سهير عبد الحميد جاءت التعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان الجزائري لتمثل تطورا هائلا فى الحياة السياسية فيما يتصل بالأمازيغ وإدماجهم فى المجتمع حيث شملت التعديلات إقرار الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية وليس فقط كلغة وطنية، وذلك بغية إرضاء الأمازيغ الذين يشكلون جزءا مهما من الشخصية الجزائرية.
يقول البروفسور عبد القادر عبد العالي، أستاذ العلوم السياسية والدراسات المغاربية: كلمة أمازيغ هي المصطلح الذي يطلقه الأمازيغ على أنفسهم بلغتهم: إيمازيغن، وعند العرب معروفون في الكتابات التاريخية القديمة بالبربر. من الناحية التاريخية يعتبر سكان الجزائر الحاليون ومعظم سكان البلدان المغاربية من أحفاد الأمازيغ القدامى، رغم ورود العديد من الهجرات العربية الى بلاد المغرب الاسلامي في العصور الوسطى، فقد كتب عنهم الرحالة اليونان والمؤرخون الرومان، كما عرفهم الفراعنة الأقدمون، فقد احتكوا بالحضارات المجاورة، وساهموا في قيام الحضارة القرطاجية التي قامت في بلاد افريقية او تونس الحالية، من قبل المهاجرين والتجار الفينيقيين. وقد قاوم الأمازيغ كل من الاحتلال الروماني الذي بدأ بعد القضاء على قرطاجة بعد الحروب البونيقية الثالثة، في عهد ملك نوميديا ( الجزائر الحالية) ماسينيسا (ماسنسن بالأمازيغية) ثم حفيده يوغرطة (يوغرتن بالأمازيغية).
وبانتهاء يوغرطة ملك نوميديا سجينا في سجن روما، تمكن الرومان من احتلال كامل نوميديا ثم احتلوا منطقة موريتانيا (المغرب حاليا). قوبل هذا الاحتلال بفترات من المقاومة في المناطق الداخلية، ثم تعاقب على احتلال الجزائر بعد الرومان، كلا من الوندال ثم البيزنطيين. ثم جاء الفتح الاسلامي، والذي جوبه بدوره بمقاومة شديدة من قبل البربر (الامازيغ)، خصوصا مقاومة ملكة البربر المعروفة عند الكتابات العربية بالكاهنة ( او تيهيا بالامازيغية والتي تعني: جميلة).
وقد شهدت الفترة الاسلامية والتي امتدت خلال القرون الوسطى الى القرن الخامس عشر الميلادي، قيام عدة ممالك ودول امازيغية: مثل الحماديين في بجاية، الرستميون في تيهرت (تيارت الحالية)، الزيانيون في تلمسان. وغيرهم. الأمازيغ في المصطلح الاعلامي المعاصر، يقصد بهم حين الحديث عن الجزائر: المجموعات السكانية من الجزائر التي لا زالت تحتفظ بلسانها الامازيغي، حيث هناك على الاقل حوالي عشر لهجات أمازيغية، بعضها لا زالت تحتفظ بحيوتها ويتكلمها الملايين او مئات الآلاف من السكان، وبعضها مهدد بالانقراض، ويعتبر سكان منطقة القبائل في ولايات تيزي وزو، بجاية، بومرداس، البويرة وبرج بوعريريج، أهم المجموعات السكانية الناطقة بالامازيغية، اذ قد يصل تعدادهم الى سدس او ربع سكان الجزائر، والمنطقة الثانية من حيث الاهمية السكانية للأمازيغ هي منطقة الشاوية، حيث يعتبرون ثاني اهم مجموعة ناطقة بالامازيغية، يليهم كل من بني ميزاب في غرداية، التوارق في جنوب البلاد، وسكان منطقة قورارة بولاية ادرار. وهناك لهجات أمازيغية أخرى، يتكلمها مئات او آلاف من السكان: لهجة شنوة بولاية تيبازة والشلف، ولهجات اخرى متفرقة في العديد من الولايات.
لا يتميز الامازيغ على الجملة باية خصوصيات ثقافية او اجتماعية، باعتبار ان الكثير من العادات والتقاليد والخصائص الاجتماعية مشتركات ثقافية بين كل الجزائريين، عدا اللغة التي يتكلمونها، لكن هناك مجموعتين امازيغيتين لهما خصوصيات ثقافية لعدة اعتبارات: فهناك امازيغ بني ميزاب، بولاية غرداية لهم خصوصية اجتماعية وثقافية تتمثل في تفردهم بتبني المذهب الإباضي وتقاليدهم المرتبطة بضروريات هذا المذهب الاسلامي، اما التوارق فنظرا لبعدهم الجغرافي، وامتداد مناطقهم الى بلدان أخرى تنتمي الى الساحل الافريقي مثل النيجر ومالي، فهم يتميزون بخصوصيات ثقافية واجتماعية تتمثل في احتفاظهم بتقاليد قبلية موغلة في القدم، وتربية اجتماعية تفرضها تقاليد المجتمع التارقي، اضافة الى خصوصية لهجتهم التي يصعب على بقية الامازيغ الاخرين فهمها في الوهلة الاولى.
وهناك العديد من الرموز الأمازيغية التى استماتت فى الدفاع عن استقلال الجزائر ضد الفرنسيين بداية من فاطمة نسومر، وكانت واحة من أبرز المناضلات الجزائريات ضد الاحتلال الفرنسي خلال القرن ال 19، كما أن معظم العلماء الذين خدموا اللغة العربية وعلوم الشريعة الاسلامية سابقاً وأثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر كانوا أمازيغا وبربراً، وعلى رأسهم شيخ الاصلاح في الجزائر الشيخ عبد الحميد بن باديس، وعندما تعرضت الجزائر للاستعمار الفرنسي في 5 يوليو- 1830م كان أول من رفع لواء المقاومة ضد المستعمر الفرنسي هم القبائل أو الأمازيغ المسلمون ومن الثورات التي تصدّت للاستعمار الفرنسي ثورة المقراني – والمقران لفظة بربرية تعني الكبير- وكان شعار ثورة المقراني الدفاع عن إسلامية الجزائر وعروبتها.