكثر من خمسة مدربين وطنيين على مستوى فنى عال قادرون على تحمل المسئولية مثل حسن شحاتة صاحب الانجازات الرائعة فى بطولات افريقيا، وحسام البدرى وحلمى طولان وطارق العشرى وحسام حسن، فكل منهم يمتلك من القدرات والامكانيات التى تؤهله لهذه المسئولية.