هوت مؤشرات البورصة المصرية بنحو جماعي خلال تعاملات الأسبوع الماضي, مع تصاعد المخاوف من دعوات التظاهر بنهاية يونيو الجاري, التي تخطط لها المعارضة, احتجاجا علي الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن. وانخفض مؤشر' إي جي إكس30', الذي يقيس أداء أنشط ثلاثين شركة, بمقدار7% تعادل377.7 نقطة ليهوي من مستوي5438.77 نقطة مغلقا عند5061.02 نقطة, وهو أدني مستوي منذ ابريل الماضي اي منذ شهرين. وتراجع مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة' إي جي إكس70', بمقدار7.3% تعادل32.3 نقطة ليصل إلي408.15 نقطة مقابل440.46 نقطة, وهو أدني مستوي في عامين. وهبط المؤشر الأوسع نطاقا' إي جي إكس100' بمقدار5.6% ليغلق عند700.15 نقطة مقابل741.5 نقطة. وخسر رأس المال السوقي للأسهم المقيدة خلال مايو ما يقرب من19 مليار جنيه ليهوي إلي أدني مستوياته منذ ديسمبر الماضي مسجلا342.5 مليار جنيه مقابل361.4 مليار جنيه. وقال وسطاء في السوق لالأهرام الاقتصادي ان حالة التوتر السياسي التي شهدتها البلاد علي مدار الأيام الماضية بسبب سوء إدارة أزمة سد النهضة الإثيوبي, إضافة إلي صدور أحكام في قضايا التمويل الأجنبي ساهمت في زيادة خسائر السوق ودفعت الاجانب إلي علميات بيع عشوئية علي الأسهم المصرية. وأرجع محسن عادل, نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار, الانخفاض الحاد للبورصة بسبب الاوضاع المضطربة التي شهدتها البلاد الأسبوع الماضي, مشيرا إلي أن ما تمر به مصر حاليا يقلق المتعاملين وقد تكون الصورة أكثر ضبابية للمستثمرين قصيري الاجل. اضاف عادل أن جميع الأحداث تؤثر علي القرارات الاستثمارية للمستثمرين سواء كانت بيعا او شراء, مشيرا إلي أن القوانين الجديدة للضرائب علي البورصة والقطاع المصرفي أربكت القرار الاستثماري وطردت المستثمرين, فضلا عن الشكوك التي تحوم حول مدي قانونية صفقة شراء أسهم' أوراسكوم للإنشاء', إضافة إلي فشل صفقة بيع' أوراسكوم تيليكوم'. وكشف محللون وخبراء الأسبوع الماضي أن قيام شركة' أوراسكوم إن في' الهولندية بتخفيض قيمة عرضها للاستحواذ علي100% من أسهم من280 جنيها للسهم إلي255 جنيها للسهم يعد مخالفا لقانون سوق المال, مشيرين إلي أن هناك لغطا كبيرا بين هيئة الرقابة المالية وشركة أوراسكوم في توصيف الشكل القانوني للعرض الجديد, حيث تعتبره الشركة' تعديلا' للعرض السابق, بينما تعتبره هيئة الرقابة المالية عرضا' جديدا' وذلك بحسب الإفصاحات الرسمية من الطرفين. ويري عادل ان المتعاملين في سوق المال المصرية يعيشون حالة من القلق والترقب وعدم القدرة علي اتخاذ قرار بالشراء أو البيع وسط شح شديد في السيولة مع استمرار الدعوات لتظاهرات30 يونيو و عدم حسم ازمة سد النهضة, منوها بان اداء البورصة المصرية عكس استمرار مخاوف المتعاملين نتيجة التوترات السياسية مما اثار مخاوف المستثمرين المصريين المستمرين في البيع موضحا ان تكرار الازمات ادي لهذا الهبوط الحاد. اوضح ان الأحداث التي تشهدها البلاد جعلت من الطبيعي أن تكون القرارات الاستثمارية للمتعاملين في السوق عشوائية وغير مدروسة, حيث شهدت الجلسات عروضا بيعية من قبل المستثمرين وذلك بسبب غموض الرؤية, مشيرا إلي أن المخاطر السياسية نقلت المتعاملين في السوق الان من مرحلة المخاطر السياسية إلي مرحلة عدم اليقين وهي المرحلة التي يصعب بها