سوزى الجنيدى كان من الممكن أن تكون محاولة الانقلاب الفاشلة التى تمت فى تركيا درسا لحكومة أردوغان لكى تستوعب أن الإخوان يتشابهون كثيرا مع حركة فتح الله جولن، وأن الخطر أصبح واحدا على البلدين، وأن من يحركون الخيوط خلف الستار سعيا لإضعاف وتقسيم البلدين مشتركين، فإنه للأسف لم يتم استيعاب الدرس من جانب أردوغان، وتعلل بموقف مصر فى مجلس الأمن الذى سعى لتغير ثلاث كلمات (دعم حكومة منتخبة ديمقراطيا) فى البيان الذى كان سيصدر بعد الانقلاب، وقالت الخارجية المصرية على صفحة متحدثها الرسمي السفير أحمد أبو زيد، إن مصر لم تبد أي اعتراض على بيان مجلس الأمن الخاص بالأحداث في تركيا. وذكر مصدر دبلوماسي مصري أن ممثل مصر في الاجتماع طالب بتعديل عبارة واحدة في صيغة البيان، مشيرا إلى أن مصر تتفق مع ما ورد في البيان إجمالا. وأكد المصدر أن مصر طلبت تغيير عبارة “احترام الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في تركيا” بعبارة "احترام المبادئ الديمقراطية والدستورية وحكم القانون". وتتشابه قصة الانقلاب الفاشل الذى أشارت أجهزة استخباراتية منها البريطانية أنه كان هناك إعداد مسبق لمواجهة الانقلاب مع محاولة اغتيال جمال عبد الناصر فى الستينيات على يد الإخوان، ويسعى أردوغان لضرب عدة عصافير بحجر أولها التخلص من نفوذ جماعة فتح الله جولن، وكذلك الانقلاب على الأتاتوركية والعلمانية المتطرفة فى تركيا، ولهذا يسعى لإنشاء حرس ثورى جديد متوازى للجيش، وأن يصبح الجيش التركى تابعا للرئاسة لتقليم أظافره، والمشكلة أن أردوغان يرفض أن يرى خطورة الإخوان ككيان متوازى فى مصر يتشابه مع جماعة جولن فى تركيا لأن لديه مشروع وحلم بالعودة إلى نفوذ الدولة العثمانية باستخدام جماعات الإسلام السياسي مثل الإخوان الموالين له، ولكن الرئيس عبد الفتاح السيسي، يقف فى مواجهة هذا المشروع مثلما وقف محمد على قبله، ولا تزال المسألة لم تحسم بعد وإن كان اتهام أردوغان لأمريكا صراحة بالوقوف خلف الانقلاب، وقطع الكهرباء لساعات عن قاعدة إنجرليك الأمريكية فى تركيا، والتى تحوى رءوسا نووية تابعة للناتو، رسالة شديدة اللهجة ستجعل كل من أمريكا والناتو يراجعون موقفهم من أردوغان، خصوصاً ونحن على اعتاب انتخابات رئاسية نوفمبر المقبل وإدارة جديدة فى الولاياتالمتحدة بداية العام المقبل، مما قد يجعل واشنطن تهتم أكثر بالدور المصرى فى الفترة المقبلة. ومن يقرأ تعليقات المصريين على وسائل التواصل الاجتماعى عقب الانقلاب الفاشل، يدرك مدى المرارة التى يشعر بها المصريون تجاه إيواء نظام أردوغان لرموز إخوانية واستمرار هجوم أردوغان ورجاله على مصر، بل وسعى لاستفزاز المصريين برفع إشارة رابعة مجددا، وهو ما نفاه القائم بالأعمال التركية بالقاهرة على رضا جوناى، الذى عقد مؤتمرا صحفيا لعدد من المحررين الدبلوماسيين الأحد الماضى، عرض خلاله ما حدث فى 15 يوليو الجارى بتركيا، حيث كشف جوناى وللمرة الأولى النقاب عن أن الإشارة التى استخدمها أردوغان بيده عقب فشل الانقلاب، لم يكن المقصود بها علامة رابعة الخاصة بالإخوان، ولكن الرئيس أردوغان