2.5 مليار دولار غرامات على شركات أمريكية دفعت رشاوى فى الخارج فى أحد تصريحاته القوية قبل انتخابه رئيسا للولايات المتحدة دعا دونالد ترامب إلى إلغاء قانون ممارسات الفساد الأجنبية بزعم أنه يقلل من تنافسية الشركات الأمريكية فى الأسواق الخارجيةوهو القانون الذى يحظر دفع رشوة لمسئولين أجانب للفوز بصفقات فى بلادهم . واليوم مع ترقب العالم للتغييرات المترتبة على فترة حكم ترامب يتوقع كثيرون أن يكون هذا القانون أول تلك التغييرات. فى 29 ديسمبر وافقت شركة جنرال كيبل كوربوريشن على دفع مبلغ 75.75 مليون دولار إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات ووزارة العدل الأمريكية لتسوية اتهامات بخرق قانون ممارسات الفساد الأجنبية، وذلك بعد اعترافها بدفع رشاوى فى عدة دول من بينها مصر. ويدور هذه الأيام جدل كبير حول هذا القانون، فمن المتوقع أن تتم مراجعته وربما إلغاؤه أو حتى عدم تفعيله. كان الرئيس المنتخب دونالد ترامب دعا خلال حملته الانتخابية إلى إلغاء الكثير من اللوائح التنظيمية التى تعوق الاستثمار فى الشركات الأمريكية. لكن وفقا لتصريحات تعود إلى سنة 2012 لشبكة سى ان بى سى، وصف فيها قانون ممارسات الفساد الأجنبية بأنه »فظيع« ويقلل من تنافسية الشركات الأمريكية فى الأسواق الخارجية، قال »العالم يضحك علينا«، وأضاف أنه يجب إلغاؤه لأنه يضر بالصادرات الأمريكية ويعوق النمو. القانون الذى يمنع الشركات الأمريكية من دفع رشاوى إلى مسئولين أجانب سيكون أول قانون تتم مراجعته من قبل الإدارة الجديدة، وبالرغم من وجود بعض الأخطاء فيه بحسب خبراء فإن البعض حذر من إلغائه لما سيكون عليه من تأثيرات سلبية. من جانبها توقعت صحيفة الفاينانشال تايمز ألا يتم إلغاء القانون ورجحت ألا يتهاون مسئولو النيابة العامة مع الشركات التى تستخدم وسائل غير مشروعة للفوز بالأعمال. وكانت وزارة العدل الأمريكية حققت رقما قياسيا فى عام 2016 من حيث تفعيل القانون وإبرام تسويات ضخمة مع شركات كبرى مثل بنك جى بى مورجان وجنرال كيبل. فخلال العام الماضى دفعت 27 شركة 2.48 مليار دولار غرامة لتسوية اتهامات بخرق القانون. عدد كبير من مخالفات الرشوة كانت فى الصين، أما القطاع الأبرز فهو الأدوية حيث اعتادت الشركات تقديم هدايا بأشكال مختلفة لأطباء وغيرهم من مسئولين حكوميين من أجل وصف أدوية بعينها. ومن بين تلك الشركات شركة تيفا التى دفعت أكبر غرامة بقيمة 519 مليون دولار، نوفارتيس ودفعت 25 مليونا، استرازينيكا 5.5 مليون، جلاكسوسميث 20 مليون دولار. وفى قطاع البنوك كان الأبرز جى بى مورجان تشيس الذى دفع غرامة 264 مليون دولار بسبب قيامه برشوة مسئولين صينيين بمنح أقاربهم وظائف مرموقة فى البنك مقابل الفوز بصفقات أعمال مصرفية فى الصين. كما شملت القائمة شركة أكامى للتكنولوجيا بغرامة 672 ألف دولار وجونسون كونترولز 14 مليون دولار. وبمقارنة دونالد ترامب بباراك أوباما يتبين أنه خلال السنة الأخيرة من حكمه قد كثفت الولاياتالمتحدة جهودها لتفعيل قانون ممارسات الفساد الأجنبية، فاستعانت وزارة العدل بعدد أكبر من أعضاء النيابة العامة لمكافحة الرشوة، وقدمت حوافز أكبر للشركات للإفصاح عن مخالفاتها إضافة إلى توسيع التعاون مع الجهات المختصة فى دول أخرى. والجدير بالذكر هنا أن ترامب ستكون لديه صلاحية تعيين معظم مفوضى لجنة الأوراق المالية والبورصات التى يمكن أن تؤثر فى تفعيل القانون. والاختبار الأول لإدارة ترامب بخصوص جديتها فى مكافحة الفساد سيكون فى مفاوضات شركة وول مارت التى تواجه اتهامات بدفع رشاوى فى عدة دول من بينها المكسيك. وكانت الشركة فى أكتوبر الماضى رفضت عرضا حكوميا بدفع غرامة 600 مليون دولار لتسوية اتهامات جنائية ومدنية وذلك وفقا لوكالة بلومبرج. من المقرر أيضا أن تنتهى فى شهر إبريل