ارتفاع الذهب، الألومنيوم، العقود الآجلة للمنتجات الزراعية وعودة البنوك للاستثمار فى السلع الرئيسية فى ظل سياسة الادارة الامريكية بتعديل النظام الضريبى للشركات وكذلك الاتفاقات التجارية بات منتجو السلع الرئيسية فى حالة تأهب. تناولت صحيفة الفاينانشيال تايمز فى تحليل لها تأثير الرئيس الامريكى الجديد دونالد ترامب على اسواق الاسهم، السندات والصرف الاجنبى، غير ان خططه اثارت قلق منتجى السلع والتجار. وبحسب التحليل فإن أهم تلك التأثيرات هى التى تتعلق بالسلع الاتية: الالمونيوم والصلب وعد ترامب باستعادة امجاد الصناعة الامريكية، لكن الولاياتالمتحدة تعتمد بشكل اساسى على الاستيراد وبنسبة 60٪ من احتياجاتها ( بما فى ذلك السلع المصنعة) - بحسب احصاءات وود ماكينزى الاستشارية - ومن ثم اذا قرر الرئيس الجديد فرض حظر على الاستيراد فسترتفع اسعار كثيرة بالنسبة للمستهلك الامريكى. فى الوقت نفسه، قد يقول البعض انه بامكان الولاياتالمتحدة انتاج ما يكفيها من الصلب لدعم الصناعة، لكن الواقع انها تنتجه بتكلفة عالية، لا سيما مقارنة بالبرازيل، روسيا والصين التى تنتج الصلب بتكلفة منخفضة. ونظرا لاعتماد الولاياتالمتحدة على كندا فى استيراد الالومنيوم، يشعر تجار الالومنيوم بالقلق ازاء تعهد ترامب باعادة التفاوض حول اتفاق التجارة الحرة مع كنداوالمكسيك، فاذا سعت الولاياتالمتحدة لاعادة التفاوض بشان «نافتا»، فربما تقوم كندا بفرض رسوم جمركية على الالومنيوم. يذكر انه خلال العام الماضى انخفض انتاج الالومنيوم فى الولاياتالمتحدة الى اقل مستوى فى ثلاثين عاما بعد اغلاق العديد من المصانع بسبب انخفاض الاسعار على مدى السنوات الخمس الماضية، غير ان اسهم شركة «الكوا» المنتجة للمعدن الخام، ارتفعت 41٪ هذا العام فى مؤشر على توقعات البعض باستفادة صناعة الالومنيوم الامريكية. الذهب: ارتفع سعر الذهب بنسبة 7٪ منذ مطلع العام الجارى فيما اطلق عليه «التحوط ضد ترامب»، مع اقبال المستثمرين على المعدن الاصفر كمخزن للقيمة او كوثيقة تامين ضد القرارات غير المتوقعة للرئيس الجديد. وينظر كثيرون الى خطط ترامب بخصوص البنية التحتية كعامل لرفع التضخم - وهو ما يدفع الى شراء الذهب للتحوط ضده. فى الوقت نفسه، يعتبر الذهب حماية ضد اية ازمات جيوسياسية تترتب على سياسات الرئيس الجديد، ابتداء من حرب تجارية مع الصين الى تزايد التوترات مع ايران او كوريا الشمالية. وحتى الان، كان المشترون الكبار للمعدن من خارج الولاياتالمتحدة، وفى اوروبا بالدرجة الاولى، ووفقا لاحصاءات صندوق التحوط « بلاك روك» كانت تدفقات المستثمرين الاوروبيين فى الصناديق المتداولة فى البورصات خلال شهر يناير هى الاعلى، مع اتجاه المستثمرين على مستوى العالم الى البيع وهو ما يعكس تركيزا اوروبيا على الذهب كملاذ امن. من ناحية اخرى فمن المرجح انخفاض اسعار الذهب مع ارتفاع الفائدة الامريكية وصعود الدولار، فمن المتوقع قيام مجلس الاحتياطى الفيدرالى برفع اسعار الفائدة ثلاث مرات خلال العام الجارى، والذى قد يكون له تاثير سلبى على الذهب اذ انه يعنى ارتفاع تكلفة الاحتفاظ باصول لا تدر عائدا مثل المعدن فى مقابل وجود اصول اخرى ذات عائد مغرٍ. وكما يوضح الرسم البيانى فإن تغريدات ترامب على تويتر كان لها تأثير على سعر الذهب، وكانت: 1-عندما قال فى شهر اكتوبر «انه مساء جميل ومهم ... سوف نجتمع جميعا كما لم يحدث من قبل» كان سعر الاوقية 1276 دولارا للاوقية. 2- وبعد فوزه فى نوفمبر «سوف نجعل امريكا عظيمة مرة اخرى» انخفض السعر الى 1184 دولارا. 3- تأخد الصين قدرا هائلا من المال والثروة من الولاياتالمتحدة فى تجارة احادية الجانب تماما، لكنها لا تساعد فيما يتعلق بكوريا الشمالية»، انخفض قليلا الى 1152 دولارا. 4- «روسيا لم تسع ابدا الى التاثير علىّ، ليس لدىّ ما افعله مع روسيا»، ارتفع الى 1188 دولارا. 