صناعة الدخان فى مصر من اهم الصناعات الاستراتيجية نظرا لكبر حجم السوق، وتتصدر الشركة الشرقية للدخان المشهد باعتبارها تنتج ما لا يقل عن 75% من اجمالى الاستهلاك السنوى الذى يبلغ 80 مليار سيجارة سنويا.. وابرز ما يرتبط بسوق الدخان استجابته سريعا للشائعات ويصل الامر الى ان اسعار السجائر تقفز بمجرد دراسة او بحث قانون او قرار لتحريك الاسعار وهو ما حدث مؤخرا عندما بدأ مجلس النواب فى مناقشة قانون القيمة المضافة الامر الذى تسبب فى اشتعال سوق الدخان وأدى الى ان تخسر الدولة ما بين 02 مليون الى 25 مليون جنيه يوميا تدخل جيب التجار وبلغ مكسبهم بلا حق فى الكارتونة الواحدة 0001 جنيه. ويكشف حوارنا مع محمد عثمان رئيس الشركة الشرقية للدخان أن الشركة تعانى معاناة كبيرة تصل الى حد الازمة نتيجة عزوف الشركات الاجنبية عن سداد قيمة التصنيع الذى يقدر بنحو 12 مليون دولار شهريا. وكذلك تاكل أرصدة مخزون السجائر تامة الصنع فى الشركات، والخطير فى الامر ان هذا المخزون كان يكفى استهلاك ما بين 7 و21 يوما تقلص الآن الى يوم واحد ونصف اليوم فقط، وارتفعت اسعار جميع السجائر بنسبة تراوحت بين 20 و30٪. واكد ان الموازنة العامة للعام المالى الحالى تضمنت توريد الشركة ما لا يقل عن 42 مليار جنيه تدفعها الشركة فى شكل ضرائب ومستحقات بزيادة 7% على العام الماضى وهو ما سيتوجب زيادة اسعار السجائر. وقال ان هناك دراسة لزراعة الدخان وسيتم انتقاء الاراضى والاماكن التى تتميز بوفرة الآبار كالوادى الجديد ووادى النطرون ولاتمام هذه الدراسة لا بد من توفير ما بين 75 الف الى 100 الف فدان ارض وحتى الآن لا تزال دراسة الجدوى مستمرة لاتمام تلك الخطوة المهمة.. وهناك العديد من التفاصيل نكشفها خلال الحوار التالى. - بداية نريد التعرف عن حجم انتاج الدخان حاليا؟ يتراوح اجمالى الانتاج على مستوى الجمهورية ما بين 250 و260 مليون سيجارة يوميا منها 190 مليون سيجارة اجمالى انتاج الشركة القومية للدخان والباقى للشركات الاجنبية فى السوق المحلى ويبلغ حجم الاستهلاك نحو 80 مليار سيجارة سنويا. - وهل هناك صعوبة فى حساب نسب نمو الاستهلاك السنوى للسجائر؟ بالطبع هناك صعوبة بالغة فى حساب نسبة الاستهلاك سنويا نظرا لأن السجائر المهربة المقلدة تتسبب فى صعوبة حصر نسب الزيادة السنوية فى الاستهلاك مؤكدا ان المسار الصحيح للسجائر هى دخولها عبر الجمارك المصرية، اما السجائر المهربة التى تدخل عبر الطرق الصحراوية والمنافذ البرية وايضا عن طريق البحر المتوسط بإلقائها داخل المياه الاقليمية وتدخل ايضا عبر اليونان وجبل عالى والقوات البحرية هى التى تتصدى لعمليات التهريب التى تتم عبر المياه الاقليمية ونجحت فى ضبط كميات كبيرة من السجائر المقلدة والضارة جدا بالصحة. - كم تقدر قيمة السجائر المهربة؟ تقدر بقيمة 3 مليارات سيجارة مهربة تدخل السوق المحلى أى 3 مليارات سيجارة مقلدة يدخنها المصريون سنويا ضارة بالصحة وغير مطابقة للمواصفات علاوة على انها تكلف الموازنة العامة للدولة خسائر باهظة تصل للمليارات لانها غير خاضعة للضرائب والجمارك خاصة ان مثل هذه السجائر يتم بيعها بنفس اسعار السجائر الاصلية بالسوق المحلى. - كيف نتصدى لطوفان السجائر المهربة؟ يتطلب التصدى للمواجهة ان يتم تشديد الرقابة على مراقبة المنافذ والحدود لمنع دخول اى سلع مهربة. - كيف يكتشف المستهلك الفارق بين السجائر الاصلية والمقلدة؟ الطريقة الوحيدة لاكتشاف الفارق هى التذوق وبالتالى يكون المدخن هو الوحيد القادر على اكتشاف السيجارة الاصلية والمقلدة. ولكن الخطورة تتحدد فى التطور التقنى فى الطباعة الذى جعل تقليد الاصناف عملية سهلة وبالتالى سهولة تقليد «الاكليشيه» بنفس مقاييس وطباعة السيجارة الاصلية واصبح من الصعوبة جدا التمييز بين المنتج الاصلى والمقلد. - ما قيمة إيرادات الضرائب المحصلة من الشركة؟ خلال العام المالى 2014-2015 تم دفع 29.5 مليار جنيه تم ضخها فى ميزانة الدولة اما هذا العام 2015-2016 فما زال المبلغ الذى سيدفع تحت المراجعة ومع هذا فسوف يتراوح بين 34 مليار و35 مليار جنيه بنسبة نمو 12% سنويا، والسبب الرئيسى وراء تلك الزيادة يرجع الى زيادة التعريفة الجمركية التى قفزت من 6.10 جنيه الى 9 جنيهات لكل كيلو دخان مستورد. وهذه الرسوم تزايدت منذ فبراير الماضى على التبغ المستخدم فى صناعة السجائر المحلية فى المقابل كان هناك ثبات فى اسعار الرسوم على التبغ الذى تستخدمه 4 شركات أجنبية عاملة فى مصر. - كم مصنعا تابعا للشركة الشرقية؟ الشركة تضم 7 مصانع ويبلغ عدد العمالة فيها 14 الف عامل وتضم منافذ بيع بالمحافظات بقوة 2000 موظف لقطاع التسويق فقط لخدمة 80 الف تاجر بالسوق المحلى، وتعتبر الشركة ثانى اكبر مورد عام للخزانة العامة للدولة باجمالى 35 مليار جنيه ويبلغ اجمالى مبيعات الشركة 85 مليون جنيه يوميا. - ما اجمالى استيراد مستلزمات انتاج للشركة الشرقية للدخان؟ بالنسبة للقيمة نستورد ما قيمته 180 مليون الى 200 مليون دولار سنويا بالنسبة للتبغ، و100 مليون دولار لقطع الغيار وورق السجاير وخامات التصنيع الاخرى اما بالنسبة لحجم الاستيراد فنقوم باستيراد 55 الف طن تبغ سنويا مقابل 16 الف الى 18 الف طن للشركات الاجنبية التى تستورد ايضا 70 مليون سيجارة يوميا توجه للسوق المحلى. - وما حجم صادرات الشركة؟ يبلغ نحو 10 ملايين دولار سنويا ويحتل المعسل المرتبة الاولى فى قائمة الصادرات ويتم تصديره الى الدول العربية خاصة دول الخليج. وهناك مفاوضات حاليا لزيادة سوق الصادرات بفتح اسواق جديدة. - وما اهم الاسواق التى نستورد منها التبغ؟ مالاوى وزيمبابوى والصين ولبنان والهند واندونسيا. - ولماذا لا نزرع الدخان فى مصر؟ ان زراعة الدخان ممنوعة منذ عهد محمد على باشا ولكن لا يوجد قانون يجرم زراعة التبغ فى مصر وعندما كانت مصر مستعمرة انجليزية كان يتم توزيع الانتاج المحصولى على كل دولة مستعمرة حسب تميزها فى زراعة المحاصيل الزراعية التى تتميز بها عن غيرها من الدول فاختصت مصر بزراعة القمح والقطن واختصت تركيا وسوريا بزراعة التبغ. - هل هناك تطلعات لزراعة الدخان فى الفترة القادمة؟ هناك دراسة لزراعة الدخان بالتعاون مع الشركة القابضة للصناعات الغذائية بوزارة قطاع الاعمال العام وكلية الزراعة بجامعة القاهرة وسيتم انتقاء الاراضى والاماكن التى تتميز بوفرة الآبار كالوادى الجديد ووادى النطرون ولاتمام هذه الدراسة لا بد من توفير ما بين 75 الف و100 الف فدان وحتى الآن لا تزال دراسة الجدوى مستمرة لاتمام تلك الخطوة المهمة التى ستكون منعطفا تاريخيا فى صناعة الدخان بمصر. - ماذا عن انعكاس ازمة الدولار على صناعة الدخان فى مصر؟ اثرت ازمة الدولار بشكل كبير على سوق السجائر حيث انخفضت أرصدة مخزون الدخان من 18 الى 11 شهرا خلال الأشهر السبعة الماضية ولولا ان المخزون كان كبيرا ما وجد فائضا خلال هذه الفترة بالاضافة الى ذلك بلغت الاعتمادات البنكية حوالى 150 مليون دولار سنويا ونحو 140 مليون دولار من الشركات الاجنبية نظير تصنيع السجائر لها، والخطير فى الأمر ان الشركة الشرقية للدخان تعانى معاناة كبيرة تصل الى حد الازمة نتيجة عزوف الشركات الاجنبية عن سداد قيمة التصنيع والذى يقدر بنحو 12 مليون دولار شهريا تحصل عليها الشركة الشرقية من الشركات الاجنبية علاوة عن ازمة البنوك فى تدبير الدولار والتى بدأت منذ شهرى يناير وفبراير الماضيين واصبحت البنوك توفر نسبة لا تذكر من قيمة الاعتمادات لذلك يجب زيادة فتح الاعتمادات بالبنوك خاصة ان 85% من مدخلات الشركة بالعملة الصعبة وخلال الأشهر السبعة الماضية كانت الشركة تمتلك 50 مليون دولار سيولة تم تدويرها مع الاعتمادات البسيطة من البنوك وكانت بمثابة احتياطى استراتيجى من العملة الصعبة ولكنه تآكل كله، علاوة على أزمة الشركات الاجنبية التى لم تسدد مستحقات الشركة الشرقية بل تطلب السداد بالجنيه بحجة عدم وجود حصيلة دولارية لديها على الرغم من ان العقود المبرمة بين الطرفين تنص صراحة على اشتراط سداد تكاليف التصنيع بالدولار وليس الجنيه. وهذه الازمة مستمرة منذ 8 اشهر والشركات تتحجج بانها لا تمتلك ارصدة من العملة الصعبة. - وماذا عن المشكلة الجماهيرية فى نقص وغياب كميات السجائر فى السوق؟ السبب الرئيسى للأزمة هو تعرض احدى الشركات الاجنبية نتيجة نقص الدولار لانخفاض شديد فى انتاجها خلال شهرى ابريل بنسبة 03% ارتفعت الى 50% فى مايو الماضيين وبالتالى ارتفع استهلاك الشركات الاخرى لسد الفجوة ما بين العرض والطلب وتواكب ذلك مع مناقشة مجلس النواب لقانون القيمة المضافة بما أدى الى قفزة فى مشتريات التجار بهدف استغلال طرح القانون وقاموا بتخزين كميات كبيرة من الانتاج لبيعه باسعار مرتفعة فى السوق السوداء التى اشتد تاثيرها بعد زيادة فجوة العرض والطلب وتاكلت ارصدة مخزون السجائر تامة الصنع فى هذه الشركات، والخطير فى الامر ان هذا المخزون كان يكفى استهلاك مابين 7 و21 يوما تقلص الآن الى يوم ونصف اليوم فقط، وارتفعت اسعار جميع السجائر بنسبة تراوحت بين 20% و 30% عن سعرها الرسمى بفعل التخزين، رغم انه لا يوجد نقص فى الكميات المطروحة. - وما سبب تزايد الأزمة من وجهة نظرك؟ الاعلان المبكر والافصاح عن نية زيادة اسعار السجائر تسبب فى افتعال ازمة سعرية نشطت خلالها السوق السوداء وزاد معدل التخزين خاصة بعد مناقشة زيادة اسعار المعسل فى مجلس النواب. -وما الزيادة المقررة للسجائر طبقا لقانون القيمة المضافة؟ لا احد يعرف كم ستقدر الزيادة السعرية على كل اصناف السجائر بالسوق فى الوقت الحالى. - كم تقدر قيمة خسائر الدولة يوميا نتيجة عمليات التخزين التى يقوم بها التجار؟ تخسر الدولة ما بين 20 مليون و25 مليون جنيه يوميا تدخل جيب التجار وبلغ مكسبهم فى الكارتونة الواحدة 1000 جنيه التى يبلغ سعرها الرسمى 4700 جنيه يبيعونها بسعر 5700 جنيه وهو ما يعادل ارباح عاميين فى البنك يتم تحقيقها فى يوم واحد من المضاربات بين التجار! - وما الحل فى رأيك؟ ان تعلن الحكومة بسرعة عن زيادة اسعار السجائر بشكل رسمى وشفاف للحد من التخزين وبالتالى توجيه حصيلة الزيادة السعرية الى موازنة الدولة بدلا من جيوب التجار والسماسرة، خاصة ان متوسط الزيادة غير الرسمية حاليا فى حدود 8 جنيهات للمستورد وجنيهان للسجائر الشعبية. - وما اجمالى ما تساهم به صناعة السجائر فى الموازنة العامة للدولة؟ صناعة الدخان كانت حتى موازنة العام المالى الماضى تساهم ب 35 مليار جنيه فى شكل ضرائب ومستحقات تدفعها للدولة وفى موازنة العام الحالى 2016-2017 مطلوب من الصناعة 42 مليار جنيه اى بزيادة 7 مليارات تمثل 20% زيادة على العام الماضى وهو ما يفرض زيادة اسعار السجائر لتحقيق هذا الرقم المطلوب.