العراق يشدد على التصدى للإرهاب الإلكترونى والمقاتلين الأجانب
السعودية تطالب بسن التشريعات المجرمة للأعمال الإرهابية وتمويلها
بات مجلس وزراء العدل العرب واحدا من أهم مؤسسات النظام الإقليمى العربى، إلى جانب مجلس وزراء الداخلية، بالذات على صعيد تحديد المسارات التى تحشد الجهود المشتركة، للتفاعل مع التهديدات الأمنية المتصاعدة فى المنطقة، وفى صدارتها الإرهاب وتنظيماته المنتشرة فى غير بقعة عربية، وسيطرت على مساحات شاسعة فى أكثر من دولة، وإن كانت ثمة مساع جادة للتخلص والقضاء على هذه التنظيمات، وضمن هذا المنظور تتجلى أهمية الدورة الأخيرة للمجلس - الدورة الثانية والثلاثين - والتى عقدت بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية يوم الخميس الماضى برئاسة الدكتور حيدر الزاملى وزير العدل العراقي الذى ترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس. بالطبع ثمة تهديدات وجرائم عديدة ركز عليها وزراء العدل العرب، وقد حرص الزاملى فى مداخلته الرئيسية أمام الدورة الجديدة التأكيد على ضرورة تضافر الجهود الوطنية والعربية والإقليمية والدولية في محاربة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله وإعطاء الأولوية لمواضيعه المهمة مثل الإرهاب الإلكتروني والمقاتلين الأجانب وتجنيد النساء والأطفال وتوسيع نطاق التجريم ليشمل الأعمال التحضيرية، وبما يتفق مع قرارات مجلس الأمن، وهو ما يستوجب - حسب رؤيته - العمل على إصدار التشريعات الوطنية والعربية اللازمة والاستمرار في التعاون العربي المشترك بما يكفل المحاربة والمكافحة والوقاية من جرائم الإرهاب. ويلفت الزاملى النظر إلى أن التنظيمات الإرهابية تمثل أداة لخلق حالة من عدم الاستقرار والتنافر والتنازع داخل الدول العربية بشكل عام ومناطق النزاع المستهدفة بشكل خاص، ومنها العراق ومصر وليبيا واليمن وتونس وسوريا وفلسطين وغيرها. ويقول فى هذا الصدد: إننا - يقصد بلاده العراق - نتحمل المسئولية في محاربة الإرهاب وتحقيق الانتصارات المتقدمة في جميع المناطق التي سيطرت عليها التنظيمات الإرهابية. ووفق منظور وليد بن محمد الصمعاني وزير العدل السعودي، في مداخلته فإنه من الضرورة بمكان حشد جهود جميع الدول من أجل مواجهة الإرهاب والتصدي له وتجفيف منابعه والقضاء على أسبابه وجذوره، مؤكدا ضرورة التعاون والتنسيق العربي للتصدي لظاهرة الإهارب بجميع الوسائل والسبل من حيث الإطار القانوني في إصدار التشريعات اللازمة المجرمة للأعمال الإرهابية وتمويلها والتنسيق لمكافحتها، إضافة إلى تجديد القوائم المتعلقة بالمنظمات الإرهابية ومايتطلبه ذلك من مراجعة لمضامين كل من «الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب» و»الإستراتيجية العربية والقانون الاسترشادي لمكافحة الإرهاب» بما ينسجم مع المستجدات، ويتماشى مع المتغيرات التقنية المستخدمة في تجنيد الإرهابيين. ومن ناحيته، أكد وزير العدل الأردني الدكتور عوض أبو جراد رئيس الدورة السابقة لمجلس وزراء العدل العرب في كلمة وجهها للاجتماع، أن الدورة الأخيرة للمجلس عقدت في ظل ظروف بالغة الدقة تتطلب تضافر جميع الجهود لمواجهة، ودحر الإرهاب سعيا إلى تجفيف منابع تمويله وبجميع أشكاله وصوره. وبالتالى فليس ثمة بديل عن تعزيز التعاون العربي والدولي في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ومشروع البروتوكول العربي لمكافحة الاتجار بالبشر، وخصوصا النساء والأطفال ومشروع الاتفاقية العربية لتنظيم أوضاع اللاجئين في الدول العربية ومكافحة الفساد بشقه القانوني وغيرها من الموضوعات المهمة والهادفة إلى تفعيل