في ظروف دولية غير مستقرة، سيكون مستقبل الاتحاد الاوروبي الذي تبقى فرنسا احد اركانه الملف الابرز على طاولة الرئيس الفرنسي المقبل مهما كانت هويته. ويقول فرنسوا هيسبورج، رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ، إنه منذ وصوله، ينتظر الرئيس المقبل جدول اعمال حافل تطغى عليه القضايا الاوروبية وحلف شمال الاطلسي، ويتمثل في قمة الحلف نهاية مايو في بروكسل وقمة مجموعة السبع في ايطاليا ثم القمة الاوروبية الشهرية في يونيو واجتماع مجموعة العشرين في يوليو في المانيا. ويضيف; بالتاكيد، سيتخذ الامر بعدا غير واقعي في حال انتخاب ماري لوبن" ما دامت زعيمة اليمين المتطرف تريد الانسحاب من القيادة العسكرية المشتركة للحلف الاطلسي "وانهاء الامر مع الاتحاد الاوروبي". وتتوقع كل استطلاعات الرأي ان تنتقل لوبن الى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية حيث ستواجه اما مرشح اليمين فرنسوا فيون واما الوسطي ايمانويل ماكرون، والاثنان مواليان لاوروبا. ى مهما يكن من امر، يرى وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت ان "اوروبا ومفهوم العلاقات الدولية" سيهيمنان على الاجندة الدبلوماسية وسط تصاعد التيار الشعبوي، مبديا قلقه من العودة الى نظام دولي "يستند فقط الى العلاقات القائمة على القوة". من جهته، حذر الان جوبيه في مؤتمر عقد اخيرا في معهد الدراسات السياسية في باريس ان "الاتحاد الاوروبي مهدد بالتفكك" وخصوصا انه مهدد داخليا ببريكست وتنامي التيار المناهض لاوروبا على وقع ترحيب الرئيس الامريكي دونالد ترامب بخروج بريطانيا من الاتحاد. واعتبر جوبيه، وزير الخارجية الاسبق ومرشح اليمين الخاسر، ان على الرئيس المقبل "ان يقنع مواطنيه بان اوروبا قادرة وعليها حمايتهم وبانها تستطيع ان تضمن في العقود المقبلة ما حققته في العقود الماضية، اي السلام". ولتحقيق ذلك، لا بد من تنشيط الدور الفرنسي-الالماني في رأي وزير خارجية اسبق آخر هو دومينيك دو فيلبان، رغم ان المانيا تستعد لانتخابات تشريعية حاسمة في سبتمبر المقبل. واذ عدد سلسلة تحديات هي ازمة المهاجرين والعلاقات مع روسيا فلاديمير بوتين وواشنطن دونالد ترامب وتصاعد القوميات والحروب في الشرق الاوسط، شدد جوبيه على "وجوب ان تصبح اوروبا قوة ذات نفوذ عالمي"، مضيفا "لا خيار امامنا". يذكر انه فبراير، خلال مؤتمر الامن السنوي في ميونيخ، فاجأ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الجميع باعلانه نهاية "النظام العالمي الليبرالي" وبروز نظام جديد "مواز للغرب". واعتبر الدبلوماسيون الفرنسيون ان هذا الكلام مرادف ل"فوضى عالمية" تهدد مبدأ تعددية الاقطاب وتسوية الازمات الدولية الكبرى في شكل تشاوري منسق. ويشير برتران بادي الاستاذ في معهد الدراسات السياسية في باريس الى قضية البيئة، التحدي الاكبر في الاعوام المقبلة والذي يتصل "بمستقبل الكرة الارضية". ويوضح انه اذا كانت تعددية الاقطاب قد اتاحت التوصل الى اتفاق باريس حول المناخ في 2015 فان الظروف تبدلت تماما مع تولي "اعداء" البيئة زمام الامور في واشنطن. ويضيف ان "التوجه القومي الطاغي في كل مكان في العالم سيجعل من الصعوبة بمكان معالجة الملفات الرئيسية"، وهذا ينطبق ايضا على فرنسا مع تراجع كبير لنفوذها وخصوصا في الشرق الاوسط. لا شك ان باريس تسعى الى حضور مستمر في سوريا التي يستمر النزاع فيها منذ 2011 من دون اي آفاق حلول. وفي سياق انضمامها الى التحالف الدولي ضد الجهاديين بقيادة الولاياتالمتحدة، ستظل مكافحة الارهاب اولوية لدى فرنسا. لكن فرنسوا هيسبورج يحذر من الانجرار خلف "الامريكيين الذين يستعجلون في شكل كبير القضاء عسكريا على تنظيم داعش" الى درجة يصبح حل النزاع السوري ثانويا بالنسبة اليهم. ويذكر بادي من جهته بان على الرئيس الفرنسي ايضا ان يعزز العلاقات مع افريقيا حيث يتدخل الجنود الفرنسيون في شكل كثيف، وخصوصا في منطقة الساحل والصحراء.