نحن أصحاب مصلحة لكننا لن نقبل الإضرار بحقوق مصر المائية - افتتاح معبر «أرجيل» مارس المقبل ونطمح لزيادة عدد المعابر لتنشيط النقل البحري - الخرطوم ترى حل مشكلة حلايب وشلاتين بالنقاش الودى أو التحكيم الدولى - التعاون الاقتصادى بين بلدينا تراجع بسبب تقلبات السياسة مصر والسودان فى رباط دائم لا تنفصم أواصره، بحكم التاريخ والجغرافيا ووجود الكثير من نقاط التلاقي بينهما، لكن أخيرا ظهرت على السطح قضايا، اعتقد البعض أنها من الممكن أن تؤثر على رباطهما التاريخى، لكن نظرا لحرص كلا البلدين على الحفاظ على هذا الدعم المتواصل، عقدت الكثير من الاجتماعات وتم تبادل العديد من الزيارات لتذليل كل العقبات. ومن جانبها فإن الخرطوم التى تسعى جاهدة لإحداث وفاق وطنى داخلى من خلال مؤتمر الحوار الوطنى بين القوى السياسية، لم تتوان فى تقديم يد الدعم لدولة جنوب السودان لنجدتها من عثرتها ولمساعدة مواطنيها على الخروج من أزمتها، ذلك فى إطار رؤية شاملة للسودان التى بحث عن مستقبل أفضل لكل دول القارة، وهو ما يؤكده السفير رشاد فراج الطيب السراج القائم بأعمال السفارة السودانية بالقاهرة خلال حواره مع «الأهرام العربي». ما تقييمك للعلاقات المصرية - السودانية فى الوقت الحالى؟ العلاقات السياسية مرضية جدا لا سيما على مستوى التواصل والتنسيق الذى يتم بين البلدين، أما من حيث التعاون فى المجالات الأخرى خصوصا الاقتصادية، فهي للأسف لم تصل حتى لمستوى طموح الشعبين هناك جهد لتحريك ملفات التعاون، لاسيما في مجال توسيع التبادل الاقتصادي وفتح المزيد من المعابر خصوصا بعد فتح معبر قسطل ونتطلع حاليا لافتتاح معبر أرجيل خلال شهر مارس المقبل إن شاء الله، كذلك هناك اتصالات لفتح معابر أخرى من خلال تنشيط شركة النقل البحرى بين البلدين، وفى مجال الزراعة هناك سعى لإعادة الحياة لشركة التكامل الزراعى، التى كانت موجودة خلال فترة حكم الرئيسين الراحلين نميرى والسادات، وحقيقة كانت مرحلة نأمل أن نعود إليها لأن وقتها كان هناك ميثاق للتكامل وبرلمان مشترك وحتى وصل الأمر إلى أن يتحرك شعبا البلدين عبر الحدود من خلال البطاقة الشخصية. أخيرا يشكل لقاء وزيرى خارجية البلدين نقطة تحول كبيرة فى العلاقات، حيث تم بينهما نقاش عميق وجاد طرحت خلاله مختلف الموضوعات وتم الاتفاق على رؤى مشتركة بما يحقق مصالح البلدين. ما أهم الموضوعات التى نوقشت خلال لقاء الوزيرين؟ قضايا التعاون عبر الحدود وموضوع سد النهضة وأهمية استمرار التشاور السياسى بين البلدين وزيادة التواصل بينهما، لا سيما أنهما تحكمهما اهتمامات مشتركة حتى تخوفات وآمال واحدة . فى رأيك ما الذي يعرقل تحقيق مستوى من العلاقات الاقتصادية يليق بعمق العلاقة بين البلدين؟ كان احتلال العامل السياسى مرحلة متقدمة فى اهتمامات البلدين خلال الفترة الماضية، سببا فى إسقاط الكثير من عمليات التواصل التى تقوم على بناء المصالح المشتركة، لا سيما أن البلدين يتمتعان، بموارد هائلة، وهما فى موقع متميز يسمح لهما بفتح الكثير من مجالات التعاون فإن تقلبات السياسة لم تتح لهما الفرصة فى دعم المزيد من الأعمال المشتركة والتعاون، فى الكثير من المجالات، وفى الوقت الحالى استشعر السودان رغبة حقيقة من مصر لدعم العلاقات ولتحقيق هذه الرغبة خلال الفترة الماضية كانت هناك العديد من الزيارات المتبادلة فى المجال التجارى، وكذلك تعمل البلدين من خلال لجان مشتركة للإعداد للجنة الوزارية العليا التى تنعقد خلال شهر مارس المقبل التى تتطلع لإعادة هيكلة التعاون فى قطاعات اقتصادية مختلفة لإعداد مشروعات إستراتيجية خصوصا فى مجالات التوسيع التجارى وتبادل السلع وهو جهد مشكور سيسهم فى دعم العلاقات وسيشعر مواطنو كلتا الدولتين بأثره على المدى القريب. لكن ألا ترى أن الوضع الحالى بين مصر والسودان يخيم عليه التوتر، لا سيما بعد تصريحات الرئيس البشير الأخيرة بشأن حلايب وشلاتين؟ هذه التصريحات لن تتوقف، لأن السودان يرى أن حلايب وشلاتين أراض سودانية، وفى المقابل ترى مصر أنها مصرية، لكن كلا البلدين اتفق على ألا تؤثر هذه القضية فى العلاقات بينهما لأنها ليست وليدة اليوم كما يصور الإعلام وهى مطروحة منذ عام 1958وظلت تتجدد فى الأممالمتحدة، لكن الأهم أن السودان يؤمن أنها قضية قابلة للحل من خلال الحوار والمفاوضات بين البلدين بصورة ودية تعاونية أو باللجوء إلى التحكيم الدولى . لكن دعينى أكون صريحا معك، فليس السودان هو من يؤجج قضية حلايب ولسنا من أقمنا مركزاً انتخابياً ضخماً بها وأتينا بوسائل الإعلام التى سلطت الأضواء على المركز وكأن الانتخابات انتقلت إلى هناك، وليس هو من يرسل الوزراء إلى هناك ليقوموا ببعض الإجراءات الحكومية، وليس هو من يزج بالقضية فى صراعات داخلية، فنحن ليست لنا مصلحة فى أن نوتر علاقتنا مع مصر، لا سيما فى الوقت الحالى خصوصا أننا مشغولون بقضايا كبيرة داخل البلاد على رأسها قضية الحوار الوطنى التى دعى إليه الرئيس البشير، حتى يستكمل إعادة بناء الصف الوطنى السودانى، وهى مبادرة لجمع شمل كل الحركات السياسية و الحزبية وحتى المسلحة فى الداخل والخارج ولله الحمد انعقد الحوار منذ ثلاثة أشهر وهو فى خواتيم أعماله وقد التفت حوله كل الدول لمناقشة قضايا السودان الأساسية، وهذا أهم حدث وطني منذ الاستقلال لمناقشة القضايا دون رقيب أو حسيب. ومن المقرر أن يخرج المؤتمر بوثيقة وطنية جامعة تعبر عن رغبات القوى السياسية المختلفة وأعلن رئيس الجمهورية التزامه بتنفيذ بنودها واحترامها لما تضمنه من توصيات ملزمة لتحسين أمور الدولة خلال المرحلة المقبلة. ما أهم القضايا التى يتم طرحها خلال مؤتمر الحوار الوطنى؟ الحوار لم ينته حتى الآن وستكون هناك وثيقة ختامية حول القضايا المثار حولها النقاش، ويجب أن يطمئن الجميع أنها سوف تستوعب جميع المشكلات على نطاق واسع وتعد ميلادا لجمهورية ثانية وستؤسس دولة على مفهوم جديد، تؤكد الثوابت السودانية التى يؤمن بها السودانيون وستنتج دستورا جديدا يراعى التنوع الثقافى ويعطى كل ذى حق حقه ونحن متفائلون بمستقبل البلاد . هناك تصريح لوزير الخارجية السوداني بشأن دراسة قضية التطبيع مع إسرائيل؟ وزير الخارجية كان يجيب عن سؤال طرح خلال مؤتمر الحوار عن مدى إمكانية أن تقوم بين السودان وإسرائيل علاقات تمثيل دبلوماسى. لكن المعلوم للجميع أن السياسة الخارجية السودانية لا تتبنى فكرة قيام علاقات مع إسرائيل حتى إنها لا تعترف بوجودها، لذا فإن إسرائيل معادية للسودان وسبق لها أن ضربت عمق الخرطوم بشكل مباشر والجميع يعرف أن السودان هو إحدى الدول التى تناصر القضية الفلسطنية وتؤمن أنه لا سلام فى الشرق الأوسط إلا بإعادة الحق الفلسطينى على كل الأراضى التى احتلت عام 1967. فيما يتعلق بقضية سد النهضة لما تتهم السودان بأنها غير حيادية ومتحيزة لإثيوبيا على حساب مصر؟ السودان ليس محايدا ولا منحازا، فهو ضلع فى مثلث نحن أصحاب مصلحة لكننا نضع أيضا نصب أعيننا مصلحة مصر وذلك لخصوصية علاقتنا معها ومن منطلق أننا بيننا اتفاقيات فى موضوع المياه نرعاها ونحترمها، هذا فضلا عن الكثير من مجالات التعاون نحرص على ألا تضار مصر من خلف هذا السد، لذلك نسمع كثيرا عقب جميع المفاوضات التى تجرى بين البلدان الثلاث أن المفاوض المصرى يخرج ليثنى على الموقف السودانى المساند للحقوق المصرية أخيرا تم التوقيع على ميثاق فى الخرطوم ينص على أنه للدول الثلاثة حقوق متماثلة، ولايحق لأى دولة أن تطغى على الأخرى. ولم يروج الإعلام أن السودان موالٍ لإثيوبيا؟ الرئيس البشير يقول: «الناس كانوا على دين ملوكهم والآن أصبحوا على دين إعلامهم» نظرا لتاثيره ودوره فى إدارة الملفات وتغيير الاتجاهات، وبالتالى يمكن أن يلعب دورا إيجابيا أو سلبيا ونحن نربأ به أن يلعب دورا سلبيا لصالح من لا يروقهم أن تسير العلاقات بين البلدين وتمضى إلى الأمام وتتطور نحو الأفضل بالتاكيد فمنهم من يؤجج الصرعات ويسعى إلى إشعال روح التوتر والفتنة، وفى المقابل هناك من الوسائل الإعلامية من تنقصها المعلومات وأتمنى من إدارات الإعلام فى وزارتى الرى والإعلام سواء فى مصر أو السودان أن تبذل المزيد من الجهد لوضع الصورة فى موضعها الصحيح وعرض الأمور كما هى فى الواقع، بعيدا عن التضخيم والفرقعة الإعلامية من خلال التشكيك فى نيات السودان ووضعها موضع المتآمر على مصر مع إثيوبيا فكل هذا هراء لاقيمة له على أرض الواقع نحن لا نريد أى ضرر لمصر . أرى أن سيادتك متفائل، فكيف ترى مستقبل المفاوضات بين الدول الثلاث؟ تم تجاوز الكثير من المشاكل عبر الحوار، خصوصا أن الشركات المعنية بعمل التقييمات سترسل دراسات السد وآخر الاجتماعات التى كانت بين السودان ومصر التى طرحت خلالها القاهرة القضايا التى تشغلها، وتمت حولها تفاهمات و تم التوصل إلى حلول فى هذا الصدد ونتائج الدراسات النهائية ستحدد حصص كل دولة، لكننا نؤكد أننا لا نوافق ولا نسمح بحدوث أى ضرر سواء لمصر أو السودان . هناك لجنة أرسلت لدراسة أوضاع الجالية السودانية فى مصر لا سيما بعدما أثير حول التجاوزات فى حق بعض السودانيين المقيمين فى القاهرة . ما النتائج التى توصلت إليها؟ اللجنة لم تنعقد لكنها كانت نتاج تفاوض بين وزيرى خارجية البلدين ردا على تلك الأحداث المؤسفة التى حصلت. وهى أحداث حقيقية وليس كما يصفها بعض الإعلام المصرى أنها مخترعة وقد اعترفت بها وزارة الخارجية وتعلم بها جيدا ومن حسن الحظ أنها ذات حس عال من المسئولية وتضع الأمور فى نصابها وكان من نتاج التواصل بين وزيرى الخارجية أن تم الاتفاق على عقد لجنة قنصلية بشكل دورى، وتوقيع برتوكول مشترك بين البلدين لمناقشة المشكلات التى تواجه السودانيين فى مصر أو المصريين فى السودان لذلك نحن رحبنا بها وستنعقد قريبا، لكن هناك الكثير من القضايا المعلقة تم التوصل لحلول لها حتى لا تتكرر . هناك قرار أخير للرئيس البشير بفتح الحدود بين شمال السودان وجنوبها ما الهدف منه؟ ولم الآن؟ لأنها غير مستقرة . هناك قتال حدث بين طرفين مهمين فى الحكم، مما أثر على المواطن العادى ونحن شعرنا بخطورة الوضع وبعد مناشدة من الرئيس سلفاكير تم فتح الحدود وكان هناك حديث عن تفاهمات حول مرور نفط الجنوب إثر تدهور أسعار النفط العالمية، هذا فضلا عن أننا شعب واحد. لكن الجنوب يتهم الشمال بأنه هو الذى يدعم طرفى القتال بالأسلحة لتأجيج الأوضاع؟ ليس صحيحا، نحن من يتهم الجنوب فى أنه يحتضن الحركات المسلحة والجميع يعلم ذلك، لكن فى الآونة الأخيرة حدث نوع من التفاهم فيما يتعلق بهذه الملفات واستجاب السودان لدعوة الجنوب لفتح الحدود لظروف إنسانية وتم بعد أن قرر الرئيس سلفاكير سحب قواته عن الحدود ثمانية كيلو مترات كنوع من إبداء حسن النية. بعد فتح الحدود كيف ترى مستقبل الأوضاع فى جنوب السودان؟ نحن نراقب الأوضاع ونسهم وندعم استقرارها، كما أننا جزء فى مبادرة الحل ولنا سهم وافر فى تشجيع الأطراف للحوار لأننا نؤمن أن أى حرب نتيجة تجاربنا المريرة فى القارة تحتاج لتسويات سياسة لذلك ندعو إلى السلام. ما أهم القضايا التى طرحها السودان خلال القمة الإفريقية الأخيرة؟ تحدث الرئيس البشير عن قضايا إنهاء النزاعات والسلام، وجهوده فى جمع الصف ومبادرة الحوار الوطنى الشامل وأهم النتائج التى توصلت إليها، حيث ظلت السودان سنوات تقبع تحت عقوبات جائرة لذا ناشد المجتمع الدولى أن ترفع عنه، كذلك ما يثقلها من ديون خارجية وتطلع أن يحل الأفارقة المشاكل التى تنتظرهم.