مصطفى حمزة »» عندما يخبو صوت الأزهر يصبح الحوار بالسلاح بديلًا عن العقل »» منهجنا طوق النجاة للأمة للخروج من أزمتها »» الحفاظ على الأوطان فرض عين على كل إنسان قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إن صوت الأزهر حين يخبو لسبب من الأسباب فإن الأمة تضل طريقها ويلتبس عليها أمر الدين العظيم، ويخفت صوت العقل ويعلو صوت التكفير، ويصبح الحوار بالسلاح بديلًا عن الحوار بالعقل والحجة والبرهان. جاء ذلك خلال المؤتمر العالمي الذي عقدته المشيخة ظهر اليوم الخميس، بحضور الإمام الأكبر، ولفيف من القيادات الدينية، لاستعراض الاستراتيجية الشاملة الجديدة التي يتبناها الأزهر للإصلاح والتجديد وإعداد جيل من الأزهر لحمل الأمانة التي يتشرف بها منذ نشأته. وأكد الإمام الأكبر أن الأزمة الحالية هي الأخطر على الإطلاق لأنها تمثل طعنًا للإسلام وتنفر العالم منه وتصوره وكأنه الوجه الآخر للإرهاب، مضيفًا: «لدينا إصرار كبير لتوصيل رسالة الإسلام للمسلمين وغير المسلمين في مختلف أنحاء العالم.» وتابع: «لا مخرج للمسلمين من هذه الفتنة العمياء الضالة إلا بالعودة إلى المنهج القويم لفهم القرءان والسنة، وهو منهج الأزهر الذي عصمه الله من فوضى التكفير واستباحة أموال الناس وأعراضهم، لأنه المنهج الذي ينظر إلى الخلق على أنهم سواسية كأسنان المشط وكلهم لآدم وآدم من تراب»، مشيرًا إلى أن هذا المنهج هو طوق النجاة، بعد أن جلس الجهلاء على مقاعد أهل العلم، وتدفقت الأموال لشراء أصوات العلماء. وأشار الطيب إلى أن الاستراتيجية الجديدة التي يتبناها الأزهر كان من المفترض أن تعلن منذ وقت بعيد لولا الظروف التي مرت بها مصر، مؤكدًا أنهاليست نهاية المطاف، ولا كل ما في الجعبة، بل إنه لا زال هناك كثير ملقى على عاتقنا، ولكنه أكد في الوقت نفسه أنه قد تحقق الكثير غم الصعاب، في طريق مفروش بالتربصات، ورياح عاتية بالافتراءات والأكاذيب. وأوضح الإمام الأكبر أن أول ما تحرص عليه الاستراتيجية أن الأزهر يقف بكل قوة بجوار مصر، ويدعم هذا الوطن الذي شرفه بنشر تعاليم الإسلام شرقًا وغربًا، ويؤمن الأزهر بخصوصية أرض الكنانة، عبر حضارة عمرها آلاف السنين، لافتًأ إلى ما يحدث اليوم على أرض مصر من نهضات مشهودة في مختلف المجالات، بالإضافة إلى مطاردة الكيانات الإرهابية التي عاشت طويلًا على الحدود، وتطهير مصر من هؤلاء. وتابع: «ترتكز الاستراتيجية على ما تم طرحه من جهود بما يسهم في إيصال رسالة الأزهر الشريف وتعد أكبر حركة تطوير ذاتي للأزهر الشريف، حيث تنطلق من عالمية رسالتنا من خلال توظيف كافة وسائل الاتصال لاستهداف الملايين في أرجاء العالم، بالإضافة إلى العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية من قبل علماء الأزهر، وبث عشرات المقاطع الدعوية لمجموعة من شباب الأزهر الشريف تتناول قضايا شرعية وشبابية وتوضيح حكم الشرع فيها لتحصين الشباب ضد التطرف والإرهاب.» بالإضافة إلى تطوير آلية العمل في المركز الإعلامي للأزهر من خلال ضم عناصر جديدة وتدشين مراكز عالمية مجهزة بكافة التقنيات الحديثة، وإطلاق موقع للفتوى أون لاين باللغات المختلفة للقضاء على فتوى الفتاوى ومواجهة فتاوى استباحة الدماء، وانطلاقة جديدة لبوابة الأزهر، وتطوير صحيفة صوت الأزهر لتكون صحيفة لكل المصريين، لمواجهة الفكر المتطرف. وأعلن الإمام الأكبر عن إطلاق قناة الأزهر الشريف الفضائية خلال العام الحالي لتكون صوت الأزهر لنشر ثقافة الوسطية والسلام، بالإضافة إلى عشرات الكتب التي تواجه التطرف والإرهاب، وعقد لقاءات مع الشباب في الحدائق والمقاهي ومراكز الشباب، للتحذير من مخاطر الفكر المتطرف، وفقًا لمنهج الأزهر الشريف، وإتاحة الفرصة لشباب الدعاة لتطوير الخطاب الديني، ومواجهة الأفكار المتطرفة، واستمرار تنقيح المناهج الأزهرية لتواكب تطورات العصر، وتطوير الشعبة الأزهرية وجمعها في مركز واحد بالقاهرة يدرس فيه الطلاب، ومعهد البعوث الجديد الذي يتوافد إليه الوافدون من مختلف أنحاء العالم، وتطوير منظمة خريجي الأزهر وفتح مكاتب خارجية جديدة، لتحقيق التواصل مع كل الخريجين الوافدين. وجدد تأكيده على