جلال الشافعى عندما اتخذ محمد على بلال ابن قرية محلة أبوعلى التابعة لمدينة المحلة الكبري، قرار السفر إلى دولة الإمارات فى عام 2001، كان طموحه يتوقف عند إيجاد عمل يضمن له عيشا كريما، ولم يفكر مرة واحدة فى ممارسة الرياضة كونه شابا مدخنا، ولم يمارس أى لعبة رياضية من قبل، ولم يتوقع أبدًا أن سفره للغربة من أجل البحث عن لقمة العيش، وهو لا يتخطى حاجز العشرين عامًا، سيكون سببا فى تغيير مجرى حياته، وتحوله إلى لاعب محترف يستعد للمشاركة ببطولة العالم فى الترايثلون بأستراليا فى إبريل 2016 .
فى بداية حياة الغربة عمل محمد بلال فى أحد المطاعم، من بعدها عمل أيضًا كفرد أمن، قبل أن يتم الاستغناء عنه فى عام 2009، ليبحث عن عمل جديد، ووسط صعوبة البحث عن العمل يقرر بلال تعلم السباحة، ليعمل كمنقذ بحرى فى إمارة دبي، وبالفعل تمكن من ممارسة السباحة على يد مدرب سورى يدعى يوسف، ولم يكن يعلم أنه بدأ أول خطوة فى لعبة الترايثلون. ووسط العمل اليومى فى مهنته الجديدة فوجئ بلال بأن زملاءه فى العمل يمارسون لعبة الترايثلون ويشاركون فى مسابقاتها، لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق أية مراكز ويكتفون بشرف المحاولة، ليتخذ الشاب المصرى أهم قرار فى حياته وهو ممارسة اللعبة، وسط سخرية من أصدقائه، كونه لا يعلم أى شىء عن اللعبة الأوليمبية سوى السباحة الذى يمارسها مثل أى شخص عادى بعيدًا عن مفهومها الاحترافي، وهو ما زاد من إصراره على المحاولة كى يثبت أنه ليس أقل من زملائه، وأن بإمكانه التفوق عليهم، وبالفعل بدأ بلال مشواره فى لعبه الترايثلون من القاع حتى وصل إلى قمتها، حيث يشارك فى بطولة العالم فى أستراليا 2016. ويروى محمد على بلال ل”الأهرام العربي” قصته منذ كان شابًا لا يجيد حتى السباحة، ولا تفارق السيجارة يده حتى تحول إلى لاعب محترف فى لعبة الترايثلون ينافس الكبار، يقول بلال إنه عندما يستعيد الذكريات يشعر بأنه يحلم، خصوصًا أن علاقته بالرياضة كانت عبارة عن ممارسة لعبة “رفع الأثقال” فقط فى صالات مغمورة للهواه فى قريته قبل السفر للخارج، وأضاف صاحب ال35 عامًا أن الإرادة وحدها كانت سلاحه الوحيد فيما وصل إليه الآن، وأنه لا يوجد شىء اسمه “المستحيل” وأنه أكبر مثال لكل شخص يفكر فى ممارسة الرياضة.
وعن البداية قال بلال إنه تعلم السباحة فى سنه 2009، من أجل العمل فقط فى الإنقاذ، وبعد ذلك مارس حياته بشكل طبيعي، لكن بداية ممارسته للعبة بدأت فقط منذ ما يقرب من 3 أعوام، وسط العديد من الصعوبات أهمها زيادة وزنه الذى تخطى ال 95 كيلو، وكذلك التدخين، بالإضافة لضعف الإمكانيات التى كانت شبه معدومة، ولكنه نجح فى تذليل كل هذه العقابات، من خلال الإقلاع عن التدخين، وهو أمر ليس سهلًا على شخص يدخن السجائر لمدة 15 عامًا، وكذلك إنقاص وزنه 30 كيلوجراما، كما بدأ فى التدرب على قيادة الدراجات بواسطة دراجة جبلى نظرًا لرخص ثمنها مقارنة بالدراجات التى تستخدم فى السباق، وبدأ فى الاعتماد على هذه الدراجة فى الذهاب من البيت إلى العمل والعكس، وشارك فى أول بطولة باستخدام هذه الدراجة، وكان الجو ممطرًا وقتها، لكنه لم يرتد الزى الواقى من المطر مثل بقية المشاركين فى السباق، ورغم ذاك أكمل السباق ومن بعدها عشق وأدمن رياضة الترايثلون.
