أ ف ب شهد جنوب السودان في الأشهر الاخيرة انهيار عملية السلام وعودة أعمال العنف على نطاق واسع، ما يثير مخاوف إزاء تحولها لأعمال ابادة، بعد توقعات بانتهاء الحرب الأهلية التي اندلعت في ديسمبر 2013. وبالكاد استمر الامل شهرين للتوصل الى تسوية للنزاع الذي اسفر عن عشرات الاف القتلى واكثر من ثلاثة ملايين نازح ولاجئ واتسم بأعمال وحشية اتخذت طابعا اثنيا. وقد عاد زعيم التمرد رياك مشار أواخر أبريل الى جوبا لتشكيل حكومة وحدة وطنية مع الرئيس سالفا كير، في اطار اتفاق السلام الموقع في اغسطس 2015، لكن مواجهات عنيفة اندلعت مطلع يوليو بين الطرفين اسفرت عن مئات القتلى. وقد فر مشار من البلاد، ثم دعا اواخر سبتمبر الى استئناف النزاع المسلح. ويواجه نائب الرئيس السابق المنفي في جنوب افريقيا، العزلة، لكنه ما زال زعيم التمرد. والحرب التي كانت تقتصر حتى الان الى حد كبير على ولايات الوحدة والنيل الاعلى وجونقلي الشمالية، امتدت منذ ذلك الحين الى الولاية الاستوائية الوسطى المحيطة بجوبا. وقال آلان بوسويل المحلل المستقل ان "الحرب في جنوب السودان تزداد توسعا الى اجزاء اكبر من البلاد"، مشيرا الى انه يتوقع هجمات جديدة مع عودة فصل الجفاف الذي بدأ لتوه. وعمد الفريقان الى تجنيد عناصر جدد بالقوة احيانا، ومنهم اطفال، استعدادا "لاندلاع معارك عنيفة هذا الشهر، اشد عنفا من تلك التي وقعت في الاشهر الاخيرة"، كما اضاف. واوضح بوسويل "ليس هناك عملية سلام او خطة سياسية.لذا. لا يتوافر اطار حتى تتمكن المجموعة الدولية من ممارسة ضغوط على الطرفين لحملهما على وقف" المعارك. واضاف بوسويل ان "المجموعة الدولية نوعا ما تقبل واقعة ان معارك توشك ان تبدأ". ومن المتوقع الا يؤدي "الحوار الوطني" المفتوح للجميع، الذي بدأه الخميس سالفا كير، الى تغيير هذا الاتجاه. وقد تضاعفت اعمال القتل ذات الطابع الاتني في الاشهر الاخيرة، وخصوصا في مدينة يي وضواحيها، في الولاية الاستوائية الوسطى، ما دفع بعشرات الالاف للجوء في اوغندا المجاورة. واثارت هذه الفظائع قلق المجموعة الدولية. وذكر خبراء للامم المتحدة مطلع ديسمبر ان عملية "تطهير عرقي" تجرى في عدد كبير من مناطق جنوب السودان. وفي منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، اكد المستشار الخاص للامم المتحدة حول تدارك الابادة، اداما دينغ، في مجلس الامن انه رأى في البلاد "كل المؤشرات التي تثبت ان الكراهية الاتنية واستهداف المدنيين يمكن ان يؤديا الى ابادة اذا لم يحصل شيء لمنعها". وقال جايمس اوكوك المحلل السياسي في جامعة جوبا ان "ما يحصل الآن، هو استهداف اتني واضح، واذا ازدادت وتيرة ذلك، فلن يكون الامر مختلفا عما حدث في رواندا". ولا يحمل شيء على الاعتقاد ان فريقا يمكن ان ينتصر عسكريا على المدى المتوسط وتحويل مكاسبه الميدانية الى مكاسب سياسية. ولاحظ بوسويل ان "الحكومة لا تفرض عمليا سيطرتها خارج بعض المدن التي توجد فيها ثكنات عسكرية" في الولاية الاستوائية "التي اصبحت حاليا مسرح الحرب الرئيسي". لكن المتمردين بدوا ايضا "عاجزين عن شن هجمات على المعاقل الاساسية للحكومة" لانهم "لا يمتلكون الموارد" المتوفرة للحكومة. وقال بوسويل ان "الحكومة اقوى عسكريا لكنها اضعف سياسيا، والعكس صحيح للمتمردين". واضاف ان "التمرد يتمتع بتعاطف كبير في البلاد، لكنه ضعيف عسكريا". وحملت الضغوط الدولية حكومة جنوب السودان على الموافقة على ان ينتشر في جوبا قوة اضافية لحفظ السلام، قوامها 4000 عنصر تحت اشراف الاممالمتحدة. لكن آليات هذا الانتشار وجدوله الزمني لم تتأكد بعد. واعتبر بوسويل ان "البلدان المجاورة لجنوب السودان تستطيع ان توقف كل ذلك في اي وقت لو ارادت، واذا ارتات ان لها مصلحة جماعية في ذلك". وقال ان "المشكلة تمكن في ان مصالحها متضاربة احيانا. ومنذ تموز/يوليو، لم تكن هناك اي سياسة كما انه ليس هناك اي اتفاق على المستوى الاقليمي حول ما يتعين القيام به". ويزداد المستقبل غموضا في ظل "عدم وجود سياسة اميركية في الوقت الراهن حول جنوب السودان". وخلص بوسويل الى القول "لا يتوقع احد من الان فصاعدا ان تتخذ الولاياتالمتحدة مبادرة حيال هذه المسألة. وهذا يترك فراغا كبيرا".