أحمد إبراهيم عامر قطعنا المسافات واجتزنا الحواجز والمدافع و«المحظورات». كان القرار أن نتلمس الواقع فى ليبيا بوابة مصر الغربية بعيدا عن احتكار وكالات الأنباء للصورة والخبر. كان القرار أنه من حق القارئ العربى والمصرى أن يطمئن على ليبيا وشعبها بعين وطنية عربية قومية، فكانت المفاجآت ومنها أن بنغازى الطيبة الصامدة المقاتلة تعيش حياة شبه طبيعية، فيما تصور لنا وكالات الأنباء أنها فى حرب ضروس غارقة فى الدم. قابلنا وسألنا وعرفنا وفهمنا وعشنا مع «المصريين المكافحين» فى أرجاء ليبيا. معا نعرف.. نتعلم.. ونكتشف.. فى رحلة الخطر التى كتبت بعض سطورها تحت وقع قذائف الإرهابيين.
حدائق التفاح تحارب الإرهاب.. 72 ساعة فى بنغازى العصية بنغازى وطن فى مدينة.. ليست عبارة تقال.. فكل من يزورها سيعرف أن أهلها من كل أبناء ليبيا، شرقه وغربه وجنوبه، يشربون قهوتهم ممزوجة بملحها ويزدادون عشقا لها، يتسم أهلها بالكرم وحسن المعشر، لذا أطلق عليها اسم «رباية الذايح» أى مأوى من لا مأوى له. بدأنا رحلة شاقة من القاهرة إلى السلوم لندخل الحدود الليبية للذهاب إلى المجهول إلى بنغازى عاصمة الجماعات الإرهابية كما يشاع وينشر من أنباء، فداعش والقاعدة وأنصار الشريعة تتخذ منها وكرا لمقاتليها.. رحلة نحو 1400 كيلو مررنا خلالها بمدينة طبرق أولى المدن الليبية والتى تبعد نحو 220 كيلومترا من منفذ إمساعد الحدودى مع مصر، لنجد ترحابا من أهلها، هى مدينة صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالى 160 ألف نسمة تتسم بالرقى والتنظيم وبها ميناء طبرق البحرى الذى يستقبل الحاويات التجارية بديلا عن المنفذ البرى من مصر لشبه توقف حركة التجارة بين البلدين بسبب وقف التأشيرات وصعوبة حصول رجال الأعمال الليبيين على تأشيرة دخول لمصر بسبب الأوضاع الأمنية. وبعد لقائنا بالمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبى حذرنى الجميع من السفر لبنغازى، بل إن القائمين على المراسم الليبية لمجلس النواب أبلغونى رسميا بأنه لا يمكن السماح لى بالسفر وأن حياتى ستكون فى خطر ولن يستطيع أحد حمايتى، كان رفضهم قاطعا، والحس الأمنى كان هو المسيطر عليهم، ولولا مجىء صديقى الأستاذ خالد الترجمان، مستشار مجلس النواب من بنغازى خصيصا لمقابلتى، وكنت قد رتبت معه قبل وصولى بأننى قادم لزيارة بنغازى لأرى على أرض الواقع ما تمر به المدينة فى حربها على الإرهاب، ولولا ذلك لما استطعت الخروج من مدينة طبرق. تحركت سيارة الترجمان بنا ومعنا أولاده الثلاثة - من مدينة طبرق ضاربين بعرض الحائط كل التحذيرات الأمنية لأشاهد وأنقل حقيقة ما يحدث فى المدينة الباسلة وكيف يعيش أهلها لأكون أول صحفى مصرى عربى يدخل بنغازى منذ أكثر من عام. فى الطريق من طبرق إلى مدينة البيضاء 286 كيلومترا أخذنا طريقا صحراويا لنلتف حول مدينة درنة التى تعانى هى الأخرى من وجود جماعات الإرهاب على مشارفها وداخل كهوف جبالها، بدا الطريق آمنا ما عدا مسافة نحو 40 كيلومتراً قرب منطقة تسمى “العزيات” وإلى منطقة “التميمى”، حيث كانت عناصر داعش خلال الأشهر الماضية تخرج من الجبال عبر الصحراء بالجمال وسيارات الدفع الرباعى وتقوم باستيقاف المسافرين وسرقتهم وقتل العسكريين منهم، والجيش يحاول الآن السيطرة على أمنها بدوريات مستمرة بها، فيما عدا ذلك كان الطريق آمنًا إلى مدينة البيضاء التى مكثنا بها يوما. والبيضاء تعد ثانى أكبر المدن الشرق الليبى بعد بنغازى وبها مقر الحكومة المؤقتة واللجنة التأسيسية لصياغة الدستور وبها مطار اللابرق وعدد سكانها يبلغ 200 ألف نسمة. تحركنا فى الثامنة مساء متجهين لبنغازى لنبدأ السفر 200 كيلو أخرى،كان الطريق آمنًا ليلا فكل المناطق والقرى التى مررنا بها يسيطر عليها الجيش الليبى بالكامل، وتوجد نقاط تفتيش فى مدخل كل قرية لندخل أخيرا مدينة بنغازى الساعة الحادية عشر مساء. بنغازى تاريخيا كان اسمها “يوسبيريديس” فى الفترة من (525 ق. م إلى 515 ق.م) وتعنى “حدائق التفاح الذهبى” ولهذا الاسم مدلول عند الإغريق، فأصل الاسم “هيسبيريدس” فى الميثولوجيا اليونانية، بمعنى الحوريات اللاتى لجأن إلى حديقة غناء فى العالم المحظوظ. ثم أصبح اسمها “برنيق” نسبة إلى الأميرة “برنيكى” زوجة “بطليموس الثالث” ومنذ العام (96 ق.م ) أصبحت برنيق تابعة للحكم الرومانى، وبنيت بالمدينة الكثير من المنشآت والمبانى، وزينت أرضيات تلك المبانى بالفسيفساء الرائعة أشهرها فسيفساء “الفصول الأربعة”. تم الاهتمام بالمدينة فى أوائل العصر البيزنطى (القرن الرابع الميلادى) وأصبح سكانها يدينون بالمسيحية، فقد عثر على بقايا كنيسة تعود للقرن السادس الميلادى. بعد فتح “عمرو بن العاص” لمصر اتجه إليها فاتحًا فأصبحت تسمى بلاد (برقة) تنعم بالأمن والسلام وحرية ممارسة الطقوس الدينية أكثر من أى منطقة أخرى تحت السيادة الإسلامية، ولذلك قال عنها عبد الله بن عمرو بن العاص “لولا مالى بالحجاز لنزلت ببرقة فما أعلم منزلا أسلم ولا أعزل منها”. ثم أطلق عليها فى عام 1450 بنغازى حيث كان بها مرسى اسمه (مرسى بنى غازى) الذى ظهر إلى حيز الوجود لأول مرة عام 1579 على خارطة قديمة رسمها جغرافى عربى اسمه “على بن أحمد بن محمد الشريف” من صفاقسبتونس نسبة إلى ولى صالح يعرف باسم “سيدى غازى” كان ضريحه فوق ربوة داخل مقبرة “سيدى خريبيش” القائمة حتى الآن. هذا تاريخ المدينة الذى أطلعتنا عليه الدكتورة سماح سالم إحدى سيدات المدينة الباسلة وكانت تتغزل فى مدينتها وكأنها تتنفسها. تاريخ بنغازى جزء ممتد لدورها النضالى منذ مساهمتها مع عمر المختار فى جهاده ضد الاحتلال الإيطالى وحتى الآن مع صمودها ومحاربتها للجماعات الإرهابية.. هذه المدينة اتسمت بمقاومة الظلم ووثق التاريخ لها ذلك من العهد العثمانى إلى الإيطالى، وخلال حكم معمر القذافى، حيث كانت نقطة البداية لثورة فبراير ليلة الخامس عشر من العام 2011 إلى أن انتفض أهلها، معلنين رفضهم للإخوان وجماعاتهم الإرهابية التى توطنت بعد نجاح الثورة واستغلت الفراغ الأمنى، بل ساهمت فى حدوثه بميليشياتها ومقاتليها الليبيين والأجانب، وقتلت وذبحت مئات من الأهالى لتعلن المدينة الحرب على الإرهاب، والتاريخ يؤكد أن كل الحركات التحريرية والثورية للدولة الليبية بدأت من هذه المدينة وهى تعتبر “ترمومتر” ليبيا، فإذا استقرت بنغازى استقرت ليبيا بالكامل هذا ما كتبه التاريخ خلال القرون الماضية. فى طريقنا لمدينة بنغازى أخذت أفكر كيف سيكون الوضع فى هذه المدينة التى تحارب الإرهاب منذ عام ونصف العام، وكيف ستكون زيارتى لهذه المدينة التى كنت أظن أنها مدينة أشباح لا يسكنها بشر، وتمكن الخوف منى لحظات قبل مشارف المدينة ونحن نعرّج على مدينة المرج ليلا، وراودتنى الهواجس أن دخولنا للمدينة فى هذا الوقت المتأخر من الليل يعتبر انتحارا. دخلنا المدينة وبدأنا نتحرك بالسيارة داخل شوارعها حوالى الساعة 11 مساء، فكانت المفاجأة التى أذهلتنى وسألت رفيقى خالد الترجمان هل أنت متأكد أننا فى بنغازى؟ رد بالإيجاب. كانت الشوارع مضيئة تعج بالسيارات والحركة والمحلات التجارية لا تزال تعمل، وفى أحد الميادين ظهر واضحا تجمع لبعض السيارات أمام أحد المطاعم فطلبت من مرافقى التوقف بالسيارة ونزلت أشاهد أهالى المدينة قرب منتصف الليل أعداد كبيرة من الشباب يأكلون ويشترون السندويتشات، وكانت المفاجأة الأكبر عندما اقتربت وتحدثت من أحد العاملين بالمطعم، فكان مصريا، بل كل العاملين الخمسة مصريون، تحدثت معهم عن أحوالهم فرد أحدهم وقال نحن الحمد لله بخير وبنغازى أصبحت أكثر أمانًا، وكثير من المناطق ومنها هذا الحى بأمان، ونعمل من العاشرة صباحا حتى منتصف الليل، وسألته عن معاملة صاحب العمل الليبى معهم فأجاب أن المطعم يؤجره أحد المصريين وهم يعملون معه وأنه يحصل على 70 دينارًا أجرًا يوميًا ويسكن هو وزملاؤه الخمسة فى منزل مؤجر قريب من محل عملهم، وأوصانى أن أكتب أنهم فى أمان وأهل المدينة يتعاملون معهم بشكل جيد وبالمدينة آلاف المصريين الذين لا يزالون يعملون. اتجهنا بالسيارة عبر عدد من شوارع المدينة لنصل إلى منزل السيد خالد الذى استضافنى فيه خلال الأيام الثلاثة التى مكثتها بالمدينة بكل كرم وترحاب. اتجهنا صباح اليوم التالى لمقابلة بعض رجال الجيش الليبى، وكانت الشوارع مزدحمة ازدحاما شديدا، رأيت رجال مرور ينظمون الحركة وشعبًا يحترم الإشارات، ورغم سماع أصوات انفجارات وقذائف يأتى صوتها من بعيد إلا فإنك تشاهد مدينة تعيش الحياة بكل تفاصيلها وكأنها لا يوجد بها حرب ولا توجد بها أشرس الجماعات الإرهابية على الإطلاق، وكان ملحوظًا إغلاق بعض الشوارع المؤدية لمناطق ومحاور القتال بحاويات وسيارات محترقة، وبسؤالى رد الترجمان أن القتال مازال مستمرًا بالمدينة ولكن الجيش الليبى استطاع أن يخرج الجماعات الإرهابية من معظم أحياء بنغازى بعد معارك شرسة ويحاصرهم الآن فى بعض المناطق التى يفرض عليها حصارا شديدا، وبالطبع هى مناطق هجرها ساكنوها وهى حوالى 20% من أحياء المدينة وقد تضررت مبانيها بشكل كبير. وذهبنا لمعسكر الصاعقة لمقابلة قائد القوات الخاصة العقيد ونيس بوخمادة وتجولنا فى سيارته فى بعض محاور القتال وشاهدنا حجم الدمار الذى تعرضت له أحياء كاملة خلال معارك الجيش الليبى مع جماعات داعش وأنصار الشريعة التابعة للقاعدة. بعد الجولة بالمحاور تقابلنا مع طبيب ليبى أكد لنا أن المستشفيات بالمدينة تعانى نقصًا شديدًا فى الأدوات الطبية والعلاج حتى القفازات التى يرتديها الأطباء والتمريض غير متوافرة، ونضطر لغسلها من الدماء واستخدامها مرات أخرى، وبكل أسى وحزن يتحدث الطبيب الشاب عن مدى تخاذل الحكومة فى التعامل مع المدينة وهى فى حالة حرب ضد الإرهاب. ذهبنا فى اليوم التالى لصلاة الجمعة بساحة “الكيش” أو ميدان الحرية كما يطلق عليه الآن، وبعد الصلاة بدأ تجمع كبير لأهل المدينة للتظاهر ضد تشكيل حكومة الوفاق برعاية مبعوث الأممالمتحدة التى اسموها “حكومة الوصايا” ولفت انتباهنا كثرة اللافتات ضد تيار الإخوان المسلمين وامتلأ الميدان بالهتاف ضد المبعوث الأمم السيد برناردينو ليون وضد الإخوان المسلمين وضد حكومة الوفاق، وفجأة بدأت القذائف تنهال على المتظاهرين من كل جانب، فالجماعات الإرهابية بدأت تقصف المدنيين بقذائف الهاون، برغم أن الغالبية أسر من سيدات وأطفال فإنني فوجئت بإصرارهم على الهتاف والتصفيق الحاد كلما سقطت قذيفة تحصد عددا من الأرواح والجرحى لم يتزحزح أحد ولم يخف الشعب الأعزل وسقط اثنا عشر شهيدا وأكثر من أربعين مصابا بإصابات شديدة. فى هذه اللحظة اكتشفت كيف يصمد هذا الشعب أمام أعتى الجماعات الإرهابية، كيف يحرر مدينته الباسلة، إنه لا يخاف الموت بل يقف بصدور عارية أمام القذائف بشبابه ورجاله ونسائه وأطفاله. بنغازى قررت التخلص من الإرهاب وجماعاته مهما يكن الثمن، فكل بيت به شهيد وكل أسرة قدمت دماء، الأرض هناك ممزوجة برائحة دماء الشهداء البواسل، ولكن الجميع لا يخاف لا يتراجع بل الكل على يقين أنهم قادرون بأبنائهم وجيشهم بل مصممون على تحرير مدينتهم. بنغازى مدينة تحارب الإرهاب منفردة.
3 مصريين أسسوا الجماعة عام 1948: الإخوان المسلمين فى ليبيا من مصرع النقراشى إلى مقتل القذافى! بدأ وجود جماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا عقب اغتيال محمود فهمى النقراشى، رئيس وزراء مصر فى ديسمبر عام 1948، حيث هروب 3 مصريين متهمين فى القضية، هم: عز الدين إبراهيم، ومحمود الشربينى، وجلال سعده إلى ليبيا، وأقاموا فى المنطقة الشرقية “برقة”، وعملوا فى مدينة بنغازى بين التعليم والتدريس والتجارة، وقدموا الجماعة كحركة دعوية تهدى إلى الدين، واستطاعوا استقطاب أعداد من المدرسين لفكر الجماعة ونشر أفكارها، وفى بداية الستينيات بحى زاوية الدهمانى بالعاصمة الليبية طرابلس تشكلت أول شعبة للجماعة فى شقة محمد رمضان هويسة بقيادة الشيخ فتح الله محمد حواص وبدأ التنسيق بين فرع الجماعة فى ليبيا ومقرها الرئيسى بالقاهرة. ولم يبدأ الصدام إلا مع بداية حقبة حكم القذافى فبدأت مطاردتهم وترحيل أكثرهم إلى مصر وغاب ذكرهم وسيرتهم نهائيا.. حتى حاولت بعض عناصرهم العودة إلى ليبيا عام 1982 وأعادت الجماعة تجميع التنظيم بالعناصر القادمة من الخارج، خصوصا الولاياتالمتحدة، مع قرار مكتب الإرشاد فى مصر استئناف نشاط الجماعة فى ليبيا سرا، لكن نظام القذافى استطاع اختراق التنظيم وتمت محاكمة عناصر التنظيم وتصفية بعضهم، وفى عام 1998 وحتى عام 2005 أعيد ترتيب هيكل الجماعة بقيادات سرية لم يكشف منها فى النهاية سوى سليمان عبدالقادر كقائد من الخارج. بداية من 2006 غيّر الإخوان مواقفهم من العداء لنظام القذافى وتعاونوا مع سيف الإسلام القذافى فى طرح مشروعه الإصلاحى (الغد)، وحصلوا على مكاسب كبيرة، كان أهمها إقناعه بالتحاور مع روافدهم الإرهابية برجال القاعدة الليبيين، وعمل سيف على الإفراج عن عبدالحكيم بلحاج وسفيان بن قمو من معتقل “جوانتانامو” ورجوعهما إلى ليبيا وهما الآن من أكبر قيادات الإرهاب لتبدأ جماعة الإخوان المسلمين فى اتخاذ شكل جديد إبان الثورة الليبية 17 فبراير من عام 2011 وتتشكل ميليشياتهم كميليشيات مساهمة فى الحرب ضد القذافى . وبعد نجاح الثورة بدأ التنظيم بتأسيس الذراع السياسية فى فبراير 2012 بالإعلان عن حزبه (العدالة والبناء) وتوسعت الجماعة فى 18 مدينة واختير محمد صوان من مدينة مصراتة رئيسا للحزب، واستقطب إليه رجال