أوضح أن الأصابع الأربعة التى رفعها تعنى "وطن واحد، وأمة واحدة، وشعب واحد، وعلم واحد". وأكد أن الشعب التركى لديه عتاب حيث كان ينتظر تلقى أى رسالة تضامن أو حتى رسالة تعازى من الجانب المصرى خصوصاً أن البلدين تبادلا برقيات العزاء فى ضحايا العمليات الإرهابية التى وقعت فى مصر وتركيا أخيرا. وأصر جوناى أن بلاده واجهت محاولة انقلابية، ولكن تم تنظيمها من خلال هجوم إرهابى عبر تنظيم إرهابى لفتح الله جولن، والذى اخترق الجيش التركى على مر السنوات قائلا: إن لدينا أدلة على تواجدهم واختراقهم ليس فقط للجيش، ولكن فى كل المؤسسات، ولهذا فإن عدد المقبوض عليهم عالى وسيكون أعلى فى الأيام المقبلة. وقال إن الرئيس التركى كانت قد وصلت إليه - قبيل وقوع الانقلاب بساعة أو ساعتين حسب قوله - معلومات استخباراتية تفيد بوقوع الانقلاب، وتسأل المحرر الدبلوماسى لوكالة أنباء الشرق الأوسط حول موعد علم أردوغان المسبق تحديدا بالمحاولة الانقلابية وما الجهة التى أمدت أردوغان بالمعلومة، وإذا ما كانت جهاز مخابرات، فأشار على رضا إلى أنه نحو ساعتين قبل الانقلاب عن طريق أحد الضباط الذى حاول الانقلابيون تجنيده للمشاركة فى الانقلاب، فأوهمهم بالموافقة، ثم ابلغ المخابرات التركية. وأن الانقلابيين استخدموا المروحيات " كوبرا" والطائرات "إف 16" وأنه راح ضحية الانقلاب الفاشل 60 من رجال الشرطة وخمسة من العسكريين و149 من المدنيين بينما أصيب 2186. وعندما بادره محرر الوكالة بسؤاله حول عدم منطقية إقدام منفذى الانقلاب على محاولة تجنيد عنصر قبل العملية بساعات قليلة، لأن هذا الأمر يتطلب قيامه بأيام، وأن استخدام "إف 16" بالتأكيد كان سيؤدى لقتل الآلاف، القائم بالأعمال بأنه لا يوجد أى شىء منطقى فى هذا الانقلاب، وأن الفيديوهات تؤكد استخدامهم للطائرات. وسخر القائم بالأعمال من الانقلابيين ووصفهم بالإرهابيين واتهمهم بأنهم استخدموا عقلية الثمانينيات والتسعينيات حينما حاولوا السيطرة على التليفزيون الرسمى فقط وتناسوا القنوات الخاصة. وأكد القائم بالأعمال أن منظمة فتح الله جولن " فيتو" منظمة إرهابية وتقف وراء الانقلاب" وهى حركة ظهرت فى السبعينيات وكانت تركز على التعليم.. مشيرا إلى أن لهم تواجد بمدارس فى 120 دولة منها مصر، واستعرض ممارسات جولن وعناصره للسيطرة على مؤسسات الدولة بأساليب غير مشروعة .. مشيرا إلى أن أعضاء حركة جولن الذين استخدموا القائم بالأعمال مصطلحا لتسميتهم اسم " منظمة فيتو" يدفعون لها 20 بالمائة من دخلهم (خمس مرتباتهم) للحركة. وقال القائم بالأعمال أنه تم العثور على ورقة دولار مع كل عنصر شارك فى الانقلاب تحمل رقما مختلفا يشير إلى رتبة صاحبه فى تسلسل قيادة التنظيم (جولن) لأن الرتب العسكرية لهم لا تعكس وفقا لقواعد الحركة رتبهم الحقيقية داخل التنظيم، ويمكن أن تكون قيادة عليا فى الجيش أصغر رتبة فى تسلسل قيادة التنظيم. وهنا ذكرت محررة "الأهرام العربى" أن حركة جولن تتشابه كثيرا مع جماعة الإخوان وأن على تركيا تذكر ذلك لأنها ما زالت تأوى عدد من رموز الإخوان مما يتسبب فى استمرار الخلافات بين