البطالة في مصر هي الوجه الأكثر قسوة للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد منذ نحو ثلاث سنوات. ورغم الانفراجة المحدودة لهذه الأزمة علي خلفية المساعدات العربية وحزمة التحفيز الاقتصادي البالغة29 مليار جنيه في الأسابيع الأخيرة فإن مشكلة البطالة وتضاؤل فرص التشغيل تزداد يوما بعد يوم. وحسب المؤشرات الرسمية- استنادا الي بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن معدلات البطالة في مصر ارتفعت من نحو9.5% في عام2011 الي13.2% حاليا أي أن طابور العاطلين ازداد طولا وفي مقدمة أسباب ذلك الانكماش الاقتصادي ومسلسل الإضرابات والاعتصامات وإغلاق العديد من الشركات والمصانع أبوابها مما أفقد آلاف البشر فرص العمل. ولأن البطالة لا تؤدي الي حرمان اقتصادي فحسب بل يترتب عليها كوارث اجتماعية وتفشي الجريمة وسيطرة اليأس وغياب الأمل مما يهدد باضطرابات سياسية, كان من المفروض أن تضع حكومة الببلاوي هذه المشكلة في قمة أولوياتها الا ان ذلك لم يحدث علي الرغم من ان مشروعات التحفيز الاقتصادي التي بدأ تنفيذها سوف تتيح بعض الفرص ولو مؤقتا لأعداد كبيرة من العمال لاسيما العاملين في قطاع التشييد والبناء وبالتالي يزداد شعور الناس بالازمة. ولأن قضية التشغيل ذات أبعاد متعددة فهي لا تعني فقط مشروعات جديدة تستوعب الأيدي العاطلة بل تمتد الي المنظومة التشريعية مثل قضية الضرائب والتأمينات الاجتماعية التي تلعب دورا طاردا لارتفاع نسبة الرسوم التي يتم تحصيلها والتي تبلغ43% من الاجر موزعة بواقع26% لصاحب العمل و16% للعامل و1% مصروفات إدارية. أيضا هناك مشكلة الاقتصاد الموازي وتحديات دمجه في الاقتصاد الرسمي وهناك الأزمة المتعددة الأوجه للمشروعات الصغيرة سواء كانت تمويلية أو قانونية أو تسويقية وأخيرا الدور الحكومي وكيف يمكن ان يكون محفزا للتشغيل الذي يعد بدوره المحفز الأول للنمو. هنا ملف شامل حول أبعاد أزمة التشغيل في مصر وكيفية التعامل معها.