علي مدي سنوات طويلة تحولت قضية الدعم الي ما يشبه المتاهة.. صرخات وشكاوي من الاهدار وحلول ومقترحات لا تنفذ, فاصبح الجدال: نغلق الشباك أم نفتحه؟ نبقي علي الدعم أم نلغيه, نحوله الي نقدي ام أم نبقيه عينيا؟ وقبل ان ينحل مجلس الشوري عقب ثورة30 يونيو الماضي قامت اللجنة الاقتصادية والشئون المالية بعرض تصوراتها حول منظومة الدعم واعادة هيكلته بعد إجراء دراسات مستفيضة وعقد لجان استماع شارك فيها العديد من الخبراء خرجوا بتصورات وتوصيات نطرحها علي المسئولين الآن واكثرهم كانوا ولا يزالون خبراء اقتصاديين ربما يمكن الاستفادة من بعض هذه التوصيات والرؤي التي تزامنت مع مناقشة واقرار موازنة2013 2014 التي اقرها مجلس الشوري المنحل ودخلت حيز التنفيذ ويتم تطبيقها حاليا بلا اي تعديلات.. بدأت الحكومة المصرية في الاعتماد علي الدعم كإحدي وسائل تحقيق العدالة الاجتماعية ومساندة الطبقات الفقيرة منذ عام1945 عندما تم تخصيص2 مليون جنيه من الموازنة العامة للدولة للدعم الا ان نصيبه من الموازنة العامة للدولة قد اختلف علي مدار النصف قرن الماضي ففي عام1952 بلغت نسبة الدعم الي اجمالي قيمة الانفاق العام نحو7.3% بحيث كان نصيب الفرد من الدعم نحو سبعين قرشا وفي عام1960 انخفض هذا النصيب ليمثل2.5% فقط من اجمالي الانفاق العام وهو ما يمثل0.7% من الناتج المحلي الاجمالي ولكن بحلول عام1980 1981 خصصت الدولة المزيد من الدعم حتي اصبح يمثل15.6% من اجمالي النفقات بالموازنة العامة للدولة لترتفع نسبته الي الناتج المحلي الاجمالي الي1.1% ويرتفع نصيب الفرد من الدعم الي37.5 جنيه ولكن انخفضت نسبة مخصصات الدعم مرة اخري عام1990/1991 لتمثل نحو8.7% من اجمالي الانفاق العام و3.3% من الناتج المحلي الاجمالي وواصلت الانخفاض حتي اصبح الدعم يشكل4.1% فقط من اجمالي الانفاق العام2000/2001. ومع تبني الحكومة معيارا جديدا لتصنيف ابواب الموازنة العامة وظهور بنود جديدة في الدعم مثل بند دعم المواد البترولية بدلا من ان تتحمله موازنة الهيئة العامة للبترول, انعكس هذا التغيير الذي طرأ علي هيكل الدعم علي اجمالي قيمته وكذلك نسبته الي الناتج المحلي الاجمالي والانفاق العام فقد مثل الدعم نحو22.3% من الانفاق العام ونحو8.8% من الناتج المحلي عام2011/2012. وتشير بيانات وزارة المالية ان الفترة من عام2007/2008 وحتي عام2011/2012 قد شهدت ارتفاعا ملحوظا في اجمالي قيمة الدعم اذ ارتفعت من84.2 مليار جنيه عام2007/2008 الي نحو132.3 مليار جنيه في موازنة عام2011/2012 أي بنسبة ارتفاع بلغت57.1%. كما نجد انه في عام1981/1982 استحوذ الخبز علي دعم4.05% من اجمالي مخصصات الدعم واستحوذ دعم السلع التموينية علي8% وبلغ اجمالي قيمة الدعم2 مليار جنيه بينما اختلف هذا التوزيع عام2001/2002 لترتفع مخصصات دعم السلع التموينية الي حوالي28.8% وبلغ اجمالي الدعم5.9 مليار جنيه. اما في موازنة عام2011/2012 فقد انخفض نصيب الخبز من اجمالي الدعم ليصل الي8.2% وانخفض نصيب السلع التموينية ليصل الي6.1% وفي المقابل استحوذ دعم المواد البترولية علي نحو7.2% وبلغ اجمالي قيمة الدعم132.2 مليار جنيه. كذلك تضاعفت قيمة الدعم المخصص للسلع التموينية لا يشمل الخبز بنحو6 اضعاف خلال الفترة من2011/2012,2007/2008 اذ بلغت نحو8.1 مليار جنيه