نبيل سيف جواز سفر نجيب محفوظ ب 150 ألف دولار و أم كلثوم فى الكويت ب 200 ألف دولار
أول قاعدة فى عالم تجارة جوازات سفر المشاهير أن يكون متوفى حتى يمكن التأكد من أنه لن تكون له جوازات سفر أخرى فى المستقبل
يتحدد سعر جوازات السفر حسب تكاليف الحصول عليه منذ البداية إلى أن يصل للهاوى الغاوى ثم من هاو لهاو حسب المساومة أو عبر مزاد علنى
عالم سرى يتعامل فى ملايين الدولارات. تديره بورصة مغلقة اللاعبون فيها يعدون على أصابع اليد. تضم شبكة من الموردين فى كل الدول العربية خصوصاً مصر، حيث يرقد الكنز الذى يبحث عنه هذا العالم، والكويت حيث المشترى جاهز بدفع أى مبلغ بالدولار الأمريكى، أو اليورو أو أى عملة أخرى، وقطر حيث الهواة القادرين ماليا على تحريك أسعار هذه البورصة والعالم السرى إلي أسعار خيالية، فهى بورصة لا تقل تعاملاتها عن 100 مليون دولار شهريا، أما الزبون الحقيقى لهذه البورصة هم مليارديرات العرب فى المنطقة وفى كل أنحاء العالم. إنه العالم السرى «لتجارة جوازات سفر المشاهير» أو بورصة هواة اقتناء جوازات سفر نجوم العصر والمجتمع، خصوصاً المصريين حيث ترقد جوازات سفر عظمائهم فى انتظار من يشترى لأعلى سعر، أو المشترى الحقيقى فهو كويتى الجنسية بالدرجة الأولى فى حين أن القطريين هم من يقتنون تلك الجوازات بعدما صارت هواية منتشرة لديهم خاصة الأثرياء منهم، واصبحت مزادات بيع جوازات سفر مشاهير مصر خاصة والوطن العربى عامة، منتشرة فى الكويتوقطر على استيحاء. وبحسب آخر أسعار جوازات سفر المشاهير، فإن جواز سفر نجيب محفوظ، مطلوب بسعر 150 ألف دولار، ولكن أسرته ترفض التفريط فيه، أما جواز سفر إسماعيل ياسين، فقد بيع بمبلغ 3000 دولار قبل 5 سنوات، وارتفع سعره الآن إلي 9000 دولار، وجواز سفر نجمة إبراهيم بيع فى الإسكندرية ب700 دولار قبل 10 سنوات ووصل سعره حاليا فى الكويت إلي 20 ألف دولار، وجواز سفر توفيق الحكيم فى قطر حاليا، واشتراه أحد الهواة من القاهرة بمبلغ2000 دولار، ويطلب فيه الآن 30 ألف دولار، وبرغم تقدم مشترى بالمبلغ إلا أنه رفض البيع، أما جواز سفر فريد شوقى، فسعره 15 ألف دولار، وموجود بالقاهرة لدى أحد الهواة، وجواز سفر فؤاد باشا سراج الدين، معروض بمبلغ 6 آلاف دولار، أما جواز سفر الرئيس السادات، فهو غير موجود ومطلوب بأى ثمن ولا يقل عن 100 ألف دولار، وجواز سفر صدام حسين بيع لتاجر أنتيك مصرى بالإسكندرية بمبلغ 2000 دولار قبل 6 سنوات ليصل إلي لبنان حاليا لدى أحد الهواة ويطلب فيه 70 ألف دولار. أما جوازات سفر مريم فخر الدين ويونس شلبى، وفؤاد المهندس، وحسن البارودى و…إلخ، فهى معروضة هى الأخرى فى السوق حاليا لأعلى سعر، فى حين أن جواز سفر الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى، يبحث عنه مشترون بمبلغ 100 ألف دولار، وأيضا جواز سفر العقاد جار البحث عنه بمبلغ 120 ألف دولار، ولكن حتى الآن لم يصلوا إلي من يملكها. «يتم تحديد سعر جواز سفر الشخصيات المشهورة.. حسب الشخص الأول الذى أتاحت له الظروف أيا كانت بوقوع جواز السفر بيده ( ربما كان بائع روبابيكيا ووجده ضمن كتب وأوراق ) أو وكيل أعمال شخصية ما.. فنان أو سياسى أو رئيس دولة ما.. أو ورثة وتم التفاهم معهم ومساومتهم على مبلغ ما « كما يقول المهندس مجدى حنفى أحد أشهر جامعى جوازات السفر القديمة والعملات