كيف يمكن أن نصف مصر إذا سألنا سائل ؟؟.. مصر تقع في الفئة الوسطي من الدول ذات الدخل المتوسط، وهي تمتلك أكبر ناتج قومي في شمال أفريقيا، ومازالت تحقق ثاني أكبر ناتج قومي عربي وإفريقي، ويشكل شعب مصر أكبر كتلة سكانية في منطقتها، وبالتالي فلديها أكبر جيش، بل الدولة الوحيدة القادرة علي تعبئة مليونين من الجنود يحمونها ويشاركون في اكبر عملية للإعمار. ومازالت مصر تخرج من أبنائها الخبراء من مختلف المهن بكفاءة وظفت عشرة ملايين من خريجي التعليم المصري يعملون في كافة القارات والدول. ووهب الله مصر نهر النيل، أعظم انهار العالم، فصارت دولة زراعية توفر أجود أنواع القطن والخضر والفواكه، ومنذ بناء السد العالي توفر لمصر مصادر كبري للطاقة تطورها الآن بتوسيع دائرة انتاج الكهرباء التقليدية ومن الطاقة الشمسية والطاقة الذرية. وماذا لو كان السؤال .. ما هي مشكلة مصر؟؟ بلغ تعداد مصر بنهاية عهد محمد علي، 5 ملايين مصري، وبنهاية عهد الملكية كنا 18 مليونا، وتوفي الرئيس عبد الناصر ومصر 30 مليون فدائي حسب أغنية عبد الحليم. واستشهد السادات ومصر 41 مليون مصري، وصلوا بنهاية عهد مبارك الي 90 مليونا . وصارت مصر تنتج أطفالا، بارك الله فيهم، أسرع من إنتاج السلع والخدمات، ودفعت مصر ثمنا كبيرا في حروب التحرير، فبدأنا نقترض بعد أن صادرنا أموال الناس من المصريين علي غير أساس فانحسر الاستثمار الوطني، ودخلنا في ازمة مديونية نجحنا في التفاوض علي إعادة جدولتها، وصارت ديون مصر الخارجية لا تتعدي 41% من الناتج القومي. ورغم أن معدلات النمو بلغت أكثر من 7٪، فقد قامت ثورة يناير 2011 ضد الجمود السياسي وغيبة العدالة الاقتصادية والاجتماعية، لكننا أخفقنا في ترتيب الأولويات. فطالبنا بزيادة الرواتب قبل أن يزيد الإنتاج، واستجابت الحكومات لذلك بسلامة نية أو بغير ذلك، فأصبحت كمية كبيرة من النقود تطارد كميات متناقصة من المنتجات، انتهت الي تضخم وزيادة سريعة في الأسعار طحنت الفئات الأقل مقدرة. وقد أدت الاضطرابات إلى انخفاض أعداد السياح، بنسبة %46.3 سنة 2015، وانخفض احتياطي العملات الأجنبية الي 17 مليار دولار فى أبريل 2016 مقابل 36 مليار دولار فى عام 2010 كما انخفضت الصادرات، فصارت مصر تواجه أزمة سيولة، وعادت تقترض دون أن تعمل بالقدر الكافي لسداد القروض، وزاد إنجاب الأطفال بأسرع من إنتاج السلع والخدمات، وحركت سعر الصرف عدة مرات لتحد من الطلب علي الدولار الشحيح العرض. ومع أن الديون الخارجية ظلت في الحدود الآمنة، فقد تفاقم اقتراض الحكومة من السوق الداخلي لتمول عجزا في ميزانية يذهب ثلاثة أرباعها لدعم يتسرب أغلبه لغير مستحقيه (الوقود)، ودفع أجور ومرتبات لموظفين لا نحتاج لتسعة أعشارهم، فضلا عن خدمة الديون الداخلية التي صرنا بسببها ندمن الاقتراض لسداد القروض. والسؤال الأخير ما هو الحل؟؟ ونسأل أولا هل نحن علي استعداد للعمل ..؟ أم سنجلس خارج الملعب مع المراقبين والنقاد.؟ مع أن أهم مقومات السياسة الاقتصادية الجيدة هو ان يلتف الناس حولها ويؤمنوا بها ويراهنوا عليها، ويزيد صعوبة الحل، أننا لم نتفق علي شكل مصر الاقتصادي الذي ترتضيه الأغلبية، هل هو اقتصاد يعتمد قواعد السوق الحر تحت رعاية الدولة كمراقب وحكم، أم نعيد مأساة اقتصاد تتملكه الحكومة وتتحكم في الانتاج والأسعار والأجور؟ فبينما ننادي بجذب المستثمرين رأينا من يومين علي احدي القنوات الرسمية مسلسلا يقول فيه رئيس تحرير صحيفة للمحررة: يمكنك أن تهاجمي من تشاءين إلا رجال الأعمال وتحديدا اللصوص منهم، لأنهم يمولوننا ويدفعون مهايانا، ونقرأ لكتابنا في الصحف القومية أن رجال الأعمال امتصوا دماء الشعب، فلو أضفنا ما جرى في السابق تجاه رجال مثل طلعت حرب وعبود وفرغلي وأبو رجيلة والفنان محمد فوزي، بل والملك فيصل، الذين صودرت أموالهم، ونجد بيننا من يتمنى تكرار هذه المآسي، فأي رسالة نريد توجيهها للمستثمر القادم.