دراسة مؤتمر عالمي للسلام نهاية هذا العام بمشاركة الفاتيكان ومجلس حكماء المسلمين، وإنشاء مدينة جديدة للوافدين بالقاهرة الجديدة، بدعم من الملك سلمان، وإنشاء مكتبة عالمية للأزهر بدعم من الإمارات العربية الشقيقة، مشيرًا إلى أن نفقات هذه المشاريع لا يتدخل الأزهر في شيئ منها ولا الحصول على أي نفقات تخصها، وإنما تتولاها شركات تابعة لهذه الدول. وأشار إلى أن الأزهر تطور حتى أصبح جامعة كبرى تمتد من أسوان جنوبًا إلى الإسكندرية شمالًا، يدرس فيها آلاف الطلاب علوم الشرع والطب، من بينهم طلاب وافدين أجانب يدرسون علوم الدين والدنيا، إلى جانب آلاف المعاهد للتعليم قبل الجامعي، والتي يصعب حصرها. وتابع: «بدأنا بتطوير كافة المناهج في التعليم قبل الجامعي لتواكب تطورات العصر مع الحفاظ على التعمق في التراث، واستيعابه استيعابًا جيدًا وتجديده بالضوابط التي يعتمدها أهل العلم، واستحدثنا مادة الثقافة الإسلامية لتحصين الطلاب في ما قبل الجامعة من الأفكار المتطرفة.» واستطرد الإمام الأكبر قائلًا: «إن التعليم في الأزهر الشريف متاح اليوم أمام جميع المصريين والمسلمين في العالم لتلقي العلم على يد علماء الأزهر ، وأولينا اهتمامًا خاصًا بالطلاب الوافدين باعتبارهم سفراء الأزهر في العالم كله، فأنشأنا لهم كلية خاصة في المركز العالمي المتخصص يلتحقون بها بعد دراستهم الجامعية.» بالإضافة إلى منح الطلاب فرصة انتخاب برلمان الوافدين والالتقاء بمن يمثلونهم لحل مشكلاتهم ليتفرغوا لطلب العلم الشرعي ونشره في ربوع العالم، كما أنشأنا بيت الزكاة لنشر روح التكافل بين أفراد المجتمع، وحدد القانون مصادر تمويلها والتي من أهمها الزكاة والصدقات والهبات، مؤكدًا أن كافة أعضائه يعملون تطوعًا حسبةً لله. ولفت النظر إلى دور العائلة المصرية الذي يترأسه شيخ الأزهر بالتناوب مع البابا تواضروس والذي يعمل على بث روح الإخاء في مصر، ودرء الفتنة التي يبثها أعداء الوطن. وعلى صعيد الاهتمام بالأئمة والوعاظ أوضح أنه قد تم إنشاء معاهد لتدريب الأئمة لمواكبة العصر وتطوير أدواتهم في البحث والتواصل مع عامة الناس لإيصال رسالة الإسلام السمحة، مؤكدًا أن الأزهر يتلقى يوميًا دعوات لإرسال مبعوثين لمختلف أنحاء العالم لنشر منهج الأزهر الشريف الذي يحاول البعض التشكيك فيه. وأكد أن الأزهر أرسل عدة قوافل ما بين دعوية وتوعوية وقوافل إغاثية وطبية، و أرسل 630 مبعوثًا منهم 420 إلى قارة أفريقيا، و141 إلى آسيا وآخرون إلى أمريكا وأوربا، بالإضافة إلى 64 قافلة للخارج خلال عام 2015م ما بين دعوية وإغاثية وطبية وإنسانية، وبالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين تم إرسال 10 قوافل سلام إلى مختلف دول العالم لنشر ثقافة السلام والتعايش وتوعية المسلمين وغير المسلمين بمخاطر الفكر المتطرف، وإحياء الدور العالمي للأزهر في الحفاظ على هوية الأمة والوقوف أمام حملات التشويه. بالإضافة إلى إنشاء مركز باللغات الأجنبية لتفكيك أفكار المتطرفين والرد عليها باللغات المختلفة، وقد استطاع مرصد الأزهر خلال عام واحد أن يحقق نجاحًا كبيرًا على المستوى العالمي. وفي إطار التحركات الخارجية جاءت زيارة الأزهر إلى روما وإيطاليا وبريطانيا وأندونيسيا ونيجيريا لتصحيح الصورة المغلوطة التي يحاول المتطرفون نشرها عن الإسلام. وأعلن شيخ الأزهر تأييده ودعمه للرئيس السيسي والقوات المسلحة في مواجهة الإرهاب وحفظ الأمن، قائلًا: «من الإنصاف أن أذكر بكل التأييد والاعتزاز رجال القوات المسلحة البواسل الأوفياء الذين يقدمون جهدهم وعرقهم فداءًا لهذا الوطن، ورجال الأمن الأوفياء الذين يحمون مصر بكل غال ونفيس»، مؤكدًا أن الأزهر على قدر هذه التحديات، وينادى جميع المواطنين أن يكونوا على قدر المسئولية بالوحدة واليقظة التي تتحطم أمامها مكائد الأعداء. ووجه الطيب نداءًا لكافة المواطنين قائلًا: «من الواجب شرعا على كل مواطن أن يعمل جاهدًا لمصلحة هذا الوطن، وعلى كل مسئول عدم التفريط في أي دقيقة من وقته لصالح بلده، ونكون على قلب رجل واحد، لنكون سندًا وعونا»، مؤكدًا أن الحفاظ على الأوطان فرض عين لا يجوز التفريط فيه.