أعمال وأثرياء تحت شعار إقامة مجتمع العدل على أساس قيم ومبادئ الإسلام. وعمل الإخوان على السيطرة على الوظائف القيادية الوسطى والعليا بالدولة ليتمكنوا من دعم ميليشياتهم تحت غطاء أنها كتائب ثوار، فأصبح خالد الشريف وكيل وزارة الدفاع والصديق الكبير محافظاً للبنك المركزى، وتم دعم ميليشيات أنصار الشريعة بمئات الملايين من الأموال. منذ دخولى الحدود الليبية وفى مدينة إمساعد الحدودية، تنتشر على الجدران عبارات ضد الإخوان وصولا لمدينة بنغازى عبر مدينتى طبرق والبيضاء، لم تخل أى من المدينتين من جداريات مكتوب عليها عبارات «لا للإخوان» داخل المدينة الباسلة مدينة بنغازى تكتشف الحجم الحقيقى لمدى كره الشعب الليبى لجماعة الإخوان والتى يسمونها جماعة «الإخوان الإرهابية»، فى كل شارع وكل زاوية، كتبت عبارات مناهضة لها، حتى إن الأسر المنتمية لهذه الجماعة اضطروا أن يتركوا المدينة فكلهم أصبحوا منبوذين، فى بنغازى اكتشف الشعب المؤامرة، اكتشف أن جماعة الإخوان هى الحاضنة لكل الجماعات الإرهابية، اكتشف أنهم ليسوا رجال الدين الذين يقولون قال الله وقال الرسول بل هم مجموعة لها أجندات وعقيدة وولاء للتنظيم الدولى، ولا يوجد لديهم أى ولاء للوطن. وفى ميدان الكيش “ميدان الشهداء” خرجت مظاهرة أخيرا وتحديدا يوم الجمعة 24 أكتوبر للتنديد بمقترح حكومة الوفاق التى أعلن عنها المبعوث الأممى إلى ليبيا السيد برناردينو ليون وكان بالميدان لافتات كثيرة كلها تعبر عن مدى الكره الشديد للإخوان المسلمين منها “لا للأزلام.. لا للإخوان.. الجيش فى الميدان” وكأن شعوب ثورات الربيع العربى تكرر المشهد نفسه. لا أرضية شعبية ولا أرضية سياسية يتمتع بها الجماعة فى الشرق الليبى بالكامل ومدينة بنغازى بالأخص، فعندما تتحدث مع أهالى بنغازى البسطاء وليس النخبة أو الساسة تجدهم يفهمون المشهد بالكامل، بل إنهم لا يفرقون بين داعش وأنصار الشريعة والإخوان المسلمين، ففى ميدان الكيش تحدثت لإحدى السيدات اللاتى ملأن الميدان ولم يتقهقرن خطوة برغم قصف الميدان من قبل الجماعات الإرهابية بقذائف الهاون بأكثر من 9 قذائف سقطت فى محيط وأطراف التجمع واستشهد 12 وأصيب أكثر من 40 مواطنا، ولكن الجميع قابل القذائف الصاروخية بالتصفيق والإصرار على الهتاف ضد مبعوث الأممالمتحدة وضد الإرهاب والإرهابيين وضد الإخوان.. فقالت السيدة عند سؤالها عن تصنيف الجماعات الإرهابية إن داعش والإخوان وأنصار الشريعة والإخوان المسلمين جماعة واحدة كلهم تحت مسميات مختلفة ، ولكنهم وجوه متعددة لنفس العملة القبيحة وهى الإرهاب. وتضيف: نحن فى بنغازى اكتشفنا للأسف أخيرا أنهم ليسوا بمسلمين فكنا نظن فى بداية الثورة أنهم رجال دين يعرفون الله وسجنوا ظلم فترة حكم القذافى، لكن اتضح خطأنا بفضل رجال بنغازى سنتخلص منهم، فكل بيت هنا دفع دماء ثمنًا للتخلص من هؤلاء الخوارج ونحن على استعداد لتقديم آخر رجل وسيدة لدينا لنتخلص منهم، فنحن صامدون حتى بأجسادنا العارية ولن نتزحزح من أماكنا..
قائد الصاعقة «بوخمادة» قلب الأسد: لا انقسامات بالجيش ونحارب دولا تدعم الإرهاب.. وفقدنا 600 شهيد وتم ذبح واغتيال 550 شخصية ذهبنا للعقيد ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة "الصاعقة" لنتحدث عن بطولات وجولات رجاله البواسل فى معارك تحرير مدينة بنغازى. ونيس بوخمادة من أوائل المنضمين لثورة 17فبراير، سيطر هو ورجاله فى الأيام الأولى للثورة على معسكر "الفضيل" وهو الأكبر فى بنغازى، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية لم يطمع فى منصب أو أموال، رجل عسكرى من الطراز الأول، وطنى لا يعرف غير شرف العسكرية وحب الوطن إنه "بوخمادة قلب الأسد". اسمح أن أبدأ معك الحوار من آخر نقطة.. وضع بنغازى الآن كنت أتخيل أننى سأجد مدينة أشباح يسيطر عليها داعش والقاعدة بالكامل، لكن كانت مفاجأة أن أجد الحياة تسير بشكل طبيعى بمعظم أحياء المدينة.. لماذا عدم الإعلان عن تحرير مدينة بنغازى حتى الآن؟ لا نستطيع القول إن مدينة بنغازى تحررت، لكن الإعلان عن التحرير أمر صعب ولا يستطيع قائد عسكرى أن يتحدث عن الحسم النهائى بالكامل. بعد أحداث سبتمبر فى الولاياتالمتحدة هاجمت أمريكا أفغانستان وهى أقوى دولة فى العالم.. هل حسمت المعركة فى أفغانستان رغم مرور سنوات وسنوات ورغم القدرات والإمكانات وأقمار صناعية وأسلحة متطورة، أريد أن أقول إن المواطن يبحث عن كلمة التحرير والإعلام أيضا، فى جمهورية مصر العربية بعد ثورتها الثانية مازالت تعانى من الإرهاب حتى الآن رغم وجود مؤسسات الدولة وجيشها العظيم لكن مازالت تحارب الإرهاب وهناك قتل للمدنيين، ولأفراد الشرطة والجيش. أنت رأيت المدينة وتجولت داخل أحيائها بكل أمان، الآن أصطحبك بسيارتى وندخل بعض محاور المدينة التى لا يزال القتال بها مستمرا وترى ماذا حدث والمعارك الشرسة التى خضناها لتحرير 70 % بالكامل من أحياء المدينة. نحن القوات الخاصة بدأنا الحرب مع الإرهاب بعد رجوعى من مدينة سبها بالجنوب الليبى فى فبراير 2013 ، فعند زيادة عمليات القتل والتصفيات لضباط الجيش والإعلاميين والقضاة توجهت قوات الصاعقة للمدينة لمواجهتهم، حاولنا السيطرة على المدينة، لكن الجماعات الإرهابية دائما تقوم بعمليات اغتيال خسيسة ومواجهتها تخص الأجهزة الأمنية والمعلوماتية بالدرجة الأولى المباحث العامة، المخابرات، الأمن الوطنى. هذه الجهات كانت فى تلك الفترة غير فاعلة فى بنغازي، فمنذ فبراير 2013 حتى بداية عملية الكرامة لم يكن هناك مركز شرطة يعمل، لا يوجد أى مظاهر للدولة الأمنية داخل المدينة. عندما وصلنا كقوات خاصة واجهنا حتى القضايا الاجتماعية كالقضايا الجنائية ونحن من يقبض على الجناة، فقمنا بجميع الأدوار التى تقوم بها الأجهزة الأمنية. كم عدد أفراد القوات الخاصة؟ نحن لدينا فى بنغازى ثلاث كتائب ومدرسة الصاعقة والمظلات، يوجد عدد كبير لكن الأرقام لا أستطيع الإعلان عنها، استشهد لدينا فقط فى القوات الخاصة أكثر من 600 شهيد عسكرى. عندما رجعنا من سبها كانت القوات الخاصة موجودة فى مدن غدامس وبنى وليد وطرابلس والكفرة وسبها فى كثير من المدن الليبية تقوم بدورها العسكرى بكل انضباط. متى تأسست القوات الخاصة فى ليبيا؟ تأسست القوات الخاصة فى 1971 على يد إخواننا المصريين ، وهى أول مؤسسة عسكرية التحقت بثورة 17 فبراير، والوحدة الوحيدة التى التحمت بالشعب الليبى وخاصة مدينة بنغازى هى القوات الخاصة، هل تعلم أن القوات الخاصة وقت خطف بعض الدبلوماسيين المصريين عام 2013 ، هى من حمت السفير والقنصل المصرى وكامل طاقم السفارة. السفير وكامل الطاقم فى نفس يوم خطف الملحق الثقافى كانوا جميعا فى منزلى وتحت حمايتنا لثانى يوم حتى مجىء الطائرة المصرية لمطار بنينا فى بنغازى وأوصلتهم بنفسى لسلم الطائرة. نحن الآن فى نهاية المعركة والدعم كان بسيطا جدا فى البداية، وقوة القوات الخاصة الآن وأسلحتها وذخائرها التى حصلت عليها من مدينة سبها وكان من تشكيل الكتيبة الأولى صاعقة، وكل الأسلحة والمعدات جلبناها إلى مدينة بنغازى وبدأنا المعارك مع التكفيريين وأنصار الشريعة. هناك بعض الأصوات للأسف تصر على أن هؤلاء ليسوا تكفيريين وأنهم ثوار، أرد عليهم نحن الثوار الحقيقيين، نحن لم ننحرف لم نبحث عن المال لم نبع وطننا، وما زلنا مستمرين فى حماية الشعب. دعنى سيادة العقيد أرجع لبدء الإعلان عن عملية الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر فى ذلك الوقت قبل أن يعين قائدا للجيش الليبى.. لماذا تأخر إعلانكم إعلاميا الانضمام للعملية؟ لا.. تم انضمامنا إعلاميا بعد ثلاثة أيام لعملية الكرامة.. أصلا نحن كقوات خاصة كنا أعلنا الحرب على الإرهاب فى بنغازى قبل عملية الكرامة وكنا نبحث عن أى شخص يساندنا داخل أو خارج مدينة بنغازى فعندما تم الإعلان عن عملية الكرامة كانت هذه فرصة لنا، وبدلا من وجود 1000 شخص مقاتل أصبح معى 3000 مقاتل. قبل ظهور تنظيم داعش هل كانت أعداد أنصار الشريعة كبيرة وتسلحهم ضخمًا، أما ظهور داعش فهو ما أعطى القوة للتنظيمات الإرهابية؟ عدد أفراد أنصار الشريعة الحقيقى ليس كبير لكن مع كثرة الأموال لديهم ودعم الإعلام المأجور تم استعطاف جزء كبير من الثوار، وشراء البعض، وتم إقناع عدد من الصغار أن الحرب التى تتم الآن فى مدينة بنغازى أنها ليست حربا على الإرهاب، بل هى حرب من قبل رجال معمر القذافى ومفاهيم مغلوطة مثل هذا حكم العسكر ويريدون السيطرة على الحكم فالشباب وخاصة الصغير فى السن تم التغرير به.. وبعض الجهات الإعلامية كانت تسوق معلومات غير صحيحة وليست فى مصلحة الوطن وتم استغلال عدد كبير جدا من الشباب، فأنا أعلنت فى بيان القوات الخاصة فى بداية عملية الكرامة أن على الليبيين الشرفاء والثوار الشرفاء الانضمام للجيش فى محاربة الإرهاب، وأعلنت هذا رسميا. هل يتم دعم الجماعات الإرهابية لوجستيا وبأفراد أجانب بكثرة خلال هذه الفترة؟ بالطبع هناك دعم لا محدود للإرهاب فى بنغازى، يتم دعمهم بمقاتلين أجانب بالسلاح، وتصل سفن (جرافات) محملة بالسلاح والأفراد. دعنى أعلنها بصراحة ووضوح، نحن نحارب دولا تدعم الإرهاب دعما كاملا، أنا كليبى ووطنى ليس لدىّ أى مطامع غير تحرير البلاد من الإرهاب وحماية شعبنا من هؤلاء التكفيريين المستحلين لدماء شبابنا ونسائنا وشيوخنا وأيضا أطفالنا. هناك أقاويل أن قادة الجيش الليبى يريدون إنشاء مجلس عسكرى هل ترى هذا حلا لإنهاء الصراع السياسى؟ أريد أن أقول لك يا سيد أحمد، أنا موجود فى بنغازى ولا يهمنى كل المواضيع التى يتحدث فيها البرلمان والحكومة والمجلس العسكرى وخلافه، كل هذه المناقشات السياسية ليس لى علاقة بها نهائيا ولا أهتم بها من الأساس. أنا رجل يبحث عن الإرهابيين ويطاردهم، ونحن مصممون على تحرير كل شبر من أرض ليبيا من هؤلاء أما باقى المواضع لا نبحث عنها.. يشكلون مجلسا عسكريا يشكلون حكومة، ليس لى علاقة نهائيا، أنا أبحث عن أمن وأمان ليبيا وبالدرجة الأولى بنغازى. يتردد على مواقع التواصل الاجتماعى ومن النشطاء السياسيين أن سبب تأخر تحرير مدينة بنغازى وجود خلافات بين القادة العسكريين.. ما مدى صحة هذا الحديث؟ لا توجد خلافات وأنا أتحدث معك بكل صراحة، للأسف هذا نتيجة التسويق الإعلامى الموجود فى القنوات الفضائية وبعض النشطاء، نحن إعلامنا ضعيف واستغلوا هذا فى بث الدعايات والشائعات بأن هناك انقسامات بين قادة الجيش، نحن فى المعارك 24 ساعة لا يوجد لدينا وقت للاختلاف. توجد أزمات السياسية مع بعض المدن والمناطق مثل مدينة مصراتة هل التقارب بين القادة العسكريين يمكن يكون حلا لتقريب وجهات النظر والرؤى؟ مشكلة ليبيا هى فقدان المصداقية، فلو كل ضابط مسئول وكل ليبى وطنى صادق مع نفسه ومع الوطن كنا تجنبنا هذه المحنة ولم نصل لتلك النقطة. تصور أن بعض قادة الجيش فى المنطقة الغربية الآن يصرح بأن بنغازى لا يوجد بها إرهاب، ويرسخون أنهم يحاربون رجال النظام السابق، بنغازى يمارس فيها على مدار السنوات السابقة عمليات ذبح، أكثر من 550 شخصية اغتيلت داخل مدينة بنغازى ويظهر هذا أو ذاك على التليفزيون يتحدث أن بنغازى لا يوجد بها إرهاب، كيف ذلك؟.. نحن جلسنا صامدين سنوات نسمع فى كلام المؤتمر الوطنى السابق وقادة الإخوان الذين يظهرون على الشاشات يعبرون عن الوطنية وهم لصوص، لكن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى فتحركنا. هؤلاء الذين يزايدون علينا، كان بالإمكان منع دخول أى واحد لمعسكر الصاعقة بالقوة بل كان بإمكاننا فى 17فبراير إحكام قبضتنا على كامل المدينة وفرض عدم التجوال ولو كنا خرجنا نساند القذافى ما كتب النجاح للثورة، لكن الصاعقة كانت داعما كبيرا جدا للثورة الليبية ولكن للأسف كوفئنا باتهامنا أننا رجال النظام السابق وبأننا خونة للثورة الليبية. هل يوجد تواصل على سبيل المثال مع قادة وطنيين من مدينة مصراتة مثل العقيد سالم جحا؟ للأسف لم يتم التواصل رغم وجود شخصيات عسكرية وطنية، لكن نحن نحارب ولا يوجد لدينا لا الوقت ولا أدوات التواصل لنجلس ونتباحث الآن فقط أمامنا هدف واحد وهو دحر هؤلاء الإرهابيين وتخليص البلاد منهم. ماذا عن تعنت المجتمع الدولى فى تسليح الجيش الليبى.. وهل توجد أزمة تسليح حقيقية؟ نحن نحارب فى ليبيا من عام 2011 والآن فى السنة الخامسة وبالطبع السلاح يستهلك والذخائر تستنزف. ماذا عن مخازن الأسلحة التى كانت لدى النظام السابق؟ كثير جدا من مخازن السلاح تم الاستيلاء عليها، لأن الجيش احتوى عددا كبيرا ممن يسمون بالثوار وهذا ليس معناه أنه لا يوجد ثوار، فكثير من الثوار شرفاء مخلصون وطنيون وبكثرة، لكن سيطرت الجماعات الإرهابية والجماعات المتشددة على كثير من مخازن الأسلحة. الآن من أين يأتى السلاح؟ لا يوجد سلاح جديد ونكمل المعركة بالأسلحة التى لدينا والتى نستطيع الحصول عليها من بعض المناطق، فالعالم لا يزال يمنع تسليحنا. سيادة العقيد ذكرت أنكم تحاربون دولا تدعم الإرهاب.. هل هناك دعم عسكرى مصرى فيما يخص التسليح؟ هذا سؤال صعب الإجابة عنه، فهو من اختصاص رئاسة الأركان والقيادة العامة، لكن بالتأكيد لولا وقوف مصر معنا لكان الوضع مختلفا، برغم ذلك ترى التسويق الإعلامى الكاذب يتحدث أن العسكريين والجنود المصريين يقاتلون ضمن صفوف الجيش الليبى وهذا كلام كاذب، نحن الآن فى أحد ميادين القتال يمكن أن تخرج بنفسك لترى، لا يوجد لدى الجيش الليبى سوى أبنائه وأبناء الشعب الليبى المخلص، وكل ما يقال تضليل وكذب، لتضليل الرأى العام فى ليبيا، والقول إن الجيش الليبى غير قادر منفردا على هزيمة داعش وأنصار الشريعة. حاليا بعد تقدمكم بشكل ملحوظ كم يتبقى تقريبا من أعداد الدواعش وأنصار الشريعة؟ لا أستطيع تحديد رقم محدد لكنهم فى تزايد ويتم دعمهم بالمقاتلين من جميع الجنسيات، المعلومات السرية يفترض أن أجهزة الاستخبارات والمباحث العامة هى من تعمل عليها، فأنا كمقاتل من المفترض أن تأتينى هذه المعلومات فى أوراق يتم تبليغى أن فى هذا المكان أو الحى 2000 إرهابى على سبيل المثال كى نضع خطط التعامل معهم ومهاجمتهم. هل يوجد تنسيق استخباراتى معكم ويمدكم بالمعلومات؟ لا يوجد شىء، فلم يتم تفعيل هذه المؤسسات بشكل كامل وهذا سبب الفراغ الذى تسبب فى هذه الكارثة فأنا أقاتل فى الميدان وجهاً لوجه. لو قسمنا مدينة بنغازى لنسبة مئوية كم تحرر منها؟ ممكن القول إن الجيش الآن يسيطر على 70 % من المدينة وتم تأمينها بشكل كامل والمواطنون يمارسون حياتهم بشكل طبيعى. يتبقى 30 % هل تسيطر عليها الجماعات الإرهابية؟ لا ليس مسيطرا عليها بالكامل لكن فيها قتال، الآن المنطقة الموجود فيها العدو هى مناطق القوارشة والقنفودة وهى مناطق نائية ليست فى وسط المدينة بجانب منطقة الهوارى وحى الليثى أما باقى المناطق كالصابرى وسوق الحوت، فهى مناطق اشتباكات وليست سيطرة للإرهاب، وتأتى صعوبة القتال أنهم يستخدمون تكتيك حرب العصابات. هل لدى جماعات الإرهاب أسلحة ثقيلة مثل الدبابات والمدرعات؟ عندهم للأسف فقد تم دعمهم من الدولة خلال سنوات، لكن ليس بالنسبة للمعدات الثقيلة ليست بالكميات الكبيرة، ربما لديهم دبابتان، لكنهم يملكون عددا من المدرعات، والأهم أنهم لديهم عدد كبير من أجهزة التفجير عن بعد وتمكنوا من تلغيم كثير من المنازل فى الطرق المؤدية إليهم. نرجع بالحديث للوضع السياسى ورغم حديثكم عن عدم انشغالك بما يجرى سياسيا ما أمنياتك بخصوص الحوار الليبى الجارى أم ستبقى الكلمة للبندقية؟ أنا أتمنى أن يتم حقن الدماء وأن يتم الوصول لوفاق واتفاق أما الأجانب فلا حوار ولا نقاش، ووضع بنغازى الآن يختلف ففى بنغازى أجانب ومرتزقة إرهابيون فكيف نحاورهم، ولكن الشباب المغرر بهم يمكن أن نصل إلى حل معهم لأنهم فى النهاية ليبيون لكن الدخلاء لا حوار معهم. وماذا عن الحوار مع الجماعات الإسلامية المتشددة؟ أولا نحن فى ليبيا كلنا مسلمون وعلى كتاب الله وسنة رسوله، لا يوجد طوائف فى ليبيا فالشعب الليبى كله مسلم سنى والغالبية العظمى منا على المذهب المالكى، يعنى كيف تأتى لدولة إسلامية مثل ليبيا وتقول نحن نريد تطبيق شرع الله؟ المؤشرات العسكرية هل توضح زمنا محددا للانتهاء من تحرير باقى بنغازى؟ أقسم بالله العظيم لو المجتمع الدولى يدعم الجيش الليبى بالأسلحة حتى بالذخائر فقط سنتخلص من هؤلاء فى أسابيع بل أيام، نحن لدينا شباب يريدون الموت يقولون نريد الموت فى سبيل الوطن، فلو توفرت الذخيرة وبعض الأسلحة النوعية "ما يأخذون منا شىء" وسترون خلال الأيام المقبلة. وسألنى العقيد ونيس بوخمادة أنت هل شاهدت مدينة بنغازى؟ فجاء ردى أننى فوجئت بالحياة تدب فى أكثر أحياء المدينة والمحلات مفتوحة حتى منتصف الليل. فأضاف العقيد بوخمادة: ما رأيته هو الواقع ليس حقيقيا ما يردده الإعلام عن أن مدينة بنغازى مدينة منكوبة خالية من السكان، أغلب المدينة محرر ويعيش فى أمان ونحن نحاصر مناطق القتال وأخرجناهم على حدود المدينة والقتال معهم فى هذه المناطق فقط. داخل معسكر الصاعقة تحركنا مع العقيد ونيس بوخمادة بسيارته فى جولة داخل معسكر الصاعقة الذى هدمت أسواره وفجرت مبانى إقامة ضباطه من قبل أنصار الشريعة.. تحركت السيارة لندخل المعسكر الشاسع المساحة لنجد عمالا يبنون الأسوار وآخرين يدهنون فى بعض المبانى التى لم تفجر فسألت العقيد بوخمادة: أرى حركة بناء وتجديد للمعسكر.. هل الحكومة الحالية تعمل على توفير إمكانات مالية للقوات الخاصة؟ وبدا سؤالى وكأنه فتح غطاء بركان بداخل الرجل، فرد بكل حزم وحزن وقال هل ترى هذا العمل كله وبتبرعات عرب بنغازى من مواطنى بنغازى لم يصلنا قرش من الحكومة الحالية ، ونحن لا نريد شيئا، نحن نريد سلاحا وكرر الجملة ثلاث مرات. هل تقصد أنه لا توجد مخصصات للقوات الخاصة الليبية لتجديد معسكر الصاعقة؟. فرد بنفس الرد لا يوجد شىء نهائيا حتى العلاج ونقل المصابين هناك مشكلات، فعندما يصاب جندى فى المعركة يستمر أياما وأسابيع ويمكن شهوراً لحين توفير وسيلة لنقله للعلاج فى الخارج فى حين عندما يجرح إرهابى ينقل فورا عبر مراكب بالبحر لمدينة مصراتة أو سرت ومنها ثانى يوم إلى تركيا للعلاج هذا حالنا يا سيدى نحن نحارب بمفردنا. وجاءت لحظات صمت بعد هذه المفاجأة التى أذهلتنى ليقطعها العقيد ونيس ويبدأ بشرح نقاط القتال التى جرت داخل المعسكر، وشاهدت آثارها على الجدران المهدمة ومبانى المناطق المجاورة التى تنم عن شراسة هذه المعارك، وخلال ساعة كاملة تجولنا داخل المعسكر وفى المناطق المجاورة له وقد تحولت المنازل فيها لكتل إسمنتية مدمرة. قاطعته بسؤال هل أنتم واثقون لهذه الدرجة من النصر وأن المعسكر لن يسقط ثانية فى يد الجماعات الإرهابية المسلحة؟ فرد بكل قوة نعم نحن واثقون من النصر بعون الله، نحن أصحاب قضية وأصحاب عقيدة وأصحاب أرض وعرض ووطن والله لن يخذلنا. رجال الجيش الليبى جميعا على يقين بالنصر وبالفعل الحمد لله تم النصر وأخرجنا هؤلاء من أغلب المدينة ونحاصرهم فى المناطق المتبقية، ومع بعض الجهد والوقت والسلاح فقط قريبا لن يكون لهم موضع قدم داخل بنغازى بالكامل، فنحن نحارب بيد ونبنى معسكرنا باليد الأخرى، فهذا الشخص الذى يركب الشباك هناك مدرس صاعقة والواقف يحمل فرشة الدهان ضابط صف فى الصاعقة، بعضنا يحارب وبعضنا يبنى ومعنا شعب بنغازى، فكما قلت كل هذا بتبرعات الشعب وهناك أيضا بعض الشركات تعمل معنا بعمالتها مجانا وفجأة ونحن نتجول أشاهد بعض العمال المصريين يركبون أبوابا للغرف فبادرت بسؤالهم هل أنتم مصريون؟ فرد أحدهم: نعم مصريون من الفيوم ونعمل فى شركة للمقاولات تعمل على صيانة بعض المبانى فى معسكر الصاعقة وأوضح أنهم فى أمان بين أهلهم فى بنغازى، ويتعاملون بكل احترام ومحبة. ليتدخل ونيس بوخمادة فى الحديث ويقول هؤلاء جزء منا، فكثير من المصريين لم يتركونا خلال المعارك، فاذهب وشاهد المصريين فى سوق الخضراوات وفى محلات المدينة هم من يشيدون ويعملون على بناء مدينتنا وهم أهلنا ونحن أهلهم فما يحدث لنا يحدث لهم. سيادة العقيد هل يوجد عدد محدد للأجانب فى صفوف الإرهاب؟ لا أستطيع تحديد العدد لكن يوجد أجانب من جميع الجنسيات وقتلنا منهم الكثير، فالغالبية من تونس والجزائر ومصر ومن دول كثيرة وتزداد يوما بعد آخر خصوصا بعد التدخل الروسى فى سوريا بدأ عدد كبير منهم يدخلون ليبيا. ذات مرة رصدنا مكالمة لأحد الإرهابيين القادمين من سوريا يتحدث عبر الهاتف لأحد قادته فى سوريا ويقول له أنا حاربت فى أفغانستان وفى العراق وفى الشام، لم أر فى شراسة قتال الليبيين فى الميدان، فنحن شرسون فى قتال هؤلاء ، فالإنسان الذى يقاتل على مبدأ لابد أن يكون شرسا، فنحن نقاتل لأجل وطن لا نقاتل على منصب سياسى أو طمع مالى.. لينهى بوخمادة قلب الأسد كلامه: وما النصر إلا من عند الله ونحن منتصرون بإذن الله. آمر مدرسة الصاعقة والمظلات ونيس الفلاح: الشباب المتطوع يحارب دون تدريب! بدأ المقدم ونيس الفلاح آمر مدرسة الصاعقة والمظلات بالقوات الخاصة يشرح لنا رؤيتهم المقبلة للمعسكر والخطط المستقبلية، مدرسة الصاعقة والمظلات هى مصنع الرجال وإعداد وتدريب جنود وضباط الصاعقة، وكما ترى نحن بعد اقتحامنا لمعسكر الصاعقة واسترجاعه من الإرهابيين وجدناهم قد فجروا أغلب المبانى وهدموا جميع أسوار المعسكر وتركوا فقط أماكن ومعدات التدريب على أمل منهم أن يستخدموها فى تدريب مقاتليهم، لكن بمجهودات الشباب وأهل الخير فى بنغازى استطعنا أن ننجز 50 % من أسوار المعسكر وصيانة بعض المبانى وعن قريب ستبدأ دورات تدريبية داخل المعسكر. لدينا مجموعة من الشباب المتطوعين يحاربون معنا بدون تدريب مسبق، فلابد من تأهيلهم وتدريبهم بدورات تخصصية، ولدينا معلمون أكفاء ذوو خبرة كبيرة لإعادة مدرسة الصاعقة. نحن متوقفون الآن على تكملة صيانة المعسكر والتأكد من التأمين الكامل، فبالطبع لابد من تأمين الطلاب ونحن فى حاجة ماسة لكل ضابط وجندى فى المواجهات. لكن دعنى أؤكد أننا قريبا جدا سنبدأ فى أول دورة صاعقة ومظلات للعسكريين الجدد والمتطوعين.
فضل الحاسى رئيس غرفة الاستخبارات للقوات الخاصة الليبية: الإخوان هم الإرهاب بعينه.. وحاربنا إرهابيين مصريين وجها لوجه فى محاور القتال فضل الحاسى رئيس غرفة الاستخبارات للقوات الخاصة الليبية شاب فى منتصف الثلاثينيات قوى البنية مفتول العضلات.. منذ اللحظة الأولى لمقابلته تعلم أنه أحد رجال الصاعقة.. تمت المقابلة معه فى أحد مراكز صيانة السيارات فى بنغازى وعند وصوله تكتشف مدى حب الناس له، فالكل يسلم ويلتقط معه الصور وكأنه نجم غنائى أو لاعب كرة مشهور الجميع يعرفه ويحبه، سيارة فضل الحاسى تشبهه فهى سيارة كروزر كبيرة الحجم مضادة للرصاص. تلك السيارة تحكى بطولات وشجاعة هذا الرجل، فآثار الطلقات على كل جانب منها وكأنها، وبرغم هذا اكتشفنا أثناء حوارنا معه كم يحمل هذا الشاب قلبا ينبض بحب بلاده عندما قلت له فى نهاية الحوار “طول ما فى بنغازى رجال مثلك فلا خوف عليها ولا على أهلها”، فلم يتمالك نفسه وسقطت دمعة من عينيه تحمل معها حبه لشعبه وبلاده.. إنه فضل الحاسى، أحد من يواجهون مقاتلى الإرهاب بكل بسالة وشجاعة. متى بدأت القوات الخاصة فى محاربة الإرهاب؟ كقوات خاصة انضممنا لثورتنا 17فبراير من يومها الأول وكلفنا بتأمين العديد من مناطق ليبيا كلها وليس فى بنغازى فقط وخلال عملية الكرامة التى بدأت منذ عام ونصف العام تقريبا، تم استهداف المعسكر واستهدف الإرهابيون المناطق السكنية الملاصقة للمعسكر، فقررنا الانسحاب التكتيكى لمنطقة “بنينا” فى طريق المطار حتى لا تكون الخسائر من المدنيين والسكان كبيرة، ومن هناك انطلقنا لدك أوكار الإرهاب داخل أحياء بنغازى حتى اطمأنينا لخروج الأهالى من المناطق الملاصقة للمعسكر ثم قمنا بمهاجمة الجماعات الإرهابية وتمت السيطرة على معسكر الصاعقة وهو الآن تحت سيطرة القوات الخاصة بالكامل. الأنباء التى وردت بعد الثورة وقبل عملية الكرامة بسنوات تؤكد أن هذا المعسكر تحديدا يتعرض بشكل مستمر لمحاولات اقتحام.. لماذا معسكر الصاعقة تحديدا؟ طبعا لأن القوات الخاصة هى المنوطة بمحاربة الإرهاب والقادرة على مواجهة أفراده وجنود القوات الخاصة هم القادرون على التعامل مع حروب الشوارع أو حروب العصابات، لذلك كان معسكر الصاعقة هدفاً من أول يوم لهذه الجماعات بجانب تاريخ الصاعقة مع هؤلاء الإرهابيين، وأثناء ثورة 17فبراير تم اقتحام السجون وخرجت الأعداد من الإرهابيين وهم من شكلوا بداية وجود جماعات الإرهاب المنتشرة الآن فى ليبيا، ومنهم الإخوان والمتطرفون وتمت مصالحة معهم، قادها على الصلابى، طبعا الإخوان المسلمون جزء كبير من الحالة التى نشاهدها الآن هم من روجوا عند الناس فكرة أن هؤلاء المتطرفين كانوا مظلومين ومسجونين ظلمًا، لأنهم ضد حكم القذافى والناس بسطاء فرحوا ورحبوا بهم على أنهم ظلموا فى النظام السابق مثلما حدث فى مصر وتونس بعد الثورة، ومنهم أيضا من كان فى الخارج فى أفغانستان وفى العراق وجاء بعد الثورة. كيف ترى تصريحات حزب الإخوان السياسى “العدالة والبناء” بأن الإخوان المسلمين لا يملكون ميليشيات مسلحة؟ الإخوان هم الإرهاب بعينه، بعد الثورة عملوا على إمساك مفاصل الدولة، ففى بداية الثورة استطاعوا اللعب على بساطة الشعب وطيبته وفرحته بالتغيير فتم تمكين أشخاص متطرفين مثل عبدالوهاب رقيق، وخالد الشريف كان وكيل وزارة الدفاع وكثير من الأسماء من المتطرفين، وفوجئ الشعب بكل هذه العداوة الإخوانية له وبدأ مسلسل اغتيال ضباط وجنود الجيش الليبى وتحديدا رجال الصاعقة وهناك أكثر من 600 حالة اغتيال وتصفية تمت خلال السنوات الأربع الماضية. برغم أن القوات الخاصة تحارب الإرهاب منذ اللحظة الأولى فإنها لم تشارك رسميا فى عملية الكرامة إلا بعد مرور أيام على الإعلان عنها لماذا؟ بالعكس، القوات الخاصة كانت هى أساس عملية الكرامة منذ اللحظات الأولى، فقد كان هناك العقيد ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة، وأيضا النقيب محمود الورفلى كذلك الشهيد سالم مالى الملقب ب “سالم عفاريت” والذى استشهد خلال الشهر الماضى، ولقب بعفاريت لبسالته وشجاعته خلال المواجهات مع الإرهابيين فكان يقتل منهم بالمئات.. كنا فى الصفوف الأولى فى اليوم الأول لعملية الكرامة كانت الصاعقة مجهزة ثلاث سرايا وشاركنا فى الاقتحام، لكن الناس لم تكن تعرف أو لم يتم الإعلان لعامل المفاجأة، ومن جهة أخرى لم تكن هناك وسائل إعلامية داخل أرض المعركة، ففى اليوم الأول التى دخلت قوات الفريق خليفة حفتر ومعه المجموعة العسكرية التى أتت من مدينة المرج ومن الأبيار على مزرعة أبوبكر يونس، نحن كنا نحارب ونسترد معسكرنا «معسكر 319 صاعقة»، وقد استشهد أربعة جنود من صفوف القوات الخاصة في هذا اليوم، نحن من أساس عملية الكرامة بعد ذلك أعلنها على الملأ العقيد ونيس بوخمادة أننا ضمن عملية الكرامة ونحن الجزء الأول والأخير منها. قبل عملية الكرامة بالطبع كانت الجماعات الإرهابية “داعش وأنصار الشريعة والقاعدة” تسيطر على أجزاء من المدينة.. هل كانت مناطق كثيرة؟ طبعا كان الإرهاب وجماعاته يسيطرون على 80% من مدينة بنغازى، كان أنصار الشريعة وميليشيات الإخوان المسلمين المسمى بالدروع الذى يقوده الإرهابى وسام بن حميد الذى استغل الشباب الصغير وأفهمه أنه يحافظ على بلاده وأعطى هؤلاء الشباب عقودا برواتب وصلت إلى 24 ألف دينار، لينضم «للدروع»، وهذه «الدروع» هى الجناح العسكرى للإخوان المسلمين فى ليبيا، ولكن الشعب اكتشف هذا المخطط وخرج فى تظاهرة كبيرة على «الدروع» الذى يعد شكلا موازيا للجيش ويأخذ دعما أقوى من الجيش وكانت خطتهم أن يتم تسليح الدروع وزيادة منتسبيه حتى يستطيع مواجهة الجيش عندما تأتى اللحظة الفارقة، لكن بدأ الشعب يتخلى عنهم، عندما شاهدوا ممارساتهم غير الوطنية وفهم الشعب المؤامرة وفهم أن القادم هو الأسوأ. كم يبلغ عدد المنتسبين للدروع؟ حسب الأوراق التى لدىّ وحسب ما تم الإعلان عنه منهم سابقا هم 12 ألفًا. هل تؤكد أو تنفى وجود أجانب ضمن صفوف الإرهابيين؟ يوجد أجانب من جميع الجنسيات مصريين وتونسيين وجزائريين ويمنيين وسعوديين وغيرها من الجنسيات. وتم القبض على أكثر من جزائرى ومالى وباكستانى وهذا ليس من الآن، فمنذ حكومة على زيدان بدأ تدفق الأجانب على المدينة ضمن الجماعات الإرهابية المسلحة، ولكن بعض القبض عليهم يتم تسليمهم لطرابلس، ليتم إطلاق سراحهم فى اليوم التالى ومن خرج لنعرف أنه خرج ليجلس مع قادة الجماعات المتشددة!، هذا خلال فترة حكم المؤتمر الوطنى الذى مكنهم ودعمهم بالأموال والسلاح فى مدينة بنغازى ولكن الحمد لله بنغازى مازال فيها رجال يستطيعون حمايتها ومحاربة هؤلاء الخوارج ودحر الإرهاب. أنت رأيت بنفسك أنا أقابلك وسط ناسى وأهلى فى الشارع وحدى بسيارتى، نحن رجال لا نخاف الموت، الآن أكثر من 75 % من مدينة بنغازى آمنة 100 % وباقى المناطق محاور قتال وليس معنى هذا أن الإرهابيين يسيطرون على الباقى بل هى مناطق مازالت المعارك مستمرة بها، فبنغازى تحررت منذ دخولنا واستطعنا تحرير أكثر من نصف المدينة لكن كما تعلم الإرهاب جبان فهو يستهدف المدنيين ويتعامل معنا بالمتفجرات المفخخة، لذلك نتبع الحرص الشديد حتى نقلل من عدد الشهداء والخسائر من المدنيين قبل العسكريين، ولم يتبق سوى بعض الأحياء القليلة وهى الليثى والقوارشة وسوق الحوت والصابرى، وتخرج العائلات تتسوق من 7 صباحا حتى 2 فجرا وعندنا مصريون يعملون ويتحركون بكل حرية وحب من شعب بنغازى. أتمنى أن توصل رسالتى من أم الدنيا مصر لكل العالم، بأن بنغازى تحررت من الإرهاب وأنها تملك الرجال القادرين على الصمود ضد هؤلاء التكفيرين اللامسلمين. تحدثت عن الأجانب فى صفوف الجماعات الإرهابية.. هل زاد عددهم خلال الفترة الأخيرة؟ نعم وبشكل كبير وملحوظ، ففى الفترة الأخيرة وبعد تكبيدنا لهم خسائر ضخمة بدأ يظهر أجانب كثيرون جدا خلال قتالنا معهم، ففى اليوم الذى هاجموا فيه معسكر القوات الخاصة كان هجوما منظما ومدعوما من الخارج، فغرفة الاستخبارات التى أترأسها، لديها معلومات مؤكدة أنه تم دعم الإرهابيين بالمقاتلين عن طريق السودان وقطر وتركيا لإسقاط القوات الخاصة، وسقوط القوات الخاصة هو سقوط بنغازى، لكن الحمد لله رغم دخولهم معسكر القوات الخاصة وتهديدهم للأسوار وتفجير مبانى الجنود والضباط فإننا استرددنا معسكرنا وهزمناهم. التقارير الصحفية تشير إلى أن العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب هم من تونس ومصر.. هل هذا صحيح؟ نعم صحيح، وهناك أعداد كبيرة من الجزائر ومالى، ويبقى التوانسة العدد الأكبر، وقد قام 5 انتحاريين من تونس بتفجير أنفسهم فى عمليات إرهابية داخل بنغازى وواحد فلسطينى واثنان جزائريان ببنغازى فقط، أيضا تم القبض على عدد من المصريين بجميع محاور القتال، نحن فى الصاعقة فقط قبضنا على اثنين مصريين وتم تسليمهما لسجن جرنادة منذ عام تقريبا وكنا نشاهدهما ونحن نتقاتل من منزل لآخر، كما يوجد مصريون فى حى الليثى، تكلمت معهم شخصيا ونحن نتقاتل، فالقتال يتم خلف جدران المنازل، وخلال القتال نتحدث، هم يقولون لنا أنتم طواغيت ونحن نرد عليهم، ماذا جاء بكم إلى ليبيا؟ فعرفنا من اللهجة أنهم مصريون، كما يوجد عدد من القتلى المصريين مجهولى الهوية الآن فى «مستشفى 1200»، واضح من ملابسهم وملامحهم أنهم مصريون، وكل أسبوع تقريبا أو على مدار الشهر الواحد، نجد مصريين قتلى فى مناطق بالقرب من الاشتباكات، بعد استعادة معسكر الصاعقة، وعند دخول الهلال الأحمر لتجميع الجثث وجدنا نحو خمس جثث لمصريين يمكن أن يكونوا تم أسرهم للخدمة والعمل داخل المعسكر، ولكن للأسف يوجد قتلى مصريون بكثرة خلال الفترة الماضية، والهيئة والملابس تنم عن أنهم عمال وليسوا مقاتلين ضمن صفوف الإرهاب ، ولكن أيضا نحن قتلنا بعض المصريين الإرهابيين خلال معاركنا مع الإرهابيين على مدار العام الماضى. المصريون لم يتركونا خلال فترة الحرب فنحن وهم سواء ومثلما يطال الإرهاب الليبيين يطال المصريين. هؤلاء المصريون منضمون لداعش أم لأنصار الشريعة؟ هؤلاء ينضمون لأنصار الشريعة، داعش سمعنا بها فى ليبيا مع ذبح أول رجل فى ليبيا فأنصار الشريعة جبناء يحبون المال ويقومون باغتيالات مسلحة لكن عندما شاهدناهم يذبحون والد سالم عفاريت، أحد رجال الصاعقة، وعرفنا أن داعش فى المدينة لكن للأسف لم يكن هناك إعلام، وجناحهم السياسى. ماذا عن الدعم المستمر للإرهاب؟ الدعم يأتى للأسف من بعض ضعاف النفوس من مدينة مصراتة، فتأتى المراكب الصغيرة محملة بالذخائر والسلاح وتنقل فى جرحاهم، أما المقاتلون فيأتون عبر البحر من مدينة سرت التى تسيطر عليها داعش بالكامل ويأتون بالليل. أليس الجيش مسيطرًا على شاطئ بنغازى بالكامل؟ نعم نحن نسيطر على شاطئ المدينة بالكامل ولكنهم لا ينزلون فى بنغازى ، بل فى منطقة قريبة تسمى “قنفودة” ومنطقة “الحليس” تبعد عن بنغازى 25 كيلومترا ولا تقترب المراكب من الشواطئ بل ترسى على مسافة بعيدة ويذهبون إليها بموتوسيكلات البحر، فعندما يصاب إرهابى منهم وفور انتقالى مدينة مصراتة ومنها إلى تركيا للعلاج.. الاستخبارات رصدت أكثر من إرهابى بعد إصابته بيوم أو اثنين على الأكثر وهو ينقل إلى تركيا للعلاج على حساب الشعب الليبى من أموال الدولة التى يسيطر عليها المؤتمر الوطنى، فعلى سبيل المثال إرهابى يسمى أشرف كاسولا أصيب فى حى الليثى وبعد يوم كان فى تركيا يتلقى العلاج وغيره كثيرون. لماذا لم تتحرر بنغازى بالكامل حتى الآن برغم الإعلان المستمر عن قرب التحرير؟ نحن نحارب الإرهاب وجماعاته منفردين لم يقف معنا أحد ولا دولة تدعمنا بالسلاح، وهناك حظر على تسليح الجيش الليبى ونحن نحارب بأقل الإمكانات ودولة واحدة هى من تدعم جيش وشعب ليبيا هى مصر أم الدنيا فقط، نحن سنحرر مدينتنا بشكل كامل، وهى مسألة وقت فقط وسلاح أيضا، فبنغازى محررة وأتمنى أن تنقل أنك تتحرك فى أغلب مناطقها بحرية وبدون حراسة بشكل كامل ولكن العدو كان يجهز نفسه من أربع سنوات ولديهم متفجرات مجهزة عن بعد، وفترة تولى خالد الشريف كوكيل وزارة الدفاع فى الحكومة السابقة أمدهم الشريف بكمية كبيرة ومتطورة من الأسلحة، فكثير من المنازل داخل مناطق القتال حاليا تم تجهزيها بعبوات ناسفة تنفجر عن بعد وعند دخولنا أو اقترابنا من هذه المنازل يتم تفجيرها. كم عدد جنود الجيش الليبى الذين يخوضون حرب تحرير بنغازى؟ فى بنغازى جزء من الجيش وليس الجيش بالكامل ومن يحارب داخل المدينة حوالى 6000 جندى ومعنا شباب المناطق الذين لهم دور كبير فى التأمين والمساعدة والقتال، فالجيش والشعب فى بنغازى يد واحدة صامد ضد الإرهاب. عملية «الكرامة» نواة إعادة بناء الجيش الليبى فى يوم 16 مايو 2014 أطلق الجيش الليبى بقيادة اللواء خليفة حفتر قوات من الجيش مدعومة بالسلاح الجوى لتنفيذ عملية “كرامة ليبيا” التى تستهدف التكفيريين والعصابات الخارجة عن القانون فى بنغازي. وجاء انطلاق العملية بينما كانت مدينة بنغازي، ثانى أكبر مدن البلاد تشهد هجمات يشنها المتطرفون وعناصر إخوانية وسلفية متشددة ضد قوات الأمن والجيش ورجال القانون والإعلام والنشطاء السياسيين فى ظل الانفلات الأمنى الذى تشهده ليبيا بصفة عامة منذ نجاح ثورة 17فبراير فى عام 2011. وبرغم حظر التسليح على الجيش الليبى دوليا، واستمرار دعم الميليشيات الإرهابية من قبل بعض القوى الإقليمية وفى مقدمتها تركيا وقطر، توافدت أعداد كبيرة من الإرهابيين من الدول المجاورة مثل تونس ومصر والجزائر والمغرب ومالى والنيجر على الأراضى الليبية للقتال فى صفوف الجماعات الإرهابية ومنها تنظيم داعش، وتنظيم أنصار الشريعة المرتبط بتنظيم القاعدة. على مدار عام ونصف العام من الحرب الشرسة استطاع الجيش الليبى السيطرة على 70% من مدينة بنغازى وقد اتخذ البرلمان الليبى قرارا بتعيين وترقية اللواء خليفة حفتر ليصبح الفريق ركن خليفة حفتر القائد العام للجيش العربى الليبى، وينضم له خلال الأيام الأولى للعملية العسكرية “كرامة ليبيا” جميع قادة وضباط وجنود الجيش الليبى ويحظى بتأييد القبائل الليبية بالشرق الليبى وبعض قبائل الغرب والجنوب.
الأقباط فى مرمى الإرهاب.. مغادرة جماعية وإخفاء للهوية والتخفى وراء أسماء مسلمة وضع الأقباط المصريين هو الأسوأ بين جميع أوضاع المصريين المقيمين فى ليبيا، فخلال السنوات الأربع الماضية تعرض كثير منهم لحالات قتل على يد تنظيمات الإرهاب المتشددة، والتى بدأت بمقتل سبعة مصريين أقباط بمدينة بنغازى فبراير 2013، تلاها مقتل الطبيب المصرى وأسرته فى سرت ثم فاجعة ذبح 21 قبطيا مصريا بالمدينة نفسها. فضل الحاسى رئيس استخبارات القوات الخاصة الليبى روى تفاصيل مقتل الأقباط السبعة داخل مدينة بنغازى فى فبراير 2013 وهو من دخل بقواته لإخراج الجثث من المنطقة التى تم ذبحهم بها والتى تسيطر عليها جماعة أنصار الشريعة الإرهابية ويقول الحاسى: أنا من خرج بالجثث حتى أوصلناهم للمستشفى بسيارات الإسعاف قبل سفر الجثامين لمصر.. بدأ الموضوع حين جلب أحد التابعين لأنصار الشريعة عددا من العمال لإنجاز بعض أعمال التشطيبات بمنزله بمنطقة القوارشة وعند وقت الصلاة والحديث معهم عرف الرجل أنهم أقباط فتركهم ينتهون من عملهم وذهب ليبلغ عنهم ميليشيات أنصار الشريعة فذهبوا إلى منزلهم بعد انتهائهم من عملهم وتم تصفيتهم، لكن كان معهم مصرى ثامن مسلم لم يقتل ولكنهم تحفظوا عليه وحتى الآن هو موجود كأسير لدى أنصار الشريعة بحى القوارشة، مع أكثر من 400 أسير ليبى وأجنبى، منهم إعلاميون وعسكريون ومرجح وجود أسرى مصريين آخرين، يعملون بالسخرة فى مزارعهم وبيوتهم وسجونهم وأضاف الحاسى لم نستطع الهجوم على المزرعة حتى الآن لكثرة أعداد الأسرى الموجودين فيها، عموما الأقباط منذ عام 2012 يتعرضون لمضايقات من قبل أنصار الشريعة تطورت لعمليات قتل، فأكثر من مرة نجد جثثا لمصريين ونكتشف أنهم أقباط، هذا فى بنغازى وباقى المدن أيضا حدثت فيها حالات قتل أقباط رغم أنهم كانوا يعيشون بيننا قبل ظهور هذه الجماعات بشكل طبيعى، لم نسأل يوما مصريا أنت مسلم أم مسيحى؟ الشعب الليبى يحب المصريين جميعا لكن هؤلاء الذين ينصبون أنفسهم أولياء على الدين هم الكافرون. خلال لقاءاتنا مع المصريين العاملين بمدينة بنغازى، تطرق الحديث عن المصريين الأقباط فأكد الجميع أن وضع الأقباط أصبح أكثر صعوبة بعد ثورة فبراير 2011، خصوصا بعد ظهور جماعات أنصار الشريعة فى منتصف عام 2012 وبدء سيطرتهم على المدينة، وعقب حادثة مقتل الأقباط المصريين السبعة اضطر جميع الأقباط لترك مدينة بنغازى والذهاب للعمل بمدينة البيضاء ومدينة طبرق شرق ليبيا. لا يختلف الوضع فى الغرب الليبى، فمنذ الإعلان عن مقتل الطبيب المصرى وأسرته داخل مدينة سرت الساحلية فى منتصف الشاطئ الليبى فى مطلع عام 2014 وحالات السفر الجماعى للأقباط المصريين مستمرة إلى خارج ليبيا، فأوضاع الأقباط أصبحت أكثر صعوبة وأكثر عرضة للقتل فى أغلب المدن الليبية التى تسيطر عليها الجماعات الإرهابية وكذا فى المدن التى توحد بها جماعات متشددة مثل العاصمة طرابلس، ففى اتصال هاتفى ببعض المصريين العاملين هناك عرفنا أن وضع الأقباط المصريين ليس أكثر أمنا منه عن بنغازى وسرت، فجميع الأقباط بالعاصمة الليبية فى حالة خوف شديد من معرفة هويتهم الدينية من قبل الجماعات الإرهابية، خصوصا داعش وأنصار الشريعة الذين يعتبرونهم كفارا ويستحل دماءهم. فجميع المصريين شرقا وغربا فى ليبيا يحذرون من استمرار وجود العمالة المصرية من الأقباط ، والكل أجمع أن حياتهم فى خطر مضاعف. وبرغم سفر العدد الأكبر من أقباط مصر من ليبيا فإن “لقمة العيش” والظروف المعيشية الصعبة لأسرهم فى مصر أجبرت عددا منهم على الاستمرار فى العمل داخل ليبيا بعد تغيير اسمه وتركه لجميع أوراق إثبات شخصيته عند بعض الأصدقاء والسفر لمدن أخرى بأسماء مسلمين للتخفى من إرهاب الجماعات المتشددة. ومن هنا تدق «الأهرام العربى» ناقوس الخطر، فالخطر على مسيحيى مصر ما زال كبيرا والأقباط أول المستهدفين من ظلاميى الإرهاب، مهما تكن الأسباب ومهما تكن صعوبة الحياة فما زال فى وطننا مصر مكاناً يتسع للجميع. أعدادهم نحو مليونى عامل.. هى دية الحدوتة.. حدوتة المصريين الشقيانين فى ليبيا عدد العاملين المصريين فى ليبيا وفق إحصاءات “شعبة إلحاق العاملة بالخارج” بوزارة القوى العاملة يقدر بأكثر من مليونى عامل. وبرغم عدم وجود أرقام دقيقة للعدد، فإن المؤكد من جميع التصريحات الرسمية المعلنة ومن تقديرات من قبلناهم فى ليبيا أن عدد العاملين لا يقل بأى حال عن مليون ونصف المليون مصرى موجودين حتى الآن داخل الأراضى الليبية. أهم ما يميز تلك العمالة هو قدومها من محافظات اتسمت بالفقر المدقع، فوفق المؤشرات الإحصائية والبيانية الخاصة بالعمالة المصرية، الغالبية من محافظات سوهاج والمنيا والفيوم وأسيوط، وهى أكثر المحافظات فقرا وتتصدر أعلى نسب البطالة بين سكانها. طبيعة ونوع العمالة المصرية بليبيا تنحصر أغلبها بشكل أساسى بين عمال التشييد والبناء والزراعة أما المهن الأعلى كالمهندسين والأطباء والمحاسبين فنسبهم محدودة. فى ليبيا لا تخلو مدينة بل لا يخلو حى من مصرى، فالبحث عن العمال المصريين خلال زيارتنا لليبيا لم يكن صعبا، فمن مدينة طبرق مرورا ببعض القرى والمناطق الصغيرة حتى مدينة البيضاء ومنها لمدينة بنغازى لا يخلو حى من المصريين. فى مدينة البيضاء ذهبنا لأحد الميادين التى يتجمع فيها العمال المصريون وتحدثنا مع بعضهم .