مصطفي حمزة من «القاعدة» ل«داعش» .. الولاياتالمتحدة تلدغ من الجحر مرتين
شعار «الحرب على الإرهاب» ... حق أريد به باطل
«القبلة الأخيرة قبل النوم» يفضح تخطيط أمريكا للتفجيرات
منفذ التفجيرات مصري تربى في أوربا برعاية أمريكية
على الرغم من مضي 15 عامًا على أحداث 11 سبتمبر 2011م، إلا أن آثارها لا تزال مسيطرة على المشهد العالمي، حيث تعد هذه الأحداث نقطة تحول في تأريخ التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة، وما تفرع عنه من امتدادات كجبهة النصرة (فتح الشام حاليًا)، وتنظيم الدولة الإسلامية المزعومة في العراق والشام «داعش».
وتنظر هذه التنظيمات على ما بينها اختلافات إلى أحداث برجي التجارة العالميين على أنها من أعظم "الغزوات" في التاريخ الجهادي، بسبب ما أحدثته من آثار اقتصادية لأكبر رمز من رموز التجارة في العالم، مما كلف أمريكا ثمنًا باهظًا، وعلى الرغم من معاداة تنظيم «داعش» ل«القاعدة» إلا أن الدواعش وضعوا صورة أسامة بن لادن وبرجي التجارة على صفحاتهم وحساباتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي لمدة 24 ساعة احتفالًا بهذه "الغزوة المباركة" على حد وصفهم. أعطت أحداث 11 سبتمبر الولاياتالمتحدةالأمريكية الذريعة لإعلان التدخل العسكري في الشرق الأوسط وإعلان حرب انتقامية مشروعة ضد الإسلاميين في مختلف دول العالم، في إطار ما أطلقت عليه الإدارة الأمريكية وقتها «الحرب على الإرهاب» والذي دعت كل الدول للدخول فيها، على اعتبار أن الخطر يهدد الجميع، بل ووضعت الرافضين للدخول في هذه الحرب في كفة الأعداء، ليعلنها بوش الابن بكل بجاحة «إما معنا أو علينا».
البداية كانت في عام 1996م حينما نجحت حركة «طالبان» الوليدة، بقيادة الملا عمر، في السيطرة على العاصمة كابول بعد عامين فقط من ظهور مواقف حاسمة للحركة في المجتمع الأفغاني، بعيدًا عن الصراع المسلح ضد الاتحاد السوفيتي، مما دفع الولاياتالمتحدة لمواصلة سياستها في دعم الحركات الإرهابية ومن بينها «طالبان»، وذلك للحد من نفوذ إيران في المنطقة، وإشعال الصراع السنى الشيعي.
ولم تتخيل أمريكا أن «العفريت» الطالباني الذي حضرته وأمدته بالسلاح والمال والدعم اللوجستي وجوازات السفر التي تمكن أعضاء التنظيم من دخول أفغانستان من أجل تنفيذ مهمة محددة، وهي جهاد الملحدين الروس هناك، سوف ينقلب عليها بعد أن يفرغ منهم ليتخلص منها هي الأخرى، على اعتبار أن الكفر ملة واحدة، لينقلب السحر الأمريكي على صاحبه.
مؤامرة 11 سبتمبر في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م اهتزت الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب مجموعة من الهجمات الإرهابية التي تعرض لها برجي مركز التجارة العالمي بمنهاتن، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بعد تحويل اتجاه أربع طائرات نقل مدني تجارية مستهدفًة أربعة أهداف، نجحت في تحقيق ثلاثة منهم، راح ضحيتهم ما يقارب 3 آلاف ضحية من المدنيين، و24 مفقودًا، وإصابة المئات، اتهمت فيها جهات التحقيق الأمريكية 19 شخصًا قريبين من تنظيم القاعدة بتنفيذ الحادث، وطالبت بإلقاء القبض على أسامة بن لادن زعيم التنظيم وقتها، ورصدت لذلك مبلغ 25 مليون دولار.
بات حديث يدور في الأوساط العالمية بما فيها الأمريكية بأن ما حدث في 11 سبتمبر هو مؤامرة سمحت أمريكا بتنفيذها للتذرع بها لإعلان الحرب على الإرهاب، وهو ما رفضه الرئيس الأمريكي بوش الابن، واصفًا هذا الكلام بأنه «حديث الأشرار».
ومن أبرز من أعتبرها مؤامرة رئيس تحرير مجلة «انتلجنس ريفيو» اللندنية، مدللًا على ذلك بأن عملية بهذه الضخامة وهذه الدقة يستحيل نجاحها، من دون مساعدة داخلية، يقصد مساعدة من جهات أمريكية، مما يؤكد أن الولاياتالمتحدة كانت على علم بالتخطيط لعمليات داخل ولاياتها، لا سيما بعد أن أعلن أسامة بن لادن، زعيم التنظيم، أنه سينقل معركته الى قلب أمريكا.