وضع أي توقع للسوق خلال الفترة المقبلة. أشار نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل و الاستثمار إلي أن إعادة تنشيط وتحفيز البورصة المصرية يحتاج إلي جهد كبير من جميع الأطراف السياسية والاقتصادية, بدءا بالسعي لتحقيق الاستقرار والأمن, مرورا بالرسائل التطمينية للمستثمرين في الداخل والخارج, وصولا إلي إعادة هيكلة النظم والقوانين التي بها بعض القصور وتحتاج الي عملية تطوير في عدد من جوانبها مؤكدا أن الاستثمارات الطويلة الأمد التي تستهدف الاستثمار لآجال طويلة ودخلت الأسواق في الفترة الأخيرة, سوف تواصل سعيها لتحقيق هدفها الاستثماري, مستفيدة من مستويات الأسعار التي تراها جاذبة. ويري هشام مشعل, خبير أسواق المال, أن من بين العوامل التي ساهمت في الاداء السلبي للبورصة المصرية عدم تمكن الاسهم القيادية من استعادة دورها المفقود في النهوض بالسوق خاصة في ظل عدم وجود محفزات علي الشراء مما دفعها لاستمداد توجهاته من المناخ العام للبلاد, وبالتالي استغل هذا التوجه فئة من المضاربين الذين قاموا بتوزيع السيولة علي اسهم اخري لا تقوي علي دعم السوق حاليا. اكد مشعل علي اثر غياب القوي الشرائية نتيجة لنقص السيولة و افتقاد البورصة لمحفزات التداولات نتيجة الترقب الحذر الذي يغلب علي المتعاملين مشيرا الي أن الهدف الرئيسي في الفترة الحالية يتمثل في إعادة الثقة والسيولة إلي السوق. ويشير خبير أسواق المال إلي ان البورصة تنتظر دخول سيولة تحول كفتها نحو الصعود ولكن الترقب والحذر من القادم خاصة من قبل المؤسسات هو العنوان الرئيسي للسوق مشيرا الي ان انخفاض احجام التداولات يعكس حالة الترقب الحذر لدي المستثمرين لتطورات التداولات خلال الجلسات المقبلة مشيرا الي ان هناك احجاما عن ضخ سيولة جديدة فالسيولة تتناقل في الاساس ما بين الاسهم والقطاعات بصورة واضحة. ويتوقع مشعل ان تنجح البورصة في تعويض جانب كبير من خسائرها خلال تعاملات الأسبوع المقبل, خاصة بعد الإعلان عن ارتفاع جيد في الاحتياطي النقد الأجنبي للشهر الثاني علي التوالي. أعلن البنك المركزي المصري, الخميس الماضي, عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر بنهاية شهر مايو الماضي إلي16.039 مليار دولار, وهي أعلي قيمة له منذ يناير2012, مقابل14.426 مليار دولار بنهاية شهر إبريل السابق عليه, بارتفاع حوالي1.613 مليار دولار وهي أعلي زيادة منذ اندلاع الثورة في يناير2011. من جانبه, رهن إسلام عبد العاطي, الخبير الاقتصادي ومحلل أسواق المال, تحسن أداء البورصة بحالة الاستقرار السياسي منوها بأن الأوضاع السياسية الاخيرة الذي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة انعكست علي أداء البورصة. ونصح عبدالعاطي المستثمرين بعدم اتخاذ قراراتهم وفقا للأحداث الحالية لان القرارات العشوائية قد تتسبب في خسائر فادحة مؤكدا ثقته في قدره المستثمرين بالبورصة المصرية علي اتخاذ القرارات السليمة وعدم الاندفاع نحو قرارات عشوائية خلال الجلسات القادمة خاصة أننا جميعا تعلمنا أن ما يحدث ما هو إلا أحداث استثنائية ستنتهي طالت أو قصرت خاصة ان هناك مشتريات انتقائية ظهرت علي الاسهم بعد ان رفع هذا التراجع الحاد من جاذبيتها الاستثمارية بعد تدني اسعارها متوقعا عودة السوق للتعافي, خاصة أن الأسعار الحالية للأسهم مغرية للشراء اذا استقرت الاوضاع سريعا.