الروايات تقريبا واحدة والأحلام أيضا واحدة والشقا والتعب والعمل واحد. سألنا محمد عبدالحى من الفيوم عامل باليومية، عن عمله ودخله وكيف يعيش، بدأ محمد الحديث قائلا: إنه أتى إلى ليبيا كى يعمل وينفق على عائلته فى مصر، وقال: أنا عامل محارة باليومية ويوميتى 80 دينارا وكانت تعادل 400 جنيه مصرى، لكن منذ العام الماضى ونحن نحول بالغالى لتوقف التحويلات بين ليبيا ومصر، فالآن تساوى 200 جنيه فقط، وأنا أسكن مع مجموعة من المصريين ونستأجر شقة بنحو 600 دينار شهريا. يتدخل فى الحديث محمود على عبدالمقصود من المنيا: الليبيون هنا فى البيضاء يعاملونا معاملة جيدة ولنا كثير من الأصدقاء، وصاحب الشقة التى نؤجرها هنا يهتم بنا ويسأل عن أحوالنا باستمرار، فهو يسكن فى المبنى نفسه. قاطعته متسائلا: ألا تخشون من الإرهاب ومن الحرب؟ فجاء الرد: البيضاء آمنة بالكامل وبعيدة عن الحرب.. ولقمة العيش يا باشا، يعنى لو كان فى شغل فى مصر كنا سافرنا واتغربنا. الروايات متكررة فكثير ممن قابلناهم تحدثوا عن أنهم عمال باليومية ودخلهم اليومى ما بين 60 إلى 80 دينارا ليبياً، ولكن الشغل ليس كل يوم حوالى 4 إلى 5 أيام فى الأسبوع حسب حاجة العمل. بدأ يتجمع حولى أعداد كبيرة من العمال المصريين فرحانين وبالكرم المصرى المعهود يأتى أحد العمال بكوب شاى تحية منه لى. وسمعت من رفيق رحلتى عن وجود مصريين استطاعوا أن يبنوا حياة ويفتحوا ورشا ومصانع للرخام وذهبنا لنقابل أحدهم. بدران باهى رشاد من المنيا وتحديدا من مركز بنى مزار يمتلك 4 ورش ضخمة لتصنيع وبيع الرخام بمدينة البيضاء ويعمل لديه نحو 70 مصريا. بدأ بدران يتحدث عن مشواره فى ليبيا وقال: سافرت إلى ليبيا عام 2001 أى منذ 14 عاما لأعمل لدى أولاد عمى فى ورشتهم ببنغازى واستمررت بالعمل كعامل لمدة عام وتعلمت مهنة الرخام وادخرت بعض الأموال . ثم سافرت من بنغازى للبيضاء وأجرت أول ورشة وبدأت العمل وربنا كرمنى، ونجحت وكبرت الورشة ثم أجرت أخرى ليصبح لدىّ أربع ورش لتصنيع وتقطيع وتركيب الرخام، وأتذكر أن صاحب الورشة الليبى التى استأجرتها أول ما جئت للبيضاء وقف بجانبى وقالى لو عاوز فلوس لو عاوز أى خدمة أنا موجود، فأنا هنا من 2001 ومعى أولادى وزوجتى وجلبت أولاد عمامى وأولاد أخوالى وكثيرا من أبناء بلدتى، فكل من يعمل معى مصريون، ففى هذه الورشة 32 مصريا يعملون معى ويتعامل معى كثير من المصريين، صنايعية تركيب ونقل كلهم مصريون، أكثر من 70 مصريا يعملون معى فى هذه المدينة فقط. سألته: كم يبلغ دخل العامل المصرى عندك؟ العمل بالإنتاج فعامل الرخام يحصل على حوالى 3000 دينار إلى 5000 دينار شهريا حسب إنتاجه، أما العمال باليومية لأعمال التحميل فأجدهم نحو 60 دينارا يوميا. سألته : ظهور داعش وجماعات الإرهاب هل أثر على المصريين فى مدينة البيضاء؟ بالنسبة للبيضاء لم يؤثر إطلاقا والليبيون هنا واقفون معنا فى كل شىء، ولم يتركونا، فعندما تحدث أزمات فى الخبز وهذا حدث كثيرا يجلبون لنا الخبر فى العمل أو فى المنزل، علاقتنا بالليبيين فى المدينة طيبة جدا. للأسف لا أستطيع أن أزور أهلى فى مصر فمن يسافر يمنع من الرجوع.. أنا اضطررت للسفر من 9 أشهر لمصر ورجعت عن طريق السفر للسودان ومنها إلى مطار اللابرق فى البيضاء، فالمسافة كانت بعيدة وتكلفت نحو 15 ألف جنيه مصرى، هذا يحدث لمن معهم إقامات أما المصريون الجدد فيأتون عن طريق التهريب عبر الصحراء. ألا ترى أن قرار السلطات المصرية بمنع سفر المصريين إلى ليبيا مهم لحماية المواطنين؟ قبل ما تمنعنى من السفر فكر لماذا أنا أسافر، هل حصلت على عمل فى مصر؟، يا أستاذ الغربة صعبة ومن لا يريد العمل والاستقرار فى بلده وسط ناسه، لكن ما باليد حيلة، إحنا عاوزين نشتغل ونصرف على أهلنا نعمل إيه يعنى نسرق ولا ننهب حرام.. نسافر ونعرق ونشقى ونعمل بس هذه كل أحلامنا. كيف يسافر المصريون عبر الصحراء؟ كل يوم تسافر أعداد كبيرة عن طريق الصحراء، أمس وصل عدد عن طريق التهريب شربوا العذاب خلال الطريق وكان معهم ناس تعبت أثناء السير فتركوهم فى الصحراء يرجعون فى اتجاه الضوء وتسليم أنفسهم للجيش المصرى.. فالعمال يتجمعون فى السلوم ثم يتحركون عبر الصحراء مشيا على الأقدام لمدة 12 ساعة ليلا من بعد العصر حتى اليوم التالى ومعهم دليل. ويوميا يدخل ليبيا حوالى 200 مصرى عن طريق الصحراء وهذه أقل دفعة، والمهربون يطلقون على أنفسهم الجمرك الثانى وبعد تجمعهم يسيرون عبر الجبل والصحراء للوصول إلى طبرق ويضعونهم فى مخازن بطبرق، ثم تأتى سيارات تحمل 15 فردا لنقلهم لمدينة البيضاء، وخلال الطريق لو تم استيقافهم من قبل الجيش الليبى يرحلهم لمصر، ومن يمر ويصل للبيضاء يصبح فى أمان ولا أحد يسأله عن التأشيرة أو الإقامة، ومن البيضاء كل واحد حر يعمل هنا أو يكمل على بنغازى أو أى مدينة أخرى. كيف تعيش أسرتك هنا؟ الأمور تمام والأولاد فى المدارس وعندى طفل صغير فى حضانة ومعى ولاد عمامى وكله تمام والحمد لله استطعت أن أشترى أرضا فى مصر تم تخصيصها لى على طريق المنيا الصحراوى لتكون مصنعا كبيرا للرخام، وتعاقدت على الماكينات من الصين وإيطاليا وبدأت فى بناء المصنع وأريد القول إن ليبيا وأهلها لهم فضل كبير علىّ فى بناء مستقبلى. ستفتح مصنعا ولديك أربع ورش فى ليبيا و14 عاما فى الغربة هل حان الوقت للرجوع لمصر؟ قريبا سأرجع إلى مصر لكن لن أقفل أبواب رزقى هنا، فأنا مسئول عن 70 عاملا، سأترك الورش تعمل وسأزورهم كل فترة وسأتفرغ للمصنع فى مصر وربنا يكرم. وأضاف بدران أن غلق الحدود على المصريين ليس على العمالة فقط بل على الشاحنات المصرية، فالشركات المصرية كانت تنقل البضاعة إلى ليبيا عبر 66 ألف جرار تعمل على خط التجارة البرى، الآن لا يسمح بدخول هذه الجرارات هذا “وقف حال” وارتفاع فى سعر المواد الخام فسعر الرخام ارتفع للضعف بسبب النقل. توقفت كثيرا وأنا أستمع لقصة نجاح شاب مصرى فى ليبيا وعلاقة المصريين بالليبيين.. وما استوقفنى أكثر حديثه عن عمليات التهريب عبر صحراء الحدود وحجم المصريين من العمال الذين يعبرون الصحراء يوميا وبهذه الأعداد وكأنها حدود مستباحة، فكيف إذن شكل تهريب السلاح والإرهابيين بين البلدين.. فبالتأكيد إذا استطاع هؤلاء العمال الغلابة إيجاد وسائل للحركة والسفر غير الشرعى يصبح بالتأكيد الجماعات الإرهابية لديها أيضا طرق يمكن أن تكون أكثر سهولة فى إدخال السلاح والإرهابيين من ليبيا إلى مصر.. فالحدود الليبية الشاسعة التى تقدر ب 1450 كيلومترا تعد الخطر الأكبر على المصريين من داعش والقاعدة ومشتقاتهما من مسميات الإرهاب. واستوقفنا مشهد تجمع سيارات الشباب أمام أحد مطاعم السندويتشات كما يحدث عندنا فى شارع جامعة الدول العربية فى القاهرة، ذهبت للمطعم على أمل أن أجد أحد العاملين به من مصر لأكتشف أن المطعم بالكامل مملوك لمصرى وكل من يعمل به مصريون وهو بالقرب من ميدان الكيش الذى اشتهر بتجمع وتظاهر أهالى بنغازى كل يوم جمعة. تحدثنا مع محمد أحمد محمد شاب من كفر الشيخ مؤجر للمطعم ويعمل لديه 7 مصريين وقد تجاوزت الساعة منتصف الليل بقليل ومازالت طلبات الأكل من الشباب الليبى الموجودين حول المطعم وفى سيارتهم تنهال عليه بكثرة. بدأ محمد الحديث عن أنه قام بتأجير هذا المطعم بعد أن هدأت حالة الحرب وتمركز الجيش بالمدينة وحاصر الجماعات الإرهابية فى بعض الأحياء فقط. سألنا محمد ألا تخاف الموت وأنت تعمل فى بنغازى وهى مدينة يسيطر عليها الإرهاب؟ خلال العام الماضى وحتى الشهرين السابقين كانت الحياة بالمدينة صعبة جدا، فكنا لا نستطيع الخروج من منزلنا بسبب المعارك بين الجيش والجماعات لكن الحمد لله كثير من أحياء المدينة أصبحت آمنة بالكامل والجيش يسيطر عليها والأهالى تتحرك بحرية وبدأ العمل، والحركة عادت للمدينة بشكل كامل، نحن هنا نفتح من الساعة العاشرة صباحا حتى 11 مساء واليوم الخميس الحركة أكثر والطلب على السندوتشات أكثر فنسهر حتى الواحدة صباحا. ألا تشعر بالقلق والخوف؟ بالتأكيد ومن لا يخاف من صوت القاذفات والرصاص والمدفعية ولكن “لقمة العيش”، أنا هنا صاحب مطعم وأكسب كويس ولدى عمال مصريون فكيف أترك هذا وأسافر، أنت تتحدث أننا نعيش فى المجهول وأنا أقول لك رجوعى لمصر هو المجهول فأين سأعمل ومن أين سأصرف على أسرتى، هذا هو المجهول الذى أعرفه، وفى الحقيقة من يخفف علينا الحياة هنا هم أهالى المدينة من الليبيين، فعلا نتعامل كأبناء بنغازى وأصدقاؤنا الليبيون لا يتركوننا فى أى مشكلة، وعلاقتنا هنا كأننا فى مصر وأكثر وفى نهاية الحديث دعانا على بطبق كبدة إسكندرانى مشطشط. وتحدث معنا باقى العاملين فى المطعم وجاءت رواياتهم مماثلة لكل مصرى فى ليبيا يحلم بعمل مستقر كى يستطيع أن يرسل أموالا شهرية لأسرته ويحتفظ بالقليل منه. تركنا محمد ابن كفر الشيخ وفى اليوم التالى وخلال تجولنا داخل معسكر الصاعقة للجيش الليبى فوجئت ببعض العمال المصريين يركبون أبوابًا فى مبنى داخل المعسكر وفى حوار سريع أوضح أن الحاج يوسف محمد لملوم من الفيوم يعمل نجار أبواب لدى شركة مقاولات ليبية ويحصل على 70 دينارا أجرا يوميا.. ضحك وقال نحن فى بلدنا الثانى ليبيا والأمور تمام. وإذا كانت هذه روايات المصريين الإيجابية عن الحياة والعمل فى ليبيا فبالطبع هناك روايات وقصص أكثر قسوة ودموية تعرض لها كثير من المصريين فى مدن ومناطق أخرى حتى داخل بنغازى، فكل فترة يتم العثور على جثث لبعض العمال المصريين فى الأزقة وداخل محاور القتال التى مازال القتال دائرا فيها، فالبحث عن العمل وتوفير الأموال لأسرهم أغلى عندهم من حياتهم. “رأيت كل شىء وتعبت على الحقيقة.. قابلت فى الطريق عيون كتير بريئة هى دية الحدوتة.. حدوته المصريين الشقيانين فى ليبيا”.
خالد الترجمان مستشار مجلس النواب الليبي: نحاول استرجاع «الثورة المخطوفة» لولا خالد الترجمان ما استطعت أن أكسر الحصار الإعلامى وأكون أول صحفى عربى مصرى يدخل مدينة بنغازى ومنذ عام ونصف العام تقريبا.. بدأت الفكرة تراودنى بزيارة المدينة الليبية منذ سته أشهر كاملة، حاولت مرارا وتكرارا وفشلت فى الوصول لأحد من المسئولين الليبيين لترتيب زيارة للمدينة . اعتقل 22 مرة بين عام 1988 وحتى عام 2011 وشغل منصب أمين سر المجلس الانتقالى الليبى، وعين مستشار النائب الأول للمؤتمر الوطنى ثم مستشارا لرئيس مجلس المؤتمر الوطنى. جاءت الفرصة بالموافقة على إجراء حوار مع رئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح بمدينة طبرق مقر البرلمان الليبى، والأقرب إلى الحدود المصرية، وفورا اتصلت بصديقى خالد الترجمان الذى عرفته عن قرب إبان الفترات الأولى للثورة الليبية، واستمرت صداقتنا على مدار السنوات الخمس الماضية. خالد الترجمان أحد رموز الثورة الليبية، فقد كان ضمن من خرجوا للتظاهر بميدان الشجرة بمدينة بنغازى يوم 15 فبراير 2011 فى أول مظاهرة على نظام القذافى هو أحد قادة مظاهرات الطلبة عام 1975، وسجن 12 عاما فى هذه القضية ولم ييأس وواصل النضال حتى إنه سجن واعتقل 22 مرة أخرى بين عام 1988 وحتى عام 2011 وخلال الثورة شغل منصب أمين سر المجلس الانتقالى الليبى، ويفتخر بأن لديه ورقة دين ب 500 دينار منحها للمجلس الانتقالى فى الأيام الأولى للثورة ورفض استرجاع المبلغ حتى الآن. وبعد انتخاب المؤتمر الوطنى العام فى 2012 عين مستشار النائب الأول للمؤتمر الوطنى ثم مستشارا لرئيس مجلس المؤتمر الوطنى ومستشارا فى المكتب الفنى للنائب العام، كما رشح مرتين لمنصب وزارى فى حكوممة الدكتور على زيدان وحكومة أحمد معتيق التى لم تكتمل ، ولكنه رفض أى منصب تنفيذى مع بداية عملية الكرامة العسكرية ضد الإرهاب فى بنغازى انحاز لمدينته بنغازى التى تربى ويعيش بها واستقال من مناصبه برغم أن أصوله من مدينة مصراته التى ما زالت تدعم المؤتمر الوطنى المنتهية ولايته فى طرابلس، ثم عين مستشار للمجلس الرئاسى بالبرلمان الليبى. على مدار السنوات الخمس توطدت علاقة الصداقة بالسيد خالد الترجمان كليبى وطنى عروبى محب لبلاده ويعى العلاقة التاريخية بين مصر وليبيا، مدنا خلالها بكثير من المعلومات والانفرادات الصحفية، واصطحبنى فى كثير من الجولات لزيارة سجن بوسليم ومدينة مصراته والعديد من المناطق الليبية. بل ورفض على مدار السنوات الخمس أن يذكر اسمه كمصدر للمعلومات أو إجراء حوار معه. كان همه الأكبر بلاده، وحرص على معرفتى لأدق التفاصيل التى تمكننى من نقل الحقائق بكل حيادية. رتبت هاتفيا مع صديقى الترجمان أن يتولى ترتيبات سفرى