في عصرنا الرقمي.. كيف يمكن التعامل مع ضغوط الحياة, كيف يمكن التخلص من الاجهاد المزمن, الغضب, الألم والاحباط, مع الاحتفاظ بالهدوء النفسي والصفاء الذهني. وهل يمكن تنشيط العقل لزيادة قدرته علي التركيز والتفكير بشكل افضل؟ السر في كل هذا وأكثر.. في' اليوجا',' التأمل' وما يسمي ب' التنبيه الذهني' وهي ممارسات مستمدة من الروحانية الشرقية, وتعتنقها بعض من أكبر الشركات الغربية لتتحول إلي بيزنس جديد في عالم الاعمال. وتعد شركة جنرال ميلز عملاق المواد الغذائية الامريكي نموذجا لهذه الشركات حيث تعمل علي تحفيز الابتكار وزيادة انتاجية موظفيها بطريقة غير تقليدية علي الاطلاق. فمباني الشركة في مينابوليس التي تتسع لثلاثة الاف موظف بها غرفة مجهزة يمارس فيها عشرات المديرين التنفيذيين' التأمل''meditation' معا مرة كل أسبوع وبها ايضا قاعة يمارس فيها ما يزيد علي50 موظفا' اليوجا'. والممارسات الروحية هذه ليست مجرد فكرة عابرة تجتاح بعض الادارات أو برنامج تدريبي يحلم به مدير الموارد البشرية في جنرال ميلز. فمنذ سبع سنوات يمارس عدد متزايد من موظفي الشركة اليوجا, التأمل, وتنبيه الذهن في مكان العمل. وما بدأ كمشروع صغير اقترحه احد المديرين التنفيذيين غير كثيرا مناخ احدي شركات قائمة فورتشن200 وتحول إلي بيزنس يلاقي رواجا لافتا للانظار. مؤسس المشروع يصفه بأنه تدريب للاذهان لتكون أكثر تركيزا حتي تري الاشياء بوضوح وتستطيع الابداع والابتكار, ويقول ان الهدف من ممارسة المديتيشن أو التأمل هو تحفيز التركيز لاتخاذ القرارات بشكل افضل واداء الاعمال بفاعلية اكبر. وتأتي مبادرة شركة جنرال ميلز في طليعة حركة تعيد بهدوء تشكيل مناخ عالم الاعمال الداخلي, فممارسات التأمل, اليوجا وتصفية الذهن تغزو اكبر الشركات في العالم. ومن ابرز مؤيديها وليام جورج, احد اعضاء مجلس إدارة جولد مان ساكس والرئيس التنفيذي السابق لشركة الاجهزة الطبية الكبيرة' ميدترونيك' الذي بدأ ممارسة' التأمل' في عام1974, ولم يتوقف عنه منذ ذلك الحين. كما ان له مقالات عديدة عن' التأمل' وفوائده نشرت في مجلة هارفرد بيزنس ريفيو. وعلي الرغم من ان فكرة الجمع بين التصوف والرأسمالية قد تبدو غير منطقيه للبعض فإن هذا التفاعل لقي ترحيبا واسعا في بعض من أكبر الشركات العالمية في أوروبا وامريكا حيث يتم المزج بين افكار قديمة ونظريات الإدارة الحديثة في شركات مثل تارجت التكنولوجية وجوجل. وقد تحدث رجال اعمال مرموقون مثل ستيف جوبز مؤسس شركة آبل, عن' التأمل' وقد تعلمه في الهند وكيف اثر علي رؤيتهم للعالم. (وفي حالة جوبز كان لممارسة التأمل دور في تصميم منتجات آبل). يذكر انه حتي الان, لا توجد احصاءات دقيقة عن عدد الشركات التي توفر لموظفيها برامج تأمل ويوجا, ولكن وفقا لهيويت عون, الشركة الرائدة عالميا في مجال الاستشارات,25% من الشركات الامريكية الكبيرة لديها برامج تدريبية لتخفيف الضغوط, وعدد الشركات يتزايد, وعلي سبيل المثال, برنامج' البحث داخل النفس' الذي توفره شركة جوجل لاكثر من ألف موظف لديها منذ عام2007 تم اقتباسه في شركات تكنولوجية أخري. الواقع ان سيليكون فالي من أكبر المهتمين بالممارسات الروحية كوسيلة لزيادة الانتاجية والارباح وقد دعا مؤتمر يجمع الاف من خبراء التكنولوجيا الشركات الامريكية للاهتمام بالتوازن الروحي حفاظا علي هدوء النفس البشرية في العصر الرقمي الحالي الذي يتسم بارتفاع مستويات الضغوط العملية والحياتية. واليوم يتبادل مسئولو فيس بوك وتوتير وغيرهم النصائح حول كيفية تحقيق التوازن الروحي. وحالة الصفاء الذهني التي تساعد علي التخلص من التوتر, الألم, الغضب ليعمل العقل علي النحو المطلوب وذلك عن طريق ممارسة التأمل تكون بالجلوس في وضع مريح وغلق العين مع تدريبات التنفس وملاحظة التغييرات التي تحدث من لحظة إلي لحظة في الذهن والجسد للوصول إلي قدر اكبر من الوعي والادراك للحظة الحاضرة ودون الاستجابة لهذه التغييرات مما يعطي شعورا بالاسترخاء. وقد قدمت مجموعة من البحوث الاكاديمية تفسيرا علميا للحالة الذهنية المترتبة علي الممارسات التأملية القديمة مثل اليوجا و'تنبيه الذهن' الذي هو نوع ايضا من التأمل, حيث كشفت تلك البحوث ان التأمل يحد من مستويات الكورتيزول( هرمون الاجهاد) الذي يؤدي انخفاضه إلي هدوء الذهن وصفائه مما يزيد من قدرته علي التركيز. في النهاية.. النتائج الاولية للدراسات الامريكية حول هذا الموضوع لافتة للنظر حيث تبين ان ممارسة اليوجا لمدة ساعة واحدة اسبوعيا تخفض مستويات التوتر لدي الموظفين بمعدل الثلث وبما يخفض تكاليف الرعاية الصحية بمعدل2000 دولار في السنةللموظف*