العمل العربي المشترك في إطاره القانوني والعدلي. وطبقا للسفير فاضل جواد الأمين العام المساعد للجامعة العربية رئيس قطاع الشئون القانونية، فإن ثمة أهمية بالغة اتسمت بها الدورة ال 32 لمجلس وزراء العدل العرب مرجعا ذلك لكونها عقدت في ظروف دقيقة تشهدها المنطقة العربية نتيجة تزايد الأخطار والتهديدات التي تمثلها آفة الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، خصوصا الجرائم المتعلقة بالاتجار بالبشر والمخدرات والسلاح وتهريب المهاجرين وغسل الأموال، والتى لم يعد بمقدور أى دولة مهما بلغت إمكاناتها أن تتصدى لها منفردة مما يزيد من حجم المسئوليات، مما يستوجب من وزراء العدل العرب مواصلة رسالتهم النبيلة ودورهم الفاعل في تعزيز التعاون في المجال القانوني والقضائي في مواجهة هذه الأخطار وتبعاتها. وجاءت كلمة مصر التى ألقاها المستشار محمد حسام عبد الرحيم وزير العدل لتضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالمهام المطلوبة من مجلس وزراء العدل العرب فى المرحلة المقبلة، وفى مقدمتها ضرورة تكثيف المجلس لجهوده والقيام بتحمل مسئولياته في مواجهة التحديات الراهنة وفي صدارتها خطر الإرهاب من خلال تعديل الاتفاقيات العربية لمكافحة الإرهاب، ومتابعة تنفيذها وتفعيل الاتفاقيات القضائية والأمنية العربية، فضلا عن الاضطلاع بمسئولياته القانونية في الدفاع عن قضايا الأمة في المحافل الدولية والإقليمية وتكثيف آليات وأساليب العمل لمواجهة التحديات الراهنة. وحسب قناعة المستشار عبد الرحيم فإن أخطر ما يواجه الوطن العربى في هذه المرحلة هو الموجة المتصاعدة من جرائم العنف والإرهاب الأسود، وهى جرائم تسعى التنظيمات والكيانات الإرهابية من خلالها إلى تدمير كيان المجتمع والعصف بأمنه واستقراره وتعويق مسيرة التقدم والازدهار. وشكلت مشاركة علي أبو دياك وزير العدل الفلسطيني فى أعمال الدورة الجديدة لمجلس وزراء العدل العرب فرصة للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، واستمراره في مواصلة الاستيطان وتهويد القدس لطمس هويتها ومعالمها التاريخية والحضارية، وكذلك الانتهاكات بحق المسجد الأقصى، والتي تصاعدت حدتها أخيرا بمشروع قرار حول منع رفع الآذان في القدسالمحتلة. وانتقد أبو دياك، محاولة سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمرير قانون لمحاكمة الأطفال دون سن ال13 عاما، مؤكدا الوقوف دون تمرير تلك القوانين، داعيا إلى توحيد التشريعات العربية وتفعيل اتفاقية مكافحة الإرهاب وتفعيل دور الإعلام في مكافحة الإرهاب ومواجهة الجريمة المنظمة. وجاء البيان الختامى لمجلس وزراء العدل العرب ليعكس جميع التوجهات التى طرحت خلال مداخلات الوزراء، فقد ندد بجميع الاعتداءات الإرهابية التي تتعرض لها الدول العربية وجميع أشكال الإرهاب ومظاهره أيا كان مصدره، وشددوا على ضرورة تعزيز تدابير الوقاية من الإرهاب ومعالجة أسبابه واقتلاع جذوره وتجفيف منابعه الفكرية والمالية، ووضع برامج تهدف إلى تعزيز ثقافة التسامح والتعددية ومحاربة التطرف. ونبه إلى أن جميع التدابير المستخدمة في مكافحة الإرهاب يجب أن تتفق مع المباديء المعترف بها في القانون الدولي بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مطالبا الدول الأعضاء بتوعية السلطات الوطنية المسئولة عن مكافحة الإرهاب بأهمية هذه الالتزامات، داعيا الدول العربية إلى التعاون لمنع الإرهابيين من استغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنترنت للتحريض على دعم أعمالهم الإرهابية وتمويل أنشطتهم والتخطيط والإعداد لها، ووضع آلية وطنية للتعامل مع