لبنغازى بعد الانتهاء من لقاء رئيس مجلس النواب بمدينة طبرق وبرغم التحذيرات الأمنية الصارمة من الأمن الليبى بعدم التحرك من داخل مدينة طبرق خوفا على سلامتى الشخصية، جاء السيد خالد ومعه أبناؤه الثلاثة على وعبدالله وعلاء من بنغازى خصيصا لطبرق لكى يصطحبنى لزيارة مدينة بنغازي، لم أكترث لحديث الأمن الليبى وكنت قد صممت أن أشاهد وأنقل حقيقة ما يدور فى بنغازى من قتال مع الإرهاب. أغلقت هاتفى المحمول وتحركت مع عائلة الترجمان من طبرق للبيضاء ومنها لبنغازى وقد اتخذ قرار مساعدتى ومرافقتى بقرار شخصى وطنى منه كان يمكن أن يكلفه الكثير لو حدث مكروه لا قدر الله ولكن بحسه الوطنى كان مؤمنا أن بنغازى، تعانى حصارا إعلاميا ممنهجا، وأن إعلام الإخوان المأجور ينقل صورة مغايره عن قصد كجزء من الحرب الإعلامية. طوال الطريق لم يحدثنى رفيقى عن أحوال المدينة بل قال “ستزور بنغازى وتحكم بنفسك”. نزلنا فى منزله ببنغازى وسط أسرته الرائعة فلن أنسى الأكلات الليبية التى تذوقتها يوميا من يد السيدة زوجته، والكرم الليبى الأصيل الذى أحاطنى به لم يتركنى لحظة. فرتب لى لقاءات مع جميع المسئولين والقادة العسكريين بالمدينة، كان معى فى كل لحظة هو وأبناءه الذين رأيت فيهم مستقبل وطن كم كنت مبهورا بالشابين على وعبدالله وهم يرويان تفاصيل زيارتهما مع والدهم لكل المدن الليبية على مدار السنوات الماضية، فوالدهم أخذهم معه ليطلعهم على كل شبر فى بلاده شرقا وغربا وجنوبا ليرسخ لديهم الشعور بالوطن وكم كانت المفاجأة أن ابنه الصغير علاء الترجمان البالغ 13 عاما كان لفرط حبه للتصوير، رفيقا لى، صور كل لقاءاتى بأنامله الصغيرة.. وسجلت عدسته كل تفاصيل الرحلة من طبرق للبيضاء لبنغازى بل كان معنا فى ميدان الكيش وقذائف الهاون تنهال على رؤوس المتظاهرين بالميدان، ولم يفزع، بل أخذ يصور أهالى بنغازى وهم صامدون أمام نيران الإرهاب رافقنى خلال حوارى مع قائد الصاعقة الليبية “بوخمادة قلب الأسد” كما أطلقنا عليه بعد اللقاء وظل معنا كظلنا ليلا نهار برغم مشقه المسافات وبرغم خطورة المناطق التى تجولنا بها كانت سعادته كبيرة أنه يصور صورا ستنشر فى أحد إصدارات مؤسسة الأهرام، فكم سمع من والده عن مؤسستنا العريقة فاستحق هذا الشاب الصغير أن يكون المصور الرسمى لكل تفاصيل رحلتى فى ليبيا. يرى المستشار خالد الترجمان أن ما يحدث فى ليبيا هو محاولة الشعب لاسترجاع ثورته كباقى ثورات الربيع العربى، يؤكد أن الثورة اختطفت من الإخوان، ولكن بشكل أكثر شراسة باستخدامهم للجماعات الإرهابية من القاعدة وأنصار الشريعة وداعش، ولكن الشعب وعى واكتشف خيوط المؤامرة وتمسك بجيشه ويسانده ضد الخوارج. ويؤكد الترجمان أنه كما بدأت الثورة من بنغازى وانتصرت، الآن الشعب يستعيد ثورته من بنغازى، والنصر قادم لا محالة وأضاف أن مدينة بنغازى تعانى من مؤامرة دولية، فالجيش لا يزال يحارب بدون دعم فى السلاح ولا يزال قرار حظر تسليح شراء السلاح يقيد من قدراته العسكرية لحسم المعركة بشكل نهائى، وأكد أن الضغط على المدينة ليس من خلال حظر التسليح فقط بل الإصرار على نقل صورة مغايرة للحقيقة، فبنغازى تحرر أكثر من 80 % من أحيائها وأصبحت آمنة بشكل كامل ومحاور القتال اقتصرت على بعض المناطق التى نزح أهلها وأصبحت غير آهلة بالسكان وهذه المناطق فقط هى التى تحصن الجماعات الإرهابية بها. وأكد لنا الترجمان أن الحرب الإعلامية والحصار الإعلامى الذى يمنع نقل الصورة الحقيقة للمدينة جزء مهم من الحرب العسكرية التى تتم الآن. وعلى مدار الستة أيام التى مكثتها فى الشرق الليبى لم يتركنى المستشار خالد الترجمان دقيقة واحدة وأمننى حتى وصلنى لمطار اللابرق بمدينة البيضاء ولم يغادر حتى اطمان أننى صعدت سلم الطائرة. السلوم.. شاهد على معاناة المواطنين من البلدين بدأت سيارة مؤسسة الأهرام تقترب من مدينة السلوم فى اتجاه المنفذ الحدودى المصرى الليبى، ولا آثار لسيارات النقل التى كانت تقف طوابير لعدد من الكيلومترات، صعدنا هضبة السلوم لدخول الحدود التى كانت فى الماضى القريب تعج بالحاويات التجارية والسلع المصرية، لكن الطريق أصبح شبه مهجور لا تبادل تجاريا ولا تصدير ولا سيارات نقل وكأنها حدود مع المجهول. دخلت المنفذ الحدودى وأثناء تخليص إجراءات العبور وختم جواز السفر بالمرور لم أشاهد سوى أربعة مصريين عائدين من ليبيا، فإجراءات منع سفر المصريين إلى ليبيا وصعوبة حصول الرجال الليبيين على تأشيرة دخول لمصر أصبحت سدًا منيعًا أمام الجميع، وخلال ساعتين بالدائرة الجمركية لم أشاهد سوى ثلاث سيارات نقل تحمل الرخام المصرى فسألت أحد السائقين وكان ليبى الجنسية: أين سيارات النقل.. أين حركة التجارة؟ فرد أن التجارة شبه متوقفة وأن التجار والمستوردين الليبيين لا يستطيعون شراء بضاعتهم من مصر لصعوبة حصولهم على تأشيرة دخول، بل استحالتها فى كثير من الأحيان، فاتجهت الغالبية للسفر لتركيا وشحن المنتجات بحرا لميناء طبرق، السائقون وشركات النقل أوشكوا على الإفلاس، فأسطول النقل البرى وخاصة المصرى كان يعتمد على نقل البضائع إلى ليبيا فكان فى الماضى القريب تعبر آلاف الحاويات يوميا للجانب الليبى تنقلها مئات سيارات النقل الكبيرة، وفى أيام كثيرة كنا ننتظر بالثلاثة أيام للعبور بسبب تكدس السيارات والسلع والآن كما ترى فى اليوم لا يزيد العبور على 10 سيارات فقط. وننتقل للحديث مع أسرة ليبية مكونة من أب وأم وابنتهما وهم فى طريقهم للسفر لعلاج الابنة فى مصر والزوج ليس لديه تأشيرة وينتظرون فى المنفذ الحدودى منذ اثنتى عشرة ساعة رغم أن الأب معه كل الأوراق الرسمية من الدولة الليبية التى تفيد مرض ابنته وأنه مرافق لها، ولكن التعليمات تسمح فقط بدخول السيدات الأم والبنت ولا تسمح بدخول الأب. تحدث إلينا أحد الموظفين بالدائرة الجمركية رفض ذكر اسمه قائلا: الاقتصاد المصرى خسر أكثر من مليار دولار العام الماضى بسبب غلق الحدود وفرض قيود تعجيزية على دخول التجار الليبيين، فالتجارة والتصدير إلى ليبيا يعتمدان على الشراء العينى، بمعنى أن التحويلات البنكية فى ليبيا متوقفة فلابد من سفر التاجر أو المستورد لدولة التصدير التى سيشترى منها السلع وأن يتفق ويرى بضاعته بنفسه ويدفع ثمنها وتنقلها سيارات النقل برا لتوفير الوقت والمال، فالنقل البحرى أكثر كلفة ويأخذ وقتًا أطول، لكن كل هذا توقف خلال العام الحالى فخسرت مصر تقريبا 98% من حجم تجارتها مع ليبيا، وبرغم حالة الانفلات الأمنى والحرب التى تشهدها ليبيا إلا أن الناس لابد أن تأكل وتشرب وتلبس وتبنى، فتصدير السلع وخاصة الغذائية لا غنى عنه، كذلك كان المنفذ يحصل على مئات الآلاف من الجنيهات يوميا نظير مرور الشاحنات والأفراد والسيارات الخاصة للأسر الليبية كل هذا شبه متوقف. رئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح: قطر تصر على دعم الجماعات الإرهابية وتمدهم بالسلاح والأموال ولدينا الأدلة العلاقات بدأت تتحسن مع السودان..وموقف الجزائر من حربنا ضد الإرهاب غامض منذ انطلاق سيارة "الأهرام" فجرا من القاهرة للوصول إلى الحدود الليبية منفذ السلوم، قطعنا مسافة 750كيلو متراً وبعدها من منفذ مساعد الحدودى الليبى إلى مدينة طبرق نحو 210 كيلومترات.. طوال تلك المسافة كنت أفكر كيف سيكون لقائى بالمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبى؟ وهل سيتسع صدره لفتح كل الملفات الشائكة أم أن فريقة الإعلامى سيقلص من الأسئلة ويختار بعضها فقط، وتلاشت كل هذه الأفكار عند مقابلة مستشاره الإعلامى السيد فتحى عبدالكريم المريمى الذى رتب - مشكورا - لهذا الحوار عندما قال ليس عند الرئيس أى تحفظات على فتح أى ملف . خلال الحوار اتجهنا لمقابلة المستشار عقيلة صالح حاملين معنا كل الملفات والأسئلة الداخلية والخارجية التى تمر بها دولة ليبيا الحبيبة، وكم كانت كلمات الترحيب والتقدير لمؤسسة الأهرام من رئيس مجلس النواب الذى بدأ بها حديثه لنا قبل أن نبدأ معه حوارا شاملا عن الأوضاع فى ليبيا: الحوار الليبى مجلس النواب رفض حكومة الوفاق ما هى الاعتراضات التى يراها البرلمان فى هذه الحكومة التى من المفترض أنها خرجت بموافقة وفدكم المشارك ؟ عاده عندما يكون هناك اتفاق ووفاق بين طرفين. تقدمت المسودة الرابعة وتم التوقيع عليها بالأحرف الأول من أعضاء لجنة الحوار من مجلس النواب، ومن أطراف أخرى اقتنعت بالحوار وتريد حل مشكلة ليبيا. هذه الوثيقة تنص على أن مجلس رئاسة الوزراء يتكون من رئيس ونائبين وقرارات مجلس الرئاسة تتخذ بالإجماع، فوجئنا بتقديم مسودة أخيرة من أسبوعين لم نقم بدراستها حتى الآن، ولم تحدد اللجنة التي ستراجع هذه المسودة، وتبين أن هناك خلافا ما بين الموقع عليه بالأحرف الأولى وما جاء بالمسودة الجديدة. دعنى أشرح البعد الغائب لدى الكثير فى وطننا العربى فدولة ليبيا تنقسم تاريخيا لثلاثة أقاليم (برقة – طرابلس – فزان) شرق، غرب جنوب ومن بداية استقلال ليبيا وكان الآباء والأجداد قد اتفقوا على أن ليبيا ثلاثة أقاليم، وأن المراكز والمناصب الأساسية تقسم بالتساوى بين الثلاثة أقاليم، مثلا لجنة وضع الدستور الليبى عام 1951 كانت اللجنة مقسمة 20 عضوا عن كل إقليم، بعد قيام ثورة 17فبراير تم انتخاب لجنة لوضع الدستور بنفس التقسيم 20 عضو عن كل إقليم، أيضا مجلس الشيوخ فترة المملكة كان يتكون بالتساوى من 8 أعضاء عن كل إقليم . عندما تم اختيار هيئة رئاسة مجلس النواب الحالى جاء الرئيس من الشرق (برقة) والنائب الأول من الغرب (طرابلس)، والنائب الثانى من الجنوب (فزان). فى فترة متقدمة من الحوار تم اختيار الأسماء المقترحة من قبل مجلس النواب لترسل إلى لجنة الحوار، وقد رشح مجلس النواب أربعة أسماء من كل إقليم . حتى أخيرا، أعيان القبائل عندما اجتمعوا شكلوا مجلسا من 70 عضوا عن كل إقليم. فاستقر عند الليبيين وحسب العرف السائد المقبول أن المراكز الأساسية التى تقود الدولة يجب أن تكون بالتساوى . عندما فوجئ أهل برقة بالأخص ويدعمهم الكثير أيضا من الغرب بأن أسماء مجلس الرئاسة أصبح رئيس وثلاث نواب فأعطيت مدينة مصراتة نائبا وكأنها إقليم مستقل. هذا الإجراء تم الاستياء منه من كثير من الليبيين باعتباره اختلافا عما تعارف عليه الآباء والأجداد، وأيضا ما أجج وأربك المشهد هو تدخل السيد ليون المبعوث الأممى الذى يقود الحوار بتسمية رئيس المجلس الاستشارى، بالإضافة إلى أن الاسم شخصية جدلية بجانب أن المجلس الاستشارى هو من يختار رئيسه بعد تكوينه أيضا ترشيح السيد ليون اسم أحد الأشخاص لرئاسة مجلس الأمن القومى فالإعلان الدستورى نظم تكوينه ولابد أن يتم طبقا للاعلان الدستورى وكذلك خرج السيد ليون بترشيح بعض الأسماء للحقائب الوزارية وهذا اختصاص اصيل لرئيس الوزراء بعد منح تكليفه فهو من يختار حكومته. مما أشعر الشعب الليبى أن هناك تدخلا فى سيادة بلاده وأن هناك فرض حكومة من الخارج. كيف تقيم الدور الذى لعبه السيد برلاندينو ليون مبعوث الأممالمتحدة لدى ليبيا؟ مبعوث الأممالمتحدة بذل جهدا لا بأس به، فقد كان فى البداية يعمل بطريقة متوازية وتنسجم مع تطلعات الليبيين، لكن أخيرا يبدو أنه قد تم التأثير عليه، مما جعله يمكن أشخاصا من التيار الإسلامى مما يقودون ميليشيات مسلحة ويعترضون على التداول السلمى للسلطة وضد المسار الديمقراطى فى ليبيا. هذا الأمر يتضح أن الرجل وضع تحت تأثير معين قد يكون تأثيرا دولى أو تأثيرا من هذه الشخصيات، لأنها كما تعرف خلال السنوات السابقة تمكنت هذه الشخصيات من المال ومن مفاصل الدولة. ومن المعروف أن الإخوان المسلمين أكثر تنظيما وأكثر تمسكا بالسلطة وإبعادا للغير، فيبدو أن السيد ليون أخيرا وقع تحت هذا التأثير أو استمع إلى شخصيات لا تعرف تركيبة وعادات ونوعية الشعب الليبى فى العناد عندما يحاول أى شخص أن يفرض عليها شىء، فطبيعة الشعب الليبى أن يرفض بالكامل وكما حصل الآن. ألا تخشى سيادتكم فشل الحوار نهائيا، وهل توجد خارطة طريق بديلة؟ نحن دولة مستقلة .. تاريخ آبائنا وأجدادنا فى بناء ليبيا بدون مساعدة أحد بل من خلال اتفاق مشايخ وأعيان القبائل وهم من حصلوا على استقلال البلاد نتيجة الجهاد الطويل ضد الاحتلال. الآن لن يعجز الشعب الليبى عن بناء دولته من جديد، مجلس النواب لديه خارطة طريق إذا فشل الحوار. سيتجه مجلس النواب لانتخاب رئيس للدولة عن طريق التصويت للنواب لأن الظروف الأمنية لا تسمح بإجراء انتخابات شعبية. هل سيتم انتخاب رئيس الدولة من أحد أعضاء البرلمان أم أن أى مواطن ليبى له حق الترشح أمام مجلس النواب؟ هذا ما سيحدده قانون الانتخاب حيث سيوضع الشروط والمعايير للتقدم لهذا المنصب ومن سيطبق عليه المعايير فيتقدم بالترشح. ألا تخشى سيادتكم من تنامى تيار لا للتمديد ويكون المجلس الشرعى فى نفس موقف المؤتمر الوطنى العام السابق؟ هناك فرق كبير بين مجلس النواب والمؤتمر الوطنى العام، فالأخير كان متمسكا بالاستمرار فى السلطة، أما نحن فى مجلس النواب مستعدون لترك السلطة غدا إذا أراد الشعب. الأمر لا يستلزم "لا للتمديد"، لكن نحن فى مجلس النواب نقدر المسئولية السياسية ولن نترك البلاد فى فراغ، إذا استطاع الشعب الليبى أن ينتخب من يحل مكان مجلس النواب فسنسلم السلطة بالطريقة الديمقراطية السليمة فى أسرع وقت. لكن كما ذكرت فإن مجلس النواب حرص على البلاد وعلى التداول السلمى للسلطة، قام بتعديل الإعلان الدستورى لكى يسمح باستمرار مجلس النواب حتى انتخاب مجلس تشريعى جديد يحل محل مجلس النواب، الإعلان الدستورى كان يحدد انتهاء مدة مجلس النواب حتى 20 أكثوبر الماضى، لكن أيضا لمجلس النواب الحق فى إدخال تعديلات على الإعلان الدستورى وهذا ما تم، نحن لن نستمد شرعيتنا من الخارج حتى يقول قائل إن مدتنا قد انتهت، نحن جددنا المدة حسب الإعلان الدستورى، حسب رغبة الشعب الليبى الذى يؤيد فى المطلق مجلس النواب وحتى هذه اللحظة . نحن لسنا انقلابا على نظام حتى ننتظر اعترافا من دول، نحن استمدينا شرعيتنا من شعبنا والشعب ما زال يدعمنا بقوة حتى الآن. القبائل الليبية خلال حديثكم أشرت لدور القبائل الليبية على مر تاريخ ليبيا ومع ذلك شاهدنا إخفاقات فى توحيد هذه القبائل أشهرها اجتماعهم فى القاهرة ؟ دور القبائل الليبية دائما سيظل دورا أساسى لأن الشعب الليبى لاتوجد به أحزاب ولا توجد أى مكونات أخرى، الشعب الليبى مجموعة قبائل تربطها رابطة الدم والجوار والمصاهرة، فشاهد حجم وكمية السلاح المنتشرة فى ليبيا، فلو كانت فى بلد آخر لكان حجم الضحايا والخراب يفوق ما يحدث هنا أضعافا مضاعفة لكن اسمح لى سيادة الرئيس .. نحن شاهدنا إخفاق اجتماع القبائل الليبية فى القاهرة بداية على عدم الاتفاق على علم الدولة والنشيد الوطنى؟ حقيقة اجتماع القبائل بالقاهرة لم يكن تم الإعداد له إعدادا جيدا، فمجموعة من أنصار القذافى الموجودين فى مصر هم من شوش على هذا الاجتماع، فالعلم الليبى هو علم الاستقلال، هو علم المستقبل مسألة العلم والنشيد سينص عليها فى الدستور المقبل وسيستفتى عليها الشعب الليبى . أراد أنصار القذافى التشويش وخلق مشكلة مما لا شىء . أيضا حوار القبائل عندما تم فى القاهرة برغم أن مصر وليبيا دولة واحدة، لكن ليبيا مازالت تتسع لأهلها ومازالت هناك أجزاء كبيرة داخل الدولة يمكن أن نجتمع فيها. الآن الاجتماعات مكثفة على مستوى القبائل، فقد نجحت المصالحة فى الكفرة "الجنوب" وبعض مصالحات فى الغرب نجحت، وتم اجتماع القبائل فى الفترة السابقة فى مدينة "سلوق" ومن أيام اجتماع مكمل فى مدينة "طبرق" وكان هناك تأييد لمجلس النواب . الأيام المقبلة ستحمل الاتفاق على تكوين مجلس للقبائل وإعادة تنظيمه بطريقة جيدة حتى يستطيع أن يقوم بمهامه. هؤلاء الرجال وأعيان القبائل هم من أسسوا دولة ليبيا وهم من سيخرجونها من هذا المأزق. العلاقات المصرية - الليبية العلاقات الليبية - المصرية ممتدة وراسخة عبر التاريخ والجغرافيا والنسب والمصاهرة ولا أحد يزايد عليها ... لكن ظهر واضحا دعم حكومى مصرى إلى البرلمان الليبى والحكومة المنبثقة عنكم ... ما أهم ما تقدمه مصر من دعم سياسى ولوجيستى وما نقاط الخلاف أو الملاحظات على العلاقات المصرية - الليبية؟ اسمح لى، أنا عندما أسمع أحدا يقول إن هناك خلافا أو اختلافا بين مصر وليبيا أحزن كثيرا وأدهش وأغضب أيضا. لا يوجد ولا يمكن أن يوجد، فالعلاقة بين البلدين تمتد منذ أكثر من قرن ونصف القرن، مصر هى الأم الحنون لليبيين، مصر هى من استقبلت المهاجرين عندما طردوا من ليبيا إبان الاستعمار الإيطالى منذ العام 1911 والمهاجرون الليبيون منهم من له أبناؤه وأحفاده موجودون فى مصر، يتساوى مع المصريين فى كل شىء فى العرض والسكن والعمل، أيضا نزح الليبيون لمصر خلال السنوات والأيام الأخيرة وجدوا الاحترام والتقدير، فلن يسمح أبدا التشكيك فى العلاقات الليبية - المصرية، فهى علاقات أزلية، علاقات جوار، محبة، مصاهرة. بخصوص التعاون المصرى عسكريا وسياسيا؟ التعاون المصرى معنا على أعلى درجة، الرئيس عبدالفتاح السيسى لم أنس ولن أنسى ما قاله لى فى أول مقابلة عندما قال "الشعب الليبى على رأسى من فوق"، وفعلا كان قولا وعملا. مصر لم تتخل عنا أبدا ولم تقصر فى أى شىء. الجالية المصرية فى ليبيا تعتبر أكبر جالية بالبلاد، وفى ظل الوضع الأمنى المنفلت وعدم سيطرة المؤسسات الشرعية على كامل التراب الوطنى يتعرضون لكثير من المشاكل، خصوصا مع عدم وجود لأعضاء السفارة المصرية فى أى من المدن الليبية كيف يتم التعاطى معهم رسميا وشعبيا؟ نحن نتعامل مع أخواتنا المصريين كالليبيين وأفضل، ما يتعرض له المصريون يتعرض له أيضا الليبيون من مشاكل ومن عدم استقرار ومن اعتداء فيتم الاعتداء على المصرى والأجنبى وعلى الليبى نتيجة الفوضى، نتيجة تصرفات هذه الجماعات الإرهابية. نحن والمصريون سواء فى كل شىء وأخواتنا فى مصر يعلمون جيدا أن ما يتعرض له المصريون فى ليبيا يتعرض له الليبى. التجارة بين البلدين، خصوصا برا كانت تعتبر فى سنوات سابقة من أهم التعاملات التجارية.. ماذا حدث لهبوطها بشكل حاد بل أصبحت متوقفة تقريبا، وكيف ترى التعاون الاقتصادى خلال السنوات المقبلة؟ بالطبع الظروف الأمنية تلقى بظلالها على البلدين ونحن نقدر الظروف التى تمر بها مصر، فلن نسمح تحت أى ظرف بما يؤدى إلى الإخلال بأمن مصر لأنه فى الوقت نفسه أمن ليبيا، فحرصنا على أمن مصر أكثر من حرصنا على أمن ليبيا، فإذا سارت أى فوضى فى مصر ستؤثر على كل العالم العربى ونحن أولهم، فتوقف سفر الأشخاص بين البلدين إلا فى الحالات القصوى كالعلاج والبعثات الدراسية فى أضيق الحدود أثر بشكل كبير على حركة التجارة، كما يقال "التجارة ورأس المال جبان"، فطبيعى أن يخاف التجار لكن إن شاء الله سأغادر إلى مصر وأقابل الرئيس عبدالفتاح السيسى سنبحث ما يحصل على الحدود، لكن أرجو أن يعلم الشعبان الليبى والمصرى أن ما يحدث فى الحدود من إجراءات كلها من أجل مصلحة الشعبين وحمايتهما، ليس المقصود أن هناك مشاكل بين ليبيا ومصر لكن من أجل أمن وأمان المواطنين من الجانبين، وإن شاء الله بعد اللقاء مع الرئيس سنبحث عن وسيلة تخفف المعاناة على المواطنين فى الحد من حرية التحرك بين البلدين فى الانتقال بين بلدهم الواحد ووطنهم الواحد. العلاقات الليبية - العربية العلاقات الليبية - العربية ..هناك تقارب مع البعض وتنافر مع البعض كيف تقيم علاقتكم بالسعودية والإمارات وتونس وعلى الجانب الآخر قطر والسودان ؟ علاقتنا بالسعودية والإمارات علاقات جيدة، وكذلك علاقتنا بتونس التى تأجلت زيارتى لها بسبب غلق مطار تونس الأيام الماضية، لكنى سأقوم بزيارتها خلال الفترة المقبلة، وأعتقد أن علاقتنا بتونس ستتحسن، ففى تونس أيضا لديهم من المشاكل بسبب الجماعات الإرهابية والاعتداء على الأماكن السياحية، وهى مصدر رئيسى للاقتصاد التونسى، وهناك قرب لهذه الجماعات الإرهابية من جماعات مماثلة داخل الغرب الليبى فهم متخوفون فى فتح المجال أكثر مع ليبيا. أما قطر فهى مازالت تدعم هذه الجماعات الإرهابية وتمدهم بالسلاح والأموال، وقد طلبنا كثيرا من أشقائنا العرب أن يتدخلوا لدى القطريين أن يقفوا على الحياد فيما يجرى فى ليبيا. هل لدى الدولة الليبية أدلة قاطعة للتهم الموجهة لقطر بدعم الجماعات الإرهابية؟ نعم .. القوات المسلحة الليبية اعترضت مرارا شحنات أسلحة قادمة من قطر وتركيا عن طريق سفن صغيرة وأكثر من باخرة تم السيطرة عليها فى اليونان وفى إيطاليا فالجهات الرسمية فى ليبيا لديها أدلة . وماذا عن العلاقات مع السودان؟ بادرت بعض الدول العربية بمساع لعودة السودان إلى الحياد ودعم الشرعية فى ليبيا، الآن أعتقد أن الأمور بدأت تتحسن والسيد الرئيس البشير بدأ يتفهم الوضع فى الداخل الليبى. ظهر واضحا خلال جلسات جامعة الدول العربية الخاصة بمناقشة قرار دعم تسليح الجيش الليبى موقف متشدد ومتشكك من دولة الجزائر لماذا؟ نحن كنا ومازلنا ننادى بأن يكون للجامعة الدول العربية دور على الأقل فى الحفاظ على المنشآت الحيوية لدى الشعب الليبي، بدأ هناك اتجاه لدعم ليبيا وطلبت بعض الدول العربية بتكوين القوة العربية المشتركة للتدخل فى ليبيا وغير ليبيا بناء على طلب السلطات الشرعية، هذا ما كنا نأمل فى تحقيقه. أما عن موقف دولة الجزائر فأعتقد أن الإسلام السياسى فى الجزائر مؤثر وبالتالى هم حريصون قدر الإمكان على عدم القضاء على هذه المجموعات فحقيقة موقف الجزائر بالنسبة لنا غامض. أزمات بين البرلمان والحكومة برغم اختياركم الاحتفاظ برئيس الحكومة السيد عبدالله الثنى لتشكيل الحكومة المؤقتة فإنه ظهرت خلافات حادة بين البرلمان ورئيس الحكومة، أهمها أزمة إقالة وزير الداخلية وأزمة قرار توقيف وزير الخارجية وهما وزارتان سياديتان... هل الخلافات بين البرلمان ورئيس الحكومة وصلت لطريق مسدود؟ لاشك أن الخلاف يؤثر سلبيا على كل شىء سواء على مستوى الوزارات السيادية وغيرها حتى بين الأشخاص فى الأجهزة المختلفة، لكن ما حدث فى الواقع ليس بمعنى الخلاف، فالسيد رئيس الوزراء أوقف وزير الداخلية عن العمل فتقدم الوزير بشكوى إلى لجنة الداخلية بمجلس النواب، وهناك ظهر اختلاف فى لجنة الداخلية بالبرلمان بين مؤيد لقرار رئيس الوزراء والمعارض له، واستقر الأمر وخاطبت اللجنة السيد رئيس الوزراء بجعل وزير الداخلية يتمكن من عمله فطلب رئيس الوزراء منا أنه غير متفهم ومنسجم مع وزير داخليته، ويبدو من غير المعقول أن يكون رئيس وزراء غير متفاهم مع وزير ويبقى معه فى حكومته، فكنا نريد من السيد رئيس الوزراء أن يقدم اسم آخر لتولى حقيبة الداخلية على أن يكون من رجال الأمن، فكثيرا كان ضباط الشرطة يطالبون أن يكون الوزير من جهاز الشرطة ونحن شخصيا نميل إلى هذا الاتجاه أيضا كان التوقع أن تنجز مهمة الحوار وكل يوم كنا نتوقع قرب تشكيل حكومة الوفاق الوطنى وهذا من ضمن أسباب تأخير اختيار وزير جديد للداخلية. وماذا عن وزير خارجيتكم السيد محمد الدايرى هل هو حاليا وزير الخارجية أم أنه تمت إقالته برغم مشاركته مع وفد فخامتكم للأمم المتحدة وأدائه المميز خلال الفترة الماضية؟ هناك بعض المعلومات وصلت إلى جهاز الرقابة الإدارية، بأن هناك بعض المخالفات من السيد وزير الخارجية، فأصدر رئيس جهاز الرقابة الإدارية قرارا بوقف السيد وزير الخارجية، وكان هناك للأسف تسرع فى اتخاذ هذا القرار قبل إثبات هذه التهم عبر التحقيق، وكما تعلم فإن عمل الخارجية تحديدا مرتبط بجدول ارتباطات مستقبلى، ومنها كانت ارتباطات خاصة بزيارتنا إلى مقر الأممالمتحدة، فاستدعيت السيد رئيس الرقابة الإدارية وطلبت منه وقف هذا الإجراء حتى الانتهاء من مشاركة وزير الخارجية معنا ضمن الوفد الرئاسى، وبالفعل تم الاتفاق أن يستمر السيد وزير الخارجية فى مباشرة مهامه حتى يرجع ويتم التحقيق فيما نسب إليه من مخالفات، وبالفعل رجع وذهب لجهاز الرقابة الإدارية وتم التحقيق وأفاد رئيس الرقابة الإدارية بأنه لا توجد تهم تستحق وقف السيد الوزير. وأنه سيصدر أمرا بإلغاء هذا القرار وسيستمر السيد محمد الدايرى وزيرا للخارجية. لم يصدر قرار رسمى حتى الآن ؟ سيصدر خلال يوم أو اثنين على الأكثر والسيد الدايرى الآن يمارس مهامه كوزير للخارجية. الوضع الاقتصادى مصرف ليبيا المركزى، وجود رئيسين ومقرين يسبب ربكة، خصوصا التحويلات وتوفير السيولة من النقد الأجنبى أديا إلى تراجع سعر الصرف وارتفاع الدولار فى السوق الموازى .. كيف ترى الحل؟ سبب الربكة فى الدرجة الأولى هو عدم الاستقرار وافتقاد الأمن، أما كون هناك مصرفيون، فبالنسبة لنا كسلطة شرعية لا يوجد غير مصرف ليبيا المركزى، وكل بنوك العالم تعتمد السيد على الحبرى، محافظ مصرف ليبيا المركزى، الآن هناك إجراءات جادة فكما تعرف أن المسائل المالية معقدة، وهناك الآن إجراءات تتخذ لفتح حساب دولى جديد معتمد خاص بعقود تصدير النفط ف 98% من دخل الدولة من بيع النفط وتستطيع أن تقول فى ظل ما تمر به ليبيا إن النفط هو الدخل الوحيد 100% من صادرتنا للخارج. الأمور الآن تسير فى مسارها الطبيعى، لكن يظل عدم الاستقرار هو المشكلة لدينا، حتى الأموال التى لدينا مجمدة والأموال الموجودة نحاول أن نقطر حتى تستقر الحكومة ونصل لحكومة وفاق وطنى عادلة خوفا على ضياع هذه الأموال هل اضطرت الحكومة الحالية للاقتراض خارجيا أم داخليا خلال هذه المرحلة؟ لم نقترض خارجيا نهائيا، لكن الحكومة اضطرت للاقتراض من البنوك المحلية. نحن ليس لدينا مشكلة فى السيولة، المشكلة قد تكون فى توفير النقد الأجنبى. الأزمة المالية هل هى مؤقتة أم دائمة وتأثيرها على رواتب العاملين بالدولة والبعثات الدراسية والعلاج بالخارج؟ بالنسبة للرواتب لا توجد مشاكل فى دفعها والآن إيراد النفط يغطى الرواتب ونحن مسئولون عن دفع الرواتب فى الشرق وفى الغرب الليبى أيضاً. هل هناك أرقام لحجم تصدير ليبيا الآن من النفط؟ الآن وصل التصدير إلى 500 ألف برميل يوميا والسبب كما تحدثنا عن المشاكل الأمنية، نحن لدينا أموال كثيرة مجمدة فى الخارج لا نريد التصرف فيها حتى يتم الوصول لحل للأزمة الليبية. كم تبلغ احتياطيات ليبيا من الأموال فى الخارج؟ ليبيا لديها أكثر من 200 مليار دولار مجمدة بالخارج بجانب أموال تصدير النفط . الجيش الليبى بحكم منصبكم كقائد أعلى للجيش الليبى كيف تواجهون أزمة السلاح التى تواجه الجيش الليبى وتعنت المجتمع الدولى فى الموافقة عمليا على تسليح الجيش.. كيف تقيمها؟ وما الوسائل الأخرى لدعم قوات الجيش بالسلاح؟ تعنت الدول الغربية ومجلس الأمن هو تعنت غير مبرر، فلا توجد حرب أهلية فى ليبيا وما يحدث سببه الجماعات الإرهابية . والحرب بين الجيش الليبى وبين جماعات إرهابية وبخاصة فى الشرق الليبى سواء داعش أم أنصار الشريعة أم القاعدة وغيرها، لكن مازالت بعض القوى الكبرى فى العالم تدعم تيار الإسلام السياسى الذى يدعم بل يشكل الحاضنة السياسية لهذه الجماعات الإرهابية. وكانت هذه القوة الكبرى بالعالم تعول على هذه التيارات كثيرا فى ليبيا ومصر وكثير من الدول العربية لكن الأمر الآن انكشف. نحن الجيش الليبى بدأ بالفعل يتعافى ويتطور الآن الجيش الليبى، بعد أن كان الجندى والضابط لا يستطيعان لبس غطاء الرأس الآن يتباهان بالزى العسكرى والرتب، الجيش بدأ ينضبط وإعداده فى تزايد وتسليحه يتزايد، الكليات العسكرية الآن تقبل طلابا جدداً، الجيش الليبى موجود وأعداد منتسبى الجيش فى زيادة ويستطيع أن يحرر بلاده من الإرهاب مجرد أن يقدم له الدعم من السلاح والذخائر. هل يوجد لديكم رقم محدد لمنتسبى الجيش الليبى؟ العدد الآن فى المنطقة الشرقية يتجاوز 25 ألف جندى وفى الغرب أكثر بكثير. برغم كل هذه النظرة المتفائلة من سيادتكم بخصوص الجيش.. لماذا لم تحرر بنغازى من الإرهاب حتى الآن؟ فى الحرب دائما تقدر أشياء وتستجد أشياء، وهذا سبب الإعلان عن قرب تحرير بنغازى ثم بدء معارك جديدة، الوضع فى بنغازى الآن هو وجود مجموعات قليلة من الإرهابيين متحصنة فى بعض الشوارع المكتظة بالسكان، وعقيدة الجيش أن المواطن الليبى والحفاظ على حياته يساوى الكثير، فالهجوم على هؤلاء يتم بخطط عسكرية حتى لا نهدم بعض المبانى الساكنة وقتل مدنيين، وهم يستغلون هذه العقيدة، ولكن الجيش يسير على خطى ثابتة ومهنية عسكرية وسيحرر المدينة بالكامل بل قناعتنا وقناعة جنودنا أنهم سيحرورن كل متر من التراب الليبى من هؤلاء الإرهابيين، والأمور تبشر بالخير والجيش الآن مسيطر على مدينة بنغازى بالكامل إلا بعض المناطق التى يحاصر فيها جيوب الإرهاب. هل يمكن التفاوض خلال ضغط المجتمع الدولى على شكل وتشكيل قيادة الجيش الليبى؟ الجيش الليبى خارج التفاوض نهائيا وهو ليس خطا أحمر بل 100 خط أحمر. هناك دعاوى بدأت تتنامى عن تشكيل مجلس عسكرى يقود البلاد بجانب البرلمان هل هذا أحد الحلول المطروحة؟ فكرة إنشاء مجلس عسكرى لا تناسب ليبيا ولم يفكر فيها أحد من قادة الفكر السياسى ولا من مجلس النواب ولا من حكماء القبائل، ولا أيضا إخواننا من العرب ومن المجتمع الدولى. لأن عهد العسكر فى الحكم قد ولى، من يرد السلطة عليه بالاتجاه إلى صناديق الاقتراع. القوات المسلحة صرحت وأكدت أنها لا علاقة لها بالشأن السياسى ولا تتدخل فى الشأن السياسى. مجلس النواب اسمح لى أحدثكم عن أداء البرلمان الليبى وبخاصة بعض السلبيات وربما الاتهامات التى يتناولها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى ودعنى أعرض بعض الاتهامات التى تكتب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى: - وجود العدد الأكبر من النواب خارج البلاد وعدم حضور الجلسات. - يلمح البعض أن المخصصات المالية لبعض النواب بالخارج تخالف اللائحة المالية للمجلس. - 20 أكتوبر وبرغم التعديل الدستورى بالتمديد للبرلمان هل تخشون من تيار لا للتمديد فى التنامى؟ لا صحة لهذا الكلام فكل جلسات مجلس النواب يكتمل بها النصاب القانونى للحضور، فآخر جلسة كان الحضور 125 نائبا ولا يقل فى باقى الجلسات عن 130 و135 نائبا، فى حين النصاب القانونى حضور 95 نائبا. أما وجود بعض النواب فى خارج البلاد، فالظروف التى تمر بها ليبيا تفرض على البعض ذلك بخاصة أن أكبر عدد من النواب من المنطقة الغربية وإقامة عائلاتهم كانت فى طرابلس ولا يستطيعون الآن الإقامة بها، فأكثر عائلاتهم فى تونس وفى مصر وعندما لا توجد جلسات يضطر النائب للسفر لعائلته والجلسات عندنا أسبوعيا يومى الإثنين والثلاثاء فقط. أما فيما يتعلق بالمخصصات المالية ليس لدينا مخصصات لا كثيرة ولا قليلة، لا يوجد أى مخصصات للنائب عند السفر لمصر أو تونس أو أى مكان، السادة النواب لا يتحصلون سوى على راتبهم المقرر فقط، فأى حديث عن مخالفات أو امتيازات مخالفة هى غير موجودة فى الأساس لبحث شرعيتها من عدمه وأؤكد أن جميع النواب لا يتحصلون سوى على الراتب المقرر فقط. أيضا هناك دعاوى فى الرجوع لدستور 1951 وعودة الملكية الدستورية كطرح سياسى بديل؟ هذا الطرح خاص بهيئة صياغة الدستور، شكل الدولة ونظام الحكم والبنود الدستورية، كلها أمور تبحث داخل لجنة الستين لصياغة الدستور وخلال الأسابيع المقبلة سنحث هيئة صياغة الدستور من إنجاز الدستور الليبى. هل يوجد موعد لانتهاء عمل الهيئة التأسيسية من الانتهاء من عملها؟ إن شاء الله قبل نهاية ديسمبر ستعلن الهيئة التأسيسية، لكن برغم أنها هيئة مستقلة سيتابع مجلس النواب بكل جدية عمل الهيئة مع الحفاظ على استقلاليتها، لكن ضرورة المرحلة التى نمر بها وضرورة إنجاز مشروع دستور الدولة توجبان علينا المتابعة. ماذا لو لم تنته هيئة الستين من إنجاز الدستور الليبى خلال هذا الموعد هل سيتدخل مجلس النواب؟ نعم سنتدخل إذا لم تنه الهيئة التأسيسية عملها خلال الفترة المحددة مجلس النواب سيتخذ الإجراء المناسب لإنهاء إنجاز مقترح الدستور. الشأن الداخلى علاقة الشرق الليبى بالغرب وبخاصة بمدينة مصراتة إلى أين؟ مدينة مصراتة جزء كبير من ليبيا شعب مصراتة جزء لا ينفصل عن الشعب الليبى، لكن تظل القواعد الشاذة هى التى تبرز، الأشخاص المخربين والمخالفين ومن يدعون للفوضى يظلوا أكثر ظهور فى المجتمع سواء فى الداخل أم فى الخارج، عقلاء وحكماء مصراتة أعتقد أنهم لا يردون بهذه الأفعال، لكن أعتقد أنهم مازالوا تحت ضغط هذه الجماعات الإرهابية. الشعب الليبى استاء من أفعال مدينة مصراتة، هذا حكم عام ألا أؤيده بالكامل، لكن القناعة التى فهمها أغلب الشعب الليبى أن مصراتة خرجت عن إجماع الشعب، وهى من تبعث بالجفارات والسفن مملوءة بالأسلحة والذخائر للجماعات الإرهابية داخل مدينة بنغازى، لكن مهما يكن مصراتة جزء من ليبيا ولا يمكن التخلى عنها، ولكن نحن لا نتهاون أيضا فى محاربة الخارجين عن النظام وعن القانون. الشعب الليبى بطبيعته حساس من أى تدخل أجنبى، لذلك لومهم على أخواتهم فى مصراتة هو دعم جهات أجنبية مثل قطر وتركيا لمصراتة واعتبروا أن تعاون مدينة مصراتة مع تركيا وقطر خروج عن إجماع الليبيين وأنهم فى خندق يخالف خندق الشعب الليبى. السفارات الليبية بالخارج بها كثير من الإشكاليات وبخاصة سفارتكم فى مصر وخطابات بتغيير السفير وأخرى باستمراره وتعيين القنصل بالإسكندرية قائماً بالأعمال ثم تعيين أقدم الدبلوماسيين نحن فى مصر نشعر بالحزن الشديد أن ينتهى الأمر بضرب ومشاجرة داخل السفارة أكثر من مرة واستخدام بلطجية إلى متى هذا العبث داخل السفارة الليبية بالقاهرة والآن من يمثل الدولة الليبية فى مصر؟ كان هناك سفير لليبيا لدى مصر وهو فايز جبريل، وللأسف هو شخص كان غير متعاون لا مع المصريين ولا معنا كسلطة شرعية للبلاد. طلبنا استبداله، وقد كان هناك تلجؤ من رئيس مجلس الوزراء لأن الترشيح لابد أن يصدر أولا من الحكومة ثم أخذ الموافقة عليه من مجلس النواب، اضطرينا للتحدث إلى السيد رئيس مجلس الوزراء وقد استدعى السفير للحضور، لكنه لم يحضر، اضطريت للتدخل وإبلاغ الحكومة المصرية، بأن هذا الشخص لم يعد يمثل الدولة الليبية فى مصر، وقد كان هناك اتجاه لدى السيد وزير الخارجية بأن يكلف القنصل بالإسكندرية محمد صالح الدرسى قائما بالأعمال، وقد أصدر هذا القرار بالفعل، لكن هناك تركيبات قبلية فى الداخل الليبى بدأت تدخل عند رئيس الوزراء لجعل فلان أو فلان، ونحن نميل ليس تأييدا لشخص معين، لكن احتراما لقرار وزير الخارجية ولهيبة الدولة، وأنا خاطبت الحكومة المصرية بأن تكليف القائم بالأعمال هو اختصاص أصيل لوزير الخارجية إن لم يكن هناك اعتراض لدى السلطات المصرية على شخص معين. تم تمكين السيد القائم بالأعمال من عمله بالسفارة، لكن للأسف فوجئنا بمجموعة تقتحم السفارة وتساند طرفا آخر من المصريين وهم موجودون فى السفارة، فالخلاف أو الصراع عندما يكون بين ليبين داخل السفارة يمكن التعامل معه بإصدار قرارات، لكن وجود أشخاص غير ليبيين مصريين داخل السفارة أعتقد على حكومة مصر إخلاء السفارة من وجود مصريين داخل سفارتنا بالقاهرة، فمشاكل الليبيين داخل السفارة يمكن أن تحل، لكن وجود مصريين مسلحين خارجين على القانون داخل السفارة حتى هذه اللحظة أمر أستغربه تحت أى مسمى، وبرغم أن السفارة فى القاهرة تعتبر جزءا من الأراضى الليبية لكن على السلطات المصرية التعامل مع هؤلاء والعمل على خروجهم من السفارة. من يمثل الدولة الليبية لدى جمهورية مصر العربية الآن؟ ممثل الدولة الليبية فى مصر وحسب الإجراءات الصحيحة وقرار وزير الخارجية السيد محمد الدايرى، هو السفير محمد صالح الدرسى ممثلا للدولة الليبية كقائم بالأعمال، ويجب إخراج كل شخص من غير الليبيين وهذا شأن السلطات المصرية. سعادتكم من نفس قبيلة الشهيد الفريق عبدالفتاح يونس "قبيلة العبيدات" وكنت تتابع قضية اغتياله إبان الثورة الليبية.. من قتل عبدالفتاح يونس وأين هم الآن من المحاكمة؟ بكل فخر واعتذار كان موقف قبيلة العبيدات عندما قتل الشهيد الفريق ركن عبدالفتاح يونس قائد جيش التحرير خلال الثورة الليبية موقفا يسجله التاريخ لها. فلو ارتدت هذه القبيلة الممتدة من اللابرق وحتى حدودنا مع مصر وما لديها من ضباط وجنود وشباب ورجال لانتكست الثورة وتمكن القذافى من الاستمرار فى حكم ليبيا حتى هذه اللحظة. فعقلاء وأهل القبيلة قالوا إن عبدالفتاح يونس ضحى واستشهد من أجل ليبيا وشعب ليبيا فأرجأ الجميع الملف حتى يتم تحرير الوطن ونجاح الثورة، لكن دم الشهيد عبدالفتاح يونس لا يمكن أن يضيع هباء. المستشار مصطفى عبدالجليل وردت حوله بعض الشبهات مع التأكيد أنه زميلى وكان تحت رئاستى طيلة عملنا فى القضاء وأعرفه جيدا، جاءت بعض الاتهامات خاصة بالشهيد عبدالفتاح يونس للمجلس الانتقالى من الإسلام السياسى لإبعاد هذه الشخصية المرموقة من الساحة لأنهم كانوا يعلمون جيدا أنه سيبنى الجيش . بعض السادة فى الحكومة فى هذا الوقت قدموا تقريرا بأن عبدالفتاح يونس متهم بالتعاون مع نظام القذافى فوقع مصطفى عبدالجليل على هذه الورقة بالتحقق بمعنى التأكد والتحرى لكن للأسف عندها طلب منه تشكيل لجنة للتحقيق وعندما تشكلت لجنة للتحقيق إذن أنت مقتنع بفرضية التهم، استدعى اللواء عبدالفتاح يونس إلى التحقيق بصيغة لا تتناسب مع مكانته كقائد للجيش الليبى وتم القبض عليه فنحن نعلم أن القبض يتم على شخص بلغ بالتحقيق ولم يحضر أو يخشى من هروبه أو مرتكب جناية ثابتة، فاستغل هذا الأمر وتم إحضاره وتم قتله . كلفت بعد ذلك من قبل قبيلتى بالاتصال بالسيد مصطفى عبدالجليل باعتباره زميلى وتم تحديد اجتماع فى منطقة تسمى ماسه غرب ليبيا وسئل المستشار مصطفى عبدالجليل وقال المتهمون بمقتل عبدالفتاح يونس أعلنه عن أسمائهم هذا من الناحية القانونية نحن أيضا الآن لا نريد الاستعجال، فالقاضى لابد أن يكون مطمئنا على حياته وعدم الضغط عليه فى إصدار الأحكام، وهذه قناعتى كقاض، لكن أؤكد أن قضية مقتل عبدالفتاح يونس لم تغلق وقريبا سيستمر التحقيق القضائى فيها والمشتبه فيهم تحت يد العدالة. ملف المصالحة الحديث فيه بدأ منذ نجاح ثورة فبراير وحتى الآن، أين وصل وما وضع المهجرين داخليا وخارجيا؟ نعمل على ملف المصالحة منذ اللحظة الأولى لاجتماع مجلس النواب، وأكبر دليل هو صدور قانون العفو العام وإلغاء قانون العزل السياسى وإنشاء هيئة للمصالحة الوطنية تتكون من عدد من رجال القضاء وبعض حكماء القبائل للعمل على التواصل مع الليبيين المهجرين فى مصر وتونس . رجال خلف كواليس اللقاء فتحى عبدالكريم المريمى المستشار الإعلامى لرئيس مجلس النواب الليبى خلال رحلة بحثنا عن طريقة لمخاطبة رئيس مجلس النواب الليبى للموافقة على إجراء حوار لمجلة الأهرام العربى، وخلال فترة ليست بالقصيرة لم نستطع التواصل بسهولة عبر المسئولين الليبيين بالقاهرة ولكن فور اتصالنا بالسيد فتحى عبدالكريم المريمى بعد الحصول على رقم هاتفه من أحد الأصدقاء الليبيين المقيمين بمصر رحب فورا وطلب خطابا رسميا من مجلة الأهرام العربى وفوجئنا بعد وصول الخطاب على الميل ب24 ساعة بخطاب رسمى من مجلس النواب الليبى بالموافقة على إجراء الحوار، واستمر متابعة المستشار الإعلامى لكل التفاصيل الخاصة بالمراسم والاستقبال والموافقات الأمنية الليبية، حتى وصولى لمدينة طبرق ولقائى برئيس مجلس النواب، بل حاول حثى على عدم المضى بعد الحوار لزيارة مدينة بنغازى خوفا منه على سلامتى، وعندما فوجئ بسفرى مع السيد خالد الترجمان إلى بنغازى المدينة الباسلة التى تواجه الإرهاب برجالها، لم يتركنى لحظة بدون اتصال حتى رجوعى لمدينة البيضاء والسفر للإسكندرية عبر مطار اللابرق فكل الشكر والتقدير لهذا الرجل. على الشامى مدير المراسم بمجلس النواب الليبى بعد وصول خطاب إدارة الإعلام بمجلس النواب على الموافقة على إجراء اللقاء فوجئت باتصال من صديق ليبى تعرفت عليه خلال مؤتمر شرم الشيخ لجامعة الدول العربية فى مارس الماضى، وهو السيد على الشامى مدير المراسم الليبية بمجلس النواب يبلغنى بأن قرار الموافقة على سفرى موجود على مكتبه لترتيب إجراءات السفر وعمل جاهدا على إنهاء جميع المراسلات والخطابات لحصولى على الموافقات الأمنية من الجانب الليبى وبرغم تغيير موعد السفر أكثر من مرة عبر مطار الإسكندرية لصدور قرار مصرى بعدم سفر المصريين نهائيا إلى ليبيا وبعد محاولات مكثفة من قبل الأهرام تقرر سفرى برا وأيضا تابعنى السيد على الشامى هاتفيا طوال رحلتى للحدود الليبية، وتأكد من وجود سيارة المراسم بانتظارى داخل المنفذ الحدودى الليبى، وكان قلقه الأمنى شديدا بعد أن فوجئ بسفرى برا إلى مدينة بنغازى واستمر يهاتفنى حتى عودتى إلى القاهرة فكل الشكر والتقدير للأستاذ على الشامى.