البلدين، وذكر القائم بالأعمال التركى بالقاهرة أن الموقف المصرى جاء مخيبا للآمال وأننا قمنا بإبلاغ المسئولين فى مصر بذلك.. مضيفا أن هذه كانت فرصة خسرتها مصر لزيادة الثقة، وكنت اتمنى أن تعلن مصر احترامها لحكومة منتخبة برغبة شرعية وتدين الانقلاب وتعرب عن تعازيها للشعب التركى. وأشار إلى أن الشعب التركى لم يتلق أى رسالة تضامن أو حتى رسالة تعازٍ (من مصر).. وقاطع المحرر الدبلوماسى للوكالة القائم بالأعمال التركى، مؤكدا أن ما ذكره غير مقبول ومرفوض من جانب الشعب أو الصحافة المصرية لأن تركيا بقيادة أردوغان هى التى تأوى قيادات وعناصر جماعة الإخوان الإرهابية التى لفظها الشعب المصرى حيث يمارسون من هناك التحريض ضد مصر وقيادتها منذ ثورة 30 يونيو 2013 والتى تعتبرها مصر والعديد من الدول فى العالم منظمة إرهابية، كما أن مصر فى المقابل لم تأوى جماعة جولن التى تصفها الآن تركيا ب" الإرهابية" رغم أنها كانت جزءا من القوة الناعمة لتركيا. وهنا ذكرت محررة "الأهرام العربى" أن كل ما ذكر فى الأنباء يؤكد أن ما حدث فى تركيا هى محاولة انقلابية فاشلة وليست عملية إرهابية لكى تدينها مصر خصوصاً أن الرئيس التركى هو الذى استمر فى الهجوم على مصر وقياداتها بل واستغل منبر الأممالمتحدة فى الهجوم على قيادة مصر وما يزال مستمرا فى الحديث السلبى ضد مصر وأن كل مواقف وتصريحات الرئيس التركى السابقة كانت عدائية وسلبية وداعمة لجماعة الإخوان الإرهابية. وطالب المحررون الديبلوماسيون القائم بالأعمال التركى بنقل رسالة إلى قيادته بأن الشعبين المصرى والتركى صديقان، وأن عدو تركيا هو من استضاف الذين خططوا للانقلاب وأن عليه (أردوغان) بأن يبادر باظهار نوايا إيجابية تجاه إرادة الشعب المصرى التى اظهرتها الملايين فى ثورة 30 يونيو المجيدة . واختتم القائم بالأعمال التركى بالقاهرة بالقول إن الشعبين مرتبطان بعلاقات قوية وممتدة. بالطبع سعت أطراف لزيادة الخلافات بتسريب خبر على لسان مصدر استخباراتيّ عربيّ علي أن تركيا على قناعة تامّة بأنّ دولاً عربيّة تقفُ وراء محاولة الانقلاب العسكريّ الفاشل على الرئيس التركيّ رجب طيّب أردوغان، وعلى رأسها دولة الإمارات العربيّة ومصر، وأضاف المصدر أن أنقرة ترى أن دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، وهما من ألد أعداء جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي، كانتا تسعيانِ لتقويض نظام الرّئيس رجب طيّب أردوغان، الحليف والرّاعي للجماعة.بل وزادت التسريبات أن القاهرة قد توافق على إيواء فتح الله جولن فى مصر. وأكد المصدر الإستخباراتيّ، حسبما ذكر “آرون كلاين” مدير مكتب التحقيقات الصحفية في موقع “Breitbart”، أن السفارات التركيّة وأجهزة الاستخبارات تحاول جمع أدلة تدين مشاركة هذه البلدان في محاولة الانقلاب الفاشلة. وشدّد على أن تركيا الآن تتحقّق من المعلومات التي نُشرت حول زيارة رجل الدين التركي “فتح الله جولن” العدّو اللدود للرئيس أردوغان، لدولة الإمارات العربية المتحدة الأيام الماضية، لوضع اللمسات الأخيرة على مخطط محاولة الانقلاب الفاشلة.