يرى المستثمرون ورجال الأعمال أن المناخ الاستثمارى لايزال غير جاذب للاستثمارات المحلية، وان الأعباء الملقاة على المستثمر كبيرة فى ظل ارتفاع مستمر للدولار من شأنه ان يشل حركة الإنتاج وتتوقف على إثره المصانع، إلا أن دخول اليوان محل الدولار من شأنه أن يزيل جزءا كبيرا من هذا العبء.. التحقيق التالى يرصد آراء الخبراء حول الآليات المناسبة لجذب الاستثمار. فى البداية يقول د.حلمى هلال رئيس جمعية مستثمري السادات: إن المناخ الاستثمارى صعب للغاية، وإن معظم المصانع العاملة تعمل بطاقة لا تزيد على %30 ، وذلك بسبب ارتفاع العملة الاجنبية خاصة بعد تخطى الدولار حاجز 13.5 جنيه، فضلا عن القيود المفروضة على السلع المستوردة من مدخلات الإنتاج وتأثيرات ضريبة القيمة المضافة، كل تلك الأعباء تعرقل بل توقف اى استثمارات فى الدولة، لكن على الرغم من ذلك فإن المستثمر يتمتع بميزة أساسية وهى عنصر الأمن؛ فمنذ مدة غير قليلة كان هناك استثمار ولم يكن هناك أمن، الآن يوجد أمن ولا توجد استثمارات، وهناك الكثير من المستثمرين الوطنيين على استعداد لتحمل الصعاب إعلاءً للروح الوطنية فوق اى اعتبار. ويرحب د.هلال بالتوسع فى الاستيراد من الصين للمنتجات ومدخلات الانتاج لاسيما أن حجم الواردات من الصين يصل إلى نحو 16 مليار دولار، فلماذا لا يتم التبادل للقطاع الخاص المصرى مع الصين من خلال صفقات كبيرة فيحصل القطاع الخاص المصري على احتياجاته من مدخلات الانتاج، وفى المقابل يحصل القطاع الخاص الصينى على مواد خام ومحاصيل زراعية؟ وبذلك يقل الطلب على الدولار ويتراجع سعره إلى المعدلات الطبيعية السابقة ويلزم لتحقيق تلك المبادلة مظلة حكومية تحت إشراف الدولة بما يضمن الشفافية والرقابة. - اليوان مقابل الجنيه ويتفق أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين مع الرأى السابق؛ حيث يرى ضرورة التوسع فى التبادل التجارى مع الصين بحيث يكون اليوان الصينى مقابل الجنيه المصرى، ويمكن توسيع نطاق التبادل ليشمل كل القطاعات الاقتصادية على سبيل المثال أن يتم تصدير الحاصلات الزراعية فى مقابل استقدام أفواج سياحية لمصر أو نوفر «مواد خاما» للصين فى مقابل استيراد معدات منهم. ويوضح شيحة أن حجم التبادل التجارى بين مصر والصين يصل إلى نحو 12 مليار دولار؛ 11 مليار دولار منها لصالح الصين ومليار فقط لمصر، فإذا توصلنا إلى اتفاق مبادلة معهم فهذا يخرج الاقتصاد المصرى من مصيدة الاحتكار الواقع فيها من الدول الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية؛ فهذه الدول تعمل دائما على تقزيم الاقتصاد المصرى وجعله خاضعا لهما عن طريق شركاتهما الدولية التى عملت على إشعال أزمة الدولار، ومما لاشك فيه أن تحويل دفة الاستيراد والتبادل التجارى تجاه الشرق لا الغرب سوف يسهم فى إنهاء أزمات عديدة يعانى منها الاقتصاد المصرى على رأسها الاحتكار، وذلك فضلا عن تعديل بعض قرارات البنك المركزى التى ساهمت فى الضغط على الدولار ورفع سعره. - احترام القيود أما المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال فيقول: إن الدولة لن تتقدم إلا بالقطاع الخاص، ورئيس الدولة وعدد من قياداتها العليا يؤمنون بذلك لكن للأسف عدد غير قليل من القيادات العليا والوسطى لا يرى ذلك فمناخ الاستثمار سيئ للغاية، وهناك عدة عراقيل على رأسها البيروقراطية التى تؤدى مباشرة الى هروب الاستثمارات، والامر الثانى الذى يؤثر سلبيا فى مناخ هو الاستثمار الفساد فى الحكومة والذى يؤدى إلى السمعة السيئة للاقتصاد ويهدر اى جهد ايجابى فى الدولة، والأمر الثالث والمهم هو عدم احترام الدولة عقودها فهذا يفقد المستثمر اى ثقة بتعاقداته معها، كما يفقد الدولة مصداقيتها وهو الأمر الأكثر سوءا. ويؤكد صبور أن هناك عددا من الإجراءات الإيجابية التى تقوم بها الدولة لتضع يدها على العديد من المشكلات التى تواجهها وتحل بعضها لكننا نحتاج إلى خطوات أسرع لإزالة العراقيل السابقة. أما د.يمنى الشريدى نائب رئيس جمعية سيدات الأعمال فترى أن الرسوم الحكومية فى زيادة مستمرة وذلك يزيد من أعباء المستثمر، فلا يمكن أن تزيد تلك الأعباء بصورة مفاجئة فهذا يدل على عشوائية فى اتخاذ القرارات وعدم الاهتمام بالاعباء الملقاة على عاتق المستثمر، وبالتالى تقلل الإنتاج أو قد توقفه. وترى الشريدى أننا فى حاجة إلى رؤية واستراتيجية واضحة للاستثمار فى مصر لمدة 5 سنوات قادمة وهذه الرؤية تسمح للمستثمر بتقدير تكاليفه والعائد المتوقع منها خلال تلك الفترة، وبدون تلك الرؤية لا يمكن تقدير اى استثمارات مستقبلية أو توقعها. أما على شكرى نائب رئيس الغرفة التجارية فيرى أن هناك العديد من الإجراءات التى يجب ان تقوم بها وزارة الاستثمار وهيئة الاستثمار لتسهيل العملية الاستثمارية مثل الشباك الواحد وإجراءات تأسيس الشركات، وأيضا البت فى قانون الاستثمار الذى طال انتظاره. ويرى شكرى أن جزءا كبيرا من الوقت يضيعه المستثمر ويضيع على الوطن لإنهاء إجراءات روتينية يمتد أثرها إلى التأثير سلبيا فى المستثمرين الأجانب وأيضا المصريين وهروبهم من الاقتصاد المصرى، ويأتي دور الكيان المسئول عن الاستثمار فى مصر لتوضيح الإجراءات التى تم اتخاذها مؤخرا لتحفيز مناخ الاستثمار الذى تم بالنسبة للشباك الواحد والموقف الأخير لقانون الاستثمار. - ردود واجبة ومن هنا أكدت داليا خورشيد وزيرة الاستثمار «للأهرام الاقتصادى» أنها تعمل منذ أن تولت المسئولية فى الوزارة على تهيئة بيئة استثمارية محفزة تضمن مكانة متميزة لمصر على خريطة الاستثمارات العالمية، وذلك من خلال العديد من الإجراءات المهمة التي تم اتخاذها بالفعل في هذا الشأن بداية من موافقة رئيس الجمهورية على تشكيل مجلس أعلى للاستثمار برئاسته، وإكمال تحديث الخريطة الاستثمارية المتكاملة لمصر لتتفق مع الأهداف القومية ومع أهداف التنمية بخطة عمل ورؤية مصر 2030، ووفقا للقطاعات ذات الأولوية الرئيسية والمحافظات المستهدفة، ويتم تسويقها للمستثمرين المحليين والعرب والأجانب. كما تعمل الوزارة على صياغة السياسة الاستثمارية