التاريخية، مضيفا: وبالتالى يتحدد سعر جوازات السفر حسب تكاليف الحصول عليه منذ البداية إلى أن يصل للهاوى الغاوى.. ثم من هاو لهاو حسب المساومة أو عبر مزاد علنى.. ويدخل فى هذه الهواية تجار الطوابع والعملات التذكارية بدول أوروبية تراقب وتتابع أخبار جوازات سفر المشاهير.. من خلال سماسرة لهم من هواة دول الخليج ومصر لا يعلم ولا يشعر بهم أحد. وفى تجربة حية عاشتها قبل عامين فى أحد المزادات المغلقة لصفوة القوم فى مصر لبيع الأنتيك، والتى نادرا ما يحضرها أشخاص من خارج الدائرة المغلقة التى تدير هذا العالم السرى كان جواز سفر للرئيس الأسبق مبارك، صادر فى نهاية الثمانينيات معروضاً بمبلغ 150 ألف جنيه، إلا أنه لم يجد مشترياً، كما أن المبلغ اعتبره الحضور مبالغاً فيه جدا، لأن مبارك لا يزال حياً وبالتالى لا يمكن معرفة كم جواز سفر لديه لأنه ممكن يستخرج جواز سفر جديداً برغم خروجه من الحكم، وعلى ذلك يمكن فى المستقبل أن يكون هناك أكثر من جواز سفر معروض لمبارك فى السوق وبالتالى تراجع السعر طالما زاد العرض. ويفسر المهندس مجدى حنفى، ذلك بأن أول قاعدة فى عالم تجارة جوازات سفر المشاهير أن يكون متوفى حتى يمكن التأكد من أنه لن تكون له جوازات سفر أخرى فى المستقبل، وبالتالى يكون تحديد السعر واقعياً، تماما مثلما تشترى جواز سفر إسماعيل ياسين أو مكرم عبيد أو فؤاد سراج الدين، فهم بالتأكيد لن يكون لهم جوازات سفر بعد مرة أخرى بعد رحيلهم. ويشير المهندس مجدى حنفى، إلي أن هناك قواعد تحكم اللاعبين فى العالم السرى لهواة اقتناء جوازات السفر، والقاعدة الأولى فى هذا العام « أن لا تسأل عن مصدر الحصول على جواز السفر «، فطالما تأكدت منه أنه جواز سفر أصلى وسليم وللشخصية نفسها فإما أن تشترى أو تترك الفرصة لغيرك. وقبل 5 سنوات اختفى جواز سفر الفنان عادل أدهم من شقته بالزمالك، وتقدمت أرملته ببلاغ للنيابة العامة بسرقة الجواز من منزلها فى ظروف غامضة، وبرغم تحقيقات النيابة فإنه لم يتم التوصل لأحد ليظهر جواز السفر فى إحدى الدول العربية معروضا للبيع بمبلغ 25 ألف دولار، الأمر الذى يكشف عن وجود متخصصين فى جمع جوازات سفر المشاهير بأى شكل، وبأى طريقة، كما يقول أحد كبار جامعى جوازات السفر فى مصر والذى رفض ذكر اسمه، كاشفا عن أنه بانتشار تلك الهواية فى المنطقة العربية ووجود هواة أثرياء أصبح هناك متخصصين يتواصلون مع ورثة المشاهير سرا ليعرضوا عليهم شراء جواز سفر فقيدهم بأى مبلغ، حيث هناك من يوافق وهناك من يرفض نهائيا، وهناك من يطلب فترة زمنية لحين انتهاء مراسم العزاء. ويضيف قائلا: جوازات سفر نجوم الفن المصريين فى المرتبة الأولى فى الإقبال على شرائها، ثم الرؤساء المصريين السابقين، ثم السياسيين ونجوم المجتمع الراحلين فى مصر، وكما كان جواز سفر الشخصية يرجع لسنوات طويلة يصبح سعره أعلى، ولكن الشرط الأهم أن يكون متوفياً، وإلا فلا قيمة للجواز حاليا، فمثلا جواز سفر نجيب محفوظ مطلوب لأمير عربى شهير من هواة اقتناء جوازات السفر، ولكن أسرته تحتفظ به، أما جواز سفر أم كلثوم، فهو فى الكويت حيث اشتراه هاو عربى شهير بمبلغ 200 ألف دولار والبائع من القاهرة بالطبع. ويضيف: أتلقى يوميا طلبات من الخارج من زبائن هواة يطلبون جوازات سفر شخصيات مصرية توفت، فمثلا تلقيت 20 اتصالا فى يوم واحد من عدد من الدول العربية