أحمد أمين عرفات برغم أن شهرته جاءت من خلال فرقة "الجيتس" باعتباره من أهم مؤسسيها، لكنه كان صاحب النصيب الأعظم في ألحان فوازير رمضان، حيث عمل في فوازير نيللي وسمير غانم وشريهان، وغيرهم، وقد لا يعلم الكثيرون أنه مبتكر صوت فطوطة الشهير. عن حكاياته مع الفوازير وصناعها، التقت «الأهرام العربى» الملحن سمير حبيب في هذا اللقاء: كيف بدأت علاقتك بالفوازير؟ عندما اشتهرت كملحن من خلال فرقة الجيتس، جاءت لي الراحلة أمينة المعداوي مدير الإنتاج بالتليفزيون المصري وقتها في الاستديو الخاص بي، وطلبت أن أشارك في تلحين فوازير الفنانة نيللي، ثم أرسلت المخرج المساعد محمد عبد النبي ومعه إحدى الفوازير لكي أقوم بتلحينها وكانت بدايتها تقول "طلعت أدب لقيت الدب يأزأز لب" من كلمات شاعرنا الراحل الجميل صلاح جاهين، وبالفعل قمت بتلحينها ونالت إعجاب المخرج فهمي عبد الحميد ونيللي وفريق الفوازير، لذلك أرسلوا لي بعدها 4 فوازير أخرى. وماذا عن لقائك الأول بالمخرج فهمي عبد الحميد والفنانة نيللي؟ كانت سعادتي كبيرة بلقاء الحاج فهمي، فقد كان رحمه الله شخصية جميلة وطيبة ومبدعة، لا يبخل بالنصيحة، محبا لعمله ومشجعا لمن يعمل معه بصورة تحفزه لكي يخرج كل ما بداخله، أما الفنانة نيللي فقد كنت أعرفها قبل عملي معها بالفوازير، حيث كانت تأتي لمشاهدة فرقة الجيتس، وللأسف لم أعمل معها سوى سنة واحدة فقط. لماذا؟ لأني في العام التالي مباشرة اتصل بي الحاج فهمي ليخبرني بأن الفوازير هذا العام ستكون لسمير غانم، ومن هنا بدأت رحلتي مع فوازير "فطوطة" ومن خلالها تعاملت مع الشاعر الجميل عبد الرحمن شوقي الذي صاحبته كمعلم لي حتى رحل عن عالمنا، وأيضا أصبحت الملحن الخاص بسمير غانم في أغلب أعماله المسرحية بعد ذلك، كما تعاملت مع الراحل سيد مكاوي والحمد لله استطعت أن أكسب ثقة كل من تعاملت معهم في الفوازير، وأذكر أن أول حلقة عملتها في "فطوطة" وكانت عن هتلر عندما سمع لحنها الموسيقار حلمي بكر قال لمن حوله "الشغل ده جامد أوي". كيف تولدت لديك فكرة صوت "فطوطة" الذي كان عاملا أساسيا في نجاح هذه الفوازير؟ ما حدث أن الحاج فهمي أبلغني بأنه يريد شخصية أخرى لسمير غانم بصوت مختلف، فلم يكمل جملته حتى قلت له "عندي هذا الصوت" وطلبت من سمير غانم أن يدخل الاستديو ويغني ببطء وكأنه سكران، ولم يكمل دقيقة حتى طلبت منه الخروج، وقمت بتغيير سرعة الصوت، فخرجت بالشكل الذي عرفه الناس لفطوطة، وإذا بالجميع تعلو الدهشة والفرحة وجوههم. وكيف توصلت إلى هذه الفكرة بهذه السرعة؟ الفكرة كنت قد نفذتها من قبل في إعلان لنوع من التليفزيونات وقتها اسمه "إن آي سي تيلمصر". وكيف كانت تجربة فوازير شريهان؟ جاءت بعد فوازير سمير غانم، وأستطيع أن أقول إن شريهان ظاهرة لن تتكرر، فهي إنسانة مجتهدة بشكل كبير وقدمت معها أحلى الفوازير، خصوصا أنها هي التي طلبتني، لأعمل لها نحو 150 استعراضا، فقد كانت طاقة فنية غير طبيعية، ومن بعدها قمت بالعمل في فوازير مدحت صالح وشيرين رضا، لدرجة أني كنت أحصل على نصيب الأسد من الحلقات والتترات. كيف ترى فكرة تقديم الفوازير مرة أخرى؟ أحذر من تقديمها بالشكل القديم، ولابد من البحث عن فكرة جديدة مختلفة تماما، لأن تكرارها بنفس التيمة سيكون الفشل مصيره، لأن زمن هذا القالب انتهى ولابد من قالب جديد. هل صحيح أن أغنية "آدينا بندردش ورانا إيه" لداليدا كانت نتاج عملك للفوازير؟ بالفعل، لأنني أثناء عملي في فوازير "فطوطة" توطدت العلاقة بشكل كبير بينى وبين عم صلاح جاهين، فوجدته معلما كبيرا لكل المحيطين به، فكنت أتعلم مثلهم منه وأنا منبهر بشخصيته وفنه وفكره الراقي، حتى فوجئت به ذات يوم يقول لي أنت مختلف شوية في شغلك عن الباقين" فسعدت جدا برأيه لتزداد سعادتي بشكل لا أستطيع وصفه عندما استكمل كلامه قائلا:"مانفسكش في حاجة أعملها لك"، وبفرحة لم أستطع السيطرة عليها أبلغته برغبتي في عمل أغنية تجمع كل محافظات مصر، ومضى بعدها عدة أيام دون حدوث أي تطور، حتى وجدته بعد أسبوع يطلبني تليفونيا ويقول لي "تعالالي" فهرولت إليه في بيته، ولم تكن هذه المرة الأولى التي أذهب إليه فيها، فمن خلال عملنا في الفوازير كنت أتردد عليه لكي يقرأ لي الفوازير التي يكتبها حتى أستطيع تلحينها، وما إن قرأ "آدينا بندردش ورانا إيه، نحكي ونفرفش... إلخ" وأنا لا كلمة على لساني سوى "الله" مع كل كوبليه يقرأه، وخرجت من عنده وأنا أشعر بأني طائر من شدة فرحتي وظللت لمدة أسبوعين ألحن فيها ما بين القاهرة والإسماعيلية وفايد، حيث لدي شاليه هناك. ولكن الأغنية لم تتضمن كل المحافظات؟ بالفعل هناك محافظات تم حذفها مثل أسوان ودمياط وأسيوط وغيرهم، فقد وجدتها داليدا طويلة فاختصرت منها وأضافت لها فقط شبرا. لماذا وقع الاختيار على داليدا؟ قد يتعجب الكثيرون عندما يعلم أن الأغنية كانت مكتوبة في الأصل لكي تغنيها فاطمة عيد، وكان هذا طلب عمي صلاح جاهين، لكني رأيت أن تكون أغنية جماعية وبالفعل ذهبت بالمطربين إلى ستديو الدلتا لتسجيلها، وكان من ضمن هؤلاء المطربون مصطفى قمر ومحمد فؤاد وعلاء عبد الخالق ومحمد منير. وكيف ذهبت إذن إلى داليدا؟ أثناء تسجيلنا للأغنية كان منتج أعمال داليدا في الاستديو فاستمع إليها، فسألني عما إذا كنت أريد أن أعطي هذه الأغنية لداليدا، فوافقت على الفور، فسألني وما بال المطربين الموجودين معك، فقلت له "معرفهمش"، وبالفعل عرض الأغنية على داليدا، فكان رأيها أنها طويلة جدا، وأنها تريد أغنية لا تزيد على 6 دقائق، وأنها متخوفة من غنائها، خصوصا أنها غنت أغنية قبلها لجاهين لم تلق النجاح، فكان الرفض هو رأيها. وماذا حدث بعد ذلك؟ سافرت لها باريس، والتقيت بها واستطعت إقناعها، فقبلها ذهبت إلى المكان الذي تربت فيه في "شبرا" ودخلت بيتها وعرفت تفاصيل عن حياتها، فهي تركت مصر وعمرها 18 عاما، ويبدو أن ما حكيته عن "شبرا " وحياتها فيها قرب المسافات بيننا، والغريب أنها وقفت عند كلمة "سفندي" في جملة "حبيبي زرع غيطه سفندي"، فلم تعرف معناها، فسألتها "معقولة بنت شبرا ما تعرفش السفندي" فأخبرتها به فضحكت طويلا، وانتهى اللقاء بأن طلبت اختصار الأغنية مع إضافة مقطع عن شبرا، وبالفعل اتصلت بجاهين وحتى لا يرفض أخبرته بأن داليدا تسلم عليه وتهديك قبلاتها وتريد مقطع عن شبرا، وفي اليوم التالي مباشرة كنت في كابينة التليفون أسجل في ورقة قطعتها من دفتر التليفون الذي كان في الكابينة ما كتبه جاهين عن شبرا وذهبت إليها فنال إعجابها، وبعدها تم تنفيذ الأغنية التي حققت نجاحا كبيرا ولا تزال حتى الآن.