لمصر، والتواصل محليا ودوليا لترويج الاستثمار في مصر، وإطلاق أكبر برنامج للطروحات يشهده الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى إعداد استراتيجية متكاملة للترويج للاستثمار من خلال الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وفقا لأفضل الممارسات الدولية، وتعزيز وتسهيل بيئة مناسبة لممارسة أنشطة الأعمال لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وزيادة نسبة الاستثمارات الخاصة في الناتج المحلي الإجمالي، وتعظيم الاستفادة من التنمية الاستثمارية لتحقيق النمو الشامل في مصر. ونسعى في الوزارة والهيئة لنشر ثقافة الوعي بالمشكلات والأطر الممكنة لحلها بين العاملين والمستثمرين لبناء توقعات معقولة غير مبالغ فيها، والعمل في إطار متسق مع أجهزة الدولة المختلفة وضمن خطط الدولة ورؤيتها، وتطوير الرؤية والخطط باستمرار بما يتناسب مع المستجدات، وأيضا العمل بفكر مؤسسي ليكون لدى الوزارة والهيئة برنامج عمل متوسط وطويل المدى لا يعتمد علي ميكنة الخدمات وتدريب جميع العاملين. اما عن الشباك الواحد فهو موجود بالفعل بهيئة الاستثمار ومقسم ل 3 عناصر (تأسيس، وتخصيص، وترخيص)، تأسيس الشركات يتم في الهيئة خلال فترة تتراوح بين 24 و72 ساعة بحسب الشركة المؤسسة، ونسير حاليا في إجراءات الميكنة لتحقيق التطوير والسرعة المطلوبة، أما التخصيص فنحن نلتزم بقانون الاستثمار الذى منح الهيئة مهام التخصيص، وبدأنا نفعل المنظومة بشكل أفضل ونسعى لتيسير إجراءاتها بالتنسيق مع جميع الجهات صاحبة الولاية علي الاراضي، أما الترخيص فهو الإجراء الذى يستغرق وقتا طويلا، لذا وقعنا بروتوكولات تعاون مع كل الجهات المانحة للترخيص مثل الدفاع المدني والبيئة والتنمية الصناعية، ونعمل مع وزارة التخطيط لتوحيد جميع جهات الترخيص، ونسعى لميكنتها أيضا. و كشفت خورشيد عن أن قانون الاستثمار هو فقط جزء ضمن أجندة تشريعية كاملة مرتبطة بتهيئة مناخ الاستثمار نقوم بتنفيذها على المدى القصير والطويل، بها مجموعة مشاريع القوانين العاجلة، ونظرا لأهميته قام فريق عمل الوزارة والهيئة بإجراء أكثر من 500 مقابلة مع مختلف المستثمرين، وقمنا بإعداد استطلاع نشر باللغة العربية والإنجليزية على موقع الهيئة، وكذلك تم توجيه هذا الاستطلاع لجميع الاتحادات الخاصة بالمستثمرين ورجال الأعمال والغرف التجارية بهدف استطلاع رأي أصحاب المصالح المباشرة في إصدار قانون جديد أوإجراء تعديلات عاجلة على القانون الحالي. وسنعلن بعد انتهاء مدة الاستطلاع النتائج التي توصلنا إليها، ونحن في كل الأحوال جاهزون بكلا المقترحين. ولدينا رؤية واضحة تستهدف تحسين بيئة الأعمال ولكننا نحرص على مشاركة مجتمع الأعمال في خطة الإصلاح التشريعي العاجلة لتهيئة مناخ الاستثمار في مصر ووضع الحلول المناسبة لمشكلات الاستثمار؛ حيث قمنا بصياغة التشريعات الملائمة، ونرغب في تدعيم هذه الصياغة بمشاركة أصحاب المصالح من مختلف المستثمرين المحليين والأجانب الذين نضع اقتراحاتهم محل تقدير واهتمام.