خرجوا من الجحور السرية. خرجوا رافعين لافتة واحدة. عليها شعار: ممنوع الاقتراب من ترامب. أصيبوا بالفزع، والهلع، والرعب من احتمال أن يكون (هذا الشىء)رئيسا لأمريكا الضاحكة.
تساءلوا: كيف تحول الخيال الساخر إلى حقيقة سوداء؟ طار الهلع من المؤسسات الأمريكية الدفينة إلى أوروبا وآسيا، وإفريقيا، وطبعا إلى الليبراليين العرب الأمريكيين، عزفوا لحنا جنائزيا تحت عنوان ( ترامب خطر)، ولهم الحق فى الفزع، فترامب (الرئيس من خارج الصندوق) سيدمر الأعصاب الممدودة من واشنطن إلى العواصم والمراكز التابعة. كان ترشيح ترامب لمنصب (الرئيس) فاتحا لشهية برامج التوك شو، وسوقا رائجة لكتاب الأعمدة الساخرة، ورسامى الكاريكاتير، واستعادة للنكتة الأمريكية المفقودة، وكظاهرة عابرة، تجاهله محللو المؤسسات العميقة، فترامب سقط سهوا من كشوف الرؤساء الأمريكيين المعتمدين.
انضم الرئيس أوباما، فارس الربيع العربى المعتمد، إلى جوقة الساخرين من ترامب، قال فى آخر عشاء كرئيس مع المراسلين الصحافيين فى البيت الأبيض:"يقولون إن دونالد يفتقر للخبرة اللازمة ليصبح رئيسا فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، لكنه، وللإنصاف، أمضى سنوات فى لقاءات مع زعماء من أنحاء العالم: ملكة جمال السويد، ملكة جمال الأرجنتين، ملكة جمال أذربيجان"! غمز ولمز أوباما لم يمر مرور الكرام على ترامب. رد الصاع صاعين، مستعيدا فضيحة مونيكا لوينسكى مع زوج هيلارى بيل كلينتون، قائلا:"أنا سعيد للغاية لأنهم احتفظوا بهذا الثوب، لأنه يظهر حقيقتهم المروعة". فى تنشيط للذاكرة عن ثوب مونيكا الأزرق، الدليل الدامغ على آثار كلينتون الجنسية على جسد مونيكا! فشل سلاح السخرية مع ترامب. فقرروا استخدام سلاح التخويف. اتهموه بالعميل الذى لا يدرى! كما قال المدير السابق للسى آي إيه مايكل موريل. وشخصوا حالته بأنه مريض بالجنون! كما قال ديفيد بلوف، المستشار السابق لأوباما:"لدينا شخص مضطرب نفسيا يخوض الرئاسة". أما بول وولفوتز، مهندس غزو العراق، العائد من النسيان، فحذر من وجوده فى المنصب الخطير. حتى دانيال آلان، الأستاذ بجامعة هارفارد خرج عن وقاره العلمى وشبه ترامب بهتلر النازى، وعلى المنوال نفسه كتب المحلل السياسى دانا ميلبانك بأنه الديكتاتور الإيطالى( موسولينى الجديد)!
ترامب لم يهتز أمام الهجوم المنظم. سخر من مهاجميه. وصفهم بنخبة واشنطن الفاشلة، مطالبا بمحاسبتهم على الفوضى والغزو والحروب، داعيا إلى انتهاء دور العائلة الأمريكية الواحدة التى حكمت البلاد طويلا. وبهذا الاعتراف النادر يتجاوز ترامب كل الخطوط الحمراء!