هبة عادل وكالة العنبرانيين فى ذمة الله ...الصورة لأطلال حزينة تشكو إهمال وتقاعس الرجل الآثرى نحو توثيق وتسجيل آثارنا الأسلامية وتركها حتى تصبح إطلالا خربة ومطمعا للساعين فى بناء أبراج سكنية ومولات تجارية وعندها يستيقظ ضمير الرجل الآثرى بقوانينه الهشة مواجها بطش أصحاب المال وجبروت مهندسى الأحياء بقراراتهم الجائرة " المكان آيلا للسقوط ويمثل خطورة داهمة ويجب تسويته بسطح الأرض. "كانت هذه الأطلال فى الأصل - والتى لازالت تحتفظ ببعض ملامحها المعمارية - تعرف " بحبس المعونة من القاهرة " وحبس المعونة أو دار المعونة وهما فى الأصل داران إحداهما فى الفسطاط والأخرى بالقاهرة وأقدمهما بالفسطاط - والحديث للمقريزى فى الخطط - وكانت قبلى جامع عمرو بن العاص، وكانت فى الأصل خطة قيس بن سعد بن عبادة الأنصارى رضى الله عنهما اختطها فى أول الأسلام وقد كان موضعها أرض فضاء وأوصى فقال : إن كنت بنيت بمصر دارا وأستعنت فيها بمعونة المسلمين فهى للمسلمين ينزلها ولاتهم ومن ثم عرفت "بدار المعونة". وفى عام 213ه تحولت دار المعونة بالفسطاط إلى دارا للشرطة وفى عام 381ه صارت حبسا يعرف بالمعونة الى ان ملك السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن ايوب وجعله مدرسة تعرف بالشريفية . أما "حبس المعونة من القاهرة"- العنبرانيين فيما بعد -والحديث للمقريزى فى الخطط- كان فى الدولة الفاطمية سجنا لأرباب الجرائم من السراق وقطاع الطريق وكان شنيع المنظر ضيقا لايزال من يجتاز عليه يجد منه رائحة منكرة. فلما كان فى الدولة المملوكية كان الأمير قلاوون - السلطان فيما بعد- يمر من داره إلى قلعة الجبل على حبس المعونة هذا فيشم منه رائحة رديئة ويسمع منه صراخ المسجونين وشكواهم الجوع والعرى والقمل فنذر على نفسه أن جعل الله له من الأمر شيئا ان يبنى هذا الحبس مكانا حسنا . فلما صار إليه الملك عام 680ه هدم حبس المعونة وبناه سوقا أسكنه بياعى العنبر وكان للعنبر إذ ذاك بديار مصر سوق رائجة وللناس فيه رغبة زائدة ولايوجد بأرض مصر إمرأة إلا ولها قلادة من العنبر وتجار العنبر يعدون من اثرياء الناس ولهم اموال جزيلة وفيهم رؤساء و اجلاء .وعلى عهد محمد على باشا حل محل قيسارية - أى سوق- العنبرانيين وكالة يعقوب بك وخلف هذه الوكالة الزقاق المستطيل المعروف بالتربيعة . وتعرف بوكالة يعقوب بك نسبة إلى يعقوب بك صبرى أحد مساعدى محمد على باشا الذى آلت إليه ملكية المكان وقبل أن يتوفى أوصى بربع المكان لزوجته فرعدة البيضاء والثلاث أرباع أوقفها على الأعمال الخيرية عدا مساحات شاسعة من الأراضى والأملاك .يذكر على مبارك فى الخطط التوفيقية ( وكالة يعقوب بك هى وكالة كبيرة لها بابان احدهما وهو الكبير بشارع الغورية والثانى بشارع التربيعة وبداخلها عدة حوانيت وحواصل -أى مخازن - معدة لبيع الأقمشة والحرير وغير ذلك وبأعلاها مساكن ونظارتها تحت يد خورشيد أفندى ). والباقى من اطلال "وكالة يعقوب" عقود واقبية وجدران بائسة وواجهة جميلة تستصرخ أصحاب الضمائر الحية قبل أن تدكها معاول الهدم "أنقذوا وكالة العنبرانيين".