5- «بلادنا تحتاج الى حدود قوية، وعمليات تدقيق مشددة، الان» أترفع الى 1197دولارا. 6- «لم يتم الرد بعد على اطلاق ايران صاروخ باليستي»، 1215 دولارا. 7- «ايران تلعب بالنار»، .1218 قانون دود - فرانك كان ترامب قال انه يتوقع الغاء الكثير من بنود قانون الاصلاح المالى دود - فرانك الذى تم اقراره بعد الازمة المالية العالمية من اجل تقليص قدرة البنوك على المخاطرة الشديدة باموال العملاء. وبناء على هذا القانون احجمت بنوك كبرى فى الولاياتالمتحدة عن الاستثمار فى السلع او امتنعت تماما عن ذلك، بالرغم من ان بزنس تداول السلع الرئيسية او «الموارد الطبيعية» يقدر بنحو 14 تريليون دولار سنويا. ومع ذلك، احتفظت بنوك مثل جولدمان ساكس وجى بى مورجان وسيتى جروب باستثماراتها فى السلع، وعلى سبيل المثال، كان جولدمان ساكس فى عام 2015 احد اكبر مستثمرى الغاز الطبيعى فى الولاياتالمتحدة. وهكذا فان الغاء بنود من قانون دود فرانك سيفيد البنوك الامريكية بدرجة كبيرة مع اطلاق حرية استثمارات البنوك فى اسواق السلع. التعديلات الضريبية: التعديلات الضريبية التى يقترحها الجمهوريون سيكون لها تاثير بالغ على تداولات السلع المادية وليس مجرد العقود الاجلة. ووفقا للمقترحات فان الشركات لن تستطيع خصم تكلفة السلع المستوردة من الايرادات الخاضعة للضرائب، فى حين ان الصادرات ستكون معفاة من الضرائب، وهذا سيؤدى بدوره الى تزايد قوة الدولار، لان فى هذه الحالة ستنخفض الواردات وستزيد الصادرات مثلما يقول اقتصاديون. وبفضل الضرائب الجديدة ستنخفض تكلفة انتاج الفحم فى الولاياتالمتحدة، كما ان انتاج النفط المحلى سيكون ارخص من البرميل المستورد الذى سيتم فرض ضريبة عليه. النفط: وعدت الادارة الامريكية الجديدة بخفض القواعد المنظمة لصناعة النفط ووافقت بالفعل على مشروع لمد خط انابيب رفضه من قبل حماة البيئة، والمشروع سيفيد صناعة النفط والغاز الصخرية، والتى بدات مرة اخرى تعيد تشغيل منصات للعمل مع تعافى اسعار الخام الى ما يقارب 55 دولارا للبرميل مقارنة بنحو 30 دولارا فى مطلع 2016 . وبالطبع اى تخفيف فى القواعد المنظمة للصناعة سوف يخفض التكاليف وسيكون موضع ترحيب من شركات الطاقة. ومع ذلك ستظل اسعار النفط العالمية هى عاملا مهما فى تحديد آفاق النفط الامريكى، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ارتفاع حجم انتاج النفط الامريكى بحوالى نصف مليون برميل يوميا بين ديسمبر 2016 وديسمبر 2017 . السلع الزراعية: عادة ما تتاثر اسعار السلع الزراعية بالمناخ، التكنولوجيات الزراعية، تذبذبات العملة والطلب، وسياسات ترامب تؤثر على اسواق الصرف الاجنبى والطلب. ويتوقع البعض ان يكون للبيت الابيض تاثير مباشر على حجم الطلب على الذرة، من خلال اعادة النظر فى معيار الوقود المتجدد الذى يعد مطلبا فيدراليا لاستخدامات الوقود الحيوى. ففى الولاياتالمتحدة يزداد حجم الوقود المتجدد الذى يجب مزجه قانونا عاما بعد اخر حيث ان 1811 مليار جالون كان الحد الادنى لعام 2016 وهو ما يعد طفرة كبيرة مقارنة بنحو 16933 مليار جالون المقررة فى عام 2015 اى من 1.1 مليون برميل الى 1.18 مليون برميل يوميا. وما يزيد على ثلث انتاج الذرة الامريكى يستخدم فى صناعة الايثانول والمشتقات البترولية. من ناحية اخري، وعد ترامب باعادة النظر فى اتفاقيات التجارة والذى قد يؤثر ايضا على صادرات السلع الزراعية للولايات المتحدة والمقدرة بنحو 143 مليار دولار خلال العام الجارى. واذا قامت دول مثل المكسيكوالصين باجراءات عقابية ردا على حرب ترامب التجارية وقررت خفض وارداتها، فقد تنخفض الاسعار الاجلة للسلع فى بورصة شيكاغو. تغييرات اخرى فى السياسة الامريكية قد تؤثر على تكلفة انتاج السلع الغذائية، ويشغل المهاجرون عددا كبيرا من الوظائف فى هذا القطاع ما يعنى ان سياسات ترامب بتقييد الهجرة ستؤدى الى ارتفاع تكاليف العمالة، الذى قد ينتقل بدوره الى اسعار السلع الآجلة.