كما كشفت التحقيقات الأمريكية أن «الانتحاريين» التسعة عشرة كانوا تحت المراقبة قبل وبعد دخولهم الى أمريكا، وذلك وفق تصريحات رئيسة اللجنة الاستخبارية في «الكونجرس»، التي تشرف على التحقيقات، حيث قالت إن ثلاثة من الانتحاريين هم «المحذار» و«نواف الحازمي» وشقيقه كانوا موضع مراقبة «وكالة الاستخبارات الأميركية» منذ حضورهم اجتماعاً لتنظيم القاعدة في ماليزيا، قبل الأحداث بعام.
وفي التحقيق المصور الذي أعده التلفزيون البريطاني، وبثته مختلف الفضائيات، قال أحد رجال الامن في دولة الامارات العربية، إن ثلاثة من «الانتحاريين»، وكانوا مطلوبين من السلطات الأمنية الأمريكية للاشتباه بعلاقتهم بتنظيم القاعدة أبلغت عنهم مديريته بأنهم في طريقهم إلى نيويورك، عبر مطار دبي، وذلك قبل أشهر من العملية، فلم يُعتقلوا أو يتم استجوابهم، ما يؤكد أنهم وُضعوا تحت الرقابة المشددة.
ومن المفارقات التي تؤكد مؤامرة 11 سبتمبر المشهد الشهير من فيلم «القبلة الأخيرة قبل النوم» والذي يحكي عن قصة تفجير برج التجارة العالمي قبل وقوعه بخمس سنوات عام 1996م، حينما قال أحد أبطال الفيلم: "هل تذكرين التفجير الذي حصل عند المركز التجاري العالمي سنة 1993؟ أثناء المحاكمة ادعى أحد المشتركين أن المخابرات المركزية الأمريكية تعلم مسبقاً بالأمر، وبالفعل فالدبلوماسي الذي أصدر التأشيرات للإرهابيين كان من مكتب المخابرات.. فلما استغربت، قال لها: ليس بالأمر الذي يصعب التفكير فيه فهم مهدوا الطريق للتفجير.. هنا استدرك آخر قائلاً: تقصد أنك ستقوم بعملية إرهابية كاذبة لموافقة الكونجرس على زيادة الأموال؟! فأجابه: لسوء الحظ يا سيد «هنسي» ليس عندي فكرة كيف أكذب بمقتل أكثر من 4000 شخص –وهو عدد مقارب لضحايا تفجيرات سبتمبر- لذا يستوجب أن نفعلها حقيقة وبالطبع ننسبها للمسلمين.. هكذا أحصل على تخصيصاتي المالية." لا يمكن اعتبار هذا المشهد مجرد صدفة عابرة في قصة سينمائية، وإنما يمكن ضمه لما سبق كقرينة من القرائن التي تدل على اكتمال المؤامرة.
وبغض النظر عن صحة ما ردده هؤلاء من أن 11 سبتمبر كانت مؤامرة أم لا، فإنه من المتفق عليه أنها حققت مصالح أمريكا بشكل رئيس، عن طريق التذرع بتلك الأحداث لإعلان الحرب المزعومة على الإرهاب، والتي أنفقت في سبيلها 400 مليار دولار، بعد موافقة الكونجرس الأمريكي.
"عطا" .. إرهابي برعاية أمريكية منفذ أحد هجمات الحادي عشر من سبتمبر هو محمد عطا السيد –مصري الجنسية- حيث كان مسؤولًا عن ارتطام الطائرة الأولى ببناية مركز التجارة العالمي في نيويورك، والمخطط الرئيسى للعمليات الانتحارية الأخرى التي حدثت ضمن سلسلة الهجمات الإرهابية.
ولم يكن "عطا" مهاجرًا إلى بلاد الغرب من أجل التفجير والإرهاب، وإنما سافر في البداية لاستكمال دراسته في ألمانيا عام 1993م، ليتربى في المركز الإسلامي في ميونيخ والذي تسيطر عليه تيارات الإسلام السياسي المتشددة بدءً بجماعة الإخوان المسلمين وانتهاءًا بتنظيم القاعدة آنذاك.
وقد وصلت تكلفة إنشاء مسجد ميونيخ -والذي يرجع إنشاؤه إلى الحرب العالمية الثانية بدعم من وكالة الاستخبارات الأمريكية وأعيد تجديده عام 2009- ثلاثة ملايين مارك ألماني أو ما يعادل خمسة ملايين دولار أمريكي، لتكتشف إدارة الاستخبارات بعد أحداث 11 سبتمبر أن هذا المسجد خرج منه أهم شخصية قادت الأحداث في تفجير برج التجارة العالمي.
وفي نوفمبر 1998م انتقل "عطا" إلى شقة في هامبورغ للإقامة مع اثنين من أعضاء القاعدة هما "سيد بهيجي" و"رمزي بن الشيبة" ويعتبر البعض هذه نواة نشوء خلية للقاعدة في هامبورغ وكانت لهذه الخلية اتصالات مع خالد شيخ محمد الذي يعتبره البعض الشخص الذي رسم الخطوط العريضة لأحداث 11 سبتمبر 2001. وفي عام 1999م قرر الثلاثة السفر إلى الشيشان لمحاربة الروس ولكن حدث تغييرات في اللحظة الأخيرة وقرروا السفر إلى أفغانستان بدلًا من الشيشان وتقابلوا هنام مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن وانخرطوا في أحد المعسكرات التدريبية.
