أطلق البنك المركزي المصري منذ عام 2013 عدة مبادرات من شأنها دعم الأنشطة الاقتصادية المختلفة ومساندتها للقيام من عثرتها عقب الاضطرابات التي تمر بها الدولة منذ يناير 2011، وتنوعت تلك المبادرات ما بين دعم السياحة والصناعة والتمويل العقاري، فيما جاء آخرها موجهاً لتنمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والذي توليه الحكومة ككل اهتماماً خاصاً.
فدشن المركزي في يناير الماضي مبادرته لل SME's من خلال توفير 200 مليار جنيه لدعم هذه المشروعات لدعم اقتصاد البلاد وتوفير فرص عمل، وذلك بسعر عائد متناقص لا يتعدى 5% سنويًا مقابل السماح للبنوك بخصم قيمة التمويل المباشر المقدم للمشروعات الصغيرة من قيمة الاحتياطي الإلزامي المودع طرف البنك المركزي.
كما استهدف هذا البرنامج توجيه الموارد المصرفية بالأسلوب الذي من شأنه أن يقدم التمويل خلال 4 سنوات لنحو 350 ألف شركة ومنشآة، إضافة إلى خلق حوالي 4 ملايين فرصة عمل جديدة.
وتأتي مساهمة البنك المركزي الجديدة من خلال إطلاق حزمة من القرارات التي تستهدف تهيئة المناخ المناسب لتعزيز فرص تمويل تلك الشركات والمنشآت وتذليل العقبات التي تواجهها، وتم توجيه البنوك نحو زيادة نسبة القروض الممنوحة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى نسبة لا تقل عن 20% من إجمالي محفظة قروض البنوك خلال السنوات الأربع القادمة.
ولكن مع كثرة مبادرات المركزي خفت الاهتمام من جانب بعض البنوك بها ما جعل "المركزي" يلوح بسعيه لإصدار عقوبات للمخالفين لما نصت عليه مبادرة ال SME's بالتحديد.
قال طارق الخولي، وكيل محافظ البنك المركزي إن "المركزي" سيقوم بإصدار عقوبات على البنوك غير الملتزمة بتطبيق المبادرة، إلا أنه لم يحدد عقوبة واضحة بعد لمَن لم يصل إلى النسبة التى تم تحديدها عقب أربع سنوات والتي تستهدف استحواذ تمويلات المشروعات الصغيرة والمتوسطة على 20% من حجم محفظة التمويلات الإجمالية.
قيود على الفروع
وتوقع الخولي لجوء المركزي إلى عدد من الخيارات المتاحة لمعاقبة المخالفين ومنها زيادة معدل كفاية رأس المال على تلك البنوك أو تحديد افتتاح الفروع الجديدة لخدمة المشروعات الصغيرة أو تحديد أماكن تواجدها بالمناطق النائية.
وأشار إلى أن المركزي قام بما عليه ناحية البنوك لتهيئة كافة المعوقات التي كانت تحول دون توسع تمويل هذا القطاع، وأبرزها التعريف الموحد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جداً الذي صدر قبل أيام من صدور المبادرة، ما استتبعه رقابة دورية على البنوك من خلال تقارير ربع سنوية للتعرف على ما وصلوا إليه من المبادرة.
المبادرة إلزامية
ومن جانبها أكدت سهر الدماطي، نائب العضو المنتدب لبنك الإماراتدبي الوطني - مصر أن المركزي لابد أن يكون صارماً مع كافة العاملين في القطاع المصرفي المصري لضمان الالتزام بأعلى معايير الكفاءة في تنفيذ مبادراته، منوهة إلى أن تعليماته فيما يتعلق بمبادرة المشروعات الصغيرة لم تكن استرشادية ولكنها إلزامية ويتم متابعتها بشكل دوري.
وأوضحت الدماطي أن البنوك ذات الحصص السوقية الصغيرة تواجه تحديات كبرى للوصول إلى نسبة ال 20% في حين تتفوق البنوك الكبرى بشكل ملحوظ واقترابها من الوصول للمحفظة المستهدفة في أقل من المدة المذكورة نظراً لارتفاع عدد فروعها وانتشارها في مختلف محافظات الجمهورية، فضلاً عن أن بعض الفروع في القرى والمدن الصغيرة تبلغ متوسط القروض بها نحو 500 ألف جنيه وهذا يعني أنها تمول شريحة المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الأساس قبل إطلاق المبادرة.
وتابعت أن الهدف الرئيسي للمبادرة هو ضم البنوك التي كانت تعزف نهائياً عن تمويل هذا القطاع، وهذا ما تم بالفعل عن طريق تأسيس وحدات خاصة بتمويل ال SME's على المستويين الائتماني والمخاطر، فضلاً عن تدريب الكوادر البشرية.
فيما لفت حمدى عزام، عضو مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى إلى أن المركزي باعتباره الرقيب فمِن صلاحياته معاقبة المخالفين خاصة مع مراعاته لحالة كل بنك ما جعله يحدد فترة 4 سنوات للوصول لنسبة ال 20% من المحفظة الائتمانية للمشروعات الصغيرة.
احتمالات فشل البعض
وأضاف أن المركزي لجأ للتلميح بوجود عقوبات على غير الملتزمين بالمبادرة مع متابعته الدورية للبنوك والتي كشف من خلالها تقاعس البعض عن أداء دوره بالشكل المطلوب وعدم الاتزام بالمعدلات السنوية، الأمر الذي قد يؤدي إلى فشله في الوصول للنسبة المستهدفة.
وتابع عزام أن الهدف من الإعلان عن تلك العقوبات هو التحفيز، خاصة مع مرور الاقتصاد بمرحلة دقيقة تحتاج لتواجد أكبر للمشروعات الصغيرة والمتوسطة للمساعدة على الحد من الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية وتوفير فرص العمل والحد من البطالة، وما يقوم به المركزي من مبادرات هو جزء أصيل من دوره في إدارة السياسة النقدية.