المواقع الإلكترونية ذات الصلة بالتنظيمات الإرهابية. كما طالب المجلس الدول العربية المصدقة على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات إلى موافاة الأمانة الفنية للمجلس بما اتخذته من إجراءات لمواءمة تشريعاتها مع أحكام الاتفاقية وتجريم الصور المستحدثة من الجرائم الإلكترونية لمنع الإرهابيين من استخدام الإنترنت. ودعا إلى تعزيز التعاون مع المنظمات والوكالات الدولية المتخصصة للحصول على المساعدات المطلوبة في بناء القدرات اللازمة لمواجهة خطر استخدام الإرهابيين لأسلحة الدمار الشامل أو مكوناتها، ودعم أمن المطارات والموانئ والحدود. وأكد المجلس ضرورة مواصلة التعاون القائم بين جامعة الدول العربية وأجهزة المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بمكافحة الإرهاب، وكذلك تعظيم الاستفادة من إمكانات أجهزة الأممالمتحدة المعنية بمكافحة الإرهاب، خصوصا مكتبها المعني بالمخدرات والجريمة. وفيما يتعلق بشبكة التعاون القضائي العربي بمجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، قرر مجلس وزراء العدل العرب عقد اجتماع للجنة الفنية لخبراء وزارات العدل في الدول العربية لإعداد مشروع النظام الداخلي لهذه الشبكة، في ضوء ما يرد من ملاحظات الدول العربية تمهيدا لعرض نتائج أعمالها على الدورة المقبلة للمجلس وتكليف الأمانة الفنية للمجلس للتنسيق مع الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بشأن إنشاء شبكة التعاون القضائي العربي في مجال مكافحة الإرهاب. وكلف المجلس، أمانته الفنية بتعميم مشروع القانون العربي الاسترشادي الخاص بمساعدة ضحايا الأعمال الإرهابية على وزارات العدل والداخلية والجهات المعنية لمكافحة الإرهاب في الدول العربية لإبداء ما قد يكون لديها من ملاحظات بشأنه. ورحب المجلس باقتراح الأمانة الفنية له بتحديد يوم 25 ديسمبر من كل عام “يوما عربيا لمكافحة الفساد”. وقرر المجلس اعتماد “البروتوكول العربي لمكافحة الاتجار بالبشر”، وخصوصا النساء والأطفال الملحق والمكمل للاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، مع إحالته إلى الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب للنظر في اعتماده. وقرر المجلس اعتماد البروتوكول العربي لمنع مكافحة القرصنة البحرية والسطو المسلح الملحق والمكمل للاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية . واعتمد المجلس، العديد من الاتفاقيات منها ما يتعلق بتنظيم نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية ومنع ومكافحة الاتجار فيها والاتفاقية العربية لمنع ومكافحة الاستنساخ البشري. وقرر المجلس عقد اجتماع ثان للجنة المشتركة من خبراء وممثلي وزارات العدل والداخلية في الدول العربية لدراسة مشروع الاتفاقية العربية لتنظيم أوضاع اللاجئين في الدول العربية. كما قرر المجلس عقد اجتماع ثان للجنة المشتركة من خبراء وممثلي وزارات العدل والداخلية في الدول العربية لإعداد دراسة عن جدوى مشروع البروتوكول العربي للحد من انتشار الأسلحة في المنطقة العربية. من ناحية أخرى، وافق مجلس وزراء العدل العرب، على تشكيل مكتبه التنفيذي للعامين المقبلين، ويضم ترويكا القمة العربية (مصر وموريتانيا والأردن)، بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء بالتناوب وفقا للترتيب الهجائي للدول الأعضاء (قطر وجزر القمر والكويت) وانتخاب عضوين هما السعودية والعراق واتفق الوزراء العرب على عقد الدورة ال 33 لمجلس وزراء العدل في شهر نوفمبر 2017 وعقد الدورة ال 60 للمكتب التنفيذي في مقر الأمانة العامة للجامعة العربية.