وجاءت فكرة الهجمات كنتيجة ورد فعل للممارسات الأمريكية العدائية في منطقة الشرق الأوسط، مثل رعاية الولاياتالمتحدة لإسرائيل، واعتبار نيويورك مركزًا للصهيونية العالمية، وتوقيع اتفاقية أوسلو وحرب الخليج الثانية، وغيرها من السياسات.
وضع عطا تحت المراقبة من قبل وكالة المخابرات الأمريكية بعد عودته إلى ألمانيا حيث تمت مراقبته والمثير في الأمر ان وكالة المخابرات الأمريكية انهت مراقبتها لعطا في 3 يناير 2000م لأسباب لا زالت تثير الكثير من الجدل.
وفي مارس 2003م أثناء إقامة "عطا" في ألمانيا تواصل مع العديد من مدارس الطيران في الولاياتالمتحدة، حتى حصل على مقاعد دراسية في مدرسة للطيران في ولاية فلوريدا برفقة مروان الشحي في يوليو 2000 وبعد 5 أشهر حصل الاثنان على رخصة لقيادة الطائرات من نوع بوينغ 727، مما أهله لقيادة الطائرة التي قامت بأول التفجيرات.
الإرهابي الأمريكي المتستر على الرغم من محاولات الولاياتالمتحدةالأمريكية إقناع دول العالم قاطبة بضرورة الانضواء تحت لوائها والدخول في حلفها في إطار ما أطلقت عليه «الحرب ضد الإرهاب» إلا أن الممارسات الأمريكية على الأرض تؤكد عكس ما تدعوا إليه بالمرة، فهي التي تدعم الإرهابيين وتساعدهم وتمولهم، بحجة تحقيق أهدافها في البلاد العربية في الشرق الأوسط، لينطبق عليها المثل المصري القائل «تقتل القتيل وتمشي في جنازته».
ليس أدل على ذلك من ظهور تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة في العراق والشام «داعش» الذي ظهر رسميًا ودوليًا بالتزامن مع سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في مصر، وهو ما يدفع بعض المراقبين بالقول بأن أمريكا صنعت «داعش» لتقوم بتنفيذ المخطط الذي فشلت في تنفيذه جماعة الإخوان، وأن التنظيم الوليد كان بمثابة البديل الاحتياطي «الإستبن» للجماعة الإرهابية.
ويبدو من مقاطع الفيديو التي يبثها التنظيم الإرهابي ليؤكد فيها مقتل مسئولين ورعايا أمريكيين، أنه انقلب على دولة التمويل بعد أن سيطر على مناطق عديدة في شمال العراقوسوريا، استفاد من خلالها على أسلحة وموارد تمكنه من المواجهة، وهو ما دفع المدير السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية "ديفيد بيترايوس" أن يقترح على الإدارة الأمريكية التعاون مع عناصر- وصفها بالمعتدلة - من تنظيم القاعدة بسوريا والذي يعرف ب"جبهة النصرة" قبل أن تتحول ل"جبهة فتح الشام" لمحاربة تنظيم داعش والنظام السوري معًا، متناسيًا ما حدث في أحداث سبتمبر، فتنظيم القاعدة الذي دعمه بالأمس ويريد أن يدعمه اليوم هو من انقلب عليه وفجَّر أبراجه وأذاق العالم الويلات من إرهابه.
ولكن يتضح من المقارنة بين حرب أمريكا للقاعدة بعد أحداث سبتمبر وحربها ضد داعش مؤخرًا أن الولاياتالمتحدة لا تستخدم مع داعش عشر معشار القوة التي استخدمتها لمواجهة القاعدة، كما أنها اعتمدت ميزانية 500 مليار دولار لمواجهة داعش ولكنها في هذه المرة ستقوم بتوفير جزء كبير هذه الاعتمادات المالية من دول أخرى عربية وغير عربية كشركاء ومانحين، لا سيما أن الإدارة الأمريكية اعتادت أن تعالج أزمات المؤسسة العسكرية المالية باختلاق حدث يضمن موافقة الكونجرس على تلك الاعتمادات المالية المطلوبة.
كما أن الولاياتالمتحدة حينما أعلنت حربها الوهمية على داعش بدأتها من العراق وليس سوريا، في الوقت الذي كانت تدعم فيه التنظيم الإرهابي في سوريا ليواجه الجيش الحر المناوئ لبشار، على الرغم من أن هذا دعم صريح وواضح للإرهابيين.
ما سبق يؤكد أن أمريكا ليس لديها رغبة أكيدة في التخلص من تنظيم داعش الآن، وأنها لا تزال تنتظر منه القيام بدور ما، بالإضافة إلى أن شعار «الحرب على الإرهاب» الذي ترفعه أمريكا طوال الوقت يشبه شعار الإخوان «الإسلام هو الحل» فكلاهما كلمة حق أريد بها باطل.