المقبل مدة العرض المقدم لتشجيع الشركات على الإفصاح التطوعى لمخالفاتها مقابل الحصول على معاملة أكثر تساهلا خصم حتى 50٪ من الحد الأدنى للغرامة القانونية وتجنب الملاحقة القضائية وفرض رقابة المحكمة على نشاطها. يذكر أنه فى عهد إدارة جيمى كارتر كانت الولاياتالمتحدة أول دولة تجرم رشوة الشركات. من المعروف أنه لدى الشركات الغربية ميثاق شرف يحظر تلقى هدايا تزيد قيمة الواحدة منها على خمسة عشر دولارا أو خمسين فى بعض الأحيان. لكن بين عامى 2002 و2013 دفعت شركة جنرال كيبل كوربوريشن 13 مليون دولار إلى عملاء وموزعين كطرف ثالث لرشوة مسئولين حكوميين فى عدة دول ما وفر لها أرباحا بنحو 51 مليون دولار. ولن تتم ملاحقة الشركة قضائيا بعدما أبرمت تسوية مع كل من وزارة العدل الأمريكية ولجنة الأوراق المالية والبورصات فى 22 و 29 ديسمبر من العام الماضى، الرشاوى التى دفعتها سواء مباشرة إلى مسئولين أو عبر وسيط أو موزع كان تتم مناقشتها بشكل صريح فى الرسائل الإلكترونية بين الشركة الأم وفروعها. الجدير بالملاحظة هنا أن الشركة لديها »ميثاق شرف« يسرى عالميا على فروعها وموظفيها بعد تقديم هدايا إلى أى شخص، لكن يبدو أن جنرال كيبل لم تضع قواعد واضحة للالتزام بقانون ممارسات الفساد الأجنبية. الشركة تعمل فى مجال منتجات الكابلات والنحاس والألومنيوم وأسلاك الألياف الضوئية، وسجلت إيرادات بنحو 3.6 مليار دولار فى 2016 . وفى عام 2015 أبرمت وزارة العدل الأمريكية تسويات لاتهامات رشوة مع 15 شركة بقيمة إجمالية للغرامات بلغت 133 مليون دولار، كان الأكبر منها 25 مليون دولار دفعتها شركة بى اتش بى بيلتون. وفى عام 2014 كان عدد الشركات 10 فقط لكن بقيمة 1.56 مليار دولار إجمالى الغرامات، واحتلت المركز الأول فى القائمة شركة الكوا التى دفعت غرامة 384 مليون دولار غرامة. أما فى عام 2013 فبلغ عدد الشركات 12 شركة بإجمالى 731.1 مليون دولار، ومن بين الشركات اى بى ام التى دفعت 10 ملايين دولار لتسوية اتهامات بالرشوة أيضا. قانون ممارسات الفساد الأجنبية قانون ممارسات الفساد الأجنبية لعام 1977 هو قانون فيدرالى أمريكى يعرف باثنين من بنوده؛ أحدهما يتناول متطلبات الشفافية المحاسبية بموجب قانون الأوراق المالية لعام 1934 والآخر يتعلق برشوة الموظفين، أحكام مكافحة الرشوة تجعل من غير القانونى بالنسبة لشخص أمريكى دفع رشوة لموظف أجنبى من أجل الحصول أو المحافظة على عمل مع أى شخص منذ عام 1998، تم تطبيقه أيضا على الشركات الأجنبية والأشخاص الذين يقومون بأى عمل لدفع الرشوة فى الولاياتالمتحدة. الامتثال لا يحكم فقط المبالغ المدفوعة للموظفين والمرشحين والجهات الأجنبية فقط، بل أى متلق آخر منسوب لموظف أجنبى أو مرشح أو جهة إذا كان جزءا من الرشوة، هذه المبالغ ليست مقيدة بالشكل النقدى فقط، بل يمكن أن تشمل أى شىء ذى قيمة، ويمكن أن يتم فرض العقوبات الجنائية التالية على خرق أحكام مكافحة الرشوة: تخضع الشركات وغيرها من منشآت الأعمال لغرامة تصل إلى 2,000,000 دولار؛ يخضع الموظفون والمساهمون والمديرون والوكلاء لغرامة قدرها 100,000 دولار والسجن لما يصل إلى خمس سنوات. من ناحية أخرى، بموجب قانون الغرامات البديلة؛ يمكن أن تكون تلك الغرامات ضعف الفائدة التى ظن المدعى عليه أنه يمكنه الحصول عليها من خلال دفع الرشوة. لا يمكن أن يتم دفع الغرامات المفروضة على الأفراد من قبل صاحب العمل أو المسئول الرئيسى، يمكن أن يتم رفع دعوى مدنية من قبل المدعى العام أو هيئة الأوراق المالية بغرامة قدرها 10,000 دولار ضد أى شركة وأى موظف أو مدير أو وكيل لشركة أو مساهم يتصرف بالنيابة عن الشركة ممن يخرق أحكاما مكافحة الرشوة، والشركة التى تخرق قانون ممارسات الفساد الأجنبية يمكن أن يتم منعها من تنفيذ الأعمال مع الحكومة الفيدرالية.