جيهان محمود د. محمد قشقوش: هناك فرق بين الملكية والاستخدام ومصر استخدمت تيران وصنافير
اتفاقية السلام تحتاج إلى التفاوض بين الجهات المعنية
برغم انتشار الجدل حول هوية جزيرتى “تيران” وصنافير” هناك آراء مخضرمة تؤكد سعوديتهما، وتكاد تجزم بعدم وجود وثيقة واحدة تشير إلى مصريتهما، وتقر بأن المملكة السعودية طلبت من مصر حمايتهما من أى عدوان إسرائيلي؛ حيث لم يكن لدى المملكة جيش أو إمكانات مثل مصر، وظلت مصر تتولى السيطرة عليهما لمدة 67 عامًا –حسب قول الكاتب المخضرم مكرم محمد أحمد- وأن السعودية طلبت ترسيم الحدود واسترداد الجزيرتين منذ عام 1988، وأن مصر استسمحتها فى تأجيل الموضوع، وآراء كثيرة أخرى تنقلها “الأهرام العربي” كما ذكرها أصحابها فى التحقيق التالي:
بداية يقول الكاتب مكرم محمد أحمد -نقيب الصحفيين الأسبق- “إن جيلنا بأكمله يعرف أن الجزيرتين سعوديتان، وكلنا نعلم أن السعودية سلمتهما لمصر عام 1950، خوفًا من احتلال إسرائيل لهما، فى الوقت الذى كانت فيه السعودية دولة ناشئة ليس لديها قوات عسكرية، فقامت مصر بوضع قواتها عليها، ومنذ هذا التاريخ ولمدة تصل لأكثر من 67 عامًا، تولت مصر حماية هاتين الجزيرتين، ومن المؤكد أن تلك الفترة يمكن أن تكون قرينة أن مصر على حق مستقبلى لملك الجزيرتين، خصوصا أن جزءا من الممر المائى الصالح للملاحة هو الجزء الملاصق ما بين تيران وسيناء، بما يعنى أن الجزيرتين فيهما ممران صالحان للملاحة، ما بين سيناء وبين جزيرة تيران، وهذا يكاد بأكمله يقع فى المياه الإقليمية المصرية، بعمق 290 مترا، حيث يسمح لأى باخرة كبيرة تسير فيه، وبين الجزيرتين يوجد ممر، ولكنه ضحل عمقه لا يزيد على 90 مترا، والجزء بين “صنافير” والشاطئ السعودى لا يصلح للملاحة، والمصريون يسيطرون على الجزيرتين لمدة 67 عامًا، يتحملون مسئولية مرور الملاحة فى هذا المضيق الذى يعادل الشط لمصر، وبالتالى مصر هى التى تعتبر مسئولة عن أمن الملاحة، ويمكن أن يكون لمصر بعض الحقوق لاستخدامه، لكن لا يمكن أن يؤكد أن لها حقوق الملكية، مؤكدًا أنه لا توجد وثيقة واحدة تقول إن الجزيرتين مصريتان، ويؤكد “مكرم” أن هذا مثل وضع “حلايب” و”شلاتين”، وأنه بخطاب من وزير الداخلية أودع فيه جزيرتى “حلايب” و”شلاتين” لحكومة السودان، لما كان منتشراً بها مرض “الملاريا”، والمصريون كانوا لا يحبون الوجود فى هذه المنطقة، فتُرِكَت للسودان كوديعة، لكن لم يثبت أن مصر تنازلت عن السيادة على “حلايب” وشلاتين”. ويستكمل “مكرم” حديثه قائلاً: إنه لم يثبت أيضًا أن السعودية تنازلت عن “تيران” و”صنافير”، وأن هناك اتفاقًا فى عام 1988 طالبت فيه السعودية بترسيم الحدود المائية بينها وبين مصر، وكانت الخطابات –نُشرت فى جريدة الأهرام- بين وزير الخارجية المصرى آنذاك “د. عصمت عبد المجيد” ونظيره وزير الخارجية السعودى “سعود بن فيصل”، ويلح فيها الأخير بطلب تشكيل لجنة لهذا الشأن، ويرد عليه د. عصمت عبد المجيد بأن “الجزيرتين سعوديتان، لكنه يقول من فضلكم أجلوا تسليم الجزيرتين فترة”، وبالتالى فالخطابات المتبادلة بين المملكة السعودية ومصر يعترف فيها الاثنان بأن الجزيرتين سعوديتان. وينوه “مكرم” إلى أن البعض يريد أن يستند على أن مدة 67 عامًا التى مضت، هى بمثابة حق امتلاك مصر للجزيرتين بوضع اليد، مؤكدًا أن العلاقات بين مصر والسعودية قوية، لا يمكن معها أن تمتلك مصر الجزيرتين بوضع اليد، لأنهما وديعة، مثل: “حلايب” و”شلاتين” اللتين كانتا وديعة لدى السودان، فهل يمكن أن نفصل بين الملكية والإدارة، بحيث نقول إن الجزيرتين سعوديتان؟ لكن أن مصر كانت هى المسئولة عن الأمن وأنهما كانتا جزءا من الأمن المصري. وعن خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذى ذكر فيه أن الجزيرتين مصريتان، يقول “مكرم” إن كان عبد الناصر قال ذلك “نكاية” فى المملكة السعودية؛ بسبب حرب اليمن، وأنه بعد انتهاء حرب اليمن تصالح جمال عبد الناصر مع الملك فيصل، وخرج من اليمن باتفاقية مشتركة، تسلمت خلالها السعودية اليمن، وبهذه الاتفاقية انتهت تلك الفترة بكل مشاكلها، ويتساءل “مكرم” قائلاً: هل يصح بهذا الموضوع أن أقيم قضية باطلة وأنا معى إثبات ملكيتي، وعندى وثائق تثبت ملكيتي؟ وأن المستند الوحيد أننى أقيم بهاتين الجزيرتين 67 عامًا؟، ويجيب بقوله: “إذا قبلت هذا المبدأ بالضرورة أتنازل عن حلايب وشلاتين”. ويرى “نقيب الصحفين الأسبق” أن بعض القوى السياسية، مثل: الإخوان المسلمين وبعض الثوريين و6 إبريل يرغب فى استغلال تلك القضية ويحاولون استثمرارها سياسيًا. ساعدهم فى ذلك سوء إعلان الموضوع فى آخر يوم لزيارة العاهل السعودي، بما يظهر أنه تم الاتفاق معه على إعطائه الجزيرتين، وعدم إعلان ذلك للشعب، وإخباره بأن هناك هيئة لتقدير الحقوق، وهيئة مساحة عملت لشهور، وتوصلت إلى أن الجزيرتين سعوديتان، مؤكدًا أن الإخراج السيء والمفاجأة الصادمة التى حدثت، جعلت الناس بالفعل فى “بلبلة”، والربط بين الاتفاقيات بالمشروعات التى تمت بين مصر والسعودية، وأن إعطاء الجزيرتين للسعودية فى هذا التوقيت، وعدم الاعتناء بالرأى العام، والإصرار على مفاجأة الشعب، مما أعطى معنى “بايخ”، ومع الوقت فإن كل من اكتشف الحقيقة بهدوء يراجع نفسه ويقر بأن جزيرتى “تيران” و”صنافير” سعوديتان. وفى نفس السياق يؤكد اللواء د.محمد قشقوش –مستشار المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية- أن القانون هو سيد الموقف، وهناك قاعدة قانونية يتحدث فيها القانونيون: “إذا تعارض القانون مع الأمر الواقع يُعلى القانون”، وفى حالة الجزيرتين “تيران وصنافير” القانون يختلف مع الأمر الواقع، فهناك قوى دولية وقوات شرطة، والفيصل هنا هو كلمة القانون وليست الأوراق، والقانون الدولى يتطلب وجود شقين بينهما نزاع، والطرفان يوافقان على ما يقوله التحكيم الدولي، مثل: الجزر الثلاث التى بين الإمارات وإيران، فالأولى تطلب والثانية ترفض، لكن هنا فى مصر ليست لدينا مشكلة قائمة، وهناك فرق بين الملكية والاستخدام، نحن نستخدم الجزيرتين منذ مدة طويلة، لكن لا نملكهما، مثل: أنت تملكين أرضًا وأعطيتيها لي، وعندما تطالبين بها لا أستطيع أن أرفض إرجاعها إليكِ، ومن الممكن أن يكون المالك لا يمارس السيادة على أرضه، كما أن السعودية ليست لها قوات أمنية ولا تضع علمًا عليها ولا دورية، أى لم تمارس دورها فى السيادة. وفيما يخص اتفاقية السلام ينوه الدكتور قشقوش إلى أن الأطراف ستحدد ما سيكون فيما بعد، قد يُعاد النظر من الأممالمتحدة وقوات السلام، هذا يُحدد مستقبليًا، والفكرة أن القوات الدولية توجد لتأمين الممر الملاحى الدولي، ومصر لديها اتفاقية دولية، حتى إذا هى تقع على مقربة من الشواطئ السعودية، مثلها كمضيق جبل طارق وباب المندب، يحكمها اتفاقات دولية، عندما يكون الممر أقل من 12 ميلاً بحريًا فى المياه الإقليمية للدولة، تطبق عليها الاتفاقيات الدولية، مؤكدًا أن النقطة الدولية من قوات حفظ السلام الموجودة فى “تيران” هى لتأمين المياه البحرية، وهذا لا يغير من الاتفاقية شيئا، فالاتفاقية الهدف منها تأمين الملاحة من الاعتراض، وستحتاج إلى عمل تفاوض بين الجهات الثلاث التى تمت بينها الاتفاقية: مصر وإسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية، بالإضافة إلى الطرف الجديد “السعودية”. ويرى اللواء قشقوش أن الجسر البرى الذى ستتولى إقامته السعودية بينها وبين مصر، سيفيد البلدين اقتصاديًا، تخيلى الحركة بين الخليج ومصر، وستسهل الحركة البرية بين البلدين الإجراءات الجمركية وغيرها بين الطرفين، لافتًا النظر إلى أن كبار الاقتصاديين قالوا إن تكاليف مد هذا الجسر يمكن استرداد قيمتها خلال سنوات. كما نوه اللواء قشقوش بأن القوى العربية التى الدول العربية بصددها، سوف يساعد الجسر فى إجراء المناورة بين الجناح العربي-الإفريقى والعكس، فى وقت أسرع وتكلفة أقل.. هذا إلى جانب سهولة الحركة التجارية المتبادلة بين السعودية ومصر ودول الخليج والدول العربية الإفريقية.