يطلبون جواز سفر الفنان الراحل نور الشريف بعد ساعات من تشييع جثمانه، وهناك إقبال ضخم للبحث عن جواز سفر الفنان أحمد زكى، حيث كلما زادت شهرة الفنان ونجوميته كلما ارتفع سعر جواز سفره بعد وفاته، وأيضا جواز سفر الفنان كمال الشناوى، طلبه العديد من الهواة فى ثانى يوم رحيله عام 2011. باختصار شديد جدا.. هواية اقتناء جوازات سفر المشاهير، فنانين أو فنانات سينما مسرح، شخصيات سياسية، دبلوماسية، يقدم عليها بعض أفراد قليلين من هواة جمع الطوابع والعملات التذكارية.. ويمتلكون إمكانات مالية زائدة علي الحد.. ينفقها فى شراء جوازات السفر.. لمشاهير هذه الشخصيات بعد أن فارقت الحياة.. ويجد الهاوى متعة ما بعدها متعة وسط الجمعيات المتخصصة فى هواية الطوابع والعملات التذكارية وخصوصاً وقت إقامة المزادات..واستعراض الهاوى لما يمتلك..كما يقول الفنان التشكيلى شوقى الناظر، واحد من كبار هواة جمع جوازت سفر المشاهير فى مصر والوطن العربى، مشيرا إلي انتشار هذه الهواية منذ عشر سنوات تقريبا بمنطقة دول الخليج.. برغم أن الجوازات المثيرة للجدل هى جوازات لمشاهير مصريين الله يرحمهم.. وبالتالى غير منتشرة بمصر، ربما لأن الهواه بمصر لا يعنيهم الأمر من قريب أو بعيد.. مع العلم أن هناك هواة مصريين يهتمون بتجميع صور فوتوغرافية ( أصلية ) وخصوصاً الصور الأبيض والأسود لمشاهير الفنانين والفنانات والسياسيين والدبلوماسيين، وتكلفهم أكثر من تكلفة تجميع جوازات السفر للمشاهير. «جواز السفر قيمته فى أنه قطعة فنية تحكى تاريخ وزمن جميل مضى ولن يعود « هكذا يقول علوى فريد، أشهر جامع مقتنيات فى مصر والعالم والذى لدية متحف خاص به مجموعات كاملة من المقتنيات التاريخية للعظماء فى مصر والعالم لا تقدر بثمن، مشيرا إلي أن جواز السفر ليس فقط باسم صاحبه تكون أهميته، ولكن ما فيه من تأشيرات ودمغات وأختام تحكى كيف كان السفر والمطارات زمان، وكيف كان حال تأشيرات دخول أمريكا وأوروبا والخارج وحتى الدول العربية على مدار التاريخ. ويضيف علوى فريد، الذى يمتلك مجموعة ضخمة من جوازت السفر القديمة لمشاهير مصر فى العصر الملكى والسطان حسين كامل وحكم الخديو « لا ننكر أن جوازات سفر مشاهير مصريين ( تعتبر ثروة قومية ) ولكن للأسف الشديد أمام المادة وإغرائاتها تضيع أمور لا تقدر بمال ( مثل مجموعات طوابع الملك فاروق الله يرحمه وأغراضه الشخصية ولوحات القصر وما لا يمكن حصره ) بيعت وضاعت منذ الخمسينيات بمبالغ لا تذكر.. والآن بتباع بالمزادات العالمية بأسعار خيالية.. لا يدركها إلا الهواة الذين يتابعون المزادات العالمية المشهورة وتقارير خبراء التحف والآثار. فى هذا العالم السرى والبورصة الغامضة لجوازات سفر المشاهير سوف نكتشف كيف تسربت جوازات سفر يونس شلبى ومريم فخر الدين، مثلا إلي قطر فى متاحف خاصة يملكها قطريين، وكيف تسرب جواز سفر ليلى مراد، وفريد شوقى، ومحمد فوزى، إلي الكويت، وجواز سفر عادل أدهم لإحدى الدول العربية، وجواز سفر فؤاد المهندس المعروض حاليا لأعلى سعر فى مصر، وجواز سفر وردة الجزائرية، الذى اختفى من شقتها بالمنيل بعد ساعات من وفاتها، وتم بيعه أخيرا بمبلغ خرافى للخارج، وجواز سفر فايزة أحمد هو الآخر، أما جواز سفر سعاد حسنى، فلا أحد يعرف مصيره برغم ارتفاع ثمنه إلي 25 ألف دولار أمريكى، ناهيك عن جوازات السفر الملكية وجوازات سفر أسرة محمد على، التى لا يعرف أحد أين ترقد الآن، ومع من فى مصر أم خارج مصر؟ هل هذه التجارة قانونية؟ وهل العمل فى تلك البورصة مشروع؟ يجيب المستشار القانونى الدكتور عمرو زكى عبد المتعال، والمحامى قائلا: «فيما يتعلق بوثائق السفر شاملة جوازات السفر، فإن وثائق السفر تصدرها إما دول ذات سيادة وإما منظمات دولية بغرض تمكين حاملها من اجتياز حدود الدول وقد ينص فى ذات الوثيقة بشكل واضح على أن تلك الوثيقة مملوكة للدولة التى أصدرتها، ومن ثم يلزم ردها إلى سلطات تلك الدولة بعد انتهاء صلاحيتها فى اجتياز حدود الدول وفى تلك الحالة، وإذا ما اعتبرت الوثيقة منقولاً مملوك للدولة التى تصدرها فإنه وفى داخل إقليم تلك الدولة يكون بيع أو شراء تلك الوثائق غير جائز قانوناً بل قد يكون مجرماً، ومن ناحية أخرى قد لا تضمن الوثيقة ذاتها النص على أنها مملوكة للدولة التى تصدرها، ولكن قد ينص فى قوانين الدولة على مثل ذلك النص فى تشريع معين مثل التشريعات المنظمة للجوازات والجنسية. ويضيف د.عمرو عبد المتعال: «وفى تلك الحالة أيضاً يكون بيع أو شراء تلك الوثيقة غير جائز قانوناً وقد يكون مجرماً بنص قانونى والمسألة التى قد تثور تتعلق بمدى جواز تطبيق تلك القوانين فى الدول التى ليست هى مصدرة الوثيقة كأن يتم شراء وثيقة صادرة من دولة (أ) فى إقليم دولة أخرى دولة (ب) فهل تستطيع الدولة (أ) إذا ما علمت بتلك الواقعة أن تطال من يقوم بالبيع أو الشراء فى الدولة (ب) بواسطة سلطاتها، من الوجهة القانونية المجردة قد يجوز ذلك بلجوء الدولة (أ) إلى السلطات القانونية والقضائية فى الدولة (ب)، وقد تتمكن أيضاً السلطات فى الدولة (أ) من إستصدار أحكام قضائية فى الدولة (أ) ضد من قام بالبيع والشراء فى الدولة (ب) ولكن إمكانية تطبيق الأحكام القضائية الصادرة فى الدولة (أ) داخل إقليم الدولة (ب) رهن بتطبيق قواعد القانون الدولى الخاص فى الدولة (ب) من حيث مدى جواز تطبيق الأحكام القضائية الأجنبية فى إقليم الدولة (ب) « إذاً وما الحل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ثروة مصر من جوازات سفر المشاهير؟ يجيب الفنان شوقى الناظر « لا سبيل لذلك غير إنشاء مؤسسة حقيقية للحفاظ على التراث المصرى الأصيل.. مؤسسة لها مقدرة مالية.. وخبراء حقيقيين لديهم الضمير الواعى والأمانة أمام الله والوطن.. مهما كانت الإغراءات المادية.. سواء من داخل الوطن أم خارجه.. مؤسسة تقوم بشراء أورق ومستندات أصلية حقيقية، مثل مقتنيات البنوك للوحات الفنية لمشاهير الفنانين المصرين، برغم أن هناك لوحات فنية خرجت من مصر بمبالغ زهيده وتباع الآن بألوف الدولارات.. من دولة لدولة.. والآن تخرج الصور الفوتوغرافية الأصلية للأفلام المصرية الموثقة بطوابع تمغة وأختام رقابة السينما وقتها.. والتى مر عليها أكثر من ثمانين ومائة سنة بمبالغ لا قيمة لها..وتباع بمزادات بأسعار خيالية «. نحن ندق ناقوس الخطر، وعلى وزارتا الثقافة والداخلية أن تتحرك فورا، بعدما صارت ثروت مصر من جوازات سفر مشاهيرها ورموز مجتمعها لدى هواة عرب وأجانب، وصارت هناك تجارة رائجة وعالم سرى وبورصة خفيه رأسمالها ملايين الدولارات يوميا لشراء جوازات سفر مشاهير مصر وعظمائها وبيعها للهواة الأثريا ء، مثلما بيعت من قبل آثار مصر ووثائقها النادرة فى عز النهار وأمام الجميع.