بما يمثل6.1% من اجمالي قيمة الدعم في موازنة عام2011/2012 مقابل نحو3.1 مليار جنيه بما يمثل1.5% من اجمالي قيمة الدعم عام2007/2008 وبالنسبة لدعم الطاقة فقد بلغت قيمة الدعم الموجه للكهرباء نحو5 مليارات جنيه في موازنة عام2011/2012 بما يمثل نحو3.7% من اجمالي قيمة الدعم مقارنة بنحو3.5 مليار جينه في عام2007/2008 اي ارتفع بنحو42.9% خلال تلك الفترة. وبالنسبة لدعم المواد البترولية فقد ارتفعت مخصصات المواد البترولية بنحو58.6% خلال الفترة من2007/2008 و2011/2012 لتصل القيمة الي نحو95.5 مليار جنيه في موازنة عام2011/2012 وبعد ان كانت نحو60.2 مليار جنيه في عام2007/2008 كما ارتفعت نسبة مخصصات دعم المواد البترولية الي اجمالي الدعم بنحو57% خلال نفس الفترة. ويلاحظ ان السولار استحوذ علي نحو48.1% من اجمالي الدعم الموجه للمواد البترولية في موازنة2011/2012 مقابل نحو40.8% من اجمالي قيمة دعم المواد البترولية عام2007/2008. وارتفع نصيب السولار من اجمالي قيمة الدعم للمواد البترولية بشكل كبير ليصل الي نحو58.8% خلال عام2008/2009, يشكل دعم البوتاجاز نسبة14% من اجمالي قيمة الدعم الموجه للمواد البترولية في موازنة2011/2012 كما استحوذ المازوت علي13.9% من اجمالي قيمة الدعم الموجه للمواد البترولية خلال نفس العام. اما دعم البنزين فيشكل نحو13.2% من اجمالي دعم المواد البترولية في موازنة2011/2012 كما استحوذ الغاز الطبيعي علي نحو10.5% من موازنة العام نفسه. وبالنسبة لدعم تنيشط الصادرات فقد بلغت قيمة الدعم في عام2007/2008 نحو2 مليار جنيه بما يمثل نحو2.3% من اجمالي قيمة الدعم ثم ارتفعت القيمة عن عام2008/2009 لتبلغ نحو4.2% جنيه تمثل نسبة4.5% من اجمالي قيمة الدعم. ومنذ عام2009/2010 شهدت القيمة انخفاضا ليصل الي2.5 مليار جنيه في موازنة عام2011/2012 بما يمثل نحو1.9% من اجمالي قيمة الدعم. وبالنسبة لدعم قطاع الزراعة فان الدولة تقدم دعما لبعض الانشطة الزراعية مثل تقديم دعم لفروق اسعار القطن ومقاومة آفاته بالاضافة الي دعم لصندوق الموازنة الزراعية كما قامت الدولة في موازنة2011/2012 بتخصيص قيمة الدعم للمحاصيل الزراعية باجمالي2 مليار جنيه. اما بالنسبة للدعم الموجه لصندوق الموازنة الزراعية فقد انخفض بشكل ملحوظ خلال الفترة من2007/2008 و2011/2012 فبعد ان كان نحو83.3 مليون جنيه عام2007/2008 اصبح نحو12.5 مليون جنيه فقط حتي موازنة2011/2012. فقد بلغت قيمة الدعم المخصص لقطاع النقل نحو690 مليون جنيه عام2011/2012 مقابل438.7 مليون جنيه عام2007/2008 كما بلغت قيمة دعم قطاع الاسكان نحو1.5 مليار جنيه عام2011/2012 مقابل مليار جنيه عام2007/2008 وقامت الدولة بتوجيه نحو400 مليون جنيه لدعم قطاع الصناعة عام2011/2012 بعد ان كان نحو700 مليون جنيه خلال عام2008/2009 وتقدم الدولة دعما للخدمات الصحية وخاصة التأمين الصحي للطلاب بلغ230 مليون جنيه في موازنة2011/2012. ويكشف التطور في نظام دعم السلع والخدمات ودعم الطاقة انه كان ينبغي ان يؤكد في مضمونه استهداف الفقراء الا ان هذا التطور عكس عدم وصول الدعم لمستحقيه مما يتطلب ذلك اعادة هيكلة الدعم وترشيده خاصة في الطاقة حتي يمكن تحسين اوضاع الفقراء ومحدودي الدخل وتوفير كل متطلباتهم ورفع مستوي معيشتهم تحقيقا للعدالة الاجتماعية.