وأضاف أن العقبات السابقة لم تكن العائق الوحيد لممارسة اللعبة، فهناك عائق أكبر، وهو عدم اقتناع من حوله بقدراته فى المشاركة فقط فى اللعبة، لكنه لم ينظر لذلك على الإطلاق، وتجاهل دائما كلامهم، وبدأ فى التمرين، وفى أول بطولة شارك معهم تفوق عليهم جميعًا، وكان واحدًا من أسعد أيام حياته، لأنه تفوق على من استهزأوا به، وهم حاليًا يلجأون إليه لمعرفة طريقة تدريبه وطبيعة طعامه وشرابه .
وعن التأهل لبطولة العالم، قال إن مشاركته فى بطولة الرجل الحديدى للشرق الأوسط “الترايثلون” بالبحرين الشهر الماضي، هى ما جعلته يتأهل لبطولة العالم فى أستراليا، وذلك بعد تحقيقه المركز الرابع بفارق 30 ثانية فقط فى كل السباقات عن صاحب المركز الثالث، فى السباق الذى يتكون من سباحة لمسافة 1900 متر، ثم ركوب الدراجة لمسافة 90 كم، وبعد ذلك جرى لمسافة 21 كم، وعن شعوره أثناء السباق كل أنه كان متوترا للغاية، لأنها كانت المشاركة الأولى بالنسبة له على المستوى الدولي، ولكن مع بداية الجولات ركز فقط فى اللعب لينجح فى تحقيق المركز الرابع، وهو ما جعله فى غاية السعادة خصوصًا بعد رؤيته النتيجة وتأهله لبطولة العالم، وعن الصعوبات خلال البطولة أكد أن قلة الوقت هى أزمته الحقيقية فى حياته بشكل عام، وليست أثناء البطولات فقط، فكثيرًا ما يصعب له رؤية ابنه الوحيد، ويكتفى فقط برؤيته وهو نائم عند عودته فى وقت متأخر من عمله وتدريبه.
وعن تمثيله لدولة الإمارات قال إنه بدأ حياته الرياضية فى الإمارات، فهو لم يمارس اللعب فى مصر، وبعد ذلك هرب من تمثيل بلاده، مثل بعض اللاعبين، مؤكدًا أنه حتى الآن لم يحصل على الجنسية الإماراتية، وأنه مصرى يتمتع بالجنسية المصرية ويفخر بذلك، وفى نفس الوقت يفتخر بأنه يمثل دولة عربية صاحبة فضل كبير فى حياته، وأن أى نجاح يتم تحقيقه هو نجاح لكل العرب وليس مصر والإمارات فقط .
وبالنسبة لطموحه أكد أنه يسعى دائما إلى تحقيق المركز الأول فى الفئة العمرية، وكذلك الحصول على لقب بطل العالم، وبعد ذلك السعى لتحقيق مسافة الرجل الحديدى كاملة وهى عبارة عن سباحه 3 كيلو و800 متر، ودراجة لمسافة 180 كيلو، ومارثون كامل 42 كيلومترا عدوا، لكن هذا يحتاج سنوات من التمرين لكى يتم تحقيقه، ولكنه سعيد جدا بالمستوى الذى وصل إليه، وأنه يعلم جيدًا أن الطريق طويل، وسيأتى اليوم الذى يحقق فيه هدفه .
وعن عمله اليومى قال إنه لا يزال يعمل فى الإنقاذ وطبيعة عمله شاقة جدًا على الشواطئ ويعانى عدم توفر الوقت ما بين العمل والتمرين، وأضاف: لدى يوم راحة من العمل، فى بداية الأسبوع أقوم باستغلاله فى عمل السونا والبخار وصدمات المياة “باردة وساخنة” ومساج، وعدد الساعات لا أحسبها، لكن عندى بالبرنامج عدد الكيلو مترات بالأسبوع بيوصل من سباحة ودراجة هوائية و الجرى يصل إلى 